السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
إن المشتبهات ليست ثوابت في ديننا ولكنها من صنع الناس نتيجة اختلافهم في الأحكام والشروح والإفهام . والمسلم فقيه نفسه بعيد النظر ، فإن وجد هذه المشتبهات تجره على المدى القريب أو البعيد إلى حرام ظاهر فليبتعد عنها من باب سد الذريعة ، وان تأكد أنها لن تجره إلى حرمة بينه فليضعها في دائرة الإباحة الواسعة . فعن وابصة بن معبد رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( جئت تسأل عن البرّ ؟ ، قلت : نعم ، فقال : استفت قلبك ، البرّ ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ، وإن أفتاك المفتون ) رواه الإمامين أحمد والدارمي بإسناد حسن . والمسلم بين أمرين أن يأخذ بالأيسر إتباعا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما فإن كان إثما كان أبعد الناس عنه . و تيسيرا على الناس وتحبيباً لهم في دين الله ، قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم فإن قوما شددوا على أنفسهم ، فشدد الله عليهم ، فتلك بقاياهم في الصوامع والديار ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم ) رواه أبو داود . كما أن للمسلم أن يأخذ بالأحوط خشية أن تزل قدمه إلى الحرام سداً للذريعة . وكلاهما مأجور وعلى صواب بإذن الله لا يفضل أحدهما عن الآخر إلا في تقواه وورعه فلا هذا يفسق ذلك ولا ذلك يكفر هذا و يجب على كليهما أن يحترم الآخر . ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من الأحزاب : ( لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة ) أخرجه الشيخان . فصلت طائفة إيماناً واحتسابا وتركت طائفة إيماناً واحتساباً ، ولم يعنف رسول الله واحداً من الفريقين . وذلك يمثل احترام الإسلام لاختلاف وجهات النظر ما دامت عن اجتهاد بريْ سليم . والناس غالباً أحد رجلين إما رجل يقف عند حدود النصوص الظاهرة لا يعدوها ، أو رجل يتبين حكمتها ويستكشف غايتها ثم يتصرف في نطاق ما وعي منها ولو خالف الظاهر القريب . وكلا الفريقين يشفع له إيمانه واحتسابه سواء أصاب الحق أو ند عنه .
اللهم ألهمنا الصواب في كل أمر اللهم أرنا الحق حق والباطل باطل .