http://www.zshare.net/audio/558369415126b97e/
*****ليس الغريب.zip - 466.7 Kb*******
لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّأمِ واليَمَنِِ = إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحدِ والكَفَنِ
إِنَّ الغَريِبَ لَهُ حَقٌّ لِغُرْبَتِهِ = على الْمُقيمينَ في الأَوطــانِ والسَّكَنِ
لا تَنْهَرنَّ غريباً حَالَ غُربتهِ = الدَّهْرُ يَنْهْرُه بالذُّلِ والمِحَنِ
ِسَفَري بَعيدٌ وَزادي لَنْ يُبَلِّغَني = وَقُوَّتي ضَعُفَتْ والمـوتُ يَطلُبُنـي
وَلي بَقايا ذُنوبٍ لَسْتُ أَعْلَمُها = الله يَعْلَمُهــا في السِّرِ والعَلَنِ
مَا أَحْلَمَ اللهَ عَني حَيْثُ أَمْهَلَني = وقَدْ تَمـادَيْتُ في ذَنْبي ويَسْتُرُنِي
تَمُرُّ ساعاتُ أَيّـَامي بِلا نَدَم = ولا بُكاءٍ وَلاخَـوْفٍ ولا حـَزَنِ
أَنَا الَّذِي أُغْلِقُ الأَبْوابَ مُجْتَهِداً = عَلى المعاصِي وَعَيْنُ اللهِ تَنْظُرُنـي
يَـا زَلَّةً كُتِبَتْ في غَفْلَةٍ ذَهَبَتْ =يَـا حَسْرَةً بَقِيَتْ في القَلبِ تُحْرِقُني
دَعْني أَنُوحُ عَلى نَفْسي وَأَنْدِبُها =وَأَقْطَعُ الدَّهْرَ بِالتَّذْكِيـرِ وَالحَزَنِ
دَعْ عَنْكَ عَذْلي يَا مَنْ كان يَعْذِلُني =لَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ مَا بي كُنْت تَعْذُرُني
دَعْني أَسِحُّ دُمُوعاً لا انْقِطَاعَ لَهَا =فَهَلْ عَسَى عَبْرَةٌ مِنْهَا تُخَلِّصُني
كَأَنَّني بَينَ تلك الأَهلِ مُنطَرِحَاً =عَلى الفِراشِ وَأَيْديهِمْ تُقَلِّبُني
كَأَنَني وَحَوْلي مَنْ يَنُوحُ ومَنْ =يَبْكِي عَلَيَّ ويَنْعَاني وَيَنْدُبُني
وَقد أَتَوْا بِطَبيبٍ كَيْ يُعالِجَني =وَلَمْ أَرَ الطِّبَّ هـذا اليـومَ يَنْفَعُني
واشَتد نَزْعِي وَصَار المَوتُ يَجْذِبُها =مِن كُلِّ عِرْقٍ بِلا رِفقٍ ولا هَوَنِ
واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُرِها =وصـَارَ رِيقي مَريراً حِينَ غَرْغَرَني
وَغَمَّضُوني وَراحَ الكُلُّ وانْصَرَفوا = بَعْدَ الإِياسِ وَجَدُّوا في شِرَا الكَفَنِ
وَقـامَ مَنْ كانَ حِبَّ النّاسِ في عَجَلٍ =نَحْوَ المُغَسِّلِ يَأْتينـي يُغَسِّلُنــي
وَقالَ يا قَوْمِ نَبْغِي غاسِلاً حَذِقاً =حُراً أَرِيباً لَبِيبـاً عَارِفـاً فَطِنِ
فَجاءَني رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَرَّدَني =مِنَ الثِّيــابِ وَأَعْرَاني وأَفْرَدَني
وَأَوْدَعوني عَلى الأَلْواحِ مُنْطَرِحاً =وَصـَارَ فَوْقي خَرِيرُ الماءِ يَنْظِفُني
وَأَسْكَبَ الماءَ مِنْ فَوقي وَغَسَّلَني =غُسْلاً ثَلاثاً وَنَادَى القَوْمَ بِالكَفَنِ
وَأَلْبَسُوني ثِياباً لا كِمامَ لهـا =وَصارَ زَادي حَنُوطِي حيـنَ حَنَّطَني
وأَخْرَجوني مِنَ الدُّنيا فَوا أَسَفاً =عَلى رَحِيـلٍ بِلا زادٍ يُبَلِّغُنـي
وَحَمَّلوني على الأْكتـافِ أَربَعَةٌ =مِنَ الرِّجـالِ وَخَلْفِي مَنْ يُشَيِّعُني
وَقَدَّموني إِلى المحرابِ وانصَرَفوا =خَلْفَ الإِمـَامِ فَصَلَّى ثـمّ وَدَّعَني
صَلَّوْا عَلَيَّ صَلاةً لا رُكوعَ لهـا =ولا سُجـودَ لَعَلَّ اللـهَ يَرْحَمُني
وَأَنْزَلوني إلـى قَبري على مَهَلٍ = وَقَدَّمُوا واحِداً مِنهـم يُلَحِّدُنـي
وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَني =وَأَسْكَبَ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنيهِ أَغْرَقَني
فَقامَ مُحتَرِمــاً بِالعَزمِ مُشْتَمِلاً =وَصَفَّفَ اللَّبِنَ مِنْ فَوْقِي وفـارَقَني
وقَالَ هُلُّوا عليه التُّرْبَ واغْتَنِمواِ =حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي المِنَنِ
في ظُلْمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هنــاك ولا =أَبٌ شَفـيقٌ ولا أَخٌ يُؤَنِّسُني
وَهَالَني صُورَةْ في العَين إذ نَظَرَتْ =مِنْ هَوْلِ مَا قَدْ كَانَ أَدْهَشَني
فَرِيدٌ .. وَحِيدُ القبرِ، يــا أَسَفـاً =عَلى الفِراقِ بِلا عَمَلٍ يُزَوِّدُنـي
وَهالَني صُورَةً في العينِ إِذْ نَظَرَتْ =مِنْ هَوْلِ مَطْلَعِ ما قَدْ كان أَدهَشَني
مِنْ مُنكَرٍ ونكيرٍ مـا أَقولُ لهم =قَدْ هــَالَني أَمْرُهُمْ جِداً فَأَفْزَعَني
وَأَقْعَدوني وَجَدُّوا في سُؤالِهـِمُ =مَـالِي سِوَاكَ إِلهـي مَنْ يُخَلِّصُنِي
فَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوٍ مِنك يــا أَمَليِ =فَإِنَّني مُوثَقٌ بِالذَّنْبِ مُرْتَهــَنِ
تَقاسمَ الأهْلُ مالي بعدما انْصَرَفُوا =وَصَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي فَأَثْقَلَني
واستَبْدَلَتْ زَوجَتي بَعْلاً لهـا بَدَلي =وَحَكَّمَتْهُ فِي الأَمْوَالِ والسَّكَـنِ
وَصَيَّرَتْ وَلَدي عَبْداً لِيَخْدُمَهــا =وَصَارَ مَـالي لهم حـِلاً بِلا ثَمَنِ
فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيــا وَزِينَتُها =وانْظُرْ إلى فِعْلِهــا في الأَهْلِ والوَطَنِ
وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها =هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ
خُذِ القَنـَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها =هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ
يَـا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً =ءيَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ
يـَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي =فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُني
يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً =عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ
ثمَّ الصلاةُ على الْمُختـارِ سَيِّدِنـا =مَا وَضّـأ البَرْقَ في شَّامٍ وفي يَمَنِ
والحمدُ لله مُمْسِينَـا وَمُصْبِحِنَا =بِالخَيْرِ والعَفْوْ والإِحْســانِ وَالمِنَنِ
منقول