08-02-2007, 10:08 AM | #1 | ||
|
كشف شبهات الرافضة ، للشيخ سليمان الخراشي.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذا البحث منقول من موقع الكاشف للشيخ سليمان بن صالح الخراشي ( شفاه الله و عافاه ) كشف الشبهات الرافضية الشبهة(1):احتجاجهم بحديث " أنت مني بمنزلة هارون من موسى" الشبهة(2):احتجاجهم بآية المباهلة . الشبهة(3):احتجاجهم بحديث: "من كنت مولاه فعلي مـولاه، اللهـم والِ من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خـذله وأدر الحق حيث ما دار . الشبهة(4):احتجاجهم بحديث ( غدير خم ) . الشبهة(5): احتجاجهم بحديث: "أقضاكم علي" . الشبهة(6):احتجاجهم بحديث: "أنا مدينة العلم وعلي بابها" . الشبهة(7):احتجاجهم بحديث الطير . الشبهة(8):احتجاجهم بقوله تعالى: (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) . الشبهة(9): احتجاجهم بسورة: (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ) . الشبهة(10):ادعاؤهم أن عليًا رضي الله عنه أعلم الصحابة . الشبهة(11): زعمهم أن عليًا رضي الله عنه أكثر الصحابة جهادًا . الشبهة(12):زعمهم أن عليًا رضي الله عنه أقرأ الصحابة للقرآن . الشبهة(13):زعمهم أن عليًا رضي الله عنه أزهد الصحابة . الشبهة(14):زعمهم أن عليًا رضي الله عنه أكثر الصحابة صدقة . الشبهة(15):زعمهم أن عليًا رضي الله عنه أسوس الصحابة . الشبهة(16):زعمهم أن عليًا رضي الله عنه أتقى الصحابة . الشبهة(17):قولهم: لو كانت إمارة أبي بكر حقًا لما تأخر علي رضي الله عنه عن بيعته إلى ستة أشهر . الشبهة(18):زعمهم أن صحبة أبي بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في الغار نقيصة؛ لأنه نهاه عن الحزن . الشبهة(19):زعمهم أن الإمامة أهم مطالب الدين . الشبهة(20):ادعاؤهم منع أبي بكر فاطمة ميراثها . الشبهة(21):زعمهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال عن علي رضي الله عنه : إنه فاروق أمتي . وأن المنافقين ماكانوا يُعرفون إلا ببغضه . الشبهة(22):طعوناتهم في عائشة رضي الله عنها . الشبهة(23): قولهم : «إن المسلمين أجمعوا على قتل عثمان» !! الشبهة(24):احتجاجهم بحديث : " أنت أخي ووصيي " . الشبهة(25):احتجاجهم بحديث المؤاخاة . الشبهة(26):احتجاجهم بحديث " لأعطين الراية .. " . الشبهة(27):احتجاجهم بحديث " .. إن عليًا مني وأنا منه .." . الشبهة(28):احتجاجهم بحديث الثقلين . الشبهة(29):احتجاجهم بحديث : "مـن أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما " . الشبهة(30): طعوناتهم في أبي بكر - رضي الله عنه - . الشبهة(31): طعوناتهم في معاوية - رضي الله عنه - . ثم سيأتيك الرد عليها تفصيلاً
|
||
|
08-02-2007, 10:09 AM | #2 | ||
|
رد: كشف شبهات الرافضة ، للشيخ سليمان الخراشي.
الشبهة(1): احتجاجهم بحديث " أنت مني بمنزلة هارون من موسى - عليه السلام "
قال عبدالله بن الحسين السويدي في مناظرته مع أحد علماء الشيعة : قال – أي الشيعي - : قبل تحرير البحث أسألك هل قوله r لعليّ: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي" ثابت عندكم؟ فقلت: نعم، إنه حديث مشهور. فقال: هذا الحديث بمنطوقه ومفهومه يدل دلالةً صريحة على أن الخليفة بالحق بعد النبي r علي بن أبي طالب. قلت: ما وجه الدليل من ذلك؟ قال: حيث أثبت النبي لعليٍّ جميع منازل هارون، ولم يستثن إلا النبوة – والاستثناء معيار العلوم – فثبتت الخلافة لعلي لأنها من جملة منازل هارون. فإنه لو عاش لكان خليفة عن موسى. فقلت: صريح كلامك يدل على أن هذه القضية موجبة كلية، فما سُور هذا الإيجاب الكلي؟ قال: الإضافة التي في الاستغراق بقرينة الاستثناء. فقلت: أولاً إن هذا الحديث غير نص جلي، وذلك لاختلاف المحدِّثين فيهن فمن قائل إنه صحيح، ومن قائل إنه حسن ومن قائل إنه ضعيف، حتى بالغ ابن الجوزي فادعى أنه موضوع. فكيف تثبتون به الخلافة وأنتم تشترطون النص الجلي؟! فقال: نعم، نقول بموجب ما ذكرت. وإن دليلنا ليس هذا، وإنما هو قوله r: "سلموا على عليّ بإمرة المؤمنين"، وحديث الطائر. ولأنكم تدعون أنهما موضوعان فكلامي في هذا الحديث معكم. لمَ لم تثبتوا أنتم الخلافة لعلي به؟ قلت: هذا الحديث لا يصلح أن يكون دليلاً.. من وجوه: منها أن الاستغراق ممنوع؛ إذ من جملة منازل هارون كونه نبياً مع موسى، وعليّ ليس بنبي باتفاق منا ومنكم، لا مع النبي r ولا بعده، فلو كانت المنازل الثابتة لهارون – ما عدا النبوة بعد النبي r - ثابتة لعلي لاقتضى أن يكون علي نبياً مع النبي r لأن النبوة معه لم تستثنَ وهي من منازل هارون عليه السلام وإنما المستثنى النبوة بعده. وأيضاً من جملة منازل هارون كونه أخًّا شقيقاً لموسى، وعلي ليس بأخ، والعام إذا تخصص بغير الاستثناء صارت دلالته ظنية، فليحمل الكلام على منزلة واحدة كما هو ظاهر التاء التي للوحدة، فتكون الإضافة للعهد وهو الأصل فيها، و"إلا" في الحديث بمعنى "لكن" كقولهم: فلان جواد إلا أنه جبان، أي لكنه. فرجعت القضية مهملة يراد منها بعض غير معين فيها وإنما نعينه من خارج، والمعين هو المنزلة المعهودة حين استخلف موسى هارون على بني إسرائيل، والدال على ذلك قوله تعالى: ]اخلفني في قومي [ ومنزلة عليّ هي استخلافه على المدينة في غزوة تبوك. فقال الملا باشي: والاستخلاف يدل على أنه أفضل وأنه الخليفة بعد. فقلتُ: لو دلّ هذا على ما ذكرتَ، لاقتضى أن ابنَ أمَّ مكتوم خليفةٌ بعد النبي r، لأنه استخلفه على المدينة. واستخلف أيضاً غيره، فلمَ خصصتم عليًّا بذلك دون غيره مع اشتراك الكل في الاستخلاف؟ وأيضاً لو كان هذا من باب الفضائل لما وجد عليٌّ في نفسه وقال "أتجعلني مع النساء والأطفال والضعفة" فقال النبي r تطييباً لنفسه: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟". فقال: قد ذكر في أصولكم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. قلت: إني لم أجعل خصوص السبب دليلاً، وإنما هو قرينة تعين ذلك البعض المهم. فانقطع... ( المرجع : الخطوط العريضة ، محب الدين الخطيب ، ص 76-78) . وقال أبو حامد المقدسي ردًا على هذه الشبهة : جوابه: سلمنا أن هذا حديث صحيح رواه البخاري وغيره وليس للرافضة حديث صحيح غيره ولكن معناه أن التشبيه له بهارون (عليه السلام إنما هو) في الاستخلاف خاصة لا من كل وجه وهو أمر مشترك بينه وبين غيره. قد شبّه النبيصلى الله عليه وسلم (في الحديث الصحيح) أيضاً أبا بكر رضي الله عنه بإبراهيم وعيسى عليهما السلام وشبه عمر رضي الله عنه بنوح وموسى عليهما السلام كما أشارا عليه في أسارى بدر هذا بالفداء وهذا بالقتل ولا شك أن هذا أعظم من تشبيه علي بهارون ولم يوجب ذلك أن يكون بمنزلة أولئك الرسل عليهم الصلاة والسلام مطلقاً ولكن شابه في شدته في الله وهذا في لينه في الله وتشبيه الشيء بالشيء لمشابهته في بعض الوجوه كثيرة في الكتاب والسنة وكلام العرب. وأما هو معارض بما رواه الشيخ الإمام العارف بالله العلي أبو محمد روزبهان البقلي رحمه الله عليه في كتابه المكنون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر وعمر: أنتما مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. كما قال ذلك لعلي. وحينئذ فلا خصوصية (وقال فيه إشارة إلى أن هؤلاء السادة الثلاثة أعطاهم الله تعالى ما أعطى نبي الله هارون عليه السلام دون النبوة وجبريل وميكائيل دون الملائكة. كما قال عليه السلام: "إن لي وزيرين في السماء ووزيرين في الأرض فوزيرا السماء جبريل وميكائيل، ووزيرا الأرض أبو بكر وعمر" وفيه أن الولاية قريب من النبوة والملكية). وكذلك هو معارض لقوله صلى الله عليه وسلم: "خلقت أنا وأبو بكر وعمر من طينة واحدة" وهذا حديث صحيح رواه الشيخ الإمام محي الدين أبو محمد إبراهيم الفاروقي الواسطي رحمه الله ويعضده حديث "ما من ميت يموت إلا يدفن بالتربة التي خلق منها" وإذا خلقا رضي الله عنهما من طينة صلى الله عليه وسلم فهما أولى بمماثلته باعتبار الخلقة وهذا فضيلة لا يشاركهما فيها غيرهما. فإن قيل ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: "خلقت أنا وعلي من نور واحد" وهو يدل على أفضلية هذا، وإن ثبت فهو لنا لأن النور أمر بالسجود لمن خلق من الطين كما في قصة الملائكة وآدم عليهم السلام، وهو يعارض بقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح: "لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة في الإسلام" أفضل ففيه دليل على تخصيص أبي بكر في أخوة الإسلام، وإلا لم يكن ثم فضيلة لأحد من المسلمين على أحد من المسلمين، وأيضاً قوله صلى الله عليه وسلم له: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى" إنما ورد على سبب وهو أنه صلى الله عليه وسلم قال لعلي (في غزوة تبوك في سنة تسع) لما استخلفه على المدينة فطعن بعض الناس وقالوا: إنما استخلفه لأنه يبغضه، وكان صلى الله عليه وسلم إذا خرج من المدينة استخلف عليها رجلاً من أمته، فلما كان عام تبوك لم يأذن لأحد من المؤمنين القادرين على الغزو في التخلف عنها بلا عذر، ولم يتخلف بلا عذر إلا عاص لله ورسوله فكان استخلافه عليًّا رضي الله عنه فيها استخلافاً ضعيفاً، فطعن فيه المنافقون لهذا السبب فبين له صلى الله عليه وسلم: أني لم أستخلفك لبغض لك عندي فإن موسى عليه السلام استخلف هارون عليه السلام وهو شريكه في الرسالة، أَمَا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى فتخلفني في المدينة كما خلف هارون أخاه موسى. ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان قد استخلف غيره قبله وكان أولئك منه بهذه المنزلة يكن هذا من خصائص علي رضي الله عنه ولو كان هذا الاستخلاف أفضل من غيره لم يخف فيه عليه ولم يخرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبكي ويقول: تخلفني في النساء والذرية والصبيان. ولما رجع الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه الغزوة أمر أبا بكر رضي الله عنه على الحج في أواخر سنة تسع ثم أردفه بعلي رضي الله عنه فلما لحقه قال له أبو بكر رضي الله عنه: أميراً أو مأموراً؟ فقال علي: بل مأموراً فكان أبو بكر يصلي بعلي وغيره ويأمر عليًّا وغيره من الصحابة رضي الله عنهم يطيعون أبا بكر رضي الله عنه وأما علي رضي الله عنه فنبذ العهود والتي كانت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين لأن العادة من العرب كانت جارية أنه لا يعقد العقود ولا يحلها إلا رجل من أهل بيت المطاع ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: لا يبلغ عني إلا رجل من أهل بيتي لأجل العادة الجارية بذلك [وفي رواية نزل جبريل وقال: يبلغ رجل منك. قالوا: هذا يدل على تقدم علي]. ولم يكن هذا أيضاً خصائص علي رضي الله عنه بل أي رجل من المعترة نبذ العهد حصل به المقصود، ولكن علي رضي الله عنه كان أفضل بني هاشم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكان أحق بالتقدم من سائر الأقارب ولما أمر أبا بكر عليه علي أنه لا دلالة فيه على أنه بمنزلة هارون من موسى من كل وجه إذ لو كان كذلك لم يقدم عليه أبا بكر رضي الله عنه في الحج ولا في الصلاة كما أن هارون لم يكن موسى يقدم عليه غيره فالتشبيه به في الاستخلاف خاص كما قررنا. وقال الإمام الحافظ البيهقي رضي الله عنه في كتاب الاعتقاد عقب الحديث المذكور لا يعني به (موسى عليه السلام) استخلاف (عليًّا) بعد وفاته وإنما يعني به استخلافه على المدينة عند خروجه إلى الطور وكيف يكون المراد به الخلافة بعد موته وقد مات هارون قبل موسى عليهما السلام؟! وكذا قال شيخ الإسلام محي الدين النووي في شرح صحيح مسلم في هذا الحديث: "إثبات فضيلة لعلي رضي الله عنه لا يعرض فيه لكونه أفضل من غيره أو مثله وليس فيه دلالة لاستخلافه بعده لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال هذا لعلي رضي الله عنه حين استخلفه على المدينة في غزوة تبوك ويؤيد هذا أن هارون المشبه به لم يكن خليفة بعد موسى بل توفي في حياة موسى قبل وفاة موسى نحو أربعين سنة على ما هو المشهور عند أهل الأخبار والقصص وقالوا إنما استخلفه حين ذهب لميقات ربه للمناجاة". قال الشيخ الإمام أبو محمد إبراهيم الفاروقي رحمه الله: إن مفهوم الحديث يدل على خلافة أبي بكر رضي الله عنه لأن يوشع بن نون كان الخليفة بعد موسى عليهما السلام فكذلك أبو بكر رضي الله عنه. وليس معناه أن عليًّا أخًّا للنبي صلى الله عليه وسلم من النسب إذ لو كان كذلك لما جاز أن يتزوج من ابنته فاطمة رضي الله عنها فلم يبق إلا ما ذكرنا. ( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 201 – 212 ) . وقال شيخ الإسلام ردًا على هذه الشبهة : قال الرافضي: الثالث: قوله أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي. [أثبت له «عليه السلام» جميع منازل هارون من موسى - عليه السلام - للاستثناء]. ومن جملة منازل هارون أنه كان خليفة لموسى، ولو عاش بعده لكان خليفة أيضاً، وإلا [لزم] تطرّق النقض إليه، ولأنه خليفته مع وجوده وغيبته مدة يسيرة، فبعد موته وطول مدة الغَيْبَة، أَوْلى بأن يكون خليفته». والجواب: أن هذا الحديث ثبت في الصحيحين بلا ريب وغيرهما، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قال له ذلك في غزوة تبوك. وكان صلى الله عليه وسلم كلما سافر في غزوة أو عُمرة أو حج يستخلف على المدينة بعض الصحابة، كما استخلف على المدينة في غزوة ذي أَمَرّ عثمان، وفي غزوة بني قَيْنُقاع بشير بن [عبد] المنذر، ولما غزا قريشاً ووصل إلى الفُرْع استعمل ابن أم مكتوم، وذكر ذلك محمد بن سعد وغيره. وبالجملة فمن المعلوم أنه كان لا يخرج من المدينة حتى يستخلف. ؟؟؟؟ المسلمون من كان يستخلفه، فقد سافر من المدينة في عُمرتين: عمرة الحديبية وعمرة القضاء. وفي حجة الوداع، وفي مغازيه – أكثر من عشرين غزاة – وفيها كلها استخلف، وكان بالمدينة رجال كثيرون مستخلف عليهم من يستخلفه، فلما كان في غزوة تبوك لم يأذن لأحد استخلف عنها، وهي آخر مغازيه صلى الله عليه وسلم، ولم يجتمع معه أحد كما اجتمع معه فيها، فلم يتخلف عنه إلا النساء والصبيان، أو من هو معذور لعجزه عن الخروج، أو من هو منافق، وتخلف الثلاثة الذين تِِيبَ عليهم، ولم يكن في المدينة رجال من المؤمنين يستخلف عليهم، كما كان يستخلف عليهم في كل مرة، بل كان هذا الاستخلاف أضعف من الاستخلافات المعتادة منه، لأنه لم يبق في المدينة رجال من المؤمنين أقوياء يستخلف عليهم أحداً، كما كان يبقي في جميع مغازيه، فإنه كان بالمدينة رجال كثيرون من المؤمنين أقوياء يستخلف عليهم من يستخلف، فكل استخلاف استخلفه في مغازيه، مثل استخلافه في غزوة بدر الكبرى والصغرى، وغزوة بني المصطلق، والغابة، وخيبر، وفتح مكة، وسائر مغازيه التي لم يكن فيها قتال، ومغازيه بضع عشرة غزوة، وقد استخلف فيها كلها إلا القليل، وقد استخلف في حجة الوداع وعمرتين قبل غزوة تبوك. وفي كل مرة يكون بالمدينة أفضل ممن بقي في غزوة تبوك، فكان كل استخلاف قبل هذه يكون عليٌّ أفضل ممن استخلف عليه عليًّا. فلهذا خرج إليه عليٌّ – رضي الله عنه – يبكي، وقال: أتخلّفني مع النساء والصبيان؟ وقيل: إن بعض المنافقين طعن فيه، وقال: إنما خلّفه لأنه يبغضه. فبيّن له النبي صلى الله عليه وسلم: إني إنما استخلفتك لأمانتك عندي، وهذا الاستخلاف ليس بنقص ولا غضٍّ، فإن موسى استخلف هارون على قومه، فكيف يكون نقصاً وموسى لَيَفْعَله بهارون؟ فطيَّب بذلك قلب عليّ، وبيّن أن جنس الاستخلاف يقتضي كرامة المستخلف وإمامته، لا يقتضي إهانته ولا تخوينه، وذلك لأن المستخلَف يغيب عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد خرج معه جميع الصحابة. والملوك – وغيرهم – إذا خرجوا في مغازيهم أخذوا معهم من يعظم انتفاعهم به، ومعاونته لهم، ويحتاجون إلى مشاورته والانتفاع برأيه بلسانه، ويده وسيفه. والمتخلف إذا لم يكن له في المدينة سياسة كثيرة لا يحتاج إلى هذا منه فظن من ظن أن هذا غضاضة من عليٍّ، ونقص منه، وخفض من منزلته، حيث لم يأخذه معه في المواضع المهمة، التي تحتاج إلى سعي واجتهاد، بل تركه في المواضع التي لا تحتاج إلى كثير سعي واجتهاد فكان قول النبي صلى الله عليه وسلم مبيّناً أن جنس الاستخلاف ليس نقصاً ولا غضًّا، إذ لو كان نقصاً أو غضاً لما فعله موسى بهارون، ولم يكن هذا الاستخلاف كاستخلاف هارون، لأن العسكر كان مع هارون، وإنما ذهب موسى وحده. وأما استخلاف النبي صلى الله عليه وسلم فجميع العسكر كان معه، ولم يُخَلَّف بالمدينة – غير النساء والصبيان – إلا معذورٌ أو عاصٍ. وقول القائل: «هذا بمنزلة هذا، وهذا مثل هذا» هو كتشبيه الشيء بالشيء. وتشبيه الشيء بالشيء يكون بحسب ما دلَّ عليه السياق، لا يقتضي المساواة في كل شيء. ألا ترى إلى ما ثبت في الصحيحين من قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأسارى لمّا استشار أبا بكر، وأشار بالفداء، واستشار عمر، فأشار بالقتل. قال: «سأخبركم عن صاحبيكم. مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم إذ قال: }فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{ [سورة إبراهيم: 36]، ومثل عيسى إذ قـال: }إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{ [سورة المائدة: 118]. ومثلك يا عمر مثل نوح إذ قال: }رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا{ [سورة نوح: 26]، ومثل موسى إذ قال: }رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ{ [سورة يونس: 88]». فقوله لهذا: مثلك كمثل إبراهيم وعيسى، ولهذا: مثل نوح وموسى – أعظم من قوله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى؛ فإن نوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى أعظم من هارون، وقد جعل هذين مثلهم، ولم يرد أنهما مثلهم في كل شيء، لكن فيما دلّ عليه السياق من الشدة في الله واللين في الله. وكذلك هنا إنما هو بمنزلة هارون فيما دلّ عليه السياق، وهو في استخلافه في مغيبه، كما استخلف موسى هارون. وهذا الاستخلاف ليس من خصائص عليّ، بل ولا هو مثل استخلافاته، فضلاً عن أن يكون أفضل منها. وقد استخلف مَنْ عليّ أفضل منه في كثير من الغزوات، ولم تكن تلك الاستخلافات توجب تقديم المستخلف عَلَى علي إذا قعد معه، فكيف يكون موجباً لتفضيله على عليّ؟ بل قد استخلف على المدينة غير واحد، وأولئك المستخلفون منه بمنزلة هارون من موسى من جنس استخلاف عليّ، بل كان ذلك استخلاف يكون عَلَى أكثر وأفضل ممن استخلف عليه عام تبوك، استدعت الحاجة إلى الاستخلاف أكثر، فإنه كان يخاف من الأعداء على المدينة. فأما عام تبوك فإنه كان قد أسلمت العرب بالحجاز، وفُتحت مكة، وقوي الإسلام وعزّ. ولهذا أمر الله نبيّه أن يغزو أهل الكتاب بالشام، ولم تكن المدينة تحتاج إلى من يقاتل بها العدو. ولهذا لم يَدَع النبي صلى الله عليه وسلم عند عليّ أحداً من المقاتلة، كما كان يَدَع بها في الغزوات، بل أخذ المقاتلة كلهم معه. وتخصيصه لعليّ بالذكر هنا هو مفهوم اللقب، وهو نوعان: لقب هو جنس، ولقب يجري مجرى العلم، مثل زيد، وأنت. وهذا المفهوم أضعف المفاهيم، ولهذا كان جماهير أهل الأصول والفقه على أنه لا يُحتج به. فإذا قال: محمد رسول الله، لم يكن هذا نفياً للرسالة عن غيره، لكن إذا كان في سياق الكلام ما يقتضي التخصيص، فإنه يحتج به على الصحيح. كقوله: }فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ{ [سورة الأنبياء: 79]، وقوله: }كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ{ [سورة المطففين: 15]. وأما إذا كان التخصيص لسبب يقتضيه، فلا يُحتج به باتفاق الناس فهذا من ذلك؛ فإنه إنما خصَّ عليًّا بالذكر لأنه خرج إليه يبكي ويشتكي تخليفه مع النساء والصبيان. ومن استخلفه سوى عليّ، لما لم يتوهموا أن في الاستخلاف نقصًا، لم يحتج أن يخبرهم بمثل هذا الكلام. والتخصيص بالذكر إذا كان لسبب يقتضي ذاك لم يقتضِ الاختصاص بالحكم، فليس في الحديث دلالة على أن غيره لم يكن منه بمنزلة هارون من موسى، كما أنه لما قال للمضروب الذي نَهَى عن لعنه: «دعه؛ فإنه يحب الله ورسوله» لم يكن هذا دليلاً على أن غيره لا يحب الله ورسوله، بل ذكر ذلك لأجل الحاجة إليه لينهي بذلك عن لعنه. ولما استأذنه عمر – رضي الله عنه – في قتل حاطب بن أبي بلتعة، قال: «دعه؛ فإنه قد شهد بدرًا» ولم يدل هذا على أن غيره لم يشهد بدراً، بل ذكر المقتضى لمغفرة ذنبه. وكذلك لما شهد للعشرة بالجنة، لم يقتض أن غيرهم لا يدخل الجنة، لكن ذكر ذلك لسبب اقتضاه. وكذلك لما قال للحسن وأسامة: «اللهم! إني أحبهما فأحبهما، وأحب من يحبهما» لا يقتضي أنه لا يحب غيرهما، بل كان يحب غيرهما أعظم من محبتهما. وكذلك لما قال: «لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة» لم ينفي أن من سواهم يدخلها. وكذلك لما شبّه أبا بكر بإبراهيم وعيسى، لم يمنع ذلك أن يكون من أمته وأصحابه من يشبه إبراهيم وعيسى. وكذلك لمّا شبّه عمر بنوح وموسى، لم يمتنع أن يكون في أمته من يشبه نوحاً وموسى. فإن قيل: إن هذين أفضل من يشبههم من أمته. قيل: الاختصاص بالكمال لا يمنع بالمشاركة في أصل التشبيه. وكذلك لما قال عن عروة بن مسعود: «إنه مثل صاحب ياسين». وكذلك لما قال للأشعريين: «هم مني وأنا منهم» لم يختص ذلك بهم، بل قال لعليّ: «أنت مني وأنا منك» وقال لزيد: «أنت أخونا ومولانا» وذلك لا يختص بزيد، بل أسامة أخوهم ومولاهم. وبالجملة الأمثال والتشبيهات كثيرة جداً، وهي لا توجب التماثل من كل وجه، بل فيما سيق الكلام له، ولا تقتضي اختصاص المشبَّه بالتشبيه، بل يمكن أن يشاركه غيره له في ذلك. قال الله تعالى: }مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ{ [سورة البقرة: 261]. وقال تعالى: }وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ{ [سورة يس: 13]. وقال: }مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هِذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ{ [سورة آل عمران: 117]. وقد قيل: إن في القرآن اثنين وأربعين مثلاً. وقول القائل: إنه جعله بمنزلة هارون في كل الأشياء إلا في النبوة باطل؛ فإن قوله: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟» دليل على أن يسترضيه بذلك ويطيِّب قلبه لِمَا توهم من وهن الاستخلاف ينقص درجته، فقال هذا على سبيل الجبر له. وقوله: «بمنزلة هارون من موسى» أي مثل منزلة هارون، فإن نفس منزلته من موسى بعينها لا تكون لغيره، وإنما يكون له ما يشابهها، فصار هذا كقوله: هذا مثل هذا، وقوله عن أبي بكر: مثله مثل إبراهيم وعيسى، وعمر: مثل نوح وموسى. ومما يبين ذلك أن هذا كان عام تبوك، ثم بعد رجوع النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر أميراً على الموسم، وأردفه بعليّ، فقال [عليّ]: أمير أم مأمور؟ [فقال: بل مأمور]، فكان أبو بكر أميراً عليه، وعليّ معه كالمأمور مع أميره: يصلّي خلفه، ويطيع أمره وينادي خلفه مع الناس بالموسم: أَلاَ لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عُريان. وإنما أردفه به لينبذ العهد إلى العرب، فإنه كان من عادتهم أن لا يعقد العقود وينبذها إلا السيد المطاع، أو رجل من أهل بيته. فلم يكونوا يقبلون نقض العهود إلا من رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. ومما يبيّن ذلك أنه لو أراد أن يكون خليفة على أمته بعده، لم يكن هذا خطاباً بينهما يناجيه به، ولا كان أخَّره حتى يخرج إليه عليّ ويشتكي، بل كان هذا من الحكم الذي يجب بيانه وتبليغه للناس كلهم، بلفظ يبين المقصود. ثم من جهل الرافضة أنهم يتناقضون، فإن هذا الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخاطب عليًّا بهذا الخطاب إلا ذلك اليوم في غزوة تبوك، فلو كان عليّ قد عرف أنه المستخلَف من بعده – كما رووا ذلك فيما تقدم – لكان عليّ مطمئن القلب أنه مثل هارون بعده وفي حياته، ولم يخرج إليه يبكي، ولم يقل له: أتخلّفني مع النساء والصبيان؟ ولو كان عليّ بمنزلة هارون مطلقًا لم يستخلف عليه أحدًا. وقد كان يستخلف عَلَى المدينة غيره وهو فيها، كما استخلف على المدينة عام خيبر غير عليّ، وكان عليّ بها أرمد، حتى لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الراية حين قدم، وكان قد أعطى الراية رجلاً فقال: «لأعطين الراية [غدًا] رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله». وأما قوله: «لأنه خليفته مع وجوده وغيبته مدة يسيرة، فبعد موته وطول مدة الغيبة أَوْلى بأن يكون خليفته». فالجواب: أنه مع وجوده وغيبته قد استخلف غير عليّ استخلافاً أعظم من استخلاف عليّ، واستخلف أولئك عَلَى أفضل من الذين استخلف عليهم عليًّا، وقد استخلف بعد تبوك على المدينة غير عليّ في حجة الوداع، فليس جعل عليّ هو الخليفة بعده لكونه استخلفه على المدينة بأَوْلى من هؤلاء الذين استخلفهم على المدينة كما استخلفه، وأعظم مما استخلفه، وآخر الاستخلاف كان عَلَى المدينة كان عام حجة الوداع، وكان عليّ باليمن، وشهد معه الموسم، لكن استخلف عليها في حجة الوداع غير عليّ. فإن كان الأصل بقاء الاستخلاف، فبقاء من استخلفه في حجة الوداع أَوْلى من بقاء استخلاف من استخلفه قبل ذلك. وبالجملة فالاستخلافات على المدينة ليست من خصائصه، ولا تدل على الأفضلية، ولا على الإمامة، بل قد استخلف عدداً غيره. ولكن هؤلاء جهّال يجعلون الفضائل العامة المشتركة بين عليّ وغيره. خاصة بعليّ، وإن كان غيره أكمل منه فيها، كما فعلوا في النصوص والوقائع. وهكذا فعلت النصارى: جعلوا ما أتى به المسيح من الآيات دالاً على شيء يختص به من الحلول والاتحاد، وقد شاركه غيره من الأنبياء فيما أتى به، وكان ما أتى به موسى من الآيات أعظم مما جاء به المسيح، فليس هناك سبب يوجب اختصاص المسيح دون إبراهيم وعيسى، لا بحلول ولا اتحاد، بل إن كان ذلك كله ممتنعاً، فلا ريب أنه كله ممتنع في الجميع، وإن فُسِّر ذلك بأمر ممكن، كحصول معرفة الله والإيمان به، والأنوار الحاصلة بالإيمان به ونحو ذلك، فهذا قدر مشترك وأمر ممكن. وهكذا الأمر مع الشيعة: يجعلون الأمور المشتركة بين عليّ وغيره، التي تعمّه وغيره، مختصة به، حتى رتّبوا عليه ما يختص به من العصمة والإمامة والأفضلية. وهذا كله منتفٍ. فمن عرف سيرة الرسول، وأحوال الصحابة، ومعاني القرآن والحديث: علم أنه ليس هناك اختصاص بما يوجب أفضليته ولا إمامته، بل فضائله مشتركة، وفيها من الفائدة إثبات إيمان عليّ وولايته، والرد على النواصب الذين يسبّونه أو يفسّقونه أو يكفرونه ويقولون فيه من جنس ما تقوله الرافضة في الثلاثة. ففي فضائل عليّ الثابتة ردٌّ على النواصب، كما أن في فضائل الثلاثة ردًّا على الروافض. وعثمان – رضي الله عنه – تقدح فيه الروافض والخوارج، ولكن شيعته يعتقدون إمامته، ويقدحون في إمامة عليّ. وهم في بدعتهم خير من شيعة عليّ الذين يقدحون في غيره. والزيدية الذين يتولون أبا بكر وعمر ومضطربون فيه. وأيضاً فالاستخفاف في الحياة نوع نيابة، لا بد منه لكل ولي أمر، وليس كل [مَنْ] يصلح للاستخلاف في الحياة على بعض الأمة يصلح أن يُستخلف بعد الموت؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف في حياته غير واحد، ومنهم من لا يصلح للخلافة بعد موته، وذلك كبشير بن [عبد] المنذر وغيره. وأيضاً فإنه مطالب في حياته بما يجب عليه من القيام بحقوق الناس، كما يُطالَب بذلك ولاة الأمور. وأما بعد موته فلا يطالب بشيء، لأنه قد بلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، نصح الأمة، وعبد الله حتى أتاه اليقين من ربّه. ففي حياته يجب عليه جهاد الأعداء، وقسم الفيء، وإقامة الحدود، واستعمال العمّال، وغير ذلك مما يجب على ولاة الأمور بعده، وبعد موته لا يجب عليه شيء من ذلك. فليس الاستخلاف في الحياة كالاستخلاف بعد الموت. والإنسان إذا استخلف أحداً في حياته عَلَى أولاده وما يأمر به من البرّ، كان المستخلف وكيلاً محضاً يفعل ما أَمَر به الموكِّل وإن استخلف أحداً على أولاده بعد موته، كان وليًّا مستقلاً يعمل بحسب المصلحة، كما أمر الله ورسوله، ولم يكن وكيلاً للميّت. وهكذا أولو الأمر إذا استخلف أحدهم شخصاً في حياته، فإنه يفعل ما يأمره به في القضايا المعيّنة. وأما إذا استخلفه بعد موته، فإنه يتصرف بولايته كما أمر الله ورسوله، فإن هذا التصرف مضاف إليه لا إلى الميت، بخلاف ما فعله في الحياة بأمر مستخلِفه، فإنه يُضاف إلى من استخلَفه لا إليه. فأين هذا من هذا!؟ ولم يقل أحد من العقلاء: إن من استخلَف شخصاً على بعض الأمور. وانقضى ذلك الاستخلاف: إنه يكون خليفة بعد موته على شيء، ولكن الرافضة من أجهل الناس بالمعقول والمنقول. فصل قال الرافضي: الرابع: "أنه صلى الله عليه وسلم استخلفه على المدينة مع قصر مدة الغَيْبة، فيجب أن يكون خليفة له بعد موته. وليس غير عليّ إجماعاً، ولأنه لم يعزله عن المدينة، فيكون خليفة [له] بعد موته فيها، وإذا كان خليفة فيها كان خليفة في غيرها إجماعاً». والجواب: أن هذه الحجة وأمثالها من الحجج الداحضة، التي هي من جنس بيت العنكبوت. والجواب عنها من وجوه: أحدها: أن نقول على أحد القولين: إنه استخلف أبا بكر بعد موته كما تقدم. وإذا قالت الرافضة: بل استخلف عليًّا. قيل: الراوندية من جنسكم قالوا: استخلف العبّاس، وكل من كان له علم بالمنقولات الثابتة يعلم أن الأحاديث الدالّة على استخلاف أحدٍ بعد موته إنما تدل على استخلاف أبي بكر، ليس فيها شيء يدل على استخلاف عليّ ولا العباس، بل كلها تدل على أنه لم يستخلف واحداً منهما. فيقال حينئذ: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم استخلف أحداً فلم يستخلف إلا أبا بكر، وإن لم يستخلف أحداً فلا هذا ولا هذا. فعلى تقدير كون الاستخلاف واجباً على الرسول، لم يستخلف إلا أبا بكر، فإن جميع أهل العلم بالحديث والسيرة متفقون على أن الأحاديث الثابتة لا تدل على استخلاف غير أبي بكر، وإنما يدل ما يدل منها على استخلاف أبي بكر. وهذا معلوم بالاضطرار عند العالم بالأحاديث الثابتة. الوجه الثاني: أن نقول: أنتم لا تقولون بالقياس، وهذا احتجاج بالقياس، حيث قستم الاستخلاف في الممات على الاستخلاف في المغيب. وأما نحن إذا فرضنا على أحد القولين فنقول: الفرق بينهما ما نبّهنا عليه في استخلاف عمر في حياته، وتوقفه في الاستخلاف بعد موته، لأن الرسول في حياته شاهد على الأمة، مأمور بسياستها بنفسه أو نائبه، وبعد موته انقطع عنه التكليف. كما قال المسيح: }وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ{ [سورة المائدة: 117] الآية، لم يقل: كان خليفتي الشهيد عليهم. وهذا دليل على أن المسيح لم يستخلف، فدل على أن الأنبياء لا يجب عليهم الاستخلاف بعد الموت. وكذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «فأقول كما قال العبد الصالح: }وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ{ [سورة المائدة: 117]. وقد قال تعالى: }وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ{ [سورة آل عمران: 144]. فالرسول بموته انقطع عنه التكليف، وهو لو استخلف خليفة في حياته ثم يجب أن يكون معصومًا، بل كان يولّي الرجل ولايةً، ثم يتبين كذبه فيعزله، كما ولَّى الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وهو لو استخلف رجلاً لم يجب أن يكون معصوماً، وليس هو بعد موته شهيداً عليه، ولا مكلَّفاً بردّه عما يفعله، بخلاف الاستخلاف في الحياة. الوجه الثالث: أن يُقال: الاستخلاف في الحياة واجبٌ على كل وليّ أمر؛ فإن كل ولي أمر – رسولاً كان أو إماماً – عليه أن يستخلف فيما غاب عنه من الأمور، فلا بد له من إقامة الأمر: إما بنفسه، وإما بنائبه. فما شهده من الأمر أمكنه أن يقيمه بنفسه، وأما ما غاب عنه فلا يمكنه إقامته إلا بخليفة يستخلفه عليه، فيولّي عَلَى مَنْ غاب عنه مِن رعيته مَنْ يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويأخذ منهم الحقوق، ويقيم فيهم الحدود، ويعدل بينهم في الأحكام، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستخلف في حياته على كل ما غاب عنه، فيولِّي الأمراء على السرايا: يصلّون بهم، ويجاهدون بهم، ويسوسونهم، ويؤمِّر أمراء على الأمصار، كما أمّر عتاب بن أسيد على مكة، وأمّر خالد بن سعيد بن العاص وأبان بن سعيد العاص وأبا سفيان بن حرب ومعاذاً وأبا موسى على قرى عُرينة وعلى نجران وعلى اليمن، وكما كان يستعمل عمالاً على الصدقة، فيقبضونها ممن تجب عليه، ويعطونها لمن تحلّ له، كما استعمل غير واحد. وكان يستخلف في إقامة الحدود، كما قال لأنيس: «يا أُنَيْس، اغد على امرأة هذا، فإن اعترفت، فارجمها» فغدا عليها فاعترفت فرجمها. وكان يستخلف على الحج، كما استخلف أبا بكر على إقامة الحج عام تسع بعد غزوة تبوك، وكان عليّ من جملة رعية أبي بكر: يصلّي خلفه، ويأتمر بأمره، وذلك بعد غزوة تبوك. وكما استخلف على المدينة مراتٍ كثيرة، فإنه كان كلما خرج في غزاة استخلف. ولما حج واعتمر استخلف. فاستخلف في غزوة بدر، وبني المصطلق، وغزوة خيبر، وغزوة الفتح، واستخلف في غزوة الحديبية، وفي غزوة القضاء، وحجة الوداع، وغير ذلك. وإذا كان الاستخلاف في الحياة واجباً على متولّي الأمر وإن لم يكن نبياً، مع أنه لا يجب عليه الاستخلاف بعد موته، لكون الاستخلاف في الحياة أمراً ضروريًّا لا يؤدَّى الواجب إلا به، بخلاف الاستخلاف بعد الموت، فإنه قد بلَّغ الأمة، وهو الذي يجب عليهم طاعته بعد موته، فيمكنهم أن يعينوا من يؤمِّرونه عليهم، كما يمكن ذلك في كل فروض الكفاية التي تحتاج إلى واحد معيّن – عُلم أن لا يلزم من وجوب الاستخلاف في الحياة وجوبه بعد الموت. الرابع: أن الاستخلاف في الحياة واجبٌ في أصناف الولايات، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستخلف على من غاب عنهم من يقيم فيهم الواجب، ويستخلف في الحج، وفي قبض الصدقات، وحفظ مال الفيء، وفي إقامة الحدود، وفي الغزو وغير ذلك. ومعلوم أن هذا الاستخلاف لا يجب بعد الموت باتفاق العقلاء، بل ولا يمكن، فإنه لا يمكن أن يعيِّن للأمة بعد موته من يتولّى كل أمر جزئي، فإنهم يحتاجون إلى واحدٍ بعد واحد، وتعيين ذلك متعذر، ولأنه لو عيَّن واحداً فقد يختلف حاله ويجب عزله، فقد كان يولّي في حياته من اشتكى إليه فيعزله، كما عزل الوليد بن عقبة، وعزل سعد بن عبادة عام الفتح وولَّى ابنه قيساً، وعزل إماماً كان يصلِّي بقوم لما بصق في القبلة، وولَّى مرة رجلاً فلم يقيم بالواجب، فقال: «أعجزتم إذا ولّيت من لا يقوم بأمري أن تولّوا رجلاً يقوم بأمري» فقد فوّض إليهم عزل من لا يقوم بالواجب من ولاته، فكيف لا يفوض إليهم ابتداءً تولية من يقوم بالواجب؟! وإذا كان في حياته من يولّيه ولا يقوم بالواجب فيعزله، أو يأمر بعزله، كان لو ولّى واحداً بعد موته يمكن فيه أن لا يقوم بالواجب، وحينئذ فيحتاج إلى عزله، فإذا ولّته الأمة وعزلته، كان خيرًا لهم من أن يعزلوا من ولاّه النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا مما يتبين به حكمة ترك الاستخلاف، وعلى هذا فنقول في: الوجه الخامس: أن ترك الاستخلاف بعد مماته كان أَوْلى من الاستخلاف، كما اختاره الله لنبيه، فإنه لا يختار له إلا أفضل الأمور، وذلك؛ لأنه: إما أن يُقال: يجب أن لا يستخلف في حياته من ليس بمعصوم، وكان يصدر من بعض نوّابه أمور منكرة فينكرها عليهم، ويعزل من يعزل منهم. كما استعمل خالد بن الوليد على قتال بني جذيمة فقتلهم، فَودَاهم النبي صلى الله عليه وسلم بنصف دياتهم، وأرسل عليّ بن أبي طالب فضمن لهم حتى ميلغة الكلب، ورفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه إلى السماء وقال: «اللهم! إني أبرأ إليك مما صنع خالد». واختصم خالد وعبد الرحمن بن عوف حتى قال صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده! لو أنفق أحدكم مثل أُحُدٍ ذهبًا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصفيه» ولكن مع هذا لم يعزل النبي صلى الله عليه وسلم خالدًا. واستعمل الوليد بن عقبة على صدقات قومٍ، فرجع فأخبره أن القوم امتنعوا وحاربوا، فأراد غزوهم، فأنزل الله تعالى: }إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ{ [سورة الحجرات: 6]. وولّى سعد بن عبادة يوم الفتح، فلما بلغه أن سعداً قال: اليوم يوم الملحمة . . اليوم تستباح الحرمة عزله، وولى ابنه قيساً، وأرسل بعمامته علامةً على عزله، ليعلم سعد أن ذلك أمرٌ من النبي صلى الله عليه وسلم. وكان يُشْتَكى إليه بعض نوابه فيأمره بما أمر الله به، كما اشتكى أهل قباء معاذًا لتطويله الصلاة بهم، لما قرأ البقرة في صلاة العشاء فقال: «أفتَّان أنت يا معاذ؟ اقرأ سبح اسم ربك الأعلى، والليل إذا يغشى، ونحوها». وفي الصحيح أن رجلاً قال له: إني أتخلّف عن صلاة الفجر مما يطوِّل بنا فلان، فقال: «يا أيها الناس! إذا أمَّ أحدكم فليخفف؛ فإن من ورائه الضعيف والكبير وذا الحاجة، وإذا صلّى لنفسه فليطوّل ما شاء». ورأى إماماً قد بصق في قبلة المسجد، فعزله عن الإمامة، وقال: «إنك آذيت الله ورسوله». وكان الواحد من خلفائه إذا أشكل عليه الشيء أرسل إليه يسأله عنه. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته يعلّم خلفاءه ما جهلوا، ويقوِّمهم إذا زاغوا، ويعزلهم إذا لم يستقيموا. ولم يكونوا مع ذلك معصومين. فعُلم أنه لم يكن يجب عليه أن يولّي المعصوم. وأيضاً فإن هذا تكليف ما لا يمكن؛ فإن الله لم يخلق أحداً معصوماً غير الرسول صلى الله عليه وسلم. فلو كُلِّف أن يستخلف معصوماً لكُلِّف ما لا يقدر عليه، وفات مقصود الولايات، وفسدت أحوال الناس في الدين والدنيا. وإذا عُلم أنه كان يجوز – بل يجب – أن يستخلف في حياته من ليس بمعصوم، فلو استخلف بعد موته كما استخلف في حياته، لاستخلف أيضاً غير معصوم، وكان لا يمكنه أن يعلّمه ويقوّمه كما كان يفعل في حياته، فكان أن لا يستخلف خيرًا من أن يستخلف. والأمة قد بلغها أمر الله ونهيه، وعلموا ما أمر الله به ونهى عنه، فهم يستخلفون من يقوم بأمر الله ورسوله، ويعاونونه على إتمامهم القيام بذلك، إذا كان الواحد لا يمكنه القيام بذلك، فما فاته من العلم بيّنه له من يعلمه، وما احتاج إليه من القدرة عاونه عليه من يمكنه الإعانة، وما خرج فيه عن الصواب أعادوه إليه بحسب الإمكان بقولهم وعملهم، وليس على الرسول ما حُمِّلوه، كما أنهم ليس عليهم ما حُمِّل. فعُلم أن ترك الاستخلاف من النبي صلى الله عليه وسلم بعد الموت أكمل في حق الرسول من الاستخلاف، وأن من قاس وجوب الاستخلاف بعد الممات على وجوبه في الحياة كان من أجهل الناس. وإذا عَلٍمَ الرسول أن الواحد مِنَ الأُمَّة هُوَ أَحَقُّ بِالْخِلاَفَةِ، كما كان يعلم أن أبا بكر هو أحق بالخلافة من غيره، كان في دلالته للأمة على أنه أحق، مع علمه بأنهم يولُّونه، ما يغنيه عن استخلافه، لتكون الأمة هي القائمة بالواجب، ويكون ثوابها على ذلك أعظم من حصول مقصود الرسول. وأما أبو بكر فلما علم أنه ليس في الأمة مثل عمر، وخاف أن لا يولُّوه إذا لم يستخلفه لشدته، فولاّه هو – كان ذلك هو المصلحة للأمة. فالنبي صلى الله عليه وسلم عَلِمَ أن الأمة يولُّون أبا بكر، فاستغنى بذلك عنْ توليَتِه، مَع دلالته لهم عَلَى أنه أحق الأمة بالتولية. وأبو بكر لم يكن يعلم أن الأمة يولُّون عمر إذا لم يستخلفه أبو بكر. فكان ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم هو اللائق به لفضل علمه، وما فعله صدِّيق الأمة هو اللائق به إذ لم يعلم ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم. الوجه السادس: أن يقال: هب أن الاستخلاف واجب، فقد استخلف النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر، على قول من يقول: إنه استخلفه، ودلّ على استخلافه على القول الآخر. وقوله: «لأنه لم يعزله عن المدينة». قلنا: هذا باطل؛ فإنه لمّا رجع النبي صلى الله عليه وسلم انعزل عليٌّ عند رجوعه، كما كان غيره ينعزل إذا رجع. وقد أرسله بعد هذا إلى اليمن، حتى وافاه الموسم في حجة الوداع، واستخف عَلَى المدينة في حجة الوداع غيره. أفترى النبي صلى الله عليه وسلم فيها مقيماً وعليّ باليمن، وهو خليفة بالمدينة؟! ولا ريب أن كلام هؤلاء كلام جاهل بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم، كأنهم ظنّوا أن عليًّا ما زال خليفة عَلَى المدينة حتى مات النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يعلموا أن عليًّا بعد ذلك أرسله النبي صلى الله عليه وسلم سنة تسع مع أبي بكر لنبذ العهود، وأمَّر عليه أبا بكر. ثم عند رجوعه مع أبي بكر أرسله إلى اليمن، كما أرسل معاذًا وأبا موسى. ثم لما حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع استخلف عَلَى المدينة غير عليٍّ، ووافاه عليّ بمكة، ونحر النبي صلى الله عليه وسلم مائة بدنة، نحر بيده ثُلُثيها، ونحر علي ثلثها. وهذا كله معلوم عند أهل العلم، متفق عليه بينهم، وتواترت به الأخبار، كأنك تراه بعينك. ومن لم يكن له عناية بأحوال الرسول لم يكن له أن يتكلم في هذه المسائل الأصولية. والخليفة لا يكون خليفة إلا مع مغيب المستخلف أو موته. فالنبي صلى الله عليه وسلم إذا كان بالمدينة امتنع أن يكون له خليفة فيها، كما أن سائر من استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع انقضت خلافته. وكذلك سائر ولاة الأمور: إذا استخلف أحدهم على مصره في مغيبه بطل استخلافه ذلك إذا حضر المستخلِف. ولهذا لا يصلح أن يُقال: إن الله يستخلف أحداً عنه، فإنه حيٌّ قيوم شهيد مدبّر لعباده، منزّه عن الموت والنوم والغَيْبة. ولهذا لما قالوا لأبي بكر: يا خليفة الله. قال: لست خليفة الله، بل خليفة رسول الله، وحسبي ذلك. والله تعالى يوصف بأنه يخلف العبد، كما قال صلى الله عليه وسلم: «اللهم! أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل». وقال في حديث الدجَّال: «والله خليفتي على كل مسلم». وكل من وصفه الله بالخلافة في القرآن فهو خليفة عن مخلوق كان فيه. كقولـه: }ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم{ [سـورة يونـس: 14]، }وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ{ [سورة الأعراف: 69]، }وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ{ [سورة النور: 55]. وبذلك قوله: }إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً{ [سورة البقرة: 30]، خليفة عن خلقٍ كان في الأرض قبل ذلك، كما ذكر المفسرون وغيرهم. وأما ما يظنه طائفة من الاتحادية وغيرهم أن الإنسان خليفة الله، فهذا جهل وضلال. ( المرجع : منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية ، 7 / 325-353) .
|
||
|
08-02-2007, 10:10 AM | #3 | ||
|
رد: كشف شبهات الرافضة ، للشيخ سليمان الخراشي.
الشبهة(2):احتجاجهم بآية المباهلة
قال عبدالله بن الحسين السويدي في مناظرته مع أحد علماء الشيعة : ثم قال – أي الشيعي - : عندي دليل آخر لا يقبل التأويل، وهو قوله تعالى: ] قل تعالوا ندعُ أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم، وأنفسنا وأنفسكم، ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين [. قلت له:- ما وجه الدليل من هذه الآية؟ فقال:- إنه لما أتى نصارى نجران للمباهلة، احتضن النبي r الحسين، وأخذ بيد الحسن، وفاطمة من ورائهم وعلي خلفها، ولم يقدّم إلى الدعاء إلا الأفضل. قلت: هذا من باب المناقب، لا من باب الفضائل. وكل صحابي اختص بمنقبة لا توجد في غيره، كما لا يخفى على من تتبع كتب السير. وأيضاً إن القرآن نزل على أسلوب كلام العرب، وطرز محاوراتهم. ولو فرض أن كبيرين من عشيرتين وقع بينهما حرب وجدال، يقول أحدهما للآخر. ابرز أنت وخاصة عشيرتك، وأبرز أنا وخاصة عشيرتي، فنتقابل ولا يكوّن معنا من الأجانب أحد، فهذا لا يدل على أنه لم يوجد مع الكبيرين أشجع من خاصتهما. وأيضاً الدعاء بحضور الأقارب يقتضي الخشوع المقتضي لسرعة الإجابة. فقال: ولا ينشأ الخشوع إذ ذاك إلا من كثرة المحبة. فقلت: هذه محبة مرجعها إلى الجبلَّة والطبيعة، كمحبة الإنسان نفسه وولده أكثر ممن هو أفضل منه ومن ولده بطبقات فلا يقتضي وزراً ولا أجراً إنما المحبة المحدودة التي تقتضي أحد الأمرين المتقدمين إنما هي المحبة الاختيارية. فقال: وفيها وجه آخر يقتضي الأفضلية، وهو حيث جعل نفسه r نفس علي، إذ في قوله: "أبناءنا" يراد الحسن والحسين، وفي "نساءنا" يراد فاطمة، وفي "أنفسنا" لم يبق إلا علي والنبي r. فقلت: الله أعلم أنك لم تعرف الأصول، بل ولا العربية. كيف وقد عبر بأنفسنا، و"الأنفس" جمع قلة مضافاً إلى "نا" الدالة على الجمع ومقابلة الجمع بالجمع تقتضي تقسيم الآحاد، كما في قولنا: "ركب القوم دوابهم" أي ركب كل واحد دابته. وهذه مسألة مصرحة في الأصول، غاية الأمر أنه أطلق الجمع على ما فوق الواحد وهو مسموع كقوله تعالى: ] أولئك مبرءون مما يقولون [ أي عائشة وصفوان - رضي الله تعالى عنهما -، وقوله تعالى: ] فقد صغت قلوبكما [ ولم يكن لهما إلا قلبان. على أن أهل الميزان يطلقون الجمع في التعاريف على ما فوق الواحد، وكذلك أطلق الأبناء على الحسن والحسين، والنساء على فاطمة فقط مجازاً. نعم لو كان بدل أنفسنا "نفسي" لربما كان له وجه ما بحسب الظاهر. وأيضاً لو كانت الآية دالة على خلافة عليّ لدلت على خلافة الحسن والحسين وفاطمة مع أنه بطريق الاشتراك، ولا قائل بذلك لأن الحسن والحسين إذ ذاك صغيران وفاطمة مفطومة كسائر النساء عن الولايات، فلم تكن الآية دالة على الخلافة. فانقطع.. ( المرجع : الخطوط العريضة ، محب الدين الخطيب ، ص 78-81) .
|
||
|
08-02-2007, 10:11 AM | #4 | ||
|
رد: كشف شبهات الرافضة ، للشيخ سليمان الخراشي.
الشبهة(3): احتجاجهم بقوله صلى الله عليه وسلم: "من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق حيث ما دار" وجوابه : أولاً: ما قاله الإمام الحافظ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله تعالى هذا الحديث بهذا اللفظ ليس في شيء من الكتب الأمهات إلا في الترمذي وليس فيه إلا قوله: "من كنت مولاه فعلي مولاه خاصة" وأما الزيادة فليست فيه. (كذلك قال الشيخ الإمام مجد الدين الفيروز آبادى، أنه لا يصح من طريق الثقات أصلاً والزيادة التي ألحقوها به كذب وقوله: اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه ليس بصريح في حكمه كما يزعمه الرافضة لا من التصريح هو الذي لا يتحمل التأويل، وأيضاً اللفظ "المولى" مشتركة في محامل يطلق على العبد والسيد وعلى المعتق وعلى الزعيم وعلى الناصر وعلى الأولى فليست بصريحة كما يدعوه) وأما الزيادة كوفية، ولا ريب أنها كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجوه. أحدها: أن الحق لا يدور مع أحد، شخص معين بعد رسول صلى الله عليه وسلم حيث ما دار لا مع أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي رضي الله عنهم؛ لأنه لو كان كذلك لكان بمنزلة النبي صلى الله عليه وسلم يجب إتباعه في كل ما يقول. ومعلوم أن عليًّا رضي الله عنه كان ينازعه أصحابه وأتباعه في مسائل كثيرة ولا يرجعون فيها إلى قوله، بل فيها مسائل كثيرة وجد فيها نصوص النبي صلى الله عليه وسلم توافق من نازعه لا قوله. منها المرأة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً فإن عليًّا أفتى بأنها تعتد أبعد الأجلين وعمر وابن مسعود وغيرهما أفتوا بأنها تعتد بوضع الحمل وبهذا جاءت سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان أبو السنابل بن بعكك، أفتى بمثل قول علي رضي الله عنه وقال صلى الله عليه وسلم: كذب أبو السنابل قد حللت فانكحي. يقول لسبيعة الأسلمية لما سأله عن ذلك. وقوله عليه السلام (فيما زعموا): أُنصر من نصره، واخذل من خذله؛ فإن الواقع ليس كذلك فقد قاتل معه أقوام يوم صفين فما انتصروا وأقوام لم يقاتلوا معه فما خذلوا. كسعد بن أبي وقاص الذي فتح العراق لم يقاتل معه وكذا أصحاب معاوية رضي الله عنه وبنو أمية الذين قاتلوه فتحوا كثيراً من بلاد الكفار ونصرهم الله تعالى. لاسيما من كان على رأي الشيعة فإنهم دائماً مخذولون وأهل السنة منصورون. وهم يقولون: أنهم ينصرونه وأهل السنة يخذلونه. ويسمون أنفسهم المؤمنين وهم متصفون بصفات بغير صفات المؤمنين فإن سيماهم التقية وهو أن يقول أحدهم بلسانه ما ليس في قلبه وهذا من صفات المنافقين. ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين. وللمنافقين الذلة لا العزة وقال تعالى: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا) والنصر والغلبة لأهل السنة لا للشيعة. وقوله: "اللهم! والِ من والاه وعاد من عاداه" مخالف لأصول الإسلام. فإن القرآن قد بيَّن أن المؤمنين مع اقتتالهم وبغى بعضهم على البعض هم إخوة مؤمنون كما قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا...) الآية. فكيف يجوز أن يقول عليه السلام لواحد من أمته: "اللهم والِ من والاه.." الخ، والله تعالى قد أخبر أنه ولي المؤمنين والمؤمنون أولياءه وبعضهم أولياء بعض، وأنهم إخوة، وإن اقتتلوا أو بغوا؟! على أن حديث "من كنت مولاه" قد طعن فيه علماء الحديث كالبخاري. وإبراهيم الحربي وغيرهما. وحسنه أحمد والترمذي، وغيرهما، فإن كان قاله فما أراد به ولاية يختص بها بل لم يرد به إلا الولاية المشتركة وهي ولاية الإيمان التي جعلها الله تعالى بين عباده المؤمنين وبيَّن بهذا أن عليًّا رضي الله عنه من المؤمنين الذين يجب موالاتهم، وليس هو كما يقول النواصب من: أنه كافر أو فاسق فلا يستحق الموالاة. والموالاة ضد المعاداة ولا ريب أنه يجب الموالاة لجميع المؤمنين وعلي رضي الله عنهم وسائر المهاجرين والأنصار ولا يجوز معاداة أحد من هؤلاء فمن لم يولهم فقد عصى الله ورسوله .قال أهل السنة وسبب: قوله عليه السلام: من كنت مولاه فعلي مولاً له" أن أسامة بن زيد أنكر ولاية علي. وأما حديث التصدق بالخاتم في الصلاة فكذب موضوع باتفاق أهل المعرفة، وأما ما يظن الرافضة من أن في الآية والحديث دلالة أن عليًّا رضي الله عنه هو الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن الجهل المقطوع. بخطأ صاحبه فإن الولاء بالفتح وهو ضد العداوة والاسم منه مولى ولي. والولاية بالكسر والاسم منها والي ومتولي. قال سبحانه: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ) والوالي من الموالاة وكذلك الولي، وهي ضد المعاداة، وهي من الطرفين لقوله تعالى: (وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ)، (ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ). فمعنى الحديث إن صح "من كنت مولاه": يواليني ويواليه، فعلي مولاه، يوالي عليًّا وعليّ يواليه، وهذا واجب لكل مؤمن. قال البيهقي في كتاب «الاعتقاد**»: "ليس في الحديث إن صح إسناده نص على ولاية علي رضي الله عنه بعد (النبي صلى الله عليه وسلم) فقد ذكرنا من طرق في كتاب «الفضائل»** ما دلَّ على مقصود النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك وهو أنه لما بعثه إلى اليمن كثرت الشكاة عنه وأكثروا بغضه فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر اختصاصه به ومحبته إياه ويحثهم بذلك على مودته وموالاته وترك معاداته فقال: "من كنت مولاه فعلي مولاه". وفي رواية "من كنت وليه فعلي وليه" والمراد به ولاء الإسلام ومودته، وعلى المسلمين أن يوالي بعضهم بعضاً ولا يعادي بعضهم بعضاً، وهو في معنى ما ثبت عن علي رضي الله عنه أنه قال: والذي فلق الحبة وبرأ نسمته أنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلى أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق. وكذا قال الإمام الشافعي أن المراد به في الحديث ولاء الإسلام. ذلك كقوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ) ولما سأل عنه الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنهم فقال له: لو يعني به رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أنصح للمسلمين وقال: يا أيها الناس! هذا ولي أمركم والقائم عليكم من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا، والله لئن كان الله عز وجل ورسوله اختارا عليًّا لهذا الأمر وجعله القائم به للمسلمين من بعده ثم ترك علي أمر الله ورسوله، لكان علي أول من ترك أمر الله ورسوله وأعظم الناس خطيئة وجرماً في ذلك. قال الإمام البيهقي وكذا قال أخوه عبد الله بن الحسن وروينا عنه أنه قال: مَن هذا الذي يزعم أن عليًّا رضي الله عنه كان مقهوراً وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بأمور لم ينفذها فكفى به أزراً على علي رضي الله عنه ومنقصه بأنه يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بأمر فلم ينفذه. ( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 212 – 224 ) .
|
||
|
08-02-2007, 10:13 AM | #5 | ||
|
رد: كشف شبهات الرافضة ، للشيخ سليمان الخراشي.
الشبهة(4): احتجاجهم بحديث ( غدير خُم )
وهو قوله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خُمّ: "أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي" وهو حديث رواه مسلم في صحيحه. وخُمّ بضم المعجمة والميم المشددة اسم الغيضة على ثلاثة أميال من الجحفة عندها غدير مشهور يضاف إلى الغيضة. وجوابه أن هذا الحديث ليس من خصائص علي رضي الله عنه بل هو مشترك بين جميع أهل البيت آل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل عباس. وأبعد الناس عن قبول هذه الوصية الطائفة الرافضة فأنهم يعادون العباس وبنيه وذريته رضي الله عنهم بل يعادون جمهور أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ويعاونون الكفار الذين يعادون أهل البيت وأهل الإسلام. وأما أهل السنة فإنهم يعرفون حقوق أهل البيت ودرجاتهم ويحبونهم كلهم ويوالونهم ويلعنون من ينصب لهم العداوة. ( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 224 – 225 ) . ــــــــــــــــ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : قال الرافضي: الثاني: الخبر المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه لما نزل قوله تعالى: }يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ{ [سورة المائدة: 67] خطب الناس في غدير خُم وقال للجمع كله: يا أيها الناس، ألست أَوْلى منكم بأنفسكم؟ قالوا: بلى. قال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه. اللهم! والِ من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. فقال عمر: بخٍ، بخٍ، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. والمراد بالمولى هنا: الأوْلى بالتصرف لتقدّم التقرير منه صلى الله عليه وسلم بقوله: ألست أَوْلى منكم بأنفسكم؟ والجواب عن هذه الآية والحديث المذكور قد تقدّم، وبيَّنا أن هذا كذب، وأن قوله: }بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ{ [سورة المائدة: 67] نزل قبل حجة [الوداع] بمدة طويلة. ويوم الغدير إنما كان ثامن عشر ذي الحجة بعد رجوعه من الحج، وعاش بعد ذلك شهرين وبعض الثالث. ومما يبين ذلك أن آخر المائدة نزولاً قولـه تعـالى: }الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي{[سورة المائدة: 3] وهذه الآية نزلت بعرفة تاسع ذي الحجة في حجة الوداع، والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة، كما ثبت ذلك في الصحاح والسنن، وكما قاله العلماء قاطبة من أهل التفسير والحديث وغيرهم. وغدير خم كان بعد رجوعه إلى المدينة ثامن عشر ذي الحجة بعد نزول هذه الآية بتسعة أيام، فكيف يكون قوله: }بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ{ [سورة المائدة: 67] نزل ذلك الوقت، ولا خلاف بين أهل العلم أن هذه الآية نزلت قبل ذلك، وهي من أوائل ما نزل بالمدينة، وإن كان ذلك في سورة المائدة، كما أن فيها تحريم الخمر، والخمر حُرِّمت في أوائل الأمر عقب غزوة أحد، وكذلك فيها الحكم بين أهل الكتاب بقوله: }فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ{ [سورة المائدة: 42]. وهذه الآية نزلت إما في الحد لما رجم اليهوديين، وإما في الحكم بين قريظة والنضير لما تحاكموا إليه في الدماء. ورجم اليهوديين كان أول ما فعله بالمدينة، وكذلك الحكم بين قريظة والنضير، فإن بني النضير أجلاهم قبل الخندق، وقريظة قتلهم عقب غزوة الخندق. والخندق باتفاق الناس كان قبل الحديبية، وقبل فتح خيبر. وذلك كله قبل فتح مكة وغزوة حنين، وذلك كله قبل حجة الوداع، وحجة الوداع قبل خطبة الغدير. فمن قال: إن المائدة نزل فيها شيء بغدير خم فهو كاذب مفترٍ باتفاق أهل العلم. وأيضاً فإن الله تعالى قال في كتابه: }يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ{ [سورة المائدة: 67] فضمن له سبحانه أن يعصمه من الناس إذا بلّغ الرسالة ليؤمّنه بذلك من الأعداء. ولهذا روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل نزول هذه الآية يُحرس، فلما نزلت هذه الآية ترك ذلك. وهذا إنما يكون قبل تمام التبليغ، وفي حجة الوداع تم التبليغ. وقال في حجة الوداع: «ألا هل بلغت، ألا هل بلغت؟» قالوا: نعم قال: «اللهم! اشهد» وقال: «أيها الناس، إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله. وأنتم تسألونه عني فما أنتم قائلون؟*» قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأدّيت ونصحت. فجعل يرفع إصبعه إلى السماء وينكبها إلى الأرض ويقول: «اللهم اشهد، اللهم اشهد» وهذا حديث جابر في صحيح مسلم وغيره من الأحاديث الصحيحة. وقال: «ليبلِّغ الشاهد الغائب، فربَّ مبلَغٍ أوعى من سامع». فتكون العصمة المضمونة موجودة وقت التبليغ المتقدّم، فلا تكون هذه الآية نزلت بعد حجّة الوداع، لأنه قد بلًَّغ قبل ذلك، ولأنه حينئذ لم يكن خّائِفاً من أحدٍ يَحْتَاجُ أَنْ يُعصم مِنْه، بل بَعْد حَجَّة الوَدَاع كان أهلْ مَكَّة والمدينة وما حَوْلَهُما كلهم مسلمين منقادين له ليس فيهم كافر ، والمنافقون مقموعون مُسِرُّون للنفاق، ليس فيهم من يحاربه ولا من يخاف الرسول منه. فلا يُقال له في هذه الحال: }يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ{[سورة المائدة: 67]. وهذا مما يبيّن أن الذي جرى يوم الغدير لم يكن مما أُمر بتبليغه، الذي بلًَّغه في حجة الوداع؛ فإن كثيراً من الذين حجُّوا معه – أو أكثرهم – لم يرجعوا معه إلى المدينة، بل رجع أهل مكة إلى مكة، وأهل الطائف إلى الطائف، وأهل اليمن إلى اليمن، وأهل البوادي القريبة من ذاك إلى وديانهم. وإنما رجع [معه] أهل المدينة ومن كان قريباً منها. فلو كان ما ذَكَرَهُ يَوْمَ الغَدِيْر مِمَّا أُمر بتبليغه، كالذي بلَّغه في الحج، بلغه في حجة الوداع كما بلَّغ غيره، فلما لم يذكر في حجّة الوداع إمامة ولا ما يتعلق بالإمامة أصلاً، ولم ينقل أحد بإسناد صحيح ولا ضعف أنه في حجّة الوداع ذكر إمامة عليّ، بل ولا ذكر عليًّا في شيء من خطبته، وهو المجمع العام الذين أُمر فيه بالتبليغ العام – عُلم أن إمامة عليّ لم تكن من الدين الذي أُمر بتبليغه، بل ولا حديث الموالاة وحديث الثقلين ونحو ذلك مما يُذكر في إمامته. والذي رواه مسلم أنه بغدير خم قال: «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله» فذكر كتاب الله وحضَّ عليه ثم قال: «وعترتي أهل بيتي، أذكِّركم الله [في أهل بيتي]» ثلاثاً. وهذا مما انفرد به مسلم، ولم يروه البخاري، وقد رواه الترمذي وزاد فيه: «وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض». وقد طعن غير واحد من الحفاظ في هذه الزيادة، وقال: إنها ليست من الحديث. والذين اعتقدوا صحتها قالوا: إنما يدل على أن مجموع العترة الذين هم بنو هاشم لا يتفقون على ضلالةٍ. وهذا قاله طائفة من أهل السنّة، وهو من أجوبة القاضي أبي يعلي وغيره. والحديث الذي في مسلم، إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قاله، فليس فيه إلا الوصية باتِّباع كتاب الله. وهذا أمر قد تقدّمت الوصية به في حجة الوداع قبل ذلك، وهو لم يأمر بإتِّباع العترة، ولكن قال: «أذكّركم الله في أهل بيتي» وتذكير الأمة بهم يقتضي أن يذكروا ما تقدّم الأمر به قبل ذلك من إعطائهم حقوقهم، والامتناع من ظلمهم. وهذا أمر قد تقدّم بيانه قبل غدير خُم. فعلم أنه لم يكن في غدير خُم أمر يشرع نزل إذ ذاك، لا في حق عليّ ولا غيره، لا إمامته ولا غيرها. لكن حديث الموالاة قد رواه الترمذي وأحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه». وأما الزيادة وهي قوله: «اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه..» إلخ، فلا ريب أنه كذب. ونقل الأثرم في «سننه» عن أحمد أن العباس سأله عن حسين الأشقر، إنه حدّث بحديثين: أحدهما: قوله لعليّ: إنك ستعرض على البراءة مني فلا تبرأ. والآخر: اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه. فأنكره أبو عبيد جداً، لم يشك أن هذين كذب. وكذلك قوله: أنت أَوْلى بكل مؤمن ومؤمنة، كذب أيضًا. وأما قوله: «من كنت مولاه فعليّ مولاه» فليس هو في الصحاح، لكن هو مما رواه العلماء، وتنازع الناس في صحته، فنُقل عن البخاري وإبراهيم الحربي وطائفة من أهل العلم بالحديث أنهم طعنوا فيه وضعَّفوه، ونُقل عن أحمد بن حنبل أنه حسَّنه كما حسَّنه الترمذي. وقد صنَّف أبو العباس بن عُقْدة مصنَّفًا في جميع طرقه. وقال ابن حزم: «الذي صح من فضائل عليّ فهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» وقوله: "لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله» وهذه صفة واجبة لكل مسلم ومؤمن وفاضل وعهده صلى الله عليه وسلم أن عليًّا: «لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق». وقد صحَّ مثل هذا في الأنصار أنهم «لا يبغضهم من يؤمن بالله واليوم الآخر». قال: «وأما «من كنت مولاه فعليّ مولاه» فلا يصح من طريق الثقات أصلاً. وأما سائر الأحاديث التي يتعلق بها الروافض موضوعه، يعرف ذلك من له أدنى علم بالأخبار ونقلها». فإن قيل: لم يذكر ابن حزم ما في الصحيحين من قوله: «أنت مني وأنا منك» وحديث المباهلة والكساء. قيل: مقصود ابن حزم: الذي في الصحيح من الحديث الذي لا يُذكر إلا عليّ. وأما تلك ففيها ذكر غيره، فإنه قال لجعفر: «أشبهت خلقي وخلقي» وقال لزيد: «أنت أخونا ومولانا». وحديث المباهلة والكساء فيهما ذكر عليّ وفاطمة وحسن وحسين – رضي الله عنهم -، فلا ورد هذا على ابن حزم. ونحن نجيب بالجواب المركّب فنقول: إن لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قاله فلا كلام، وإن كان قاله فلم يرد به قطعاً الخلافة بعده، إذ ليس في اللفظ ما يدل عليه. ومثل هذا الأمر العظيم يجب أن يبلَّغ بلاغًا مبينًا. وليس في الكلام ما يدل دلالة بيّنة على أن المراد به الخلافة. وذلك أن المولى كالولي. والله تعالى قال: }إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ{ [سورة المائدة: 55]، وقال: }وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ{ [سورة التحريم: 4]، فبيَّن أن الرسول وليَّ المؤمنين، وأنهم مواليه أيضاً، كما بيَّن أن الله وليّ المؤمنين، وأنهم أولياؤهم، وأن المؤمنين بعضهم أولياء بعض. فالموالاة ضد المعاداة، وهي تثبت من الطرفين، وإن كان أحد المتواليين أعظم قدراً، وولايته إحسان وتفضل، وولاية الآخر طاعة وعبادة، كما أن الله يحب المؤمنين، والمؤمنون يحبونه. فإن الموالاة ضد المعاداة والمحاربة والمخادعة، والكفّار لا يحبون الله ورسوله، ويُحادّون الله ورسوله ويعادونه. وقد قال تعالى: }لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء{ [سورة الممتحنة: 1]. وهو يجازيهم على ذلك، كما قال تعالى: }فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ{ [سورة البقرة: 279]. وهو وليّ المؤمنين وهو مولاهم يخرجهم من الظلمات إلى النور، وإذا كان كذلك فمعنى كون الله وليّ المؤمنين ومولاهم، وكون الرسول وليهم ومولاهم، وكون عليّ مولاهم، هي الموالاة التي هي ضد المعاداة. والمؤمنون يتولون الله ورسوله الموالاة المضادة للمعاداة، وهذا حكم ثابت لكل مؤمن. فعليُّ – رضي الله عنه – من المؤمنين الذين يتولون المؤمنين ويتولونه. وفي هذا الحديث إثبات إيمان عليّ في الباطن، والشهادة له بأنه يستحق الموالاة باطناً وظاهراً، وذلك يرد ما يقوله فيه أعداؤه من الخوارج والنواصب، لكن ليس فيه أنه ليس للمؤمنين مولى غيره، فكيف رسول الله صلى الله عليه وسلم له موالي، وهم صالحو المؤمنين، فعلي أيضًا له مولى بطريق الأَوْلى والأحرى، وهم المؤمنون الذين يتولونه. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أسلم وغفاراً ومزينة وجهينة وقريشاً والأنصار ليس لهم مولى دون الله ورسوله، وجعلهم موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جعل صالح المؤمنين مواليه والله ورسوله مولاهم. وفي الجملة فرق بين الوليّ والمولى ونحو ذلك وبين الوالي. فباب الولاية – التي هي ضدّ العداوة – شيء، وباب الولاية – التي هي الإمارة – شيء. والحديث إنما هو في الأولى دون الثانية. والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: من كنت واليه فعليّ واليه، وإنما اللفظ «من كنت مولاه فعليّ مولاه». وأما كون المولى بمعنى الوالي، فهذا باطل، فإن الولاية تثبت من الطرفين؛ فإن المؤمنين أولياء الله، وهو مولاهم. وأما كونه أَوْلى بهم من أنفسهم، فلا يثبت إلا من طرفه صلى الله عليه وسلم، وكونه أَوْلى بكل مؤمن من نفسه من خصائص نبوته، ولو قُدِّر أنه نصَّ على خليفة من بعده، لم يكن ذلك موجباً أن يكون أَوْلى بكل مؤمن من نفسه، كما أنه لا يكون أزواجه أمهاتهم، ولو أريد هذا المعنى لقال من كنت أَوْلى به من نفسه فعليّ أَوْلى به من نفسه، وهذا لم يقله، ولم ينقله أحد، ومعناه باطل قطعاً؛ لأن كون النبي صلى الله عليه وسلم أَوْلى بكل مؤمن من نفسه أمر ثابت في حياته ومماته، وخلافة عليّ – لو قدر وجودها – لم تكن إلا بعد موته، لم تكن في حياته، فلا يجوز أن يكون عليٌّ خليفة في زمنه، فلا يكون حينئذ أَوْلى بكل مؤمن من نفسه، بل ولا يكون مولى أحد من المؤمنين، إذا أُريد [به] الخلافة. وهذا مما يدل على أنه لم يُرِد الخلافة؛ فإن كونه وليّ كل مؤمن وصف ثابت له في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، لم يتأخر حكمه إلى الموت. وأما الخلافة فلا يصير خليفة إلا بعد الموت. فعُلم أن هذا ليس حقًّا. وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم هو أَوْلى بالمؤمنين من أنفسهم في حياته وبعد مماته إلى يوم القيامة، وإذا استخلف أحدًا على بعض الأمور في حياته، أو قُدِّر أنه استخلف أحداً على بعض الأمور في حياته، قُدِّر أنه استخلف أحداً بعد موته، وصار له خليفة بنص أو إجماع، فهو بتلك الخلافة وبكل المؤمنين من أنفسهم، فلا يكون قط غيره أولى كل مؤمن من نفسه، لاسيما في حياته. وأما كون عليّ وغيره مولى كل مؤمن، فهو وصف ثابت لعليّ في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد مماته، وبعد ممات عليّ، فعلي اليوم مولى كل مؤمن، وليس اليوم متولياً على الناس. وكذلك سائر المؤمنين بعضهم أولياء بعض أحياءً وأمواتًا . ( المرجع : منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية ، 7 / 313-325) .
|
||
|
08-02-2007, 10:14 AM | #6 | ||
|
رد: كشف شبهات الرافضة ، للشيخ سليمان الخراشي.
الشبهة(5): احتجاجهم بحديث : "أقضاكم علي"
وجوابه : أولاً: فقد قال الإمام الحافظ تقي الدين ابن تيمية أنه حديث غير معروف ولم يروه أحد من كتب السنة وأهل المسانيد المشهورة لا أحمد ولا غيره لا بإسناد صحيح ولا ضعيف، وإنما يروى من طريق من هو معروف بالكذب. نعم قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أُبيّ أقرأنا وعلي أقضانا" وقال ذلك بعد موت أبي بكر رضي الله عنه. وروى الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأعلمها بالفرائض زيد ابن ثابت. وليس فيه ذكر علي ،ضعّفه بعض وحسّنه بعض ، والحديث الذي فيه ذكر علي مع ضعفه اتفاقاً فيه أن معاذ بن جبل أعلم بالحلال والحرام وزيد بن ثابت أعلم بالفرائض. فلو قدر صحة هذا الحديث لكان الأعلم بالحلال والحرام أوسع علماً من الأعلم بالقضاة؛ لأن الذي يختص بالقضاة إنما هو فصل الخصومات في الظواهر مع جواز أن يكون الباطن بخلافه. وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إنكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم أن يكون الحق بحجته من بعض، وإنما أقضي بنحو، فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه؛ فإنما أقطع له قطعة من النار". فقد أخبر سيد القضاة أن قضاه لا يحل الحرام ، بل يحرم على المسلم أن يأخذ بقضاء منا قضى له به من حق الغير، وعلم أن الحلال والحرام يتناول الباطن والظاهر فكان الأعلم به أعلم بالدين وأيضاً أن القضاء نوعان. أحدهما: عند تجاحد الخصمين مثل أن يدعي أحدهما أمراً ينكره الآخر فيه فيحاكم فيه بالبينة ونحوها. الثاني: ما لا يتجاحدان فيه بل يتصادقان ولكن لا يعلمان ما يستحق كل منهما كتنازعهما في قسمة فريضة أو فيما يجب لكل من الزوجين على الآخر أو ما يستحقه كل من الشريكين، ونحو ذلك. فهذا الباب وهو من باب والحلال والحرام، فإذا أفتاهما من يرضيان بقوله كفاهما ذلك ولم يحتاجا إلى من يحكم، وإنما يحتاجان عند التجاحد وذلك إنما يكون في الأغلب مع الفجور، وقد يكون مع النسيان. وأما الحلال والحرام فيحتاج إليه كل أحد من بر وفاجر وما يختص بالقضاء ولا يحتاج إليه إلا قليل من الأبرار. وهذا لما أمر أبو بكر عمر رضي الله عنهما أن يقضي بين الناس مكث حولاً لم يتحاكم اثنان في شيء ولوعد مجموع ما قضى فيه النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغ عشر حكومات، فأين هذا من كلامه صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام الذي هو قوام دين الإسلام ويحتاج إليه الخاص والعام. وقوله صلى الله عليه وسلم أعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل أقرب إلى الصحة باتفاق علماء الحديث من قوله: "أقضاكم علي" لو كان مما يحتج به. وإذا كان أصح سنداً وأظهر دلالة علم أن المحتج به على أن عليًّا أعلم من معاذ بن جبل جاهل فكيف من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما الذين هما أعلم من معاذ بن جبل. والله أعلم. وثانياً نقول: هذا إن ثبت لا حجة فيه لهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصف كل صحابي بما فيه فقال: "أفرضكم زيد، وأقرأكم أبي" ثم لم يكفهم هذا حتى يعدوا وطعنوا في كبار الصحابة طعناً يقتضي التكفير والظلم وهو بهتان، فإن القرآن العزيز قد شهد بعد التهم . ( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 226 – 229 ) .
|
||
|
08-02-2007, 10:15 AM | #7 | ||
|
رد: كشف شبهات الرافضة ، للشيخ سليمان الخراشي.
الشبهة(6): احتجاجهم بحديث : "أنا مدينة العلم وعلي بابها" قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هو أضعف وأوهى من الذي قبله، ولهذا أعده ابن الجوزي في الموضوعات المكذوبات وبيّن وضعه من سائر طرق. والكذب يعرف من نفسه متنه لا يحتاج إلى النظر في إسناده. فإن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان مدينة العلم لم يكن لهذه المدينة إلا باب واحد. ولا يجوز أن المبلغ للعلم عنه واحد بل يجب أن يكون المبلغ عنه أهل التواتر الذين يحصل العلم بخبرهم للغائب دون الواحد. وخبر رواية الواحد لا يفيد العلم إلا مع القرائن فتلك القرائن إما أن تكون متيقنة وإما أن تكون خفية عن كثير من الناس أو أكثرهم فلا يحصل لهم العلم بالقرآن والسنة المتواترة بخلاف النقل المتواتر الذي يحصل به العلم للخاص والعام. وهذا الحديث إنما افتراه زنديق أو جاهل ظنه مدحاً وهو يطرق الزنادقة إلى القدح في علم الدين إذا لم يبلغه إلا واحد من الصحابة رضي الله عنهم، ثم إن هذا خلاف المعلوم بالتواتر فإن جميع مدائن المسلمين بلغهم العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير طريق علي. أما أهل المدينة ومكة فالأمر فيهم ظاهر وكذلك أهل الشام والبصرة فإن هؤلاء لم يكونوا يرون عن علي رضي الله عنه إلا قليلاً، وإنما غالب علمه كان في أهل الكوفة ومع هذا فقد كانوا يعلمون القرآن والسنة قبل أن يتولى عثمان بن عفان، فضلاً عن خلافة علي وكان أفقه أهل المدينة وأعلمهم، تعلموا الدين في خلافة عمر رضي الله عنه. وقبل ذلك لم يتعلم أحد منهم من علي إلا من تعلم منه لما كان باليمن كما تعلموا من معاذ بن جبل وكان مقام معاذ في أهل اليمن وتعليمه أكثر من مقام علي وتعليمه ورووا عن معاذ أكثر مما رووا عن علي وشريح وغيره من أكابر التابعين، إنما تفقهوا على معاذ ولما قدم على الكوفة كان شريح قاضياً فيها قبل ذلك، وعلي وجه على القضاء في خلافته شريحاً وعبيدة السلماني وكلاهما تفقه على غيره. فإذا كان علم الإسلام بالحجاز والشام واليمن والعراق وخراسان ومصر والمغرب قبل أن يقدم على الكوفة. لما صار إلى الكوفة عامة ما بلغه من العلم غيره من الصحابة رضي الله عنهم ولم يختص علي رضي الله عنه بتبليغ شيء من العلم إلا وقد اختص غيره بما هو أكثر منه فالتبليغ للعلم الحاصل بالولاية حصل لأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أكثر مما حصل لعلي رضي الله عنه، وأما الخاص فابن عباس رضي الله عنه كان أكثر فتيا من علي رضي الله عنهما، وأبو هريرة رضي الله عنه كان أكثر رواية منه، وعلي رضي الله عنه أعلم منهما كما أن أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم كانوا أعلم منهما. فإن الخلفاء الراشدين قاموا من تبليغ العلم العام بما كان لناس أحوج إليه مما بلغه بعض أهل العلم الخاص. وأما ما يرويه بعض أهل الجهل والكذب من اختصاص علي رضي الله عنه بعلم انفرد به عن الصحابة فكله باطل، وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قيل له هل عندكم من رسول الله ؟ صلى الله عليه وسلم فقال: " لا والذي فلق الحبة وبرأ نسمة إلا فهم يؤتيه الله تعالى عبداً في كتابه وما في هذه الصحيفة" وكان فيها عقول الديات أي أسنان الإبل التي يجب في الدية وفيها فكاك الأسير وفيها أن لا يقتل المسلم بكافر. وفي لفظ: هل عهد إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً لم يعهده إلى الناس؟ فنفى ذلك. إلى غير ذلك من الأحاديث الثابتة عنه التي تدل على أن كل من ادعى أن النبي صلى الله عليه وسلم خصَّه بعلم فقد كذب عليه. وما يقوله بعض الجهال أنه شرب من غسل النبي صلى الله عليه وسلم فأورثه علم الأولين والآخرين. من أقبح الكذب البارد، فإن شرب غسل الميت ليس بمشروع ولا شرب علي رضي الله عنه شيئاً، ولو كان هذا يوجب العلم لشركه فيه كل من حضر، ولم يرو هذا أحد من أهل العلم وكذا قولهم: أنه كان عنده علم باطن امتاز به عن أبي بكر وعمر وغيرهما. فهذا من مقالات الملاحدة الباطنية الذين هم أكفر من الرافضة بل فيهم من الكفر ما ليس في اليهود والنصارى كالذين يعتقدون ألوهيته ونبوته، أو أنه كان أعلم من النبي × أو أنه كان معلماً للنبي صلى الله عليه وسلم في الباطن ونحو هذه المقالات الشنيعة السخيفة التي لا تصدر إلا من الغلاة في الكفر والإلحاد". قلت: على أن هذا الحديث قد روي غيره في بقية الخلفاء الأربعة. فروى صاحب مسند الفردوس وغيره مرفوعاً: "أن دار الحكمة وأبو بكر أساسها وعمر حيطانها وعثمان سقفها وعلى ومعاوية خلفها". فينبغي تأمل هذا الحديث وإن كان ضعيفاً كحديث علي. كيف جعل الصدِّيق والفاروق وذي النورين من أصل بناء الدار وعليًّا باب ذلك البناء الذي هو النبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم أنه لا يتم البناء إلا بالأساس والحيطان والسقوف والباب يدخل فيه إليهما؟!. والله أعلم. ( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 229 – 235 ) .
|
||
|
08-02-2007, 10:17 AM | #8 | ||
|
رد: كشف شبهات الرافضة ، للشيخ سليمان الخراشي.
الشبهة(7): احتجاجهم بحديث الطير
المروي عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عنده يوماً طير فقال: "اللهم ائتني بأحب الخلق إليك يأكل معي هذا الطير" فجاء علي رضي الله عنه فأكل معه. رواه الترمذي وقال: حديث غريب. واستطابه وقال: "اللهم أدخل إليّ أحب خلقك إليك". وأنس رضي الله عنه بالباب فجاء علي بن أبي طالب فقال: يا أنس! استأذن لي علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه على حاجة فدفع، في صدره ودخل فقال: يوشك أن يحال بيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهم والِ من والاه". وفي الكامل لابن عدي في ترجمة جعفر بن سليمان الضبعي أن الطير المشوي كان حجلاً وفي ترجمة جعفر بن ميمون أنه كان حيارى. قال الحاكم: قد رواه عن أنس أكثر منه. وجوابه: قال الشيخ العلامة ابن قيم الجوزية في كتابه "الرد على الرافضة": أن هذا حديث لم يرد في الصحيح ولا صححه أحد من الأئمة، وهو من الكذب الموضوع عند أهل المعرفة بالنقل، قال الحافظ أبو موسى المديني: قد جمع غير واحد من الحفاظ طرق حديث الطير للاعتبار والمعرفة كالحاكم النيسابوري وأبى نعيم وابن مردويه وسئل عنه الحاكم فقال: لا يصح. ثانياً: وهو معارض بالأحاديث الصحيحة مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً" الحديث. وقوله عليه السلام لما سئل: أي الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة"، قيل: فمن الرجال؟ قال: أبوها. الحديث. وبقول الصحابة رضي الله عنهم: "أبو بكر خيرنا وسيدنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن قاله عمر رضي الله عنه بين المهاجرين والأنصار ولم ينكره عليه أحد. ثالثاً: نقول لا يخفى على البصير أن أكل الطير ليس فيه أمر عظيم يناسب أن يجيء أحب الخلق إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فيأكل منه على أن إطعام الطعام مشروع مطلوب للبر والفاجر. رابعاً: ما قاله الشيخ أبو محمد إبراهيم الفاروقي رحمه الله: وهو أنه لا شك أن في ذلك الوقت كانا اليأس والخضر عليهما السلام، كانا يأكلان الطعام وما حضرا وإنما المعنى بأحب خلقك إليك أن يأكل معي، ولا شك أن كل علوي وعلوية يأكل من طعمه النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من طعمه الصديقين والعمريين والعثمانيين فدل ذلك على أن مراده صلى الله عليه وسلم مراد الحق سبحانه وتعالى. وهذا كما يقال: هذه الشربة أعذب الشراب، أي: عندي، وهذا الفاكهة ألذ الفاكهة، أي: في مساغي. وهذه الجمل التفضيلية كقولنا أحب وأفضل ما لم يكن مؤكدة فهي محتملة وإن أكدت أو أدخل في أولها ففي قوله: ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين أفضل من أبي بكر، فهذا لا احتمال فيه إذ النفي أزال الاحتمال إلى آخر ما قاله. وقال الإمام العلامة خاتم المحققين سعد الدين التفتازاني رحمه الله في شرح المقاصد: قوله: "بأحب خلقك" يحتمل تخصيص أبي بكر رضي الله عنه عملاً بالأدلة على أفضليته. قال: ويحتمل أن يراد بأحب الخلق في أن يأكل الطير معي. وقيل: بأحب الخلق من ذوي القرابة القريبة. وإنما طلب ذلك لأن أبر البر ذي رحم. أو نقول: المراد: ائتني بمن هو من أحب الخلق إليك، كما يقال: أعقل الناس وأفضلهم، أي: من أعقلهم وأفضلهم. وقال العلامة التوربشتي: ومما يبين لك عن حمله على العموم غير جائز إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حمله خلق الله عز وجل، ولا يجوز أن يكون علي رضي الله عنه أحب إليه منه. فإن قيل ذلك شيء عرف بأصل الشرع. قلنا: ما نحن فيه أيضاً شيء عرف بالنصوص الصريحة وإجماع الأمة فلا يتخذ الجاهل المبتدع هذا الحديث وسيلة إلى الطعن في خلافة أبي بكر رضي الله عنه التي هي أول حكم أجمع عليه المسلمون في هذه الأمة، وأقوم عماد أقيم به الدين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحابي الذي نسب إليه رواية حديث الطير ممن دخل في هذا الإجماع واستقام عليه مدة عمره ولم ينقل عنه خلافه. ثم قال ابن تيمية: اعلم أن كل ما يظن أن فيه دلالة على فضيلة غير أبي بكر رضي الله عنه، فإما أن يكون كذباً على النبي صلى الله عليه وسلم، وإما أن يكون لفظاً مجملاً لا دلالة فيه. وأما النصوص المفضلة لأبي بكر فصحيحة صريحة مع دلالات أخرى من القرآن والإجماع. والاعتبار والاستدلال كما ذكرنا. والله أعلم. ( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 236 – 243 ) . ـــــــــ وقال شيخ الإسلام ردًا على هذه الشبهة : قال الرافضي: الثامن: خبر الطائر. روى الجمهور كافة أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بطائر، فقال:" اللهم! ائتني بأحب خلقك إليك وإليّ، يأكل معي من هذا الطائر، فجاء عليّ، فدق الباب، فقال أنس: إن النبي صلى الله عليه وسلم على حاجة، فرجع. ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أولاً، فدق الباب، فقال أنس: ألم أقل لك إنه على حاجة؟ فانصرف، فعاد النبي صلى الله عليه وسلم، فعاد عليّ فدق الباب أشد من الأولين، فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم، فأذن له بالدخول، وقال: ما أبطأك عني؟ قال: جئت فردني أنس، ثم جئت فردني [أنس]، ثم جئت فردني الثالثة، فقال: يا أنس! ما حملك على هذا؟ فقال: رجوت أن يكون الدعاء لرجل من الأنصار، فقال: يا أنس! أو في الأنصار خير من عليّ؟ أو في الأنصار أفضل من عليّ؟ فإذا كان أحب الخلق إلى الله، وجب أن يكون هو الإمام». والجواب من وجوه: أحدها: المطالبة بتصحيح النقل. وقوله: «روى الجمهور كافة» كذب عليهم؛ فإن حديث الطير لم يروه أحد من أصحاب الصحيح، ولا صححه أئمة الحديث، ولكن هو مما رواه بعض الناس، كما رووا أمثاله في فضل غير عليّ، بل قد رُوي في فضائل معاوية أحاديث كثيرة، وصُنِّف في ذلك مصنفات. وأهل العلم بالحديث لا يصححون لا هذا ولا هذا. الثاني: أن حديث الطائر من المكذوبات الموضوعات عند أهل العلم والمعرفة بحقائق النقل. قال أبو موسى المديني: «قد جمع غير واحد من الحفَّاظ طرق أحاديث الطير للاعتبار والمعرفة، كالحاكم النيسابوري، وأبي نُعيم، وابن مروديه. وسئل الحاكم عن حديث الطير فقال: "لا يصح». هذا مع أن الحاكم منسوب إلى التشيع، وقد طُلب منه أن يروي حديثاً في فضل معاوية فقال: ما يجئ من قلبي، ما يجيء من قلبي، وقد ضربوه على ذلك فلم يفعل. وهو يروي في «الأربعين» أحاديث ضعيفة بل موضوعة عند أئمة الحديث، كقوله: بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، لكن تشيعه وتشيع أمثاله من أهل العلم بالحديث، كالنسائي وابن عبد البر وأمثالهما، لا يبلغ إلى تفضيله على أبي بكر وعمر، فلا يعرف في علماء الحديث من يفضِّله عليهما بل غاية المتشيع منهم أن يفضله على عثمان، أو يحصل منه كلام أو إعراض عن ذكر محاسن من قاتله ونحو ذلك، لأن علماء الحديث قد عصمهم وقيدهم ما يعرفون من الأحاديث الصحيحة الدالة على أفضلية الشيخين، ومن ترفّض ممن له نوع اشتغال بالحديث كابن عُقدة وأمثاله، فهذا غايته أن يجمع ما يُروى في فضائله من المكذوبات والموضوعات، لا يقدر أن يدفع ما تواتر من فضائل الشيخين، فإنها باتفاق أهل العلم بالحديث أكثر مما صح في فضائل عليّ وأصح وأصرح في الدلالة. وأحمد بن حنبل لم يقل: إنه صحّ لعليّ من الفضائل ما لم يصح لغيره، بل أحمد أجلّ من أن يقول مثل هذا الكذب، بل نُقل عنه أنه قال: «رُوي له ما لم يُرو لغيره» مع أن في نقل هذا عن أحمد كلاماً ليس هذا موضعه. الثالث: أن أكل الطير ليس فيه أمر عظيم يناسب أن يجيء أحب الخلق إلى الله ليأكل منه، فإن إطعام الطعام مشروع للبرّ والفاجر وليس في ذلك زيادة وقربة عند الله لهذا الآكل، ولا معونة على مصلحة دين ولا دنيا، فأي أمر عظيم هنا يناسب جعل أحب الخلق إلى الله يفعله؟! الرابع: أن هذا الحديث يناقض مذهب الرافضة؛ فإنهم يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أن عليًّا أحب الخلق إلى الله، وأنه جعله خليفة من بعده. وهذا الحديث يدل على أنه ما كان يعرف أحب الخلق إلى الله. الخامس: أن يقال: إما أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرف أن عليًّا أحب الخلق إلى الله، أو ما كان يعرف. فإن كان يعرف ذلك، كان يمكنه أن يرسل يطلبه، كما كان يطلب الواحد من الصحابة، أو يقول: اللهم! ائتني بعليّ فإنه أحب الخلق إليك. فأي حاجة إلى الدعاء والإبهام في ذلك؟! ولو سَمَّى عليًّا لاستراح أنس من الرجاء الباطل، ولم يغلق الباب في وجه عليّ. وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرف ذلك، بطل ما يدَّعونه من كونه كان يعرف ذلك، ثم إن في لفظه: «أحب الخلق إليك وإليّ» فكيف لا يعرف أحب الخلق إليه؟! السادس: أن الأحاديث الثابتة في الصحاح، التي أجمع أهل الحديث على صحتها وتلقّيها بالقبول، تناقض هذا، فكيف تعارض بهذا الحديث المكذوب الموضوع الذي لم يصححوه؟! يبيّن هذا لكل متأملٍ ما في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما من فضائل القوم، كما في الصحيحين أنه قال: «لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً». وهذا الحديث مستفيض، بل متواتر عند أهل العلم بالحديث؛ فإنه قد أُخرج في الصحاح من وجوه متعددة، من حديث ابن مسعود وأبي سعيد وابن عباس وابن الزبير، وهو صريح في أنه لم يكن عنده من أهل الأرض أحد أحب إليه من أبي بكر؛ فإنه الخلة هي كمال الحب، وهذا لا يصلح إلا لله، فإذا كانت ممكنة، ولم يصلح لها إلا أبو بكر، عُلم أنه أحب الناس إليه. وقوله في الحديث الصحيح لما سئل: «أيّ الناس أحب إليك؟ قال: عائشة» قيل: من الرجال؟ قال: «أبوها». وقول الصحابة: «أنت خيرنا وسيدنا وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم» يقوله عمر بين المهاجرين والأنصار، ولا ينكر ذلك منكر. وأيضاً فالنبي صلى الله عليه وسلم محبته تابعة لمحبة الله، وأبو بكر أحبهم إلى الله تعالى، فهو أحبهم إلى رسوله. وإنما كان كذلك لأنه أتقاهم [وأكرمهم]، وأكرم الخلق على الله تعالى أتقاهم بالكتاب والسنة. وإنما كان أتقاهم؛ لأن الله تعالى قال: }وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى* إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى{ [سورة الليل: 17-21]. وأئمة التفسير يقولون: إنه أبو بكر. ونحن نبيّن صحة قولهم بالدليل فنقول: الأتقى قد يكون نوعاً، وقد يكون شخصاً. وإذا كان نوعاً فهو يجمع أشخاصاً. فإن قيل: إنهم ليس فيهم شخص هو أتقى، كان هذا باطلاً؛ لأنه لا شك أن بعض الناس أتقى من بعض، مع أن هذا خلاف قول أهل السنة والشيعة، فإن هؤلاء يقولون: إن أتقى الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الأمة هو أبو بكر، وهؤلاء يقولون: هو عليّ. وقد قال بعض الناس: هو عمر. ويُحكى عن بعض الناس غير ذلك. ومن توقف أو شَكَّ لم يقل: إنهم مستوون في التقوى. فإذا قال: إنهم متساوون في الفضل، فقد خالف إجماع الطوائف. فتعين أن يكون هذا أتقى. وإن كان الأتقى شخصًا، فإما أن يكون أبا بكر أو عليًّا، فإنه إذا كان اسم جنس يتناول من دخل فيه، وهو النوع، وهو القسم الأول، أو معيناً غيرهما. وهذا القسم منتفٍ باتفاق أهل السنة والشيعة، وكونه عليًّا باطل أيضًا؛ لأنه قال: }وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى{ [سورة الليل: 17-21]. وهذا الوصف منتفٍ في عليّ لوجوه: أحدها: أن هذه السورة مكية بالاتفاق، وكان عليٌّ فقيراً بمكة في عيال النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن له مالٌّ ينفق منه، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ضمّه إلى عياله لما أصابت أهل مكة سنة. الثاني: أنه قال: }وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى{ [سورة الليل: 19]. وعليّ كان للنبي صلى الله عليه وسلم عنده نعمة تجزى، وهو إحسانه إليه لما ضمه إلى عياله. بخلاف أبي بكر؛ فإنه لم يكن له عنده نعمة دنيوية، لكن كان له عنده نعمة الدين، وتلك لا تُجزى؛ فإن أجر النبي صلى الله عليه وسلم فيها على الله، لا يقدر أحد يجزيه. فنعمة النبي صلى الله عليه وسلم عند أبي بكر دينية لا تجزى، ونعمته عند عليّ دنيوية تجزى، ودينية. وهذا الأتقى ليس لأحد عنده نعمة تُجزى، وهذا الوصف لأبي بكر ثابت دون عليّ. فإن قيل: المراد به أنه أنفق ماله لوجه الله، لا جزاء لمن أنعم عليه، وإذا قُدِّر أن شخصًا أعطى من أحسن إليه أجرًا، وأعطى شيئًا آخر لوجه الله، كان هذا مما ليس لأحد عنده من نعمة تجزى. قيل: هب أن الأمر كذلك، لكن عليّ لو أنفق لم ينفق إلا فيما يأمره به النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي له عنده نعمة تجزى، فلا يخلص إنفاقه عن المجازاة، كما يخلص إنفاق أبي بكر. وعليّ أتقى من غيره لكن أبا بكر أكمل في وصف التقوى، مع أن لفظ الآية أنه ليس عنده قط لمخلوق نعمة تُجزى، وهذا وصف من يجازي الناس على إحسانهم إليه، فلا يبقى لمخلوق عليه منّة، وهذا الوصف منطبق على أبي بكر انطباقاً لا يساويه فيه أحد من المهاجرين؛ فإنه لم يكن في المهاجرين: - عمر وعثمان وعليّ وغيرهم – رجل أكثر إحساناً إلى الناس، قبل الإسلام وبعده، بنفسه وماله من أبي بكر. كان مؤلفاً محبباً يعاون الناس على مصالحهم، كما قال فيه ابن الدُّغُنَّة سيد الفارة لما أراد أن يخرج من مكة: «مثلك يا أبا بكر لا يَخْرُج ولا يُخْرَج؛ فإنك تحمل الكلَّ، وتًقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق». وفي صلح الحديبية لما قال لعروة بن مسعود: «امصص بظر اللات، نحن نفر عنه وندعه؟ قال لأبي بكر: لولا يَدٌ لك عندي لم أجزك بها أجبتك». وما عُرف قط أن أحداً كانت له يدٌ على أبي بكر في الدنيا، لا قبل الإسلام ولا بعده، فهو أحق الصحابة: }وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى{، فكان أحق الناس بالدخول في الآية. وأما عليّ – رضي الله عنه – فكان للنبي صلى الله عليه وسلم نعمة دنيوية. وفي المسند لأحمد أن أبا بكر – رضي الله عنه – كان يَسْقُط السوط من يده فلا يقول لأحد: ناولني إياه. ويقول: إن خليلي أمرني أن لا أسأل الناس شيئًا. وفي المسند والترمذي وأبي داود حديث عمر، قال عمر: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدّق، فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر، إن سبقته يوماً. فجئت بنصف مالي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أبقيت لأهلك؟» فقلت: مثله. قال: وأتى أبو بكر بكل ما عنده. فقال: أبقيت لهم الله ورسوله. فقلت: لا أسابقك إلى شيءٍ أبدًا». فأبو بكر – رضي الله عنه – جاء بماله كله، ومع هذا فلم يكن يأكل من أحد: لا صدقةً ولا صلةً ولا نذراً، بل كان يتّجر ويأكل من كسبه، ولما تولى الناس واشتغل عن التجارة أكل من مال الله ورسوله الذي جعله الله له، لم يأكل من مال مخلوق. وأبو بكر لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يعطيه شيئاً من الدنيا يخصه به، بل كان في المغازي كواحد من الناس، بل يأخذ من ماله ما ينفقه على المسلمين، وقد استعمله النبي صلى الله عليه وسلم وما عُرف أنه أعطاه عمالة، وقد أعطي عمر عمالة وأعطي عليًّا من الفيء، وكان يعطى المؤلَّفة قلوبهم من الطلقاء وأهل نجد، والسابقون الأولون المهاجرين والأنصار لا يعطيهم، كما فعل في غنائم حُنين وغيرها، يقول: «إني لأعطي رجالاً وأدع رجالاً، والذي أدع أحب إليّ من الذي أعطي، أعطي رجالاً لما في قلوبهم من الجزع والهلع، وأَكِل رجالاً إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير». ولما بلغه عن الأنصار كلام سألهم عنه، فقالوا: يا رسول الله! أما ذوو الرأي منّا فلم يقولوا شيئًا، وأما أناس منا حديثة أسنانهم، فقالوا: يغفر الله لرسول الله، يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإني أعطي رجالاً حديثي عهد بكفر يألِّفهم، أفلا ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعوا إلى رحالكم برسول الله، فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به» قالوا: بلى يا رسول الله قد رضينا. قال: «فإنكم ستجدون بعدي أثرة شديدة، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله على الحوض» قالوا: سنصبر». وقوله تعالى: }وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى{ [سورة الليل: 17-21] استثناء منقطع. والمعنى: لا يقتصر في العطاء على من له عنده يد يكافئه بذلك؛ فإن هذا من العدل الواجب للناس بعضهم على بعض، بمنزلة المعاوضة في المبايعة والمؤاجرة. وهذا واجب لكل أحد على كل أحد، فإذا لم يكن لأحد عنده نعمة تجزى لم يحتج إلى هذه المعادلة، فيكون عطاؤه خالصاً لوجه ربه الأعلى، بخلاف من كان عنده لغيره نعمة يحتاج أن يجزيه لها، فإنه يحتاج أن يعطيه مجازاة له على ذلك، وهذا الذي ما لأحد عنده من نعمة تجزى إذا أعطى ماله يتزكّى، فإنه في معاملته للناس يكافئهم دائماً ويعاونهم ويجازيهم، فحين أعطاه الله ماله يتزكى لم يكن لأحد عنده من نعمة تجزى. وفيه أيضاً ما يبين أن التفضيل بالصدقة لا يكون إلا بعد أداء الواجبات من المعاوضات. كما قال تعالى: }وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ{ [سورة البقرة: 219]، ومن تكون عليه ديون وفروض وغير ذلك أداها، ولا يقدّم الصدقة على قضاء هذه الواجبات، ولو فعل ذلك: فهل ترد صدقته؟ على قولين معروفين للفقهاء. وهذه الآية يحتج بها من تُرد صدقته، لأن الله إنما أثنى على من آتى ماله يتزكّى، وما لأحد عنده من نعمة تجزى، فإذا كان عنده نعمة تجزى فعليه أن يجزيها قبل أن يؤتى ماله يتزكّى، فأما إذا آتى ماله يتزكّى قبل أن يجزيها لم يكن ممدوحاً، فيكون عمله مردوداً، لقوله عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ». الثالث: أنه قد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما نفعني مال كمال أبي بكر»، وقال: «إن أمنّ الناس علينا في صحبته ذات يده أبو بكر»، بخلاف عليّ – رضي الله عنه – فإنه لم يذكر عنه النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً من إنفاق المال، وقد عُرف أن أبا بكر اشترى سبعة من المعذَّبين في الله في أول الإسلام، وفعل ذلك ابتغاءً لوجه ربّه الأعلى، لم يفعل ذلك كما فعله أبو طالب، الذي أعان النبي صلى الله عليه وسلم لأجل نسبه وقرابته، لا لأجل الله تعالى ولا تقرباً إليه. وإن كان «الأتقى» اسم جنس، فلا ريب أنه يجب أن يدخل فيه أتقى الأمة، والصحابة خير القرون، فأتقاها أتقى الأمة، وأتقى الأمة [إما] أبو بكر وإما عليّ وإما غيرهما. والثالث منتفٍٍ بالإجماع، وعليّ إن قيل: إنه يدخل في هذا النوع، لكونه بعد أن صار له مال آتى ماله يتزكّى، فيقال: أبو بكر فعل ذلك في أول الإسلام وقت الحاجة إليه، فيكون أكمل في الوصف، الذي يكون صاحبه هو الأتقى. وأيضاً فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يقدّم الصديق في المواضع التي لا تحتمل المشاركة، كاستخلافه في الصلاة والحج، ومصاحبته وحده في سفر الهجرة، ومخاطبته وتمكينه من الخطاب، والحكم والإفتاء بحضرته ورضاه بذلك، إلى غير ذلك من الخصائص التي يطول وصفها. ومن كان أكمل في هذا الوصف، كان أكرم عند الله، فيكون أحب إليه فقد ثبت بالدلائل الكثيرة أن أبا بكر هو أكرم الصحابة في الصدِّيقية. وأفضل الخلق بعد الأنبياء الصدِّيقون، ومن كان أكمل في ذلك كان أفضل. وأيضاً فقد ثبت في النقل الصحيح عن عليّ أنه قال: «خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر» واستفاض ذلك وتواتر عنه، وتوعّد بجلد المفتري من يفضّله عليه، وروي عنه أنه سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ريب أن عليًّا لا يقطع بذلك إلا عن علم. وأيضاً فإن الصحابة أجمعوا على تقديم عثمان الذي عمر أفضل منه وأبو بكر أفضل منهما. وهذه المسألة مبسوطة في غير هذا الموضع، يقدّم بعض ذلك، ولكن ذُكر هذا لنبين أن حديث الطير من الموضوعات. ( المرجع : منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية ، 7 / 369-385) .
|
||
|
08-02-2007, 10:18 AM | #9 | ||
|
رد: كشف شبهات الرافضة ، للشيخ سليمان الخراشي.
الشبهة(8): احتجاجهم بقوله تعالى: (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ)
وفي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه: أنها نزلت في المختصمين يوم بدر وأول من برز من المؤمنين علي وحمزة وعبيدة بن الحارث. لعتبة وشيبة والوليد بن عتبة. وجوابه: إن هذه الآية ليست أيضاً من خصائص علي رضي الله عنه بل هي مشتركة بينه وبين حمزة وعبيدة بن الحارث بل سائر البدريين يشاركون في هذه الخصومة، ولو فرضنا أنها نزلت في المبارزين فلا تدل أنهم أفضل من غيرهم بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين وأبا بكر وعمر وعثمان وغيرهم أفضل من عبيدة بن الحارث باتفاق أهل السنة. والشيعة ليسوا من أهل السنة فهذه منقبة لهم وفضيلة. وليست من الخصائص التي يوجب كون صاحبها أفضل من غيره. والله أعلم. ( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 247 – 248 ) .
|
||
|
08-02-2007, 10:19 AM | #10 | ||
|
رد: كشف شبهات الرافضة ، للشيخ سليمان الخراشي.
الشبهة(9): احتجاجهم بسورة: (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ)
حيث ادعت الرافضة أنها نزلت لما تصدقت فاطمة على مسكين ويتيم وأسير. وجوابه: إن هذا كذب محض؛ لأن سورة (هَلْ أَتَى) مكية بالإجماع، والحسن والحسين ولدا بعد أن تزوج علي بفاطمة رضي الله عنهم، وهو إنما تزوجها بعد غزوة بدر بالمدينة باتفاق أهل العلم. وبتقدير صحتها ليس فيه ما يدل على أن من أطعم مسكيناً ويتيماً وأسيراً كان أفضل الأمة، ولا أفضل الصحابة رضي الله عنهم بل الآية متناولة لكل من فعل هذا الفعل وهي تدل على استحقاقه لثواب الله عز وجل، وغير هذا العمل من الإيمان والصلوات في مواقيتها والجهاد في سبيل الله عز وجل وغير ذلك أفضل من هذا العمل بالإجماع. والله أعلم. ( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 248 – 250 ) .
|
||
|
08-02-2007, 10:20 AM | #11 | ||
|
رد: كشف شبهات الرافضة ، للشيخ سليمان الخراشي.
الشبهة(10): ادعاؤهم أن عليًا رضي الله عنه أعلم الصحابة أورد الخبيث الضال المعروف بابن المطهر الرافضي في رسالته المسماة " منهاج الكرامة " من شبههم شيئاً كثيراً ؛وقد ردَّ عليه الأئمة الأعلام من مشايخ الإسلام بالنصوص القواطع جم غير ونثراً ونظماً منهم السبكي وابن تيمية ومجد الدين الفيروز آبادى صاحب القاموس وغيرهم. فمما قاله ابن المطهر هذا وأتباعه أن عليًّا رضي الله عنه كان أكثر الصحابة علماً فردَّ عليه الشيخ مجد الدين الفيروز آبادى فقال في رسالته المسماة "بالقضاب المشتهر على رقاب ابن المطهر" : هذه الدعوى كذب صراح وافتراء. لأن علم الصحابي رضي الله عنه إنما يعرف بأحد وجهين: أحدهما: كثرة روايته وفتاواه. والثاني: كثرة استعمال النبي صلى الله عليه وسلم إياه، فمن المحال أن يستعمل النبي صلى الله عليه وسلم من لا علم له، وهذا أكبر الشهادات وأبينها على العلم وسعته فنظرنا في ذلك فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم قد ولى أبا بكر للصلاة بحضرته طول علته وجميع أكابر الصحابة رضي الله عنهم حضور كعلي وعمر وعثمان وابن مسعود وأبي وغيرهم فآثره على جميعهم. وهذا بخلاف استخلافه صلى الله عليه وسلم عليًّا في الغزو؛ لأنه ما استخلفه إلا على النساء والصبيان وذوي الأعذار فوجب ضرورة أن يعلم أن أبا بكر رضي الله عنه أعلم الناس بالصلاة وشرائعها. وأعلم من المذكورين بها وهي عمود الدين. ووجدنا صلى الله عليه وسلم قد استعمله على الصدقات ، فوجب ضرورة أن يكون عنده من علم الصدقات، كالذي عند غيره من علماء الصحابة لا أقل منه. وربما كان أكثر أما ترى الفقهاء قاطبة. إنما اعتمدوا على الحديث الذي رواه أبو بكر رضي الله عنه في الزكاة جعلوه أصلاً فيها. ولم يعرجوا على ما رواه غيره. وأما الحديث الذي رواه علي رضي الله عنه فأعرضوا عنه بالكلية، وطريقة مضطرب وفيه ما لم يقل به أحد من الأئمة؛ فإن فيه في كل خمس وعشرين من الإبل خمس شاة لا غيره، وهذا مما لا قائل به أحد من الأئمة فكان أبو بكر رضي الله عنه أعلم بالزكاة التي هي أحد أركان الدين. وأما الحج فإنه لما فرض سنة تسع على الصحيح بادر صلى الله عليه وسلم وجهز المسلمين حيث لم يتفرغ بنفسه، ولبيان جواز التأخير وأمر عليهم أبا بكر رضي الله عنه ليعلم الناس المناسك ومن المستحيل تقديمه في هذا الأمر الخطير المشتمل على علوم لا يشتمل عليها شيء من قواعد الدين. وثم من هو أعلم منه. فلما حج وكانت سورة براءة مشتملة على كثير من المناسك وعلى مناقب أبي بكر رضي الله عنه أرسل عليًّا رضي الله عنه ليقرأها على الناس، فلما قدم علي قال له أبو بكر: أمير أو مأمور؟ فقال: بل مأمور، فقرأه على الناس ليستمع الناس مناقب أبي بكر من لسان علي رضي الله عنه ليكون أوقع في النفوس وأدخل في القلوب والرؤوس ويكون أعلى في إظهاره لفضل أبي بكر رضي الله عنه وأدل على علو قدره. وأما قوله هذا المارق الخبيث أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف أبا بكر لدفع شره والمنع من إذاعة شره، فلا دليل فيه على شرفه وفخره، فهو كلام يشم منه رائحة الكفر والعناد وبرهان على جهل قائله بالأحاديث الصحيحة المشحونة بها دواوين الإسلام المبينة بها للمقصود من استصحابه المبينة بها مضاعفة أنسه ووده وحسانه كما سنبينه قريباً إن شاء الله ونعوذ بالله من الخذلان. ثم وجدناه صلى الله عليه وسلم قد استعمله على البعوث فصح أن عنده علم أحكام الجهاد ومثل ما عند سائر من استعمله صلى الله عليه وسلم على البعوث في الجهاد فعند أبي بكر رضي الله عنه من الجهاد والعلم به كالذي عند علي رضي الله عنه وسائر أمراء البعوث لا أكثر ولا أقل فقد صح التقدم لأبي بكر رضي الله عنه على علي رضي الله عنه وعلى سائر الصحابة رضي الله عنهم في علم الصلاة والزكاة والحج وساواه في علم الجهاد فهذه عمدة العلم. ثم وجدناه صلى الله عليه وسلم قد ألزم نفسه في جلوسه ومسافرته وظعنه وإقامته أبا بكر رضي الله عنه فشاهد أحكامه وفتاواه أكثر من مشاهدة علي رضي الله عنه فصح أن أبا بكر أعلم بها فهل بقيت من العلم بقية ألا وهو المقدم فيها فبطل دعواهم في العلم. وأما الرواية والفتاوى فأمر واضح من الشمس أظهر من ضوء النهار أنه كان أرسخ قدماً فيها، ذلك أن أبا بكر رضي الله عنه لم يعش بعد رسول صلى الله عليه وسلم غير سنتين وستة أشهر وهو لم يبرح من طيبة إلا للحج أو عمرة ولا شرق ولا غرب ولا طاف البلاد كغيره. والصحابة رضي الله عنهم إذ ذاك متوافرون وقريبو العهد بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم وعند كل أحد من العلم والرواية ما يحتاج إليه غالباً. ومع ذلك روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة وستة وثلاثون حديثاً. وعلي رضي الله عنه عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من ثلاثين سنة شرقاً ومغرباً من بلد على بلد ومن قطر إلى قطر، وسكن الكوفة أعواماً وكثر الاحتياج إلى الأحاديث والعلم وتزاحم عليه السؤال والمقبلون وتراكم طالبوا الرواية والمسترشدون، ولم يرد مع ذلك إلا خمسمائة حديث وخمس وثمانين حديثاً يصح منها خمسون حديثاً. فإذا نسبت مدته وعدد أحاديثه إلى أحاديثه تبين لك أن أبا بكر رضي الله عنه أكثر حديثاً وأكثر رواية من علي رضي الله عنه بشيء كثير وهذا مما لا يخفى على أحد. دع هذا. عاش علي رضي الله عنه بعد عمر رضي الله عنه تسعة عشر سنة وسبعة أشهر. ومسند عمر رضي الله عنه خمسمائة حديث وسبعة وثلاثون حديثاً يصح منها خمسون حديثاً، مقدار ما صح من حديث علي إلا حديثاً واحداً أو حديثين، فأنظر هذه المدة الطويلة ولقاء الناس إياه وكثرة الحاجة من المسلمين إلى الرواية ولم يزد علي عمر رضي الله عنه إلا حديثاً واحداً فعلم أن عمر رضي الله عنه كان أضعاف علم علي رضي الله عنه بذلك. وبرهان أن كل من طال عمره من الصحابة رضي الله عنهم تجد الرواية عنه أكثر ومن قصر عمره قلَّت روايته. فعلم أن علم أبي بكر رضي الله عنه كان أضعاف ما كان عند علي رضي الله عنه من العلم. ( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 251 – 256 ) .
|
||
|
08-02-2007, 10:21 AM | #12 | ||
|
رد: كشف شبهات الرافضة ، للشيخ سليمان الخراشي.
الشبهة(11): زعمهم أن عليًا رضي الله عنه أكثر الصحابة جهادًا ومما قالوه أيضاً: كان علي رضي الله عنه أكثر الصحابة جهاداً وطعناً في الكفار وخبيراً في الجهاد. والجهاد أفضل الأعمال فكان علي أفضل. وجوابه : الأول: قلت: هذا خطأ؛ لأن الجهاد ينقسم إلى ثلاثة أقسام. الأول: الدعاء إلى الله عز وجل باللسان. الثاني: الجهاد بالتدبير والرأي. الثالث : الجهاد باليد والسنان. فالقسم الأول: الجهاد بالدعوة فإنه لا يلحق أحد فيه أبا بكر الصديق رضي الله عنه؛ فإنه أسلم على يديه أكابر الصحابة وليس لعلي من هذا كثير حظ. وأما عمر رضي الله عنه فمن يوم أسلم أعز الله به الإسلام وعبد الله تعالى جهاراً وهذا من أعظم الجهاد، وهذان الرجلان رضي الله عنهما خُصا بهذا القسم لا يشاركهما في ذلك أحد وانفردا بذلك . وأما القسم الثاني: فقد جعل الله تعالى خاصًّا لأبي بكر رضي الله عنه ثم لعمر رضي الله عنه. وأما القسم الثالث: وهو الجهاد بالضرب والطعن والمبارزة فوجدناه أقل مراتب للجهاد المذكورة ببرهان ضروري وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشك مسلم في أنه المخصوص بكل فضيلة، ووجدنا جهاده إنما كان في أكثر أعماله وأحواله القسمين الأوليْن من الدعاء إلى الله عز وجل والتدبير والرأي للمصالح، وكان أقل عمله صلى الله عليه وسلم الطعن والمبارزة لا عن جبن ؛ بل كان صلى الله عليه وسلم أشجع أهل الأرض قاطبة، وهو مما لا يتردد فيه ذو دين وعقل ولكنه صلى الله عليه وسلم كان مؤثراً الأفضل فالأفضل فيقدمه ويشغل به ووجدناه صلى الله عليه وسلم يوم بدر كان أبو بكر رضي الله عنه معه لا يفارقه إيثاراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم له بذلك استظهاراً برأيه في الحرب وأُنساً بمكانه، ثم كان عمر رضي الله عنه ربما شُورك في ذلك. وقال الإمام محي الدين النووي في شرح مسلم: إن قوله رضي الله عنه "والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة"، أجمع أهل السنة على أن أبا بكر رضي الله عنه أفضل أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقدمهم في الشجاعة والعلم رضي الله عنه . ( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 257 – 258بتصرف يسير ) .
|
||
|
08-02-2007, 10:22 AM | #13 | ||
|
رد: كشف شبهات الرافضة ، للشيخ سليمان الخراشي.
الشبهة(12): زعمهم أن عليًا رضي الله عنه أقرأ الصحابة للقرآن
ومما قالوا أيضاً: كان علي رضي الله عنه أقرأ الصحابة للقرآن فكان أفضل. قلنا هذا فرية بلا مرية لوجوه أحدها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله فإن استووا في القراءة، فأفقههم فإن استووا، فأقدمهم هجرة" ثم رأيناه صلى الله عليه وسلم قد قدم أبا بكر رضي الله عنه في الصلاة أيام مرضه فصح أنه رضي الله عنه أقرأهم وأفقههم وأقدمهم هجرة. وقد يكون من لم يحفظ القرآن كله عن ظهر قلبه أقرأ وأعلم بالقراءة ممن حفظه كله جمعه فيكون أفصح لفظاً وأحسن ترتيلاً وأعرف بمواقف الآي ومبادئها على أن أبا بكر وعمر وعليًّا رضي الله عنهم لم يستكمل واحد منهم سواد القرآن فعلمنا يقيناً أنه كان أقرأ من علي لتقديمه صلى الله عليه وسلم إياه في الصلاة مع حضور علي وغيره، وما كان صلى الله عليه وسلم ليقدم الأقل علماً بالقراءة على الأقرأ ولا الأقل فقهاً على الأفقه فبطل ما ادعوه. والله أعلم. قال جامعه : ومن هذا الشأن نشأ لبعض الزائغين من الرافضة في عصرنا سؤال باستفهام إنكار وهو: هل كان أبو بكر يحفظ القرآن يريد بذلك تنقيصه عند من لا يعلم؟ فأجبته. إن قصد بذلك استنقاصه فهو كافر، وليس حفظ جميع القرآن شرطاً في كمال الإيمان ولا في صحته قال الله تعالى: (فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) وأيضاً علي رضي الله عنه لم يكن يحفظ القرآن، ولا عمر ولا أكثر الصحابة المشهور المخرج في الصحيحين وغيرهما. إن الذين جمعوا القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أنفار فقط.أعني كما حفظوه بكماله وجمعوا بين طرفيه وهم معاذ بن جبل، أبي بن كعب، زيد بن ثابت وأبو زيد رضي الله عنهم وليس عليّ منهم . بل نقول: كان أبو بكر رضي الله عنه أقرأ الصحابة وأفقههم؛ فلهذا قدمه صلى الله عليه وسلم في الصلاة عليهم وكان رضي الله عنه أكثر رواية للحديث من علي بالنسبة إلى بقائه بعد النبي صلى الله عليه وسلم ومكث علي بعد أبي بكر وعمر نحو من ثمانية عشر سنة، وإنما قلَّت روايته للحديث مع قدم صحبته وكثرة ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم أكثر من غيره من الصحابة. قرب عهده بالوفاة من النبي صلى الله عليه وسلم ، واشتغاله في قتال أهل الردة ، ولم تكن الأحاديث انتشرت حينئذٍ ولا اعتنى التابعون بتحصيلها وحفظها. وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ما فضلكم أبو بكر بكثرة صلاة ولا بكثرة صيام" وفي رواية "ولا فتوى لكن بشيء وقر في صدره وفي رواية وقر في القلب" أي سكن فيه وثبت. رواه الغزالي في الإحياء وابن الأثير في النهاية والترمذي الحكيم في نوادر الأصول عن بكر بن عبد الله المزني. وروى البيهقي في الشعب عن عمر رضي الله عنه: "لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان العالمين لرجح" وفي رواية "بإيمان أهل الأرض" ورواه أيضاً ابن عدي عن ابن عمر قال الإمام أبو القاسم البغوي في فتاويه: ولا يشك عاقل في أن إيمان أبي بكر الصديق رضي الله عنه كان أرسخ من إيمان أحاد الناس؛ ولهذا قال ليلة الإسراء ما قال وقال يوم الحديبية ما قال حين كاد غيره يتحير في ذلك. ( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 258 – 267 ) .
|
||
|
08-02-2007, 10:23 AM | #14 | ||
|
رد: كشف شبهات الرافضة ، للشيخ سليمان الخراشي.
الشبهة(13): زعمهم أن عليًا رضي الله عنه أزهد الصحابة ومما قاله ابن المطهر وأتباعه من الرافضة أن عليًّا رضي الله عنه كان أزهد الصحابة فكان أفضل. قلنا : هذا بهتان : يبين هذا أن الزهد غروب النفس عن حب الصور وعن المال واللذات وعن الميل إلى الأولاد والحواشي. أما غروب النفس عن المال فقد عُلم أن أبا بكر رضي الله عنه أسلم وله مال كثير. وجاهر بقلة الحياء من أنكر ذلك وقال كان فقيراً محتاجاً وكان أبوه أجيراً لابن جدعان على مد يقتات به! بل كان رضي الله عنه ذا مال جزيل ينيف على أربعين ألف فأنفقها كلها في الله عز وجل وأعتق المستضعفين من العبيد المؤمنين المعذبين في ذات الله عز وجل ولم يعتق عبيداً ذا معونة، بل كل معذب ومعذبة في الله إلى أن أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة وما كان بقي لأبي بكر من المال غير ستة آلاف درهم حملها كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق لأهله منها درهماً ثم أنفقها في سبيل الله حتى لم يبق له شيء ما ، وصارت له عباءة إذا نزل فرشها وإذا ركب لبسها، وأما غيره من الصحابة رضي الله عنهم فقد تمولوا واقتنوا الضياع والرباع من حلها وطيبها إلا من آثر بذلك في سبيل الله أزهد ، ثم ولي الخلافة فما اتخذ جارية ولا توسع في المال وعد عند موته ما أنفق على نفسه وولده من مال الله عز وجل الذي لم يستوفِ منه إلا بعض حقّه ثم أمر بصرفه إلى بيت المال من صلب ماله الذي حصل له من سهامه في المغازي والمغانم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهذا هو الزهد في الذات والمال الذي لا يدانيه أحد من الصحابة رضي الله عنهم إلا أن يكون أبا ذر وأبا عبيدة من المهاجرين الأولين فإنهما جريا على هذه الطريقة التي فارقهما عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوسع من سواهم في المباح الذي أحله الله تعالى لهم إلا من آثر على نفسه أفضل. ولقد تبع أبا بكر عمرُ رضي الله عنهما في هذا الزهد. وأما علي رضي الله عنه فتوسع في هذا الباب من حله ومات عن أربع زوجات وتسع عشر أم ولد سوى الخدام والعبيد، وتوفي عن أربعة وعشرين ولداً من ذكر وأنثى وقيل عن بضع وثلاثين وقيل عن أربعين ولداً إلا واحداً، أما هي ذكر أو أنثى هذا ما ذكره المزي والذهبي وهو الأصح. وترك لهم من العقار والضياع ما كانوا به أغنياء قومهم ومن جملة عقاره ينبع التي تصدق بها كانت تغل ألف وسق تمراً سوى زرعها. فأين هذا من ذاك ؟ وأما حب الولد والميل إليهم وإلى الحاشية فالأمر فيه بين ، وقد كان لأبي بكر رضي الله عنه من ذوي القرابة مثل طلحة بن عبيد الله من المهاجرين الأولين ومثل ابنه عبد الرحمن ابن أبي بكر وله مع النبي صلى الله عليه وسلم محبة قديمة وفضل ظاهر. ما استعمل أحداً منهم على شيء من الجهات ، ولو استعملهم لكانوا أهلاً لذلك ؛ لكن خشي وتوقع أن يميله إليهم معنى من الهوى وجرى عمر رضي الله عنه مجراه في ذلك لم يستعمل من بني عدي أحداً على سعة البلاد ، وقد فتح الشام ومصر وممالك الفرس وخراسان إلا النعمان بن عدي على ميسان ثم أسرع في عزله ولم يستخلف ابنه عبد الله بن عمر وهو من أفاضل الصحابة وقد رضي الناس به. وأما علي رضي الله عنه فلما ولي استعمل أقاربه عبد الله بن عباس على البصرة، وعبيد الله بن عباس على اليمن، وقثم ومعبد ابني عباس على مكة والمدينة، وجعدة بن هبيرة وهو ابن أخت أم هاني بنت أبي طالب على الطائف، وأمر ببيعة الناس للحسن ابنه للخلافة بعده. ولا يشك مسلم في استحقاق الحسن للخلافة ولا لاستحقاق ابن عباس الخلافة فكيف إمارة البصرة؟! لكنا نقول: من زهد في الخلافة لولد مثل عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما، وفي تأمير مثل طلحة وسعيد بن زيد فإنه أتم زهداً ممن أخذ منها ما أبيح له أخذه ؛ فصح بالبرهان الضروري أن أبا بكر رضي الله عنه أزهد الصحابة رضي الله عنهم كافة ثم عمر بعده. ( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 267 – 275 ) .
|
||
|
08-02-2007, 10:24 AM | #15 | ||
|
رد: كشف شبهات الرافضة ، للشيخ سليمان الخراشي.
الشبهة(14): زعمهم أن عليًا رضي الله عنه أكثر الصحابة صدقة
ومما قالوه: أن عليًّا رضي الله عنه كان أكثر الصحابة صدقة. قلنا: هذه قحة وقلة حياء ومجاهرة بالباطل؛ لأنه لا يعرف لعلي مشاركة ظاهرة في المال، وأمر أبي بكر رضي الله عنه في إنفاق جميع ماله أشهر من أن يخفى ، ولعثمان رضي الله عنه من تجهيز جيش العسرة ما ليس لغيره ؛ فصح أن أبا بكر أعظم صدقة وأكثر مشاركة في الإسلام من علي رضي الله عنهما. ( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 275 – 276 ) .
|
||
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الملووك ألأربعة ألذين حكموا معظم ألأرض منذ أن خلقهآ الله | ابو زابن المسعري | :: القسم الـتاريخــي الــعام :: | 16 | 29-05-2011 02:20 PM |
من هم الرافضة ,,, موضوع ثقيل على الرافضة ,,, | الدردور | :: القسم الإسلامـــي :: | 13 | 16-01-2011 11:27 PM |
موقف علماء الأمة من الرافضة | الدردور | :: القسم الإسلامـــي :: | 10 | 15-01-2011 09:26 PM |
شيخ الإسلام إبن تيمية يقول لك من هم الرافضة | الدردور | :: القسم الإسلامـــي :: | 12 | 07-01-2011 12:29 AM |
سليمان القانوني (اعظم ملوك الأسلام) | خالد المطيري | :: القسم الـتاريخــي الــعام :: | 8 | 24-10-2010 04:10 PM |
إعلانات نصية |
منتديات صحيفة وادي الدواسر الالكترونية | |||