نقد الفكر الإسلامي
انتشر في هذه الأزمنة دعوة إلى ما يسمى إحياء الفكر الإسلامي ، وما يصاحبه من مصطلح الفكر الإسلامي ، ويخرج علينا في القنوات الفضائية وكذا في وسائل الإعلام ، من يسمى بالمفكر الإسلامي ، وهو بعيد عن تعاليم الإسلام ، وظاهرة فيه مشابهة للكفار والفسقة، وأقيمت المنظمات والهيئات والمنتديات ، بهذا المصطلح الدخيل وكأن الدين الإسلامي مجموعة أفكار وآراء ، وأنها قابلة للتغير وفق ما تقضية عقولهم.
فأحببت أن أوضح للقارئ الكريم بعض النقاط حول هذا المصطلح.
فالفكر في اللغة : هو التأمل والأعمال التي في الخاطر والتفكر اسم للتفكير وهو الفعل الذي تقوم به النفس وهو إعمال العقل والتفكير في الوصول إلى الأشياء .
ويعرفونه أصحاب هذه الدعوة بأنه نتاج فكر المسلمين من مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم ، لكن الله عز وجل قال سبحانه وتعالى (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) ( آل عمران 19) ولم يقل سبحانه الفكر هو الدين ، فالدين هو الوحي، وليس الأذهان والأفكار التى تتغير بأحوال الزمان والمكان.
والفكر نتاج عقول البشر ، وأما الإسلام ليس كذلك فهو وحي من الله عز وجل ، وعن جابر رضى الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «تركت فيكم ما تمسكتم بعدي بها لن تضلوا كتاب الله وسنتي» رواه مسلم ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين والمهدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ» رواه أهل السنن من حديث العرباض بن سارية وقال الشيخ الألباني: صحيح.
فالدين الإسلامي قائم على الوحي ، وبما نقله الصحابة الكرام رضوان الله عليهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس على أفكار قد لا يعرف مبتدأها، ونجد ممن يروج لهذا الفكر والمصطلح من يقول هنا شرط احترازي، وهو أنه وفق الشريعة الإسلامية، أي خاضع للمنهجية الإسلامية، التي حددتها الشريعة الإسلامية الغراء.
نقول: ولماذا يكون فكراً، أي أنه نتاج عقول البشر، وقابل للرد، لماذا لا نكتفي بأنه وحي وليس فكراً؟! أم أنه لأجل مواجهة الفكر الغربي الملحد؟!! بما أن لديكم قوانين بشرية وفكر ، فنحن لدينا أيضاً فكر وقوانين بشرية حتى لوكانت تعارض شريعتنا الغراء والله المستعان.
فأولاً: إنه فكر من عقول البشر، وليس وحياً من الله عز وجل، وإذا كان فكراً فهو عرضة للتغير حسب الحجة وتقبل العقول له، وقد حذر الله تعالى من إتباع الظن وترك الوحي اليقيني قال سبحانه (إن يتبعون إلا الظن وما تهوي الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى) ( النجم :23) .
فدين الله عز وجل مبنى على اليقين وليس على الظن والفكر ، كما يظنه دعاة هذه الدعوة قال تعالى (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) ( يونس :36).
ثم أليس هذا الفكر والعقل موجود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، لماذا لم تخرج هذه الدعوة في زمنهم، وتقديم العقل والفكر ومناداة بأن الإسلام فكر للعقول؟! فاعلم أنه ما لم يكن يومئذ دين فلن يكون دينا، وأعمل بنصيحة حبر الأمة وترجمان القرآن ابن مسعود رضي الله عنه قال «اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفرتم».
وأذكر القارئ الكريم بنصيحة الشيخ سعد الحصين حفظه الله لأصحاب معهد الفكر الإسلامي قال: ولنحول معهد الفكر ، إلى معهد لنشر الفقه الأول بلا تغيير ولا تبديل ولا تحريف ولا تأويل، فلا تجديد لهذا الدين إلا بالرجوع إلى منبعه وإزالة ما علق به من بدع الفكر والعمل .
وما الفكر الإسلامي ، إلا مكر من الشيطان يخدع به الحركيين ليستبدلوا الذي هو أدنى «الفكر» بالذي هو خير «الوحي والفقه فيه» وكل مناهج الدعوة باطلة إلا منهاج النبوة.
ولم يرد في الكتاب ولا السنة ولا في فقه الأئمة كلمة : فكر، ولا كلمة، إسلامي، وإنما ورد الحث على اتباع الوحي والتفقه فيه ، والعض على ذلك بالنواجذ والنهي عن المحدثات في الدين، على مثل ذلك يجب أن نحيا ويجب أن نموت .
ولهذا أفتى الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمة الله في نقد هذه الكلمة : بقوله كلمة ( فكر إسلامي ) من الألفاظ التى يحذر عنها، إذا مقتضاها أننا جعلنا الإسلام عبارة عن أفكار قابلة للأخذ والرد، وهذا خطر عظيم أدخله علينا أعداء الإسلام من حيث لا نشعر أ هـ .
فماذا يريد دعاة (الفكر الإسلامي)؟ هل يريدون استبدال الدعوة إلى دين الله وتوحيده عز وجل بالدعوة إلى ( الفكر) وزبالات الأذهان وترك الكتاب والسنة؟ أم يريدون استبدال أهل العلم والأخذ عنهم، بمن يسمى ( بالمفكر ) ممن تأثر بفكر الغرب وغطت قلبة وعقلة المناهج الباطلة والفاسدة، والعمل بما يملي عليه فكره وعقله ؟!
فليفق هؤلاء من غفلتهم وعليهم بالرجوع إلى دين الله عز وجل والالتزام بما كان النبي صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح ، فإن فيه الخير والنجاة وفيه صلاح الأمة ولن يصلح هذه الأمة
إلا بما صلح به أولها.
بقلم
جابر بن عالي المري
جريدة الرؤية
http://www.arrouiah.com/node/268373