السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
قال المولى عز وجل : (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) .
قال ابن كثير هي عامة في كل من عبد الله على غير طريقة مرضية يحسب أنه مصيب فيها ، وأن عمله مقبول وهو مخطئ وعمله مردود ، كما قال تعالى : (وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى ناراً حامية) ، وقال سبحانه : (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً) ، وقال عز وجل : (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً) ، وقال تعالى في هذه الآية الكريمة : (قل هل ننبئكم) أي نخبركم (بالأخسرين أعمالاً) ثم فسرهم ، فقال (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا) ، أي عملوا أعمالاً باطلة على غير شريعة مشروعة مرضية مقبولة ، (وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) ، أي يعتقدون أنهم على شيء وأنهم مقبولون محبوبون . ورأى القرطبي أن في ذلك دلالة على أن من الناس من يعمل العمل وهو يظن أنه محسن وقد حبط سعيه ، والذي يوجب إحباط السعي إما فساد الاعتقاد أو المراءاة ، والمراد هنا الكفر . وذكرهم الطبري في تفسيره بهؤلاء الذين لـم يكن عملهم الذي عملوه فـي حياتهم الدنـيا علـى هدى واستقامة ، بل كان علـى جور وضلالة ، وذلك أنهم عملوا بغير ما أمرهم الله به بل علـى كفر منهم به ، (وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) ، يقول : وهم يظنون أنهم بفعلهم ذلك لله مطيعون ، وفـيـما ندب عبـاده إلـيه مـجتهدون ، وهذا من أدل الدلائل علـى خطأ قول من زعم أنه لا يكفر بـالله أحد إلا من حيث يقصد إلـى الكفر بعد العلـم بوحدانـيته ، وذلك أن الله تعالـى أخبر عن هؤلاء الذين وصف صفتهم فـي هذه الآية ، أن سعيهم الذي سعوا فـي الدنـيا ذهب ضلالاً ، وقد كانوا يحسبون أنهم مـحسنون فـي صنعهم ذلك ، وأخبر عنهم أنهم هم الذين كفروا بآيات ربهم . ولو كان القول كما قال الذين زعموا أنه لا يكفر بـالله أحد إلا من حيث يعلـم ، لوجب أن يكون هؤلاء القوم فـي عملهم الذي أخبر الله عنهم أنهم كانوا يحسبون فـيه أنهم يحسنون صنعه ، كانوا مثابـين مأجورين علـيها ، ولكن القول بخلاف ما قالوا ، فأخبر جل ثناؤه عنهم أنهم بـالله كفرة ، وأن أعمالهم حابطة . وفي قول البغوي أنهم الذين أتعبوا أنفسهم في عمل يرجون به فضلاً ونوالاً ، فنالوا هلاكاً وبواراً ، كمن يشتري سلعة يرجو عليها ربحاً فخسر وخاب سعيه . كما جاء تفسير السعدي بأولئك الذين (يحسبون أنهم يحسنون صنعا) ، الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم ، (فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا) ، أي قل يا محمد للناس على وجه التحذير والإنذار هل أخبركم بأخسر الناس أعمالا على الإطلاق ؟ الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ، أي بطل واضمحل كل ما عملوه من عمل ، وهم يحسبون أنهم محسنون في صنعه ، فكيف بأعمالهم التي يعلمون أنها باطلة ، وأنها محادة لله ورسله ومعاداة ؟ هؤلاء الذين خسرت أعمالهم ، فخسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ، ألا ذلك هو الخسران المبين .
اللهم لا تجعلنا ممن ضل سعيهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .