مقال بعنوان ( المطار الأجنبي !!!)
يقلني في كل مرة إلى المطار الأجنبي الذي أعود من خلاله إلى بلادي
سائق تاكسي , يلبس بدلة نظيفة وربطة عنق ,
يحمل حقائبي بأدب ويفتح لي باب السيارة ..
لا تفوح في السيارة رائحة عرق أو دخان ...
ولا يسألني أبداً (انت كم راتبك ؟ , وانت كم عندك عيال ؟ , وانت منين ؟)
وإنما يوصلني لوجهتي بصمت ويخبرني قبل انطلاق السيارة
بالمدة والمبلغ المتوقع حسب العداد وجهاز الـ GPS ,
وأراقبه باهتمام وهو يقود السيارة باحتراف, ويقف للمشاة ,
ولا يتجاوز من على اليمين!
يودعني في المطار الأجنبي موظف الجوازات المبتسم ...
يطلب مني جوازي بأدب , ينهي اجراءاتي باحترام ولباقة وذوق هائل
ثم يسلمني جوازي بابتسامة , وفي آخر مرة
اتذكر أن موظف الجوازات الأوروبي كان يناديني (سير) يعني يا سيدي !!
وددت أن أقول له؛ الله يجبر بخاطرك يا طيب ويرفع مقامك ,
ليتك تدري في بلدي كيف يعاملني موظفوا المطار !
جميع موظفي المطار , على اختلاف الجهات التي يعملون فيها ,
يتعاملون معك بأدب جم واحترافية عالية ....
كل شيء يسير بنظام يمكن لأي مسافر مهما كان أمياً أو جاهلاً
أن يتصرف من خلاله.
مطار الرياض :
يستقبلني موظف الجوازات ذو الكرشة المتدلية ,
ينظر في الأعين ويوجه الناس كالأغنام ...
هنا يالأخو !! وروح هناك يا صديق ...
ويتوقف ليرد على جواله الذي يرن بنغمة مسلسل سنوات الضياع
(كما عرفت لاحقاً) ثم يطلق ضحكاته العالية
ويعد المتصل بأن يدبر له موضوعه إن استطاع ويكمل مكالمته بالاعتذار
إن قصّر فالحجوزات كلها ( فل ) ...
وللمعلومية فمعظم موظفي مطاراتنا على اختلاف الجهات التي يعملون فيها ,
لديهم خبرة جيدة في (تدبير الحجوزات لمعارفهم) وترك مواقعهم والتسلل
خلف كاونترات الخطوط السعودية لطلب الموظفين وحب خشومهم !!
أسلم جوازي لموظف الجوازات الآخر , وهو بدوره يتقاضى راتبه
على درجة التكشيره .. لا أعرف سبباً يجعله متضايقاً لهذه الدرجة ,
بالنظر إلى أن الموظف السعودي يتقاضى راتبه كاملاً والأوروبي
يدفع ما لا يقل عن 40% من راتبه على شكل ضرائب للدولة
ومع ذلك يبقى مبتسماً ومؤدباً ..
في الغرفة المجاورة لموظف الجوازات , يقف موظف آخر يدخن بزيه الرسمي ...
في اليمنى سيجارة وفي اليسرى جوال وعدة خواتم.
تتأخر حقيبتي لسبب ما فأبحث عن الموظف المسؤول عن المكتب
المعد لخدمات العفش فأجد الكاونتر خالياً إلا من الحقائب المتراكمة
وعدد من البنغالية الذين يبدوا أنهم يؤدون عمل الموظف بدل عملهم في النظافة ... أسأل عن الموظف فيقولون ( فيه روح صلاه !! )
وأنتظر لمدة ربع ساعة لحين عودته ... وحين عاد
تنتابني كل الشكوك بأنه كان يصلي !
أخرج من باب الصالة فيستقبلني ( الكدادية ) أحباب الله !!
( سياره يالاخو ) ( سياره يابو الشباب ) ... ( سياره صديق )
أعينهم كالرصاص تكاد تخترقك لتعرف ما بداخلك وأين كنت
وماذا تفعل ومن أين أنت , ناهيك عن الأشكال والروائح والوجوه المشبوهة
والأفواه الكالحة ... وأنني أحتمل كل تلك المناظر ...
أنتقل بعدها لموظفي إحدى البنوك , سلمت عليه ثم أخرجت عدداً
من أوراق اليورو ووضعتها في الفتحة التي بيني وبينه ليحولها إلى ريال
قبل أن أخبركم ماذا قال لي ,
أود أن أخبركم بما فعلته موظفة عجوز في المطار الأوروبي ,
حيث وضعت أمامها كيساً يزن حوالي (كيلو) من عملات اليورو المعدنية
التي كنت أحتفظ بها في حصالة, أخذت هي الكيس بأدب ,
فرزت العملات كل فئة على حدة واستمرت في العد لمدة عشر دقائق
ثم سلمتني عملات يورو ورقية مقابل المبلغ بالإضافة إلى ابتسامة .
موظف البنك السعودي ( كالعادة ) كان رده الأولي هو أبو الشباب ...
لو سمحت حط فلوسك بشكل محترم .. ما ترضى ان أحد يسلمك فلوس كذا !!!
سحبت الأوراق كما طلب , ثم بدأت بتصفيفها وسألته إن كان يريد
الصورة للداخل أم للخارج !
ثم انتقلت لموظفي الخطوط السعودية ....
وأنتم تعرفون ماذا أقصد!
أقسم بالله أنني أشعر بالإحباط لمجرد كتابة ما أراه , وما ترونه كل يوم
الواسطات تعمل عيني عينك , وخطوط الجوال لا تتوقف عن الرنين ,
والركاب كل واحد يقدم جواله للموظف ويقول ( أبو فلان يبيك ) ...
ناهيك عن (شيانة النفس ) والتكشير والمظهر غير المحترم !
الكل يدخن في المطار , من ركاب وموظفين ..
بعكس الكثير من مطارات العالم .
الخلاصة :
لماذا يا بلادي ؟ لماذا أشعر بأن كل الموظفين الذين مررت بهم
في مطارات العالم ( أوادم ) ( محترمون )
وموظفوا مطاراتنا في الغالب ( ......)!!!
سائقوا التاكسي في البلدان الأجنبية أكثر احتراماً ولباقة ونظافة
ورقياً في التعامل من أرقى موظفي مطاراتنا !
أشعر بالفرق الهائل بين معظم الأشياء والتصرفات والقوانين ,
ولكن الفرق الأكبر أجده في البشر ... وضع تحت البشر خطين.
ما الذي يجعل منهم (بشر) على قدر عالٍ من الاحترام لوظائفهم
على الرغم من ارتفاع الضرائب وغلاء المعيشة ,
في الوقت الذي يبقى معظم موظفينا (متخلفين أفظاظ)
على الرغم من ارتفاع رواتبهم وسهولة الحياة نسبياً
بالنسبة لهم مقارنة بالدول الأخرى؟
هل هناك من يملك إجابة؟