|
|
|
|
جثث آباء تنتظر الدفن !!
--------------------------------------------------------------------------------
دفع الإدمان على الخمور والمخدرات أو عدم التحلي بـ"الأخلاق الحميدة" بعض الشباب السعودي إلى التخلص من أهلهم وعدم التكلف حتى بدفنهم، حيث شهدت مستشفيات الصحة والنقاهة وساحات القضاء في السعودية مؤخرا قضايا و حالات انسانية ذات طابع خاص، لأن الضحية هي الوالدان اللذان لطالما "سعوا الى اسعاد ابنائهم ".
وكانت النتيحة "ان يتبرأ الابناء منهما" وتركهما " يعانيان الوحدة والنسيان", والبقاء في المستشفيات فترات طويلة سواء في حياتهما او بعد موتهما كجثث "اكل عليها الدهر وشرب" بحسب رأي بعض الأطباء الخبراء الاجتماعيين، والذين أكدوا أن بعض هؤلاء الأبناء يحملون مؤهلات علمية عالية ويتبؤون مراكز وظيفية مرموقة في المجتمع، وتبدو مثل هذه التصرفات "شاذة" و"مستهجنة" في مجتمع عرف عنه التماسك والترابط العائلي إلى درجة كبيرة، كما تقول إحدى الاخصائيات الاجتماعيات لـ"العربية.نت".
حنين .. وآباء منسيون
وخلال استطلاع "للعربية.نت" في عدد من المستشفيات، تحدث عدد من الاخصائيين الاجتماعيين عن حجم المعاناة التي تكبدوها للتواصل مع الابناء ولكن دون التوصل إلى نتيجة وقد تمسكوا بعدم استلام جثث أبائهم.
وتشير وضحى الصقر، رئيسة الخدمات الاجتماعية في مستشفى الأمير سلمان بالرياض، الى أن أكثر ما يتردد على لسان الآباء المنسيين من قبل أبنائهم في المستشفى هو الحنين لرؤيتهم والخشية من وفاتهم بعيدا عنهم.
وقالت:"لاحظت في الأعوام الأخيره تزايد نسبة بقاء الآباء في المستشفيات لفترات طويلة وعدم سؤال أبنائهم عنهم لدرجة أن بعضهم يموت ولا نستطيع الوصول للأبناء لإخبارهم بعد أن غيروا عناوينهم المنزلية وأرقام هواتفهم".
وأوضحت الصقر أن الأبناء عادة "ما يحتجون عن ايواء آبائهم بعدم القدرة على النفقة, ورفض زوجاتهم لاستقبالهم في المنازل وحتى أنه في أحيان كثيرة يتصل الابن للتأكد فقط من وفاة أحد والديه المقيم في المستشفى".
الزوجة تلاحق حماتها ..
وقالت الصقر: "اكثر ما فاجأني قريبا وفاة أم لم يتجاوز عمرها 50 عاما لديها ابن واحد سهرت على تربيته بعد وفاة والده حتى تخرج من إحدى الجامعات والتحق في مركز مرموق وتزوج, وكان جزاؤها أن اتصل بالمستشفى طالبا سيارة الاسعاف لانقاذ والدته, وبعد الكشف على الأم فور وصولها للمستشفى اتضح أن حالتها الصحية لاتستدعي البقاء اكثر من يوم ولكن الابن غاب بعد وصولها المستشفى ومكثت الام اكثر من 4 أعوام تترجى وصول ابنها لاخذها والانتقال بها الى المنزل. وبعد عدة اتصالات مابين اداره المستشفى والابن أكد عدم رغبته في بقاء أمه في المنزل ارضاء لزوجته فاقترحت عليه المستشفى بنقلها الى مستشفى النقاهة ففرح وحضر سريعا, وأثناء نقل امه توفيت في الطريق ".
وأشارت الصقر إلى قصة أخرى وهي " بقاء أم مسنة لديها 7 أبناء لأكثر من 3 أعوام في المستشفى دون الحاجه لذلك والغريب في الأمر ان الأم توفيت وهي تطلب رؤية ابنائها الذين رفضوا زيارتها".
حكاية "أبو محمد"
ومن داخل إحدى مستشفيات النقاهة بالرياض، التقت "العربيه.نت" مع أحد المسنين،"ابو محمد" والبالغ 66عاما، والذي بادر بالسؤال عن ابنه الذي تركه في المستشفى أثناء معالجته لاحدى عينيه منذ 5 اعوام ولايعرف حتى الان اين ذهب.
يقول أبو محمد: "لدي ابن وحيد تكفلت بتربيته بعد وفاة أمه منذ 35عاما كنت أقوم خلالها بدور الأب والأم مفضلا عدم الزواج من أخرى حتى لا أجلب له زوجة أب وبعد حصوله على الجامعة وعمله في إحدى الوظائف المرموقة قمت بتزويجه من أفضل العائلات الا أن زوجته بعد فترة من الزواج بدأت تتذمر من وجودي داخل المنزل وافتعال المشاكل معي حتى انه في بعض الاحيان كان ابني يمتنع عن رؤيتي ولا يسأل عني اذا غبت ولا يدخل غرفتي حتى تعبت عيناي من البكاء فطلبت منه أن يصطحبني الى طبيب وبعد فترة شعرت بعدم قدرتي على الرؤية, حينها اصطحبني للمستشفى وهناك فوجئت به يستأذن لقضاء عمل ضروري وهناك تركني حتى الان ولا اعلم اين ذهب وانتظرته لسنوات عديدة ".
وتابع :"أريد فقط أن أعرف إن كان ابني حيا أم ميتا وهل هو بخير أم أصابه مكروه أريد أن اطمئن عليه ".
رحمة الآباء وعقوق الأبناء
في المقابل رفض مسنون، اتخذوا دور الرعاية الاجتماعية والمستشفيات مقرا لهم, رفع دعاوى قضائية على أبنائهم لمطالبتهم بإيوائهم والاحسان اليهم, مفضلين ذرف دموع الوحدة والحرمان على الوقوف ضد فلذات اكبادهم في المحاكم.
واعتبر المستشار القانوني عبدالله العقلا، صاحب مكتب عبدالله العقلا للمحاماة، في حيدثه لـ"العربية.نت"، أن القضايا المرفوعة من الآباء على أبنائهم لا تشكل ظاهرة تقلق المجتمع, مشيرا الى أبرز تلك القضايا و"هي النفقة والتعدي على الأب او الأم بالضرب أو السلاح أوالإهانة".
وأوضح العقلا أنه"يجوز للآباء اللجوء للقضاء وشكوى أبنائهم في حالة تعرضهم للإهانة أو التعدي عليهم بأي لفظ أو التقصير بأي واجبات مالية تجاههم أو إلزامهم بزيارتهم ورؤيتهم، مشيرا الى "نوعية القضايا التي يتقدم بها الاب ما بين حقوقية وجنائية مفسرهما بالمطالبات المالية والنفقة والتعدي على الأباء بالسلاح والاهانة والضرب و الحكم في قضايا العقوق يحددها مسار القضية".
وقال "دائما تكون الأحكام تعزيرية ما لم تصل الى مستوى القتل, وتتراوح العقوبات التعزيزية مابين الجلد والسجن, و الشرعية الاسلامية تلزم الابناء باحتضان أبائهم والاعتناء بهم", مشيرا الى أن "المسنين في الدور الاجتماعية ومستشفيات النقاهة يرفضون عادة التقدم بشكوى على أبنائهم لالزامهم باحتضانهم وإيوائهم و هناك قضايا يرفعها الآباء على أبنائهم لطلب زياتهم ورؤيتهم والمحاكم الشرعية تلزم الأبناء بذلك".
وقال العقلا :"الشريعة تقف دائما مع الآباء ما لم يكن هناك مانعا يعتد به مثل تعاطي المخدرات والخمور والمسكرات فطبيعي في مثل هذه الحالة أن تقف مع الابن لكن دون تعرض الآباء للاهانة والضرب والتعدي لأن الاسلام ينص على إعطاء كل حق حقه".
المطالبة بـ"حلول خاصة"
تجدر الإشارة إلى أن أحدث الاحصاءات الرسمية لوزارة الشؤون الاجتماعية السعودية أن عدد المسنين في الدور الاجتماعية التابعة للوزارة تجاوز 742مسنا, منهم 5 عادوا لأسرهم العام الماضي.
وطالب اجتماعيون سعوديون بضرورة بحث أوضاع الامهات والآباء الذين يتعرضون للعنف على يد أبنائهم وإيجاد حلولا لهم خاصة الذين لا يتقدمون بشكوى منعا للإحراج الاجتماعي مفضلين التعرض للاهانة وأحيانا الضرب من أبنائهم على التقدم بشكوى للجهات القضائية, مطالبين بضرورة سن قوانين محددة لمنع تعرض الآباء لكافة أنواع العنف من الآبناء وإلزامهم بالتكفل بآبائهم حتى وإن لم يتقدم الآباء بشكوى.
لاحول ولاقوة الا بالله
|
|
|
|
|