راشد الخلاوي
أو الخلاوي راشد كما يسميه البعض . . .
عرف بكنيته الخلاوي لأنه سكن الخلاء أي الصحراء وحيداً . . .
نسبه
لقد تضاربت الأقوال في نسبة . . .
كان قدماء الرواة يذكرونه على أنه ((صلبي))
أما عن المحدثين المعاصرين فقد أظهروا أسانيد موثقة تذكر بأنه من قبيلة ((بني هاجر)) القبيلة العربية الأصيلة حسب توثيق بعض شيوخ القبائل وقد أضيفت هذه الأسانيد إلى الكتاب الذي صدر عن حياة راشد الخلاوي ولم تكن موجودة بالأصل
ويقولون في سبب سكنه للخلاء أنه جرى خلاف بينه وبين جماعته ((الهواجر)) على حد روايتهم وضل لدرجة كان فيها راشد إما أن يَقتل أو يُقتل فاضطر لقتل أحد أفراد القبيلة وهاجر للخلاء وحيداً ومن هنا أسموه ((بالخلاوي)) . . .
أما حياته : فقد عاش الخلاوي بالقرن الثامن الهجري وعاصر حكام ((آل عريعر)) شيوخ بني خالد وكان مقرباً من ((منيع بن سالم)) . . . قضى الخلاوي معظم حياته متنقلاً بين الصحاري لا يستقر في مكان واحد فما أن يطيب له المقام حتى يرحل وكان من الصعب جداً إفتاء أثره فقد اشتهر بمعرفته التامة للطرق ومسالك الصحراء ليلاً ونهاراً
أما شاعريته : فقد كان الخلاوي شاعراً كبيراً علماً ويعد من أقدم شعراء النبط فهو وحده يشكل المرحلة التي تعقب مباشرة مرحلة ((بني هلال)) حيث أخذ الشعر النبطي وضعه وتبلورت صورته واتضحت به الرؤيا وأن لم يضف الخلاوي للأوزان شيئاً فقد انتهج نفس منهج بني هلال في نظم قصائده على البحر الهلالي وكانت قصائده مطولات تصل إلى أكثر من ألف بيت للقصيدة الواحدة فتأتي القصيدة شاملة كاملة جامعة في مختلف شئون الحياة
نعـد الليـالـي والليـالـي تعدنـا
العمـر يفنـا والليـالـي بـزايـد
قولـوا لبيت الفقـر لا يامـن الغنـا
وبيت الغنـا لا يامـن الفقـر عايـد
ولا يامـن المظهـود جمـعٍ يعـزه
ولا يامن الجمـع العزيـز الضهايـد
من عـود العيـن المنـام تعـودت
ومن عود العيـن المسـاري تعـاود
و اذا خفيت بعض جوانب شخصية الخلاوي في بعض الاوساط فلن تخفى شخصيته الفلكيه وتبريزه في معرفة حساب الزمن ومواقع النجوم ومطالعها ومغاربها وصلة ذلك بالثمار والنباتات ومواسم البرد والحر والامطار وما الى ذلك .إّذا ذكر الخلاوي ذكرت معه هذه الامور عند عامة سكان الجزيره خصوصا اهل نجد
وهاهو يضمن قصيدته الداليه شيئا من فنه هذا ، قال
متـى الثريـا مـع سنـا الصبـح وايقـت
علـى كـل خـضـرا ودعــت بالسنـايـد
مــن عقبـهـا نـجـم كـمـا فــرخ مـتـلـي
علـى الشـوف يتليـهـا بمشـيـه يـعـاود
وبـوارح الـجـوزا ربــا فـيـه بسـرهـا
واختلفت الالوان بين خضـر الجرايـد
والى ظهـر المـرزم شبـع كـل كالـف
مــن الغـيـد وانـحـن الليـالـي الـشـدايـد
ونجـوم الكليبيـن الـتـي تنـشـف الـجـم
يـغــور فـيـهـا مـــا الـعــدود الـوكـايـد
والـى غابـت النسريـن بالفجـر علقـوا
مــخــارف فــــي لـيـنــات الـجــرايــد
والـى مضـى عقبـه ثمـان مــع اربــع
الـخـامـسـه طــالــع سـهـيــل يـحـايــد
تشـوفـه كقـلـب الـذيـب يلـعـج بـنـوره
مويـق علـى غــرات حــدب الجـرايـد
والـى مـضـى واحــد وخمسـيـن ليـلـه
فـلا تامـن المـا مـن حـقـوق الرعـايـد
قضى القيظ عن جرد السبايا ولا بقى
مـــن الـقـيـظ الا مـرخـيـات الـقـلايــد
ومــن لايسـقـي كـنـة القـيـظ زرعـــه
فـهـو مفـلـس منـهـا ليـالـي الحصـايـدأما عن معرفته بالطرق ومسالك الصحاري فحدث ولا حرج . . . فقد عرف عنه معرفته التامة لهذه الطرق كما لا يعرفها شخص غيره ومن حكاياته أنه لما حضره الموت أخفى ما لديه من مالٍ في مكان ما وقال لولده الذي لم يذكر الرواة اسمه فلا نعرف إذا كان ابنه شاعراً أم لا , قال الخلاوي لولده سوف أصف لك المكان فإن دللت المال فهو لك وإن لم تستدل عليه فستحرم منه ووصف مكانه بالأبيات التالية
عن طلعة الجـودي مواقيـم روحـه
وعنـها شمـالٍ للنســور مغيـب
عنها مهب الهيـف رجعـه وفيضـه
وحـراريٍ كـان الـدليـل نجيـب
خيار الدلايـل طلحـةٍ فـوق جالهـا
خيمـة شريـفٍ في مـراح غريـب
وقد خدم الخلاوي الشعر النبطي وأثره كما لم يثره شاعر آخر وأضاف إليه أغراضاً لم تكن فبل الخلاوي موجودة خصوصاً فيما يتعلق بمجالات حساب الأيام والنجوم والوصف والأجواء الجوية ومواسم الزراعة ومعرفة الطرق حتى أن بعض المهتمين بالحساب الجوي وضربات الهواء وحركة الرياح وأهل الزراعة وأهل الصيد بالبحر لا يزالون يتبعون حساب الخلاوي ويعتمدونه حتى الآن . . . وللخلاوي دور كبير في حفظ تراثه من الضياع فقد وسم قصائده بوسمه فلم يبدأ قصيده من مطولاته إلاّ وكان ببدايتها ((يقول الخلاوي والخلاوي راشد)) وبذلك حفظ قصائده من أن تنسب لغيره أو يُجهل قائلها
وقد اتسم شعره بالحكم النادرة التي تلامس حياتنا العادية اليومية فلم يترك شيئاً إلاّ وذكره وعالجه بشعره كقوله عن أوقات النوم للإنسان
يامي نومات الضحى تـدرك الفتـى
ويامـي نومـات العصيـر جنـون
ويامي بين الظهـر والعصـر نومـه
أخبـري بها اللـي للرقـاد زبـون
ومن القصص عن كرمه انه في احدى الليالي الشاتيه وبسنة مجدبه تسلل " منيع بن سالم " وهو يقطن ( الصمّان ) وقال منيع لرفقته : إن هو سوف يصطنع وجع عينيه ويغطي وجهه ويلتحف ينظر ماذا يصتع الخلاوي بضيوفه في هذه السنه الشهباء وهل مايدعيه الخلاوي من اكرام الضيف صحيح ..؟؟ .. فاناخوا حول بيت الخلاوي فاستقبلهم بالبشاشه والترحاب وعمد الى حلوب ابنه الصغير ليذبحها وليس لديه سواها فتعلّق بها الطفل وامل الطفل لاعتماده في غذاءه عليها فطردهما عنها وذبحها وقدمها لاضيافه وهو ينشد :
يلوموني هلي وهذي طبايعي
ولوم الفتى عقب المشيب قبيح
يلوموني في طارش قد لفت به
من البعد فجا المنكبين مشيح
ياليت عين من منيع بن سالم
حضرتنا يوم الجنين يصيح
في ليلة شتوية هرمزيه
تلقى الشحم فوق الصحون طفيح
إلى هبت انسام السعود على الفتى
فمليح وماحاشت يديه مليح
وإلى سكنت انسام السعود عن الفتى
لو كان قصره من حديد يطيح
وعندها ابدى له " منيع " حر وجهه وقال : الان اصدقك فيما تقول وجاد له بمال وفير
هذا وقد نال الخلاوي اهتماماً كبيراً . . . وهو أهل له . . . من أغلب الكتاب والنقاد للشعر النبطي لم ينله غير لدرجة أن الباحث يستطيع أن يقول أن تراث هذا الشاعر لم يضع منه شيئاً أبداً , وقد صدرت كتب تناولت تراث الخلاوي من جميع الجوانب ولعل أهمها كتاب العلامة ((حمد الجاسر)) واسم الكتاب هو . . . الخلاوي حياته وشعره
ومن أشهر مطولات راشد الخلاوي نختار هذه الأبيات
نعـد الليـالـي والليـالـي تعدنـا
العمـر يفنـا والليـالـي بـزايـد
قولـوا لبيت الفقـر لا يامـن الغنـا
وبيت الغنـا لا يامـن الفقـر عايـد
ولا يامـن المظهـود جمـعٍ يعـزه
ولا يامن الجمـع العزيـز الضهايـد
ووادٍ جرى لا بد يجـري من الحيـا
إن ما جرى عامة جرى عـام عايـد
من عـود العيـن المنـام تعـودت
ومن عود العيـن المسـاري تعـاود
ويا طول ما وسدت راسـي كـداده
من خوفتـي يعتـاد ليـن الوسايـد
ومن عود القـوم المناعيـر مطمـع
تلـوه بالأنضبـا والجيـاد العدايـد
ومن عود الصبيـان ضـربٍ بالقنـا
نـادوه بـاللقـوات يابـا العـوايـد
و من كثر الطلعـات للصيـد ربمـا
يوافيـه مـراتٍ يجـي منه صايـد
وله ايضا
اوصيك ياولدي وصاة تضمها
الى عاد مالي من مدى العمر زايد
وصية عود ثالث رجيله العصا
وقصرت خطاه الي من اول بعايد
لاتاخذ الهزلا علشان مالها
ولاتقتبس من نارها بالوكايد
لاتاخذ الا بنت قوم حميده
عسى ولدها يجيب الحمايد
يجزى عمل راعي الحساني بمثلها
ويجزى عمل راعي النكد بالنكايد
ولاتتقي في خصلة مالها ذرا
ولاتنزل الا عند راعي الوكايد
ولاتسفه المنيوب لاجاك عاني
اياك ياولدي ومطل الوعايد
وياطول ماوسدت راسي كداده
من خوفتي يعتاد لين الوسايد
فمن عود العين الرقاد تعودت
ومن عود العين المساري تعاود
ومن عود الصبيان من زاد بيته
عادوه في عسر الليال الشداد
ومن عود الصبيان ضرب بالقنا
نخوه نهار الكون يابا العوايد
ومن تابع المشراق والكن والذرا
يموت ماحاشت يديه فوايد
الايام مابقى بها كثر مامضى
والأعمار ما اللي بقى منهابعايد
نعد الليالي والليالي تعدنا
والأعمار تفنى والليالي بزايد
الى دقت الوسطى بالأبهام تذكرت
زمان مضىماهو لمثلي بعايد
فلابد ماسحم الضواري تحوفني
بليل ولالي عن لقاهن بزايد
ومن سرته الأيام ينقاد حبله
وينقض في حبل اللذيماتساعد
قولوا لبيت الفقر لايامن الغنا
وبيت الغنى لايامن الفقر عايد
ولايامن المضهود قوم تعزه
ولايامن الجمع العزيز الضهايد
وواد جرى لابد يجري من الحيا
ان ماجرى عامه جرى عام عايد
وصلوا على خير البرايا محمد
ماناح ورق فوق حدب الجرايد
وقوله
حريب جدك لو صفا مايودك
وعينيه لو تبكي لك الدم كاذبه
واحذر عدوك في الملا فرد مره
واحذر صديق السو وألف تحاط به
وترى ابرك ساعات الفتى مابها الفتى
ومافات مات وساعة الغيب غايبه
واغنم متى لاحت من العمر فرصه
وان هب نسناس فاذر في سوايبه
فلا بالتمني تبلغ النفس حظها
ولابالتأني فاز بالصيد طالبه
إذا الحر قلت حيلته ثم غادرت
تصفق به الدنيا وضاقت مذاهبه
يبدل بداره دار عز يرومه
عنها ولاغبن به الروح ذايبه
فالدار مايحصر عليها وليدها
دار الفتى ماطاب فيها مكاسبه
إلى أن قال
الجذ والتزويج والحرب للعدى
والفرض والقرض الذي في مواجبه
وترى شور من لايستشيرونه الملا
شمعة نهار في ضيا الشمس ذايبه
وترى النصايح في البرايا فضايح
كم ناصح أضحى له الناس عايبه
ولاعاب قوم قط إلا حسودهم
ومن عاب شخص عاجز عن مراتبه
ومن عاب شخص قبل يبصر بنفسه
يرى فيه مالا ينحصر من معايبه
إلى أن قال
الاطباع تطبع جود من جاد جده
ولو كان من بيت رفاع مناهبه
والاطباع تارد بالفتى مارد الردى
وما الدين والدنيا والاطباع خاربه
والاطباع عضو في بن ادم مركب
والاطباع للتطبيع لاشك غالبه
ومن بين جبلات من الله حطها