تأمل الحكمة البالغة في إعطائه-سبحانه-بهيمة الأنعام الأسماع والأبصار ليتم تناولها لمصالحها ويكمُل انتفاع الإنسان بها
إذ لو كانت عمياء أو صماء لم يتمكن من الانتفاع بها,ثم سلبها العقول على كِبَر حجمها ليتم تسخيرها للإنسان فيقودها ويٌصرِفها حيث يشاء ولو أُعطيت العقول على كبر خلقها لامتنعت عن طاعته واستعصت عليه ولم تكن مسخرة له
فأُعطيت من التمييز والإدراك ما تتم به مصلحته وسُلبت من الذهن والعقل ما يتميز به عليها الإنسان وليظهر أيضاً فضيلة التمييز والاختصاص
ثم تأمل كيف قادها وذللها على كبر أجسامها ولم يكن يطيقها لولا تسخيرها له سبحانه
قال الله تعالى(وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون*لتستووا على ظهورهِ ثم تذكروا نعمة ربكم إذا أستو يتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين)سورة الزخرف,مقرنين=أي مطيقين ضابطين
وقال تعالى: (أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون*وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون)
فترى البعير على عظم خِلقَته يقوده الصبي الصغير ذليلاً منقاداً,ولو أُرسل عليه لسواه بالأرض,ولفصله عضوا عضوا,فسل المشرك الملحد من الذي ذلله وسخره وقاده على قوته لبشر ضعيف من أضعف المخلوقات,
وفرغ بذلك التسخير النوع الإنساني لمصالح معاشه ومعاده فإنه لو كان يزاول من الأعمال والأحمال ما يزاول الحيوان لشغل بذلك عن كثير من الأعمال لأنه كان يحتاج مكان الحمل الواحد عده من أناس يحملون أثقاله وحمله ويعجزون عن ذلك,ولكان ذلك يستفرغ أوقاتهم ويصدهم عن مصالحهم فأعينوا بهذه الحيوانات مع مالهم فيها من المنافع التي لا يحصيها إلا الله من الغذاء والشراب والدواء واللباس والأمتعة والآلات والأواني والركوب..
فسبحان من خلق وأبدع....
منقول من كتاب غرائب وعجائب المخلوقات