قال الإمام النووي رحمه الله في ( المجموع شرح المهذب):
يكره إفراد يوم السبت بالصوم
فإن صام قبله أو بعده معه لم يكره
صرح بكراهة إفراده أصحابنا ، منهم الدارمي والبغوي والرافعي وغيرهم
لحديث عبد الله بن بسر - بضم الباء الموحدة والسين المهملة - عن أخته الصماء رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه } رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم والبيهقي وغيرهم ، وقال الترمذي : هو حديث حسن ، قال ومعنى النهي أن يختصه الرجل بالصيام ؛ لأن اليهود يعظمونه .
وقال أبو داود : هذا الحديث منسوخ . وليس كما قال .
وقال مالك : هذا الحديث كذب وهذا القول لا يقبل ، فقد صححه الأئمة قال الحاكم أبو عبد الله : هو حديث صحيح على شرط البخاري ، قال : وله معارض صحيح وهو حديث جويرية السابق في صوم يوم الجمعة قال : وله معارض آخر بإسناد صحيح . ثم روى بإسناده { عن كريب مولى ابن عباس أن ابن عباس وناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثوه إلى أم سلمة يسألها أي الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر صياما لها ؟ قالت : يوم السبت والأحد ، فرجعت إليهم فأخبرتهم ، فكأنهم أنكروا ذلك ، فقاموا بأجمعهم إليها فقالوا : إنا بعثنا إليك هذا في كذا وكذا فذكر أنك قلت كذا وكذا ، فقالت : صدق ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما كان يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد ، وكان يقول إنهما يوما عيد للمشركين ، وأنا أريد أن أخالفهم } هذا آخر كلام الحاكم .
وحديث أم سلمة هذا رواه النسائي أيضا والبيهقي وغيرهما .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين ، ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس } رواه الترمذي وقال حديث حسن
والصواب على الجملة ما قدمناه عن أصحابنا أنه يكره إفراد السبت بالصيام إذا لم يوافق عادة له ؛ لحديث الصماء .
وأما قول أبي داود : إنه منسوخ فغير مقبول ، وأي دليل على نسخه ؟
وأما الأحاديث الباقية التي ذكرناها في صيام السبت فكلها واردة في صومه مع الجمعة والأحد فلا مخالفة فيها لما قاله أصحابنا من كراهة إفراد السبت .
وبهذا يجمع بين الأحاديث ، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الصماء ( لحاء عنبة ) - هو بكسر اللام وبالحاء المهملة وبالمد - وهو قشر الشجر ويمضغه - بفتح الضاد وضمها لغتان . .