إيران.. تنقذ مَنْ في العراق؟!
بقلم : عدنان الجبوري
يقول وزير الدفاع البريطاني (ديس براون) إن موقف إيران بشأن العراق (غير مقبول)، وانه ايضاً (مصدر قلق كبير).
هذا الموقف البريطاني هو خلاصة لتجربة القوات البريطانية المحتلة في جنوبي الوطن، والبصرة بالتحديد، حيث انتشار النفوذ الإيراني، وتدخل الإيرانيين في الشأن الداخلي بالمال والسلاح لدعم جماعات من الميليشيات، واحزابها التي تنتمي اليها!اما الموقف الأمريكي من اشراك ايران وسورية ايضاً في الشأن العراقي، فان المعلن من هذا الموقف لا يدل على ان الأمريكيين عقدوا عزمهم ـ بشكل كامل ـ على الاستعانة بإيران لاطفاء النار العراقيّة، فإيران هي أولاً وأخيراً في خانة دول محور الشر تتنازع هي وكوريا الشمالية على موقع الصدارة فيه، بعد خروج العراق، باحتلاله احتلالاً مباشراً!.
المواقف الأمريكية في إشراك إيران في القضية العراقية، متفاوتة على مستوى الإعلام ولكن ما يثير الانتباه، ان (لجنة دراسة الأوضاع في العراق) برئاسة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر، ولي هاملتون النائب ألديمقراطي السابق في الكونغرس بشراكة ديمقراطية جمهورية، جعلت ذلك واحداً من خياراتها؟!.
ونحن عندما نتحدث عن إيران، فنحن بالتأكيد لا نتحدث عنها باعتبارها دولة محايدة يمكن ان تؤثر في الاطراف السياسية المتصارعة في البلاد بالحكمة والموعظة الحسنة، بل هي بدون مبالغة ـ شريك فاعل في الشارع العراقي، وفي دهاليز السياسة العراقية والميليشيات الطائفية، وهي حقيقة لا تحتاج إلى حكماء ليفهموها، الا ان الذي يجعل هذا المطلب ـ اشراك إيران ـ معقولاً هو ان الأمريكان يريدون ان يستفيدوا هم، وان يخف الضغط عليهم ـ في الجنوب بالطبع- توطئة لانسحاب جزئي إلى شمالي البلاد، والى قطر والكويت!.
والآن ماذا يمكن ان ينتظر الأمريكان من إيران ان تفعله لتجعل حياة الجنود الأمريكان سهلة في العراق، ليعاد إلى الاذهان التصريح المشهور لوزير الدفاع السابق رامسفيلد: (إيران لم تفعل شيئاً في العراق يجعل حياتنا هناك صعبة)!.
الأمريكان ليسوا بهذه الدرجة من الغفلة بحيث يمكنهم تصوّر ان إيران ستطلب ثمناً رخيصاً، لكبح جماح الميليشيات في العراق، -مع ان الميليشيات ليس لها تأثير مباشر وفعّال في الصراع ضد الاحتلال في البلاد-، وسقف المطالب الإيرانية سوف يكون عالياً، لأن التجربة الإيرانية في معاونة الأمريكان على احتلال افغانستان، ثم خروجها بدون ان تنال ما يرضيها، سوف يجعلها هذه المرة مفاوضاً صعباً، والذي يرضي الإيرانيين، ويسعون إليه، سواء من خلال نفوذهم في العراق على الميليشيات وبعض الاحزاب، ونفوذهم في لبنان، وتحريكهم لبعض الدمى في مناطق أخرى من العالمين العربي والإسلامي، هو ان يكسبو (شرعيّة) لنفوذهم الإقليمي في الخليج العربي، توطئة لامتداد امبراطوري قادم في اجزاء أخرى عربية وإسلامية!. وهذا سر ما يدعّيه الإيرانيون من دلال وتمنّع عن النزول عند الرغبة الأمريكية في التحاور بشأن العراق.
وليس غريباً ان تتزامن زيارة الرئيس الطالباني إلى طهران مع الهمس الذي باتت نبرته ترتفع شيئاً فشيئاً، عن الفوائد المحتملة من تعاون إيراني في العراق. ولكن واحداً من تلك الفوائد لن يكون بالتأكيد ما صرّح به السيد جلال الطالباني، بانه يريد مساعدة إيران لمكافحة الإرهاب!.