مدخل اول :
ما الفرق بين الحضارة والثقافة؟
الفرق دقيق الى حد اننا قد نلتبس فيه. لكنه في الوقت ذاته كبير. فالحضارة انجاز
تاريخي لأمة او مجموعة بشرية تساهم فيه في المسيرة الانسانية نحو عالم افضل
في المعرفة والتقنية والرفاهية.
الثقافة جزء من كل فهي وجه من الوجوه المتعددة للحضارة. انها منظومة من الافكار
والقيم والتقاليد التي تراكمت مع الزمن في البيئة والتراث لتكون الحالة الذهنية
والنفسية و العقلية السائدة في مجتمع ما.
والحضارة هي الثابت الذي يسهل رصده في تاريخ الامة ، لان الحضارة في موتها او
تواصل عطائها تشكل الصرح المادي والظاهر الذي لا يمكن تجاهله.
اما الثقافة فهي المتحول والمتغير في الحضارة اى عندما تضمحل الثقافة ولا تتفاعل مع
الواقع التى تحيا فيه – بما انها المتحول والمتغير فى الحضارة – تؤدى الى موت
الحضارة – ويظهرهذا واضحا - لانها تمثل الصرح المادى والملموس
مدخل ثاني
: انتهاء الحضارة الاسلامية بسبب الانطفاء التدريجى للعقل العربى
اى عندما نحاول ان نثبت ان الحضارة الاسلامية التى كانت موجودة فى الماضى والتى
ابدعت فى شتى المجالات واخرجت الينا علماء مثل ابن الهيثم والفارابى اصبحت الان
جثة هامدة , ذلك لان الثقافة المسيطرة على العقول العربية والاسلامية ما هي الا
ثقافة الخوف , ثقافة سد الذرائع , ثقافة التكفير
لقد شهدت بدايات الالفية الميلادية الثانية الانطفاء التدريجي الجدلي والثقافي للعقل
العربي باعلان المذاهب السنية والشيعية خاتمة الاجتهاد في التفسير الديني. ولعل
الدافع الى ذلك هو خوف فقهاء السنة والشيعة، على الاسلام الملتزم بالتفسير الصريح
والبسيط للقرآن الكريم والحديث النبوي، من المذاهب والبدع التي ذهبت في الاجتهاد .
غير ان حالة الانطفاء الفكري ما لبثت ان تحولت الى حالة موت للعقل العربي والاسلامي
في القرون الوسيطة. وهذه المرحلة الاجتماعية والثقافية الخاملة مهمة للغاية، لانها
شبيهة بالموت الحالى للعقل العربي الذى ينتشرهذه الايام المجتمعات العربية
والاسلامية.
مدخل ثالث
: صعوبة عودة الحضارة الاسلامية لاستحالة تغيير ثقافتنا
الإسلام دين شامل متفاعل مع واقع زمانه ومع الإنسان، صنع للعرب دولة هي السياسة
بعينها، وأقام اقتصادا مركزيا للقبائل المتشرذمة، وأنشأ الفنون والثقافة والعلوم، وتحاور
مع الأديان والثقافات الأخرى.
ولكن الأزمة في التمسك بغير الصحيح من الدين وإضفاء القدسية على حلول ومواقف
قدمها الإسلام في ظرف وزمان محدد بالواقع المحيط وجعلها حلولا ومواقف صالحة لكل
زمان ومكان، برغم أن الزمان والمكان مختلفان تماما
فالتطور الهائل في العالم اليوم بفضل العلم ومكتشفاته قد غادر مكاننا وزماننا إلى
مساحات جديدة ،لانه يحتاج عقلا وفهما وقرارات وحلولا غير ما كان يحدث في جزيرة
العرب من مواقف أقل تعقيدا من اليوم بما لا يمكن أن يقارن بدنيانا شديدة التعقيد.
فيبدو أن هناك اختلاطا ما في المسألة يؤدي إلى التباسها، هو أن الدين في حد ذاته
ليس طرفا في الموضوع، إنما هو خارج اللعبة وبريء من التخلف مثلما هو بريء من
التقدم، وأن الإسلام كدين في ذاته لم يكن عنصرا في إنجازات الرازي والفارابي وابن
الهيثم، وليس عنصرا في اختفاء العلماء المسلمين.
ومع الإسلام نفسه تقدمت دول أخرى في شرقي آسيا أطلق عليها لقب النمور
الآسيوية، وبالإسلام نفسه تعيش بقية دول المسلمين في مؤخرة الأمم.
إن المشكلة ليست في الدين ولا في أي دين، لكنها في كيفية استثمار هذا الدين،
فهناك من استثمره في التقدم وهناك من يستثمره في التخلف، وهناك من احترم الدين
فصانه بعيدا عن الألاعيب السياسية ودسائس المشايخ والسلاطين، وهناك من يستثمره
حفاظا على خط فكري نظري واحد ليظل سيد الموقف في كل شأن وكل أمر.
ففي الوقت الذي يتحدث فيه العالم عن الفصل بين السلطات يتحدث المشايخ عن الدمج
الكامل بين السلطات الدينية والدنيوية في دولة إسلامية.
وفي الوقت الذي يتحدث فيه العالم عن الحريات يتحدث قادة الصحوة الإسلامية
وعلماؤها ومشايخها عن حد الردة ورضاع الكبار وعدم الاجتهاد مع وجود النص، وهدر
دماء الكتاب والمفكرين.
وفي الوقت الذي تتحرك فيه الدنيا في وثبات عملاقة في الاقتصاد والعلم والمعرفة يدعو
المشايخ إلى الثبات والعودة إلى خير القرون واحتقار الزمان الحاضر ومنجزاته .
مدخل رابع وأخير
: الحل فى التحول الفكرى والثقافى للعلم والفهم المستنير للدين
ان قال العلم أن الأنسولين هو علاج السكر وليس عسل النحل ، فلا يجوز لأي احد أن
يقدم علاجاً للناس خارج علم الطب ، مهما قال انه يستخدم ، سواء كان يستخدم شعر
ملك الجن أو بول الابل, هذا كله في علم الطب لا ينفع مريضاً ، بل هو السبيل إلى مزيد
من المرض وأذى الناس والتجارة بأمراضهم.
العالم اليوم يتحول إلى قرية كونية تختلف فيها الأعراق والأديان وتتوحد إنسانيا ومصلحيا،
ومازلنا نصارع من أجل تأسيس مفهوم الوطن الكلاسيكي مثل الخلافة والجماعة التي
تؤخرنا كلما حاولنا النهوض
وهذه العودة إلى الطائفية والقبلية تشكل منظومة التخلف، وتهدد الاستقرار والتنمية
ومعاش ، وإذا أدرجت في سياق المقدس والجهاد فإنها تتحول إلى كارثة عظيمة تدمر
كل شيء.
وبالتالي فالفهم المستنير للدين هو الذي يشكل بداية الانطلاقة الحضارية، وهو الذي
يحرّر الطاقات ، وبدونه لا يمكن للحضارة أن تتشكل ولا للنزعة الإنسانية أن تسود. نقول
ذلك وبخاصة إذا ما رافق هذا الفهم التنويري العقلاني تقدم علمي وتكنولوجي، وكذلك
نموّ اقتصادي متواصل كما حصل في أوروبا منذ أربعة قرون.
ما زلت على قناعة راسخة بأن النظام العربي حفر لنفسه فخا. فهو يتحمل مسؤولية
كبيرة في ترويج اسلام التلقين الذي مهد عبر الشاشة الرسمية المؤهلة لصعود
الاسلام المتشدد
وعبرالسماح لمجتمعات ضعيفة الوعي والثقافة، بتداول الكتب الدينيه المستوردة من
القرون الوسطى ، دون السماح للاعلام الرسمي وللمثقف العربي، بوضع هذه الكتب
على مائدة العرض وتحت مجهر البحث والنقد والبرهان العقلي
لاهنتي على هذا الطرح
ونفع الله بكـ هذه الامة
أختكـ/رفيقة الوفا