جمال سلطان :
بتاريخ 15 - 10 - 2008
بعد أن لاحت تباشير النصر الكبير لقوات المقاومة الإسلامية في أفغانستان ، التي تقودها حركة طالبان ، وإعلان القيادة العسكرية الأمريكية وقيادات عسكرية غربية أخرى هناك بضرورة إجراء مباحثات مع الحركة ، واعترافهم باستحالة تحقيق النصر في المعركة الطويلة مع المجاهدين المسلمين في أفغانستان ، وهو ما اعتبر مقدمات للانسحاب والاعتراف بالهزيمة ، ووسط احتفاء العالم الإسلامي بانكسار آلة الحرب والعدوان الأمريكية في أفغانستان ، واقتراب النصر المبين على قوى العدوان وأذيالهم مما يسمى بحكومة كرزاي ، أعلن الإيرانيون بسفور غير مسبوق عن مخاوفهم من هزيمة القوات الأمريكية في أفغانستان ، وعبروا عن اعتراضهم الشديد على إجراء مباحثات غربية مع حركة طالبان ، وطالبوا قوات الاحتلال بعدم الاستسلام لمن أسموهم "قوى الظلام" ، وفي جلسة خاصة بالبرلمان الإيراني تحدث طويلا رئيس لجنة الأمن بالبرلمان مطالبا بسرعة التحرك لوقف "الانهيار" العسكري للقوات الأمريكية والحليفة لها في أفغانستان ، وضرورة تقديم الدعم العاجل للحكومة العميلة بقيادة "حامد كرزاي" ، وفي اليوم التالي مباشرة تكلم مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة "محمد خزاعي" في اجتماع مجلس الأمن الطارئ المخصص لبحث الأوضاع في أفغانستان ، وحث القوات الأمريكية على "التماسك" في أفغانستان وعدم الاستسلام لمن أسماهم بالظلاميين والإرهابيين ، يقصد مجاهدي حركة طالبان وبقية المجاهدين الأفغان ، وهاجم المندوب الإيراني بشدة دعوة بعض الدول الغربية إلى فتح باب الحوار مع حركة طالبان ، وقال أن الأولى من ذلك دعم الحكومة "العميلة" بقيادة حامد كرزاي والميليشيات التابعة لها ، التصريحات الإيرانية منشورة بكاملها الآن على وكالات الأنباء الإيرانية الرسمية ، والحقيقة أن الموقف الإيراني الجديد مما يحدث في أفغانستان ليس مفاجئا بكل تأكيد لنا ، قد يكون محرجا "للدراويش" الذين يصدعون رؤوسنا بالحديث عن معسكر الممانعة والمقاومة ، والذين يحرصون على وضع إيران في القلب منه ، لأن معسكر المقاومة والممانعة الإيراني اتضح أنه أبرز حلفاء العدوان الأمريكي في المنطقة ، والأكثر حماسة لاحتلال الجيش الأمريكي لدولة مسلمة مجاورة ، تعبنا من التذكير بالدور الإيراني الإجرامي في دعم احتلال الأمريكان لأفغانستان ، وتباهي بعض القادة الإيرانيين بهذا الدور ، وأنه لولا إيران لما استطاعت أمريكا البقاء في العراق أو أفغانستان ، ولما قلنا ذلك قالوا لنا هذا حديث للفتنة ، حسنا ، فما هو الوصف المناسب للتصريحات الإيرانية الأخيرة ، كيف نفسر هذا القلق الإيراني الكبير من انتصار المقاومة الأفغانية على الاحتلال الأمريكي والقوات المتحالفة معه ، كيف نفهم الدعوة الإيرانية إلى دعم قوات الاحتلال في أفغانستان ومنع انهيارها ، لماذا تخاف إيران من انتصار المقاومة الأفغانية ، هل نجيب الإجابة التي يعرفها الأمريكان قبل غيرهم أم يتهمونا بالطائفية ، المسألة بوضوح أن إيران قلقة للغاية من وجود حكومة إسلامية سنية على حدودها الشرقية ، وهي ترحب بوجود حكومة عميلة أو حتى جيش الاحتلال الأمريكي على وجود حكومة إسلامية سنية ، فالحسابات الإيرانية لا تتعلق بالمقاومة أو الممانعة مطلقا ، وإنما تتعلق بمصالح المشروع التوسعي الصفوي الطائفي ، وهو مشروع تدرك جيدا فرص وإمكانيات واقتراب تحالفه مع الأمريكيين وقوى أوربية أخرى ، ولكنه لا يمكن أن تتحالف أو تتعاون مع أي قوة إسلامية "غير شيعية" ، هل وصلت الرسالة ؟!