بسم الله الرحمن الرحيم
الإيمان باليوم الآخر:
الإيمان باليوم الآخر ركن من أركان العقيدة يجب التصديق به لا محالة ، ويدخل في ذلك : الإيمان بأشراط الساعة ، وأماراتها التي تكون قبلها لا محالة وبالموت وما بعده من فتنة القبر وعذابه ونعيمه ، وبالنفخ في الصور، وخروج الخلائق من القبور وما في موقف القيامة من الأهوال ، والأفزاع ، وتفاصيل الحشر ، ونشر الصحف ، ووضع الموازين وبالصراط والحوض والشفاعة لمن أذن الله ، وبالجنة ونعيمها وبالنار وعذابها ، وغيرها من الأمور التي ورد ذكرها في القُرآن أو في الصحيح من السنة.
الأدلة على الإيمان باليوم الآخر
الأدلة النقليّة:
1- إخباره تعالى عن اليوم الآخر: ( ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيدا ) سورة النساء 336
وقوله: ( إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون * أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون ) سورة يونس 7-8
وقوله سبحانه وتعالى: ( إنما توعدون لصادق * وإن الدِينَ لَوَاقع ) سورة الذاريات 5
وقوله: ( وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ) سورة الحج 7
وقوله تعالى: ( زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قُل بلى وربي لََتبعَثُنّ ثم لتنبّؤنّ بما عملتم وذلك على الله يسير ) سورة
التغابن 7
وقوله: ( ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون * ليوم عظيم * يوم يقوم الناس لرب العالمين ) سورة المطففين 5
وقوله : ( لا أقسم بيوم القيامة * ولا أقسم بالنفس اللوامة * أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه * بلى قادرين على أن يسوي بنانه)سورة القيامة 1 – 4
وقوله: ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون * ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين * إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول كن فيكون ) سورة النحل 38 – 40
وغيرها من الآيات .
2- إخباره صلى الله عليه وسلم لما قال له جبريل عليه السلام : أخبرني عن الإيمان قال: ( أن تُؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه، ورُسُله ، واليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره ) رواه البخاري ومسلم ، ونحو ذلك كثير وكثير.
3- اتفاق جميع الأديان السماوية ، وإيمان الملايين من الأنبياء ، والمرسلين ، والحكماء ، والعلماء ، والصالحين من عباد الله ، باليوم الآخر وبكل ما ورد فيه ، وتصديقهم الجازم بذلك.
الأدلة العقليّة:
1- صلاح قدرة الله الخالق على إعادة الخلائق بعد فنائهم ، لأن إعادتهم ليست بأصعب من خلقهم ، وإيجادهم على غير مثال السابق.
2- تأكدنا من صدق الرسول صاحب الآيات والمعجزات التي تشهد للعقول بصدق رسالته ، وعلمنا أن الله أسرى
برسول الله ، فرأى الجنة والنار، وحمل إلينا كلام الله، الذي خلق الحياة الدنيا ، والحياة الأخرى ، وأخبرنا عن الحياة التي تنتظرنا بعد موتنا.
فعلمنا بالدار الآخرة جاءنا من أوثق المصادر ، من الذي خلق الدنيا والآخرة ، ومن رسوله الذي رأى الجنة والنار ، ذلك وعد الله والله لا يخلف الميعاد.
3- ولقد أخبرنا رسوله الله بأمارات ستقع في الدنيا ، تكون علامة على قرب الساعة فشاهدنا الكثير منها .
وما شاهدنا من علامات الساعة يؤكد لنا صدق ما أخبرنا الرسول به عن الساعة والآخرة ، وكما رأينا هذه العلامات في الدنيا حقاً بعد ألف وأربعمائة عام فسنرى الجنة والنار حقا ، يقول الله تعالى: ( ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذّن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين ) سورة الأعراف 44
4- خالق الإنسان أكمل من الإنسان ، والإنسان يُحب العدل ، ولا شك أن الله هو الذي خلق العدل في الأوليين والآخرين ، وما عدل الناس جميعا إلا قبس من عدل الله ، فالله هو العدل الحكيم.
ومن العدل أن يثاب المُحسن ، ويعاقب المُسيء ، ولكن هذه الدنيا لا يتحقق العدل فيها – وقد علمنا عدل الله – لذلك تجزم العقول بأن الله لا بد أن يُقيم موازين العدل في حياة أُخرى ، قال تعالى : ( أفَنَجْعَلُ المسلمين كالمجرمين * ما لكم كيف تحكمون ) سور( ن ) 35 - 36
ويقول سبحانه: ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلك نفس شيئا.. ) سورة الأنبياء 47
5- وإذا نظرنا إلى خلق السموات والأرض نجد أن كل شيء قد وضع في مكانه اللائق به ، فالسماء وما فيها من نجوم
وكواكب ، وليل ونهار ، والأرض وما فيها من نبات وحيوان ، وإنسان ، وجماد ، وكل شيء قد وضع في مكانه اللائق به بالحق.
فالقلب في مكانه والعين في مكانها والورقة في مكانها على الشجر، والزهرة في مكانها، وهكذا.
ولا نجد مُخالفة للحق في الأرض والسماء إلا في حال الإنسان ، فنجد الظالم في غير مكانه ، وقد نجد النبي المرسل مطارد يؤذيه السفهاء.
فلماذا لا نرى الحق قائماً في حياة الناس ، كما قام في خلق الأرض والسماء ؟؟
إن العقول تدلنا على أن الذي خلق السموات والأرض بالحق ، لا بد أن يقيم الحق في أحوال الناس ، وإذا كان هذا لا يكون في الدنيا نظراً لكونها دار ابتلاء وامتحان... فلا بد أنه يتحقق في الدار الآخرة ، قال تعالى : ( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا و عملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون * وخلق الله السموات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون) سورة الجاثية 21 – 22
6- وإذا تأمل الإنسان كيف حَفِظَهُ الله وهو نطفة من ماء مهين، أو هو علقة كما تولى الله حِفْظَه سبحانه طوال حياته ، من تأمل هذا تأكد أن الله لا يضيع الإنسان بالموت، ويجعله يذهب سُدى ، فالحكيم الذي يحفظ الأجزاء الصغيرة لا يضيع الخِلْقَةَ التامة، قال تعالى: ( أيحسب الإنسان أن يترك سُدى * ألم يك نُطفة من منيٍ يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى * أليس ذلك بقادر على أن يحْيِيَ الموتى ) سورة القيامة 36 – 40
منقول
من كتاب الإيمان
للشيخ: عبد المجيد الزنداني