من أخبار المنتكسين - ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي :::

العودة   ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: > :::. الأقســــام الـعـــامـــــــة .::: > :: القسم الإسلامـــي ::

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-05-2010, 08:01 PM   #1
 
إحصائية العضو







الوجيه7 غير متصل

الوجيه7 is on a distinguished road


افتراضي من أخبار المنتكسين

إخواني الكرام أحب أن أتحفكم بجزء من محاضر بعنوان ( ونقلب أفئدتهم) للشيخ عبد الله بن محمد العسكر

(من أخبار المنتكسين)
إن الناظر في التاريخ الغابر والحاضر يرى نماذج لأناس كانوا من أهل الصلاح والاستقامة ثم ارتدوا على أدبارهم ، ونكصوا على أعقابهم ، وتركوا طريق الهداية فكانوا من أهل الضلال والفساد أجارنا الله من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
وإن في التذكير بأخبارهم وأحوالهم لموعظةً وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، والحديث عن ذلك منهجٌ شرعي ولذلك أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم- بذكر شأن بعض أولئك المنتكسين لما في ذلك من بليغ الفائدة وعظيم العبرة .
بلعام بنُ باعوراء
فمن هؤلاء الذين أمر الله رسوله بحكاية حالهم رجلٌ من بني إسرائيل كان يدعى بلعامَ بنَ باعوراء وكان رجلا عابدا عالما بلغ من علوِّ منزلته أن الله علمه اسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى ، ومع هذا فقد ضل عن الطريق واتبع شهوات نفسه فكان كما قال الله ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين - وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) المائدة27-29 .
نعم (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) ، فحكاية قصص هؤلاء فيها عبرة عظيمة وتحذير لمن اغتر بما عنده من العلم والعبادة ، واتَّكأ عليها ونسي أنها محض فضل الله عليه .
جَبَلةُ بن الأيهم الغساني
- ومن هؤلاء المنتكسين الذين سطر لنا التاريخ خبرهم جبلةُ بن الأيهم الغساني :
وقد ذكر ابن الجوزي وابن كثير وغيرهما : أن جبلة بن الأيهم وهو أحد ملوك غسان كتب إلى عمر رضي الله عنه يخبره بإسلامه ويستأذنه في الوفود عليه فسُرَّ بذلك هو والمسلمون فكتب إليه عمر: أن اقْدُم فلك ما لنا وعليك ما علينا، فقدم في خمسمائة فارس من قبيلته فلما دنا من المدينة ألبسهم الوشي المنسوج بالذهب والحرير الأصفر ، وجلّل الخيل بالديباج وطوقها بالذهب والفضة ، ولبس جَبلةُ تاجَه ، فلم يبق بالمدينة أحد إلا خرج للقائه وفرح المسلمون بقدومه وإسلامه.
ثم حضر الموسمَ من عامِه ذلك، فبينما هو يطوف بالبيت إذ وطئ على إزارَه رجلٌ من فزارة فانحلّ الإزار ، فالتفت إليه جبلة مغضباً ولطمه فهشم أنفه ، فاشتكى الفزاري إلى عمر فبعث إلى جبلة فأقرّ بذلك ، فقال عمر : أما أنت فقد أقررت فإما أن تُرضيَ الرجل وإما أن أقيد منك، ( أي يُفعل بك كما فعلتَ به ) قال جبلة: تصنع بي ماذا ؟. قال: آمر بهشم أنفك كما فعلت ، قال كيف ذلك وهو سوقة وأنا ملك؟. فقال عمر العادل الذي لا يروج عليه مثل هذا الكلام : إن الإسلام جمعك وإياه، فلست تفضلُه إلا بالتقى، قال جبلة: قد ظننتُ أني أكون في الإسلام أعزَّ مني في الجاهلية، قال عمر:، دع ذا عنك فإنك إن لم تُرضِ الرجل اقتدته منك، قال: إذاً أتنصر !! قال: إن تنصرت ضربت عنقك ؛ لأنك قد أسلمت فإن ارتددت قتلتك!!
فلما رأى الجِدّ من عمر ، فقال جبلة: أخرني إلى غدٍ ، قال عمر:ذلك لك ، فلما كان الليل خرج هو وأصحابه فلم يلبث أن دخل القسطنطينية على هرقل فتنصّر والعياذ بالله ، ففرح به هرقل وأعطاه من الأموال والأراضي والجواري الشيء الكثير!! {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} الحج11.
ثم إن عمر بعد زمن أرسل إلى جبلةَ من ينظر في أمره وما آل إليه فذهب الرسول إلى باب جبلة فإذا عليه من القهارمة والحجاب والبهجة وكثرة الجَمع مثلُ ما على باب هرقل.قال الرسول.فدخلت عليه وهو قاعد على سريرٍ قوائمه من ذهب فلما عرفني رفعني معه على السرير وجعل يسألني عن المسلمين فذكرت له خيراً وقلت له قد تضاعفوا أضعافاً على ما تعرف فقال: وكيف تركت عمر بنَ الخطاب؟ قلت له بخير ، فأَغمَّه ذلك ، ثم التفت إلى الجواري اللواتي كن عن يمينه فطلب منهن أن يغنينه ، فاندفعن يغنين بابيات لحسانِ بن ثابت - رضي الله عنه – قالها في الجاهلية يمتدح فيها ملوك الغساسنة ، وجبلة واحد منهم ، فأخذن يرددن :


لله در عصابة نادمتهم ... يوماً بجلق في الزمان الأول
أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الجوادِ المفضل
يُغْشَون حتى ما تهرّ كلابهم ... لايَسألون عن السواد المقبل
يَسْقُون من ورد البريص عليهم ... بردى يصفق بالرحيق السلسل
بيض الوجوه كريمةٌ أحسابهم ... شم الأنوف من الطراز الأول
قال: فضحك جبلةُ حتى بدت نواجذه . ثم أطرق بعد ذلك إطراقةً وتذكر حاله التي كان عليها يوم كان مسلما يعيش بين المسلمين مطمئن القلب مرتاح النفس ثم آلت حاله إلى أن ارتد وكفر بعد إسلامه ورضي بعيشة الكفار ومنادمتهم ، فأنشأ يقول بعد ذلك :
تنصَّرت الأشراف من أجل لطمةٍ ... وما كان فيها لو صبرتُ لها ضررْ
تكنفني منها لجاجٌ ونخوةٌ ... وبِعْتُ لها العينَ الصحيحة بالعورْ
فيا ليت أمي لم تلدني وليتني ... رجعت إلى القول الذي قاله عمرْ
ويا ليتني أرعى المخاض بقفرةٍ ... وكنت أسيراً في ربيعة أو مضر
قال الراوي : ثم جعل جبلةُ يده على وجهه يبكي حتى نظرتُ إلى دموعه على لحيته كأنها فصيص اللؤلؤ. قال: وبكيت معه، وانصرف الجواري من عنده لما رأين بكاءه ، ثم جعل يُنشِف دموعه بكمِّه ومسح وجهه ثم ودعني وقال: أقرئ عمر بن الخطاب والمسلمين مني السلام، ثم خرجت من عنده فأتيت عمر، فقال: هل لقيت جبلة بن الأيهم ؟ قلت: نعم قال: هل تنصر؟! قلت: نعم.قال: أو رأيته يشرب الخمر؟ قلت: نعم ، قال: أبعده الله، تعجل فانية بباقية فما ربحت تجارته ...إلى آخر قصته وهي قصة طويلة حزينة تنبئك كيف تكون تعاسة المرتدين ونهاية المنتكسين الذين كتب الله عليهم الشقاء في أم الكتاب.نسأل الله الثبات على دينه .
الرجَّال بن عنفوة الحنفي
- وممن كتب الله شقاءه وأزاغ قلبه بعد زمن من العبادة والذكر الرَّجَّالُ بنُ عنفوةَ الحنفي فقد ذكر ابن حجر في كتاب الإصابة عن رافع بن خديج قال: كان في الرَّجَّال بن عنفوةَ من الخشوع واللزوم لقراءة القرآن والخير فيما يُرى شيء عجيب ، فخرج علينا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يوماً والرَّجَّال معنا جالس فقال: أحد هؤلاء النفر في النار ( وفي رواية : إن فيكم لرجلا ضرسه في النار أعظم من أحد !!) قال رافع: فنظرت فإذا هم أبو هريرة وأبو أروى والطفيل بن عمرو و الرَّجَّال ، فجعلت أنظر وأتعجب . فلما ارتدت بنو حنيفة سألت ما فعل الرَّجَّال ؟ قالوا: افتُتِن وشهد لمسيلمة أن رسول الله أشركه في الأمر!! فقلت: ما قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الحق قالوا: وكان الرَّجَّال يقول : كبشان انتطحا فأحبُّهما إلينا كبشُنا !! ( يعني مسليمة ، ويعني بالآخر رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم ) . ألا ويله ما أشدَّ جُرمَه ، وسيندم هذا الأثيم الأفاك على كلامه هذا حين يعضُّ على يديه حسرة وندما يوم القيامة ويقول {يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} يا ويلتا ليتني لم أتخذ مسيلمة خليلا{لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا} الفرقان29.
عبدةُ بنُ عبدِ الرحيم
ومن أخبار المنتكسين خبر أحدهم ويدعى عبدةُ بنُ عبدِ الرحيم
قال ابن كثير في البداية والنهاية :" ودخلت سنة ثمانٍ وسبعين ومائتين وفيها توفي عبدةُ بن عبد الرحيم قبحه الله.وقد كان من شأنه أن هذا الشقي كان من المجاهدين كثيرا في بلاد الروم، فلما كان في بعض الغزوات والمسلون محاصِرون لبلدة من بلاد الروم إذ نظر إلى امرأة من نساء الروم في ذلك الحصن فهوِيها فراسلها : ما السبيل إلى الوصول إليك ؟ ( وانظروا إلى خطورة النظرة المحرمة كيف فعلت بقلب هذا الرجل الذي خرج مجاهدا في سبيل الله )فقالت المرأة : لا سبيل إلي ّ إلا أن تتنصر ، فما توانى في ذلك والعياذ بالله فأجابها إلى طلبها ، فما راع المسلمين إلا وهو عندها !! فاغتم المسلمون بسبب ذلك غما شديدا، وشق عليهم مشقة عظيمة، فلما كان بعد مدة مروا عليه وهو مع تلك المرأة في ذلك الحصن فقالوا: يا فلان ما فعل قرآنك ؟ ما فعل صيامك وجهادك وصلاتك ؟ فقال: اعلموا أني أنسيت القرآنَ كله إلا قوله (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون)!! الحجر2-3 .
وأخبار المنتكسين كثيرة وعجيبة ولكنني سأقف وإياكم مع نموذج أخير لأحد المعاصرين لنا في هذا الزمن وقد هلك قبل أكثر من عشر سنوات فقط ، وكثير منا سمع بخبره ، وهو الذي كان يدعى بعبدالله القصيمي ، ولا أحسب أحدا تكلَّم عن أخبار المنكسين وأحوال المرتدين إلا وذكر قصة هذا الرجل البائس .
واسمحوا لي - معاشر الفضلاء- لو أطلت قليلا في الحديث عنه فإن في خبره موعظة وذكرى .
لقد كان من شأن هذا الرجل أيها الإخوة والأخوات أنه كان عالما من علماء الشريعة الكبار ، يقول عنه بعض معاصريه : لم نره إلا وقد تأبط كتابا ، وكان مولعا بقراءة صحيح البخاري . وقد ألّف هذا الرجل المؤلفات في الدفاع عن الإسلام والدعوة السلفية والرد على المبتدعة وأهل الضلال !! وله كتاب شهير في مجلدين من أروع ما كتب في هذا الباب وهو كتاب ( الصراع بين الإسلام والوثنية ) يُذكر أن بعض معاصريه قال من شدة إعجابه بهذا الكتاب :إن القصيمي دفع به مهر الجنة ، ولا نجد رأسا يطاوِل رأسه إلا ابنُ تيمية !! وقد كان له شأو ومكانة عالية حتى عند العلماء نظرا لما كان عليه من الذب عن الدين والرد على المخالفين .وقد مدحه جمع منهم بقصائد ومقالات شهيرة منهم الشيخ عبد الظاهر أبو السمح إمام المسجد الحرام ومدير دار الحديث بمكة ، وله فيه قصيدة شهيرة يمدحه فيها ويصفه بالمجاهد الصامد في وجه الأعداء :

ألا في الله ما خط اليراعُ .... لنصر الدين واحتدم الصراع ُ
صراع لا يماثله صراع .... تميد به الأباطح والتلاع
صراع بين إسلام وكفر .... يقوم به القصيمي الشجاع !
خبيرٌ بالبطولة عبقري .... له في العلم والبرهان باع
يقول الحق لا يخشى ملاماً .... وذلك عنده نعم المتاع
يريك صراعه أسداً هصوراً .... له في خصمه أمر مطاع
كأن بيانه سيل أَتِيٌّ .... تفيض به المسالك والبقاع
لقد أحسنت في رد عليهم .... وجئتهمُ بما لا يستطاع

هذا الرجل مع أنه بلغ هذه المكانة العظيمة إلا أنه والعياذ بالله قد انحرف عن طريق الصلاح واستمر في غيّه وضلاله حتى كفر بالله العظيم ؛ بل زاد الأمر وتمادى به حتى صار ملحدا زنديقا يؤلف المؤلفات التي يشكك من خلالها في وجود الله تعالى !!
يقول عنه الشيخ عبد الرحمن السعدي في مقدمة كتابه " تنزيه الدين وحملتِه ورجالِه مما افتراه القصيمي في أغلاله ":
أما بعد فأني وقفت على كتاب صنفه عبد الله بن علي القصيمي سماه " هذه هي الأغلال " فإذا هو محتوٍ على نبذ الدين والدعايةِ إلى نبذه , والانحلالِ عنه من كل وجه ، وكان هذا الرجل قَبْل كتابتِه وإظهاره لهذا الكتاب معروفاً بالعلم والانحياز لمذهب السلف الصالح , وكانت تصانيفه السابقة مشحونة ًبنصْر الحق , والرد على المبتدعين والملحدين. فصار له بذلك عند الناس مقام وسمعة حسنةٌ , فلم يَرُعِ الناس حتى فاجأهم بما في هذا الكتاب الذي نسخ به وأبطل جميع ما كتبه عن الدين سابقاً . أ.هـ "
إن حالة هذا المحروم البائس لتذكرنا بقول الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه فيما رواه أبو يعلى في مسنده من حديث حذيفة - رضي الله عنه - وصححه الألباني قال - صلى الله عليه وسلم- :" إن أخوف ما أخاف عليكم رجل قرأ القرآن حتى إذا رُئيت بهجته عليه وكان ردءا للإسلام انسلخ منه ونبذه وراء ظهره !!" .
ولقد اطلعت على عدد من كتب هذا المغبون التي ألفها يوم كان على طريق الحق ثم نظرت في كتبه المخزية التي ألفها بعد الضلالة والضياع فرأيت أمراً مهولا تدمع له العين ويحزن له القلب .
اسمع وتأمل واعتبر أيها الأخ الكريم وتذكر حالة هذا المسكين يوم كان على طريق الهدى والنور ثم نُكس على رأسه وسار في دهاليز الضلال والظلمات .
وسوف أسوق لكم – معاشر الإخوةِ في الله - كلاما لهذا الرجل بين حقبتين من حياته : حقبةِ الهداية والنور يوم كان يعيش في حظيرة الإسلام بين العلم وأهله ومصنفاته ، وأما الأخرى فهي الحقبةُ المليئة بالحيرة والشك والكفر والضلال ، وتأملوا الفرق الشاسع بين الحالين لتدركوا معنى قول الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} الأنعام110.
يقول القصيمي في مقدمة كتابه (مشكلاتُ الأحاديث النبوية ) يوم كان مسلما محسوبا في عداد أهل العلم ، يقول اللهم إنا نسألك الإيمان والطمأنينة ، ونعوذ بك اللهم من الشك والحيرة ، ونهدي لك أتم الحمد والثناء ....فهذا بيان لأحاديث صحيحةٍ أشكلت على كبار العلماء ، فَعَجِل فريق فكذبها وردها وتحامل عليها .. فجرَّأ العامة وأشباه العامة على أن يكذبوا كل ما لم يحيطوا بعلمه ... فزاد كلامه أهل الشك شكاً وريبة ، وضل فريق في الشك والحيرة ، فرغب عن الدين وأوغل في الشهوات والملذات ، ونحن نسأل الله السلامة من ذلك كله ، كما نسأله لنا الرشاد والهداية فيما فعلنا وفيما سوف نفعل ) .
وكان هذا الرجل ممن ينكر المنكرات ويحارب أهل البدع والإلحاد ، ويغلظ عليهم في القول ، وله في هذا أقوال ذائعة مشهورة في كتبه ، ومنها قوله في كتاب ( الفصل الحاسم بين الوهابيين ومخالفيهم ) : " ولا يكبر عليك ما ترى من بعض الشدة ، فإننا ما فعلنا ذلك إلا غضبا لله وغيرة على دينه !!" . وقال :" وربما قال البعض ( وتأملوا إلى هذه الكلمات جيدا ) : إن الرد على الملحدين لا يجدي شيئاً ، لأن من دخل حظيرة الإلحاد فهيهات أن يغادرها ، وهو احتجاج ضعيف مهين ، فان من ذاق حلاوة عقيدة التوحيد ولباب الإخلاص فهيهات أن يعافها ، فلم أسمع أن رجلاً دخل مذهب الموحدين وتطهر قبله من أرجاس الشرك فخرج منه ونكص على عقبه !! ".
سبحان الله !! من يصدق أن صاحب هذه الكلمات هو نفسُه قد نكص على عقبه وانتكس وانقلب كافرا بالله العظيم فصار بعد ذلك له المؤلفات التي يقرر فيها مبدأ الإلحاد والزندقة ، وقد كان - فيما مضى - داعية للتوحيد منافحا عنه ؟!!
تأملوا إلى شيء من كلامه الذي ينضح بالكفر والضلال وقارنوا بينه وبين ما سبق . يقول في كتابه( هذا الكون ما ضميره ):"إن الإنسان المثل الذي يجب أن يكون هو زنديق العقل قديسُ النفس والأخلاق، هو العاصي المتمرد المحاربُ بتفكيره" .
ويقول في مقال له بعنوان ( في غار حراء لم أجد الإله ولا الملاك ) ذهبت إلى الغار .. غار حراء .. غار محمد وإلهه وملاكه .. إلى الغار العابس البائس اليائس ، ذهبت إليه استجابة للأوامر .دخلت الغار ، دخلته ..صدمت .. ذهلت .. فجعت .. خجلت ، خجلت من نفسي وقومي وديني وتاريخي وإلهي ونبيي ومن قراءاتي ومحفوظاتي ..! أهذا هو الغار.. غارُ حراء .. هو الذي لجأ واختبأ فيه الإله كل التاريخ ! " .
نعوذ بالله من الحور بعد الكور ...
ويقول - وتعالى الله عما يقول - : " إني يا إلهي سأسأل هذا السؤال حتى دون أن تأذن أو تغفر !! بل حتى لو كان محتوما أن تقاسي من الغضب والحيرة والعجز والافتضاح !!" وقال أيضا: " لو كان الإله يعاقِب الوثن على قدْر كونه وثنا لما وجد أو عرف عقابا يكفي لمعاقبة النبي العربي ولمعاقبة النبوة العربية !" .
قبحه الله وأخزاه ، كيف اجترأ على ربه بهذه الكلمات التي تقشعر منها الأبدان ؟!
والسؤال المهم الذي يجب أن نطرحه في هذا المقام : كيف ضل هذا البائس وقد كان عالما بالشرع مدافعا عنه ؟؟
وللجواب عن هذا السؤال نقول :أمّا أولاً فلأن الله لم يرد هدايته {وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} المائدة41 .
فالهداية أيها الأحبة محضُ فضلٍ من الله جل وعلا ، فمن أوتيها فقد أوتي الخير كله { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} النور21.
وثانيا :فإن جوانب الهداية لم تكتمل في شخصية هذا الرجل ، ولو كملت الهداية في قلبه ما ضل أبدا كما قال الله تعالى {وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ ٍ} الزمر37 .
قال أبو سليمان الداراني :" إنما رجع من رجع قبل الوصول ، ولو وصلوا ما رجعوا " .
وإن الناظر في سيرة هذا المخذول يلحظ أنه كانت فيه حمأة كبر وغرور ، قد عرفها كل من عاشره وقرأ كتبه ، ومما يدل على ذلك قوله مفتخرا بنفسه:
لو أنصفوا كنت المقدم في الأمرِ *** ولم يطلبوا غيري لدى الحادث النُّكْرِ
ولم يرغبوا إلا إليّ إذا ابتغوا *** رشاداً وحزماً يعزبان عن الفكرِ
ولم يذكروا غيري متى ذكر الذكا *** ولم يبصروا غيري لدى غيبة البدر
فما أنا إلا الشمس في غير برجها *** وما أنا إلا الدر في لجج البحر
وقال مرة يثني على نفسه :
ولو أن ما عندي من العلم والفضل يقسم في الآفاق أغنى عن الرسل! نسأل لله العافية والسلامة . وهل رأيت أقبح من الكبر وأشنعَ من الغرور ، الكبر هو الذي أودى بإبليس فأخرجه من رحمة الله حين قال لربه يوم أمره بالسجود لآدم : {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } الأعراف12 .
المتكبر بغيض عند الله وعند خلقه وهو على شفا عذاب وشيك . قال - صلى الله عليه وسلم- :" بينما رجل يمشي في حلَّة تعجبه نفسه ، مرجِّل جمته ؛ إذ خسف الله به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة " .

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


الساعة الآن 07:03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
---