بسم الله و الصلاة والسلام على رسول الله اما بعد:
كان بنو ربيعة بن نزار وبطونها من تغلب وبكر وغيرهم يعيشون جنبا الى جنب في دارواحدة في تهامة وسائر قبائل معد ولد عدنان قبل تفرقها بعد توسعهم وانتشارهم بحثاعن الكلأ والمرعى وساعد في ذلك التفرق الحروب والاحداث الاخرى،فبقي منهم من بقي وانتقلت منهم بطون الى الحجاز ونجد واليمامة والبحرين وعمان وشمال الجزيرة العربية والعراق والشام،وكانت قبائل الازد القحطانية الكريمة مجاورة لربيعة في تهامة واليمن والسراة(سراة عسير الهول)، وحدثت بينهم الكثير من الاحداث التي ذكرت في كتب التاريخ مابين حرب وسلم و امتدت العلاقة بينهم الى ان كونوا حلفا امتد تاريخيا الى يومنا هذا وكان قائما بين الازديين والربعيين ايضا في الجزيرة الفراتية والشام.
واوثق دليل على هذا الحلف في زماننا هذا في ارض الجزيرة العربية هما قبيلتا الدواسر العريقة بجذميها الازدي(آل زايد) والتغلبي(آل تغلب)، و قبيلة عسير الهول في السراة وتهامة بفرعيها الازدي القحطاني وبني وائل ربيعة ورفيدة ومعهم اكلب وبنو شعبة في تهامة وغيرها من البطون الربعية في عسيروجازان وحتى اليمن.
ولكن من خلال اطلاعي على بعض المواضيع التاريخية عن بنو ربيعة بن نزار نجد ان هناك من يحاول ابعاد بنو ربيعة عن تلك الديار وايهام القارئ بأن ربيعة منذ الازل وهي في شمال الجزيرة ولاوجود لهم في جنوبها وان الحلف الربعي الازدي للقبائل التي ذكرتها لا صحة له وكأنه من المستحيلات..؟
وهذا تناقض عجيب من اصحاب تلك الاراء ومحاولتهم لفصل ربيعة عن تلك الديار غير منطقي لان وضع بنو ربيعة اليوم هو امتداد للماضي وماحدث من احداث في ذلك زمان هو سبب تغيير او تفرق ربيعة اليوم..
ولكن الفاصل دائما في هذه الامورهو شهادة التاريخ، لذلك احببت ان اسلط الضؤ على هذا الحدث التاريخي واثبت للقارئ مدى العلاقة بين الازديين والربعيين وانها ليست مجرد احداث عادية بل هوحلف ومصاهرة ومواثيق بين الطرفين.
صفة جزيرة العرب الهمداني
أنه سمع عبد الله بن عباس بن عبد المطلب وسأله رجل عن ولد نزار ابن معد قال: هم أربعة مضر وربيعة وإياد وانمار، فكثر أولاد معد بن عدنان ابن أدد ونموا وتلاحقوا ومنازلهم مكة وما والاها من تهامة وانتشروا فيما يليهم من البلاد وتنافسوا في المنازل والمحال، وأرض العرب يومئذ خاوية وليس فيها بتهامتها ونجدها وحجازها وعروضها كثير أحد لإخراب بخت نصرّ آيها وإجلاء أهلها إلا من كان اعتصم منهم برؤوس الجبال وشعابها ولحق بالمواضع التي لا يقدر عليه فيها أحد منتكبا لمسالك جنوده ومستنّ خيوله فارّا إليها منهم، فاقتسموا الغور غور تهامة بينهم على سبعة أقسام لكل قسم ما يليه من ظواهر الحجاز ونجد وتهائم اليمن لمنازلهم ومجالهم ومسارح إنعامهم ومواشيهم...
تاريخ الرسل والملوك الطبريت310هـ
فحُدّثت عن هشام بن محمد، قال: لما مات بختنصّر انضمّ الذين كان أسكنَهم الحيرة من العرب حين أمر بقتالهم إلى أهل الأنبار وبقيَ الحيرُ خراباً، فغَبرُوا بذلك زماناً طويلاً، لا تطلع عليهم طالعة من بلاد العرب، ولا يقدَم عليهم قادم، وبالأنبار أهلها ومن انضم إليهم من أهل الحيرة من قبائل العرب من بني إسماعيل وبني معدّ بن عدنان؛ فلما كثر أولاد معدّ بن عدنان ومَنْ كان معهم من قبائل العرب، وملئوا بلادهم من تِهامة وما يليهم، فرّقتهم حروب وقعت بينهم، وأحداث حدثت فيهم، فخرجوا يطلبون المتّسع والريف فيما يليهم من بلاد اليمن ومشارف الشأم، وأقبلت منهم قبائل حتى نزلوا البحرين، وبها جماعة من الأزّد كانوا نزلوها في دهر عمران بن عمرو، من بقايا بني عامر، وهو ماء السماء بن حارثة، وهو الغِطْريف بن ثعلبة بن امرئ القيس بن مازن بن الأزد.
قال: ولما لم تتناه جرهم عن بغيها، وتفرق أولاد عمرو بن عامر من اليمن، فانخرع بنو حارثة بن عمرو، فأوطنوا تهامة - فسميت خزاعة، وهم بنو عمرو بن ربيعة بن حارثة - وأسلم ومالك وملكان بنو أفصى بن حارثة، فبعث الله على جرهم الرعاف والنمل، فأفناهم. فاجتمعت خزاعة ليجلوا من بقى، ورئيسهم عمرو بن ربيعة بن حارثة، وأمه فهيرة بنت عامر بن الحارث ابن مضاض، فاقتتلوا.
وقام عليه السلام، وقد عادت الحرم إلى أصلها، فأحكمها الله وأبطل النسئ؛ فلما كثرت معد تفرقت، فذلك قول المهلهل:
غنيت دارنا فيتهامةفيالدهر=وفيها بنومعـدٍحـلـولا
العقد الفريدابن عبد ربه الأندلسي (ت 328 هـ)
أبو المُنذر هشام بن محمد بن السائب قال: لم تَجتمع مَعد كلها إلاّ على ثلاثة رَهط من رؤساء العرب، وهم: عامر وربيعة وكُليب.
فالأول: عامر بن الظَّرب بن عمرِو بن بكر بن يَشكر بن الحارث، وهو عَدْوان بن عمرو بن قيس بن عَيلان، وهو النَاس بن مُضر. وعامر بن الظرب هو قائد معد يوم البَيداء، حين تَمَذْحجت مَذْحج، وسارت إلى تِهامه، وهي أول وَقْعة كانت بين تهامة واليمن.
والثاني: ربيعة بن الحارث بن مُرة بن زهير بن جُشم بن بكر بن حُبَيب ابن كعب، وهو قائد معدّ يوم السُّلان، وهو يوم كان بين أهل تهامة واليمن. والثالث: كُليب بن ربيعة، وهو الذي يُقال فيه: أعزّ من كليب وائل. وقاد معدَاً كلها يوم خَزار، ففصّ جُموع اليمن، وهَزمهم. فاجتمعت عليه معدّ كُلها، وجعلوا له قسمِ الملك، وتاجَه وتحيّته وطاعته. فغَبر بذلك حيناً من دهره، ثم دخله زهوٌ شديد، وبغى على قومه لما هو فيه من عِزّة وانقياد معدّ له، حتى بلغ من بَغيه أنه كان يَحمي مواقع السحاب، فلا يُرعى حِماه، ويُجير على الدَهر فلا تُحفر ذمّته، ويقول: وَحش أرض كذا في جواري فلا يُهاج، ولا تورد إبلُ أحدٍ مع إبله، ولا توقد نار مع ناره، حتى قالت العرب: أعزُّ من كليب وائل. وكانت بنو جُشم (تغلب)وبنو شَيبان(بكر) في دار واحدة بتِهامة، وكان كُليب بن وائل قد تزوّج جَليلة بنت مُرة بن ذُهل بن شَيبان..
ووقعت الحربُ بينهم.ولحقت جليلةُ زوجةُ بأبيها وقومها. ودعت تغلب النمرَ بن قاسط فانضمّت إلى بني كُليب وصاروا يداً معهم على بكر، ولحقت بهم غُفَيلة ابن قاسط، واعتزلت قبائل بكر بن وائلِ وكَرِهوا مُجامعة بني شَيبان ومُساعدتهم على قتال إخوتهم، وأعظموا قتلَ جسّاس كُليباً رئيسهم بناب من الإبل. فظَعنت لجيم عنهم، وكفّت يَشْكر عن نُصرتهم، وأنقبض الحارث بن عُباد في أهل بيته. وهو أبو بُجير وفارس النَّعامة. وقال المُهلهل يرثي كُليباً:
بِت ليلي بالأنْعَـمـين طـويلاً =أرقب النجم سهـراً أن يزولا
كيف أهَـدَأ ولا يزال قَـتـيلٌ =من بني وائل ينسـي قـتـيلا
غَنِيت دارناتهـامةفـيالـدهر =وفيها بنومـعـدحـلـولا
فتساقَوْا كأساً أمرت عـلـيهـم =بينهم بقتل العـزيز الـذلـيلا
فَصَبحْنا بني لُجـيم بـضَـرب =يترك الهم وقعـه مـفـلـولا
لم يُطيقوا أن يَنْزلوا ونـزَلـنـاً =وأخو الحرب من أطاق النزولا
انتضَوْا مَعْجِس القسي وأبْـرقنا =كما تـوعـد الـفـحـولا
قَتلوا ربَّهم كُلـبـاً سَـفـاهـاً =ثم قالوا ما نـخـاف عـويلا
كَذبوا والحرام والحِـلِّ حـتـى =نسلب الخدر بيضة المحجـولا
ويموت الجَنين في عاطفِ الرحم =ونروي رماحناوالـخـيولا
التنبيه والإشراف المسعودي346هـ
ولم يزل من وصفنا من قبائل العرب يؤرخون بالأمور المشهورة من موت رؤسائهم ووقائع وحروب كانت بينهم إلى أن جاء الله بالإسلام فأجمع المسلمون على التأريخ من الهجرة على ما نحن ذاكروه فيما يرد من هذا الكتاب في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد ذهب قوم من أصحاب السير والآثار إلى أن آدم لما هبط من الجنة وانتشر ولده أرخ بنوه من هبوطه، فكان ذلك هو التاريخ حتى بعث الله نوحاً فأرخوا من مبعثه حتى كان الطوفان فكان التاريخ منه إلى نار إبراهيم، فلما كثر ولد إبراهيم افترقوا فأرخ بنو إسحاق من نار إبراهيم إلى يوسف، ومن يوسف إلى مبعث موسى ومن مبعث موسى إلى ملك داود وسليمان، وما كان بعد ذلك من الكوائن والأحداث وأرخ بنو إسماعيل من بناء البيت حين بناه إبراهيم وإسماعيل فلم يزالوا يؤرخون بذلك حتى تفرقت معد، وكان كلما خرج قوم من تهامة أرخوا بمخرجهم، ومن بقي بتهامة من بني إسماعيل يؤرخون بخروج آخر من خرج منها.
معجم ما استعجم (أبو عبيد البكريت 487هـ)
قال: وكان جابر بن جشعم بن معد، ومضر وربيعة وإياد وأنمار، بنو نزار بن معد بن عدنان، بمنازلهم من تهامة وما يليها من ظواهر نجد، فأقاموا بها ما شاء الله أن يقيموا، ثم أجلت بجيلة وخثعم ابنا أنمار بن نزار بلادهم.
فلم يبقى بتهامة وغورها من ولد عدنان إلا مضر وربيعة ومن كان معهم أو دخيلا فيهم أو مجاورا لهم.
. قال ابن شبه: وإلا قسى بن منبه بن النبيت ابن منصور بن يقدم بن أفصى بن دعمى بن أياد، فانه أقام بالطائف في نفر من اصهاره ، عدوان بن قيس بن عيلان، على ما تقدم إيراده ، فكثروا وتضايقوا في منازلهم، فأنتشرت ربيعة فيما يليهم من بلاد نجد وتهامة، فكانت بقرن المنازل وحضن وعكابة ور كبة وحنين وغمرة أوطاس وذات عرق والعقيق وما والاها من نجد، معهم كندة، يغزون معهم المغازي، ويصيبون الغنائم، ويتناولون أطراف الشام وناحية اليمن ويتعدون في نجعهم
ودخلت قبائل من ربيعة ظواهر بلاد نجد والحجاز وأطراف تهامة وما والاها من البلاد، وانتشروا فيها، فكانوا بالذنائب وواردات والاحص وشبيث وبطن الجريب والتغملين وما بينها وحولها من المنازل. وتيامنت قبائل من ربيعة إلى بلاد اليمن، فحالفت أهله. وبقوا على أنسابهم، منهم أكلب بن ربيعة بن نزار، نزلت ناحية تثليث من اليمن وما والاها، فجاورت خثعم وحالفوهم، وصاروا يدا واحدة معهم على من سواهم.
وقال رجل من خثعم ثم من شهر أن ينفي أكلب بن ربيعة
ما أكلب منا ولا نحن منهـم= وما خثعم يوم الفخار وأكلب
قبيلة سوء من ربيعة أصلها=وليس لها عم لدينا ولا أ
فأجابه الاكلبي:
إني من القوم الذين نسبـتـنـي = إليهم كريم الجد والعـم والاب
فلو كنت ذا علم بهم ما نفينتنـي = إليهم ترى أني بذلك أثـلـب
فإلا يكن عماي حلفا ونـاهـيا = فأني أمرؤ عماي بكر وتغلـب
أبونا الذي لم تركب الخيل قبلـه = ولم يدر مرء قبله كيف يركب
وتيامنت عنز أيضا، فصارت حلفاء لخثعم، وعنز: هو عبد الله بن وائل بن قاسط،وأقامت سائر قبائل ربيعة، من بكر وتغلب وغفيلة وعنزة وضبيعة في بلادهم، من ظواهر نجد والحجاز وأطراف تهامة، حتى وقعت الحرب بينهم في قتل جساس بن مرة بن ذهل بن شيبان كليب بن ربيعة، وانضمت النمر وغفيلة إلى تغلب، فصاروا معهم، ولحقت عنزة وضبيعة ببكر بن وائل، فلم تزل الحروب والوقائع تنقلهم من بلد إلى بلد، وتنفيهم من ارض إلى أرض، وتغلب في كل ذلك ظاهرة على بكر، حتى التقوا يوم قضة، وقضة: عقبة في عارض اليمامة، وعارض: جبل، وقضة من اليمامة على ثلاث ليال، وذلك يوم التحالق، فكانت الدبرة لبكر على بني تغلب فتفرقوا على ذلك اليوم وتلك الوقعة، وتبددوا في البلاد، أعني بني تغلب، وانتشرت بكر بن وائل وعنزة وضبيعة باليمامة، فيما بينها وبين البحرين، إلى أطراف سواد العراق ومناظرها، وناحية الابله، إلى هيت وما والاها من البلاد، وانحازت النمر وغفيلة إلى أطراف الجزيرة وعانات وما دونها، إلى بلاد بكر بن وائل وما خلفها من بلاد قضاعة، من مشارق الأرض، فقال الاخنس بن شهاب التغلبي، وكان رئيسا شاعرا، يذكر منازل القبائل:
لكل أناس مـن مـعـد عـمـارة= عروض إليها يلجـئون وجـانـب
لكيز لها البحران والسـيف كـلـه= وإن يغشيها بأس من الهند كـارب
تطاير على أعجاز حوش كـأنـهـا= جهـام أراق مـاءه فـهــو آئب
وبكر لها بر الـعـراق وإن تـشـأ= يحل دونها من اليمـامة حـاجـب
وصارت تميم بـين قـف ورمـلة= لها من جبال منتـأى ومـذاهـب
وكلب لها خبـت ورمـلة عـالـج= إلى الحرة الرجلاء حيث تحـارب
وبهراء حي قد علمنا مـكـانـهـم= لهم شرك حول الرصـافة لاحـب
وغارت إياد بـالـسـواد ودونـهـا= برازيق عجم تبتغي من تضـارب
ونحن أناس لا حجـاز بـأرضـنـا= مع الغيث ما نلقي ومن هو عازب
معجم البلدان ياقوت الحمويت626هـ
وكان بنو مَعَد نزولاً بتهامة وما والاها من البلاد ففرقَتهم حروب وقعت بينهم فخرجها يطلبون المتسع والريف فيما يليهم من بلاد اليمن ومشارف أرض الشام وأقبلت منهم قبائل حتى نزلها البحرَين وبها قبائل من الأزد كأنها نزلوها من زمان عمرو بن عامر بن ماء السماء بن الحارث الغطريف بن ثعلبة بن امرىء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد ومازن هو جماعُ غسانَ وغسانُ ماء شرب منه بنو مازن فسمها غسان ولم تشرب منه خزاعة ولا أسلمُ ولا بارق رلا أزد عمان فلا يقال لواحد من هذه القبائل غسان وإن كأنوا من أولاد مازن.وقال:ويوم السلان أيضاً قبل هذا بين مَعد ومذحج وكلب يومئذ معديون وشهدها زهير بن جناب الكلبي. فقال:
شهدت الموقدين على خزاز= وفي السلآن جمعاً ذا زُهاءٍ
وقال غير أبي أحمد قيل السلان هي أرض تهامة مما يلي اليمن كانت بها وقعة لربيعة على مذحج.
وقال في الجامع السلان واد فيه ماء وحلفاء وكان فيه يوم بين حمير ومذحج وهمدان وبين ربيعة ومُضر وكانت هذه القبائل من اليمن بالسلأن وكانت نزار على خزاز وهوجبل بإزاء السلأن وهو ما بين الحجاز واليمن والله أعلم.
واشار ابن سعيد الى وجود بطون وائلية في اليمن أي جنوب الجزيرة العربية ونقل عنه ابن خلدون:
تاريخ ابن خلدون
(قال ابن سعيد: وجزيرة العرب في الإقليم الأول، ويحيط بها البحر الهندي من جنوبها، وبحر السويس من غربها، وبحر فارس من شرقها. وكانت اليمن قديما للتبابعة، وهي أخصب من الحجاز، وأكثر أهلها القحطانية، وفيها من عرب وائل..).
[SIZE=4]يتبع..[/