كلام في الصميم جدير بالنقل
هل يحول العرب الأزمة المالية إلى فرصة للاستثمار ؟
الشرق القطرية ـ ممدوح الولي 01/04/2009
بلغ نصيب العرب عام 2007 من سكان العالم نسبة 5 % بنصيب 326 مليون نسمه من إجمالي عالمي بلغ 6 مليارات و678 مليون نسمة . كما بلغ نصيب الدول العربية من مساحة الكرة الأرضية 10 % بنصيب 14 مليون كيلو متر مربع من إجمالي دولي 510 ملايين كيلو متر مربع . إلا أن النصيب العربي من الاقتصاد الدولي من خلال الناتج المحلي الإجمالي لم يبلغ سوى أقل من 3 % من الناتج الدولي .
وذلك بنصيب 1 تريليون و472 مليار دولار من إجمالي ناتج عالمي بلغ حوالي 54 تريليون دولار . وهو ما يضع العرب في المركز الثامن عالميا بعد الولايات المتحدة واليابان والصين وألمانيا وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا . وهكذا نجد أن ألمانيا البالغ عدد سكانها 82 مليون نسمة والبالغ مساحتها 357 ألف كيلو متر مربع أي ثلث مساحة مصر . قد حققت ناتجا بلغ 3ر3 تريليون دولار وهو مايوازي أكثر من ضعف الناتج العربي .
وكذلك إنجلترا البالغ عدد سكانها 61 مليون نسمه والتي تصل مساحتها 245 ألف كيلو أي ربع مساحة مصر قد حققت ناتجا بلغ 2 تريليون و728 مليار دولار يكاد يصل إلى ضعف الناتج العربي . كما حققت فرنسا البالغ سكانها 64 مليون نسمه وتبلغ مساحتها 643 ألف كيلو والتي تعادل مساحة الصومال قد بلغ ناتجها الإجمالي حوالي مرة ونصف الناتج العربي . كما زاد ناتج إيطاليا البالغ سكانها 58 مليون نسمة - ومساحتها 301 ألف كيلو متر أي نصف مساحة الصومال - عن الناتج العربي بأكثر من 600 مليار دولار . وذلك رغم كون ألمانيا وفرنسا وإنجلترا وإيطاليا دولا مستوردة للطاقة .
وفي التجارة السلعية الدولية كان نصيب العرب أربعة ونصف بالمائة من الإجمالي الدولي . حيث يرتفع نصيبهم من الصادرات السلعية الدولية إلى خمسة وستة من عشرة بالمائة بسبب صادرات النفط والغاز الطبيعي . بينما ينخفض نصيبهم من الواردات السعلية الدولية إلى 3ر3 % . وفي التجاره الخدمية الدولية كان نصيب العرب ثلاثة وأربعة من عشرة بالمائة . وتنخفض النسبة في الصادرات الخدمية الدولية لتقل من 3 % . وترتفع في الواردات الخدمية الدولية إلى أكثر من 4 % . وبما يشير لوجود فائض بالتجارة السلعية العربية الدولية وعجز بالتجارة الخدمية الدولية .
وفي الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى بلدان العالم كان نصيب العرب أقل من 4 % بنصيب 72 مليار دولار من إجمالي 1 تريليون و833 مليار . كما دار نصيبهم من الاستثمار الأجنبي الخارج من دول العالم حول نسبة 2% من الإجمالي العالمي . بنصيب 43 مليار دولار من إجمالي دولي 1 تريليون و997 مليار دولار .
وارتفع النصيب النسبي من الاحتياطيات الدولية من العملات الأجنبية لأكثر من 7 % من الاحتياطي العالمي بنصيب 463 مليار دولار من إجمالي 5ر5 تريليون دولار .
كما بلغ نصيب العرب من أصول البنوك الدولية 2 % بنصيب 1 تريليون و673 مليار من إجمالي حوالي 85 تريليون دولار دوليا . ورغم تلك الاحتياطيات الضخمة والأصول المصرفية فقد بلغ الدين الخارجي العربي 150 مليار دولار بنسبة ثلاثة وسبعة من عشرة بالمائة من الدين العالمي البالغ 4 تريليونات مليار دولار . كما بلغ نصيب العرب من المساعدات الدولية 16 % من المساعدات الدولية عام 2006 بنصيب 17 مليار دولار من إجمالي 105 مليارات إلا أن معظمها توجه للعراق لاعتبارات تتعلق بالاحتلال الأمريكي لها .
ويشير التناقض ما بين الأرصدة المرتفعة من الاحتياطيات وأصول البنوك وبين الديون الخارجية والمساعدات الدولية إلى تفاوت المستويات الاقتصادية ما بين دول العالم العربي . ما بين دول نفطية عامرة بالفوائض ترتفع فيها دخول الأفراد . وبين دول شديدة الفقر مثل الصومال وموريتانيا وجيبوتي. ودول ذات معدلات فقر عالية رغم إنتاجها النفطي مثل اليمن والسودان ومصر والعراق .
ومن هنا فإنه رغم استحواذ العرب على أكثر من 26 % من إنتاج النفط الخام وحوالي 13 % من الغاز الطبيعي المسوق دوليا . فإن غالبية ذلك الإنتاج يتم تصديره بصورته الأولية . في حين يتم تكرير جانب أقل من إنتاج الخام النفطي ونفس الأمر بتصنيع جانب قليل من الغاز الطبيعي محليا في شكل منتجات بتروكيماوية .
وهكذا يشير التوزيع النسبي للناتج المحلي الإجمال العربى إلى أن الصناعات الاستخراجية تستحوذ على نسبة 40 % من الناتج الإجمالي و37 % لقطاع الخدمات . بحيث يصل نصيب الصناعات التحويلية إلى حوالي 9 % فقط من إجمالي الناتج . وكذلك تدني نصيب الزراعة لحوالي 6 % من إجمالي الناتج . والنتيجة استيراد معظم الاحتياجات سواء الغذائية أو غيرها . واستمرار عجز الميزان الغذائي العربي. والغريب أنه رغم هذا العجز الذي يعني وجود سوق محلية جاهزة لاستيعاب منتجات غذائية لا تقل قيمتها عن 45 مليار دولار سنويا . فقد اتجهت غالبية الفوائض العربية إلى مجالات استثمار أخرى .
حيث ما زالت غالبية الاستثمارات العربية متجهة إلى أمرين إما الاستثمار في بورصات الأوراق المالية سواء داخل المنطقة أو خارجها . أو الاستثمار العقاري داخل المنطقة أو خارجها . إلى جانب إيداع الأموال بالبنوك سواء داخل المنطقة أو خارجها . أما التوجه إلى الاستثمار الحقيقي لإنتاج السلع والخدمات فإن بيئة الاستثمار بما تتضمنه من معوقات بيروقراطية كانت مبررا للكثيرين للابتعاد .
وتجيء الأزمة المالية العالمية كفرصة قد لا تتكرر حيث الخسائر التي لحقت ببورصات الأوراق المالية الدولية خلال العام الماضي. وهي الخسائر المستمرة في غالبيتها خلال الربع الأول من العام الحالي . كما أن الخسائر الأعلى في حدتها خلال العام الماضي واستمرار الخسائر بالبورصات العربية خلال الربع الأول من العام الحالي . تدفع أيضا المستثمرين للابتعاد عن الاستثمار بالأوراق المالية سواء بالخارج أو بالداخل ولعدة شهور قادمة حيث تقل التوقعات بانتهاء حدة الأزمة المالية خلال النصف الثاني من العام الحالي .
مما يجعل اللجوء حتى إلى صناديق الاستثمار بالخارج أو الداخل محفوفا أيضا بالمخاطر . ونفس الأمر بالنسبة للاستثمار العقاري الذي انخفضت أسعاره بالداخل والخارج مع ضعف الطلب وتأجيل كثير من المشروعات .
وتتشابه الصورة مع الودائع المصرفية بالخارج في ظل أسعار الفائدة التي تراجعت إلى نسبة واحد بالألف بالنسبة للين الياباني . وإلى ربع بالمئة للدولار الأمريكي وإلى واحد بالمئة للجنيه الإسترليني وإلى واحد ونصف بالمئة لليورو الأوربي والتي يتوقع تراجعها بالفترة القادمة . وبمقارنة معدلات الفوائد بالدول العربية رغم تراجعها بالفوائد الخارجية فإنها ما زالت أعلى كثيرا من الفوائد في الدول الغربية. ومن هنا فإن الاتجاه للداخل يعد بديلا مقبولا من حيث العائد الاقتصادي والاستثماري خلال الفترة الحالية . ومن هنا فإنه يمكن أن تتحول الأزمة الدولية إلى فرصة لتشجيع الاستثمار بالداخل العربي .
وهو أمر يجب أن يشارك به الجميع في الاستفادة به . بداية من الحكومات التي يجب أن تنسف جبال البيروقراطية . وتزيد من الحوافز سواء في التمويل أو الطاقة أو الأراضي أوالضرائب . وعلى الصناديق السيادية أن تتجه لمشروعات بالداخل العربي حاصة في مجالي الزراعة والصناعة والبنية التحتية. ونفس الأمر لمؤسسات التمويل العربية الوطنية والإقليمية . وكذلك بالنسبة للاتحادات النوعية العربية داخل مجلس الوحدة الاقتصادية. وكذلك تجمعات رجال الأعمال العرب مع الأخذ في الاعتبار أن هذا توجه يقوم على المنفعة والربح والفائدة المشتركة .
فقيام مشروعات يمكن أن يستوعب جانبا من البطالة الناجمة عن تخلص كثير من المشروعات من جانب من عمالتها . كما أن التشغيل يوفر دخولا تستطيع استهلاك جانب من السلع التي أصبح صعبا تصريفها دوليا . في ظل تراجع التجارة الدولية وزيادة المنافسة بالأسواق العالمية. وهذا الإنتاج المتوقع يمكن أن يقلل شيئا ما من اختلالات الموازين التجارية التي أصبحت مرشحة للارتفاع في ظل تراجع أسعار الصادرات البترولية . كما أن إحساس الجمهور بمدى النفع الذي يمكن أن تحققه تلك المشورعات الجديدة يمكن أن تدفعه إلى الاكتتاب العام في أسهمها . وهو ما يوفر جانبا من التمويل في ظل صعوبة التمويل المصرفي الدولي والمحلي حاليا .