09-01-2007, 08:13 AM | #1 | ||
|
قصة الزير سالم - الجزء التاسع والأخير
قالت يمامه من ضمايرها=دمع العيون على الخدين هنان اسمع اخي قصتي وافهم معانيها=ياقاهر العدا في وسط ميدان ابوك خانه جساس ايا سندي=بطعنة يا عظيم القدر والشأن شاليش خالك كل الناس تعرفه=اهل الاعارب قاضيها ومن دان وعمك الزير فخر الناس كلهم=وفارس الخيل من عجم وعربان فاسأل لامك ثم سرك اكتمه=وارجع الينا فأنت اليوم في أمان ( قال الراوي ) فلما فرغت اليمامه من شعرها تأكدت عنده تلك القضيه لان قلبه كان لايميل الى جساس ولا الى احد من بني مرة ولا سيما انه قد حن قلبه الى اليمامه ... فقال لها سرا لقد صدقت بقولك هذا فاذهبي الان وعند الصباح اتبعكم الى الاوطان ثم توقفت عن القتال ورجع الى عند امه في الحال واخبرها بذلك الشأن وان تعلمه من هو أبوه من الفرسان وحلف لها بالاله الديان انها ان كتمت عنه حقيقه الخبر قتلها وجعلها عبرة لم اعتبر ... فلما علمت امه بأتن الخبر قد اتصل اليه وان الامر ماعاد يخفي عليه اعلمته بالقصة من أولها الى آخرها وأوقفته على باطنها وظاها واشارت اليه تقول من فؤاد متقطع:
الجليله قالت ابيات نار= قلبي بالحشا زادت لظا استمع يا ولدي فيما اقوله=يا ضيا عيني وياكل المنى انت روحي افتهم مني الكلام =قول صادق ليس فيه من خفا ان ابوك كليب سور المحصنات=قاهر الابطال في يوم الوغى واخوته خمسون اعمامك =جميع كلهم فرسان طعانه قنا اربعه من الست يا ابني حقيقي=كل واحد سبع ربي بالفلا منهم المسمى ابوك كليب كان=والفتى الزير المهلهل يا منى والفتى المسمى عدي درعان=هذه الاربعه اتةا منها سوا ثم ست واربعين خلافهم=من الجواري والسراري والاما كلهم يا امير اعمامك لهم=كل واحد الف يطعن بالوغا وابوك كليب سار علىالجميع=بالفروسية مع جود وسخا جاء جساس خالك باق فيه=وتركني بعده مثل الاما وطردني عمك الزير بعده=فرحت الى اهلي دون الملا قد كنت حامل فيك بعد ابيك=فولدتك في تلك الحما رحت سميتك على اسم الكلاب=سرت كانك سبع رابي بالفلا وانا والله من خوفي عليك قلت=اخي شاليش انه لك ابا وانا اعلمتك افعل ما تريد =صفا عيشي ووقتي ما تعكرا ( قال الراوي ) فلما فرغت الجليلة من هذا الشعر .... بكى الجرو بكاء شديد ولام أمه على كتمان الامر ثم انه صبر الى الليل فركب وسار بالعجل الى عند المهلهل وصحبه العبد ابو شهوان الذي كان ارسله اليه عمه فارس الفرسان وفي اثناء الطريق أراه العبد قصر ابيه وقبره المصفح بالذهب وعينيه واجتمعت جميع شقايقه ومن يلوذ به من اهله واقاربه فوقعو عليه وترحبو به .... وكان الزير افرح الخلق ولما استقر به الجلوس وطابت من القوم النفوس قال الجرو الحمد لله رب الكائنات الذي جمع شملنا بعد الشتات فوالله العظيم رب موسى وابراهيم لا بد لي من قتل جساس واجعله مثل بين الناس لانه فجعني بابي تاجي وفخري وتركني يتيما طول دهري ... فقال له الزير لا بد من قتله على رؤوس الاشهاد وانت تكون الحاكم بعد ابيك على هذه البلاد ثم انشد وقال :
يقول الزير ابو ليلى المهلهل=صفا عيشي وقتي ما تعكر أتاني السعد من رب البرايا=واتانا السعد لما النحس ادبر فقبل ظهوره كنا حزانا =نقضي الليل في قلق ونسهر على فقد الفتى الماجد كليبا=ثوى غدرا له جساس فنظر وفي دمه كتب بالبلاطة وصايا=عشر ابيات او اكثر يوصيني بقوله لا تصالح=فسالم انت ان صالحت تخسر واطرد الجليلة من حمانا=عدوة كعبها ما كان اخضر طردناها وهي بالجرو حامل=من يقدر على رد المقدر انا فيهم فتكت بحد سيفي=وانت القصد منهم تكبر واني ما بكيت على كليب=اخذت بثاره بالسيف مجهر فابكي حيث ما خلف ذكورا=بنات الكل ما له طفل يذكر ولما خالقي انعم علينا=وجانا الجرو كالسبع الغضنفر صفا عيشي وقد نلت المقاصد=وزال النحس عنا ثم ادبر وبعد يا ابني اسمع كلامي =انا عمك وانت الليث قسور فقم اجلس على كرسي ابوك=وفي احوال اخواتك تبصر (قال الراوي) فلما فرغ الزير من الشعر والنظام ... قال الجرو اطال الله بقاك ونصرك على جميع حسادك واعداك وبلغت قصدك ومناك انني والله يا عم في قلق وغم فلا تزول احزاني وانال اربي حتى آخذ بثار ابي واقطع راس جساس واجعله مثل بين الناس ... فشكره جميع اهله واعمامه ... وبعد ذلك قال له الزير ما هو الراي عندنا يا ابن اخي ... قال الجرو الراي عندي اني اغير عليكم نهار غد واخذ نوقكم وجمالكم الى جساس واقول له باني اتيت اليوم باموالهم ومواشيهم وغدا اتي اليك براس الزير ثم احاربك وتكون انت واضع قربه من الدم تحت جانبك فاطعنك بالرمح فخذه تحت ابطك والقي نفسك على الارض فتنشق القربة ويهرق الدم ... وانا اصيح على جساس واقول له قد قتلت عدوك يا خال انزل اليه واقطع راسه لقد زال الكدر وبلغنا اليوم الوطر وعندما ياتي اليك فتقوم اليه بالعجل وتعدمه الحياة لانه لم يعلم بقدومي عليكم وبهذه الوسيلة تتم الحيلة وتتخلص من هذه الورطة الوبيلة ... فاستصوب الزير رايه .. ثم انه ودعهم وسار وحده الي الديار بني مره وعند الصباح ركب الجرو في جماعه من الفرسان وساق مواشي بني قيس من الرعيان با تفاق الامير مهلهل ليث الميدان .... فخرج الامير جساس وسادات من بني مره وشكروا الجرو على هذه الغنيمه ... ( قال الراوي ) فاتقف في تلك الليله بان جساس راى حلما غريبا وهو انه ابصر ذاته بانه كان قد ربى عنده جرو وذهب واكان يوده ويحبه ... فلما انتهى وترعرع وتصاحب مع سبع كاسر على فالفه الى ان كان في بعض الايام اغار السبع على مواشي بني مره وهجم على نسائهم واولادهم وجعل يفترس كبارهم وصغارهم وكان الذئب يساعده يساعده عليهم فاغتاظ جساس من فعال الاسد فسل السيف وهجم عليه يريد قتله واعدامه فوثب عليه الذئب من ورائه ونهشه فالقاه صريعا على الارض .... ففاق جساس مرعوبا من هذا الحلم ... فنهض في الحال وسار الى الديوان وجمع اخوته وباقي السادات والاعيان واعلمهم بذلك المنام ... فقالوا هذه اضغاث احلام وما زاالوا يهرنون عليه حتى راق وزال عنه القلق والكدر ... ولما اصبح الصباح ركب الزير يطلب الحرب والكفاح وركب الامير جساس وهو في قلقل ووسواس وكان الجرو قد اوعد بهلاك القوم وقتل المهلهل في ذلك اليوم .... ولما التقى الفريقان برز الجرو الى ساحه الميدان فبرز اليه المهلهل فالتقاه الجرو وصال وجال وطعنه بالرمح طعنه كاذبه فسحبها المهلهل من تحت ابطه فراحت خائبه والقى نفسه على الارض من فوق ظهر الحصان خديعه على عيون الفرسان ليظهر لهم انه قد مات وحلت به الافاق .... فعند ذلك صاح الجرو الله اكبر على من طغى وتجبر فقد ظنا المراد بقتل الزير الذى اهلك العباد .... ثم صاح على جساس .. وقال له انزل يا خال واقطع راس عدوك فقد قتلته وكفيتك شره ... فلما راه يختبط بدمه نزل عن ظهر القميره وهو يظن انه قد بلغ غايه مراده .... ولما اقترب منه نهض الزير على قدميه وقبضه من لحيته وهجم الجرو ايضا عليه ووضع الرمح بين كتفيه ... فعند ذلك علم جساس انها حيله قد تمت عليه وتاكد عنده صحه المنام فاخذ يخاطب الجرو بهذا الشعر والنظام
قال جساس الذي شاهد وفاه=ياسياج البيض في طعن القنا انني بك يا ابن اختي مستجير=فاجرني يا ابن اختي من القنا فاجابه الجرو بهذه الابيات :
ايا خال اقصر عن ملامك=دنى اجلك وقد وافى حمامك تقول اجرني يا ابن اختي=الا يا جرو اعطينا زمانك قتلت كليب ظلما وعدوانا=تظنوا بانني اسمع كلامك وبعد كليب اصبحت حاكم=تسامى في الملا ايضا كلامك طغيت وجرت في حكمك علينا=فاذني لم تعد تسمع كلامك تريد اليوم منا ان نجيرك=فهذا ماتشوفه في منامك ( قال الراوي ) فلما فرغ الجرو من كلامه جعل جساس يتوسل إليه بأن يعفو عنه .. وقال بالله عليك أن تصفح عني فأن الذي مضى قد مضى وهل اذا قتلتني يعيش كليب ويقوم فاتركني لوجه الله الواحد القيوم ... فقال الجرو لابد من قتلك كما قتلت أبي حتى أكون قد بلغت أربي فلما أطال بينهما الخطاب ... قال لهما الزير أراكما قد أطلتما الكلام والعتاب فعند ذلك طعنه الجرو بالرمح في صدره فخرج يلمع من ظهره وتقدم اليه الزير بالسيف على راسه فقطعه ثم وضع فمه على عنقه وجعل يمصه حتى شرب جميع دمه ... وكان الجرو ينهش في لحمه حتى بلغ مراده وشفى فؤاده وبعد ذلك أعطى الرأس الى الجرو ليأخذه الى شقايقه فسلمه الجرو الي بعض عبيده وهجم مع قومه في باقي الابطال على جموع بني مرة في الحال وأذا قومه الوبال بلغوا منهم الآمال ... وكانت بنو مرة لما علمت بقتل جساس أيقنت بالموت الاحمر لانه كان القائد الاكبر وعليه الاعتماد في الحرب والطراد فولت الادبار وطلبت الهزيمه والفرار ... وكان المهلهل قد قتل منهم في ذلك النهار خلقا كثيرا بهذا المقدار فمنهم أمراء وقواد وسادات وأمجاد وأما الذين سلموا منهم فانهم طلبوا الزمام من الزير والجرو فأجاروهم وعفوا عنهم بشرط .... أن يكونوا مثل العبيد لا ينقلون سلاح ولا يحضرون حربا ولا كفاحا ولا يوقدون نارا لا ليلا ولانهارا ولايعرف لهم قبر ميت في جوار لا في مقبرة ولا في دار ألا مشتتين في البراري والقفار يقضوا حياتهم بضرب الطبل ونفخ المزمار وأن غابت نساءهم طول النهار لا يسألها فين كانت بل يسألها أيش جابت وليس لهم صفه سوى الرقص والخلاعة ... فقبلوا على هذا الشرط بكل رضا وقناعه .. وبعد هذه الشروط تسلطن الجرو على كل القبائل نظير أبيه وطاعته العباد وشاع ذكره في البلاد وفرحت بنات كليب كل الفرح وزال عنهم الغم والترح وخلعن عنهم ثياب السواد ... وكان ذلك النهار عندهم من أعظم الأعياد .. وكان الجرو قد تزوج بثلاث بنات وولد له ولدان فسمي الاول تغلب والثاني مالك ... ولما بغا سن الرجولية زوجهما ببنتين شقيقتين وهما بنات الامير هلال حاكم حماة وزوج أخته اليمامة للأمير مفلح أبن الأمير مذكور وهذا ما جرى بينهم .... وهكذا أتصل الحسب والنسب وخمدت نيران الحروب بين قبائل العرب وكان أفرح الناس ... أما الأمير المهلهل قد عرض الجرو عليه الزواج فامتنع وكان منعكفا على الجلوس في الخيام وأكل الطعام وشرب المدام وأقام له عشرون عبدا في رسم خدمته ... وكان يرقد وينام وهو لابس آله الحرب والصدام لانه كان قد أعتاد عليه مدة الحروب والشهور التي أستمرت اربعين سنه وكسور كما في التاريخ مذكور .. هذا ما كان من أمر المهلهل .. في تلك الايام وسوف يقع له حديث وكلام .... واما الجرو فأنه قد زوج أربعة من شقايقة إلى جماعة من الامراء وصنع لهن ولائم وأفراح مدة طويله وأما ولداه مالك وتغلب بقيا مدة خمسة عشر سنة ولم يرزقا بأولاد من بنات الامير هلال المذكور ... وبعد نهاية المدة طلبت نسأءهما زيارة أهلهما في حماة فطلب أزواجهما من أبيهما الجرو أن يأذن لهم بذلك فأمر لهم فساروا مع نسأئهما الى تلك الاطراف ... ولما بلغ الامير هلال بقدوم أصهاره بنسائهما خرج للتفاهم مع ولده الامير مفلح وخرجت معهما اليمامه الامير مفلح المذكور وخرج أيضا أكابر المدينه فألتقوهم بالترحاب والاكرام وأنزلوهم في أحسن مكان وقاموا في تلك الاوطان مدة من الزمان وهم في سرور وأفراح وبسط وأنشراح .... ولما صمم الامير مالك وتغلب على الرجوع الى الاطلال مات الامير مفلح مع أبيه الامير هلال فأقاما يحكمان في تلك الديار وأنقادت لامرهما أهل تلك البلاد وكانا محبوبان من جميع العباد وكانت اليمامه بعد وفاة بعلها ذهبت الى عند أهلها ... ( قال الراوي ) فاتفق ذات يوم ان الامير مالك قال لاخيه تغلب أعلم ياأخي انه قد مضى علينا مدة من الزمان ولم نرزق بولد ذكر حتى يبقى لنا ذكر يذكر بين البشر فدعنا نتزوج الان على نساءنا فلعل الله يرزقنا بأولاد والا أنقطع نسلنا من بين العباد ... فقال تغلب من الصواب ان نصلي الى الله في هذه الليله ونتضرع اليه أن يرزقنا أولاد من نسائنا لانه على كل شيء قدير فامتثل أخوه رأيه وصليا تلك الليله بحراره قلب وأشار تغلب يقول :
يقول الفتي تغلب على ما جرى=بدمع جرى فوق الخدود نهور أقول وفي قلبي من البين لوع=وبي حسرات طي الفؤاد تثور الفراق أبينا الجرو والزير عمنا=عليهم قلبي والحشا مكسور يارب يارحمن ياسامع الدعا=عليك أتكالنا يا جابر المكسور سألناك ربي بالخليل وأبنه=بحق الذي اليه العبيد تزور فيا رب يارحمن اجير قلوبنا=بجاه عيسى وموسى والفضل المشهور بجاه داود مع يحيى مع الخضر=وبالعرش والكرسي وبحر النور ترزقنا بولدين يحيوا ذكرنا=أيا من ترزق كل وحش كسور ( قال الراوي ) وكان الامير تغلب ينشده هذه الابيات وأخوه مالك يقول آمين يا رب العالمين فاستجاب الله دعاهما ولم يخيب شكواهما فما مضت مدة يسيرة وبرهه قصيرة حتى حبلت نساءهما ... ولما تمت ايامهما ولدنا الاثنان في يوم واحد فولدت زوجة مالك بنتا وزوجة تغلب ولدا ذكرا فقامت في الحي الافراح والمسرات وكان جناب الاميرين في الصيد والقنص... فأرسلوا لهما بعض العبيد يبشرهما بذلك وكان اسمه مسرور فلما اقبل عليهما العبد قالا له علامك يا مسرور ابشير ام نذير فقال اني بشير واشار اليهما بهذه الابيات :
قال الداعي المسمى مسرور=ياسادتي اتيتكم قاصد بشير ياأمير مالك اتاك بنت كالقمر=ووجها كالشمس والبدر المنير وانت يا تغلب اتاك غلام=يفرح القلب المتيم يا أمير تيت اليكم حالا بلا بطا=فوق حمرا كأنها طير يطير اريد منكم ياكرام بشارتي=اجبروا بالله قلبي الكسير ( قال الراوي ) فلما سمعا كلام العبد فرحا فرحاً شديدا واعتقا العبد واعطوه الف دينار ولما حضرا الى الحي امرا بذبح الذبائح وأولما الولائم وأقاما الفرح والسرور لمدة شهرين كاملين ... وارسلا حالا يعلما اباهما وعمهما الزير ويبشرهما بذلك وسميا الغلام الاوس والبنت مي وتعاهدا الاخان على زواج البنت بالغلام اذا كبر ... ولما بلغ الجرو والمهلهل ذلك الخبر فرحا جداً وشكرا الله على هذه النعمه العظيمه وركب الجرو في جمع غفير من قومه وابطاله وسار جهت اولاده لانه كان لديه غاية الاشتياق لمشاهدتهما ... ولما اقترب من تلك الديار وبلغ ولديه قدومه خرج لملاقاته في موكب عظيم وعند وصوله سلما عليه ووقعا على يديه يقبلانه فقبلهما بين عينهما ودعا لهما ... ثم سألاه عن عمهما فقال انه في خير وعافيه وانه مازال في خيامه وهو ملازم طعامه مع مدامه ... ثم سار الى المدينه وكان ذلك اليوم اعظم من يوم الزينه ونزل الجرو في القصر الكبير ووقف بخدمته الصغير والكبير والمأمور والامير وأقام في تلك الديار مدة شهرين كوامل.... وكان في آخر هذه المده مرض ابنه تغلب فأقام عشرة اياما في الفراش ومات فحزن عليه الجرو حزنا عظيما وعملوا عليه مناحة عظيمه ودفنوه .... ولما عزم الجرو على الرجوع الى بلا ده استدعى ولده مالك واوصاه بالرعيه وان يكون عادلا في حكمه وان يزوج ابنته مي بالاوس ابن اخيه وبعد ذلك سار وحده في قطع القفار الى ان وصل اطلاله واجتمع باهله وعياله ... واما الامير مالك فانه اعتنى بتربيه ابنته وابن اخيه .. كما اوصاه جناب ابيه حتى كبرا وبلغا درجه الكمال ... وكان الاوس يركب ظهور الخيل ويتعلم الفروسيه مع الفرسان واستمر على ذلك مده من الزمن حتى صار من صناديد الرجال وشاع ذكره في كل مكان ... وكانت ابنه عمه مي من اجمل النساء والرجال وكان الاوس يحبها محبه عظيمه فكانا كروحين في جسد واحد ... فلما شاع ذكرها في قبائل الاعراب وتواردت على ابيها الخطاب وكان قد سمع بها الصنديد بن الاكوع وهو ابن عم الملك تبع حسان فعشقها على السماع وكان من الملوك العظام فارسل وزيره ليخطبها من ابيها ... فلما وصل الوزير وعلم مالك بالخبر ... فقال ولله هو نعم الصهر وبه انال الفخر على طول الدهر غير انه لاخفاك اطال الله عمرك وبقاك باْن ابنتي مخطوبه لأبن عمها الأوس ونحن الأن مباشرين بأمر العرس فلا يمكنني أن أنقض الكتاب وهذا الذي يمنعني عن اجراء الايجاب .... فقال له الوزير اكتب لي الجواب ... فكتب اليه هذه الأبيات :
يقول الفتى مالك على ماجرى له=بدمع جرى فوق الخدود صدود أيا غاديا مني على متن ضامر=تسابق لضرب المرهف المبرود تهدي هداك الله خذ لي رسالتي=اعطيه مكتوبي تنال سعود اذا جيت لصنديد فقل له باني=على طول الزمان ودود ومي ترى مخطوبة لأبن عمها=ومعها تربى والانام شهود فحاشى لمثلي ان يخون اقاربه=وافسح زمامي ثم اكون عنود ترى روحي ياامير ومهجتي=وهو عندنا احلى من المولود فلو كنت اعطيها لغير ابن عمها=لكنت انت اليوم اولى بالمقصود ثم ان الوزير اخذ هذا الجواب ورجع الى عند الصنديد واعطاه اياه ... فلما وقف على حقيقة الحال خرج عن دائرة الاعتدال فغير زيه وتنكر وركب جواده وسارالى تلك الديار وحده وعن وصوله الى مضارب الامير مالك لم يجد هناك ولم يكن في الحي الا النساء والبنات ... فسأل بعض النساء عن غياب الرجال .. فقالت منهم من سار الى القبائل ليعزموا الناس الى العرس والفرح ومنهم من ذهب مع الامير مالك لصيد والقنص ... ففرح بهذا الاتفاق وتقدم نحو الصيوان واركز رمحه ووقف على الباب ونادى هيا ياأصحاب البيت فقد اتاكم ضيف من ابعد مكان وكانت مي داخل الخيام وحدها فما ردت جوابا وماأبدت خطابا ولما ابطئت عليه الجواب وعرف ان الصيوان خاليا من الرجال انشد يقول :
قال الفتى الغريب الذي شكا=ولي قلب من بين الجوانح ذاب اتيت قاصد مالكا في حاجه=ولي ساعة واقف انا في الباب يا أهل هذا البيت اين اميركم=واين مضى من الديار وغاب ياربة البيت الذي داخل الحمى=مابالكم لاتردوا الجواب الافاخبروني يا بنات بحالكم=قلبي غدا من أجلكم مرتاب اذا كان اهل الحي غابوا جميعهم=اما فيكم كريمه ذات حجاب فتقر ضيفا قد اتى غريبه=وتستر أهاليها مع الغياب اكيد ما كل النساء تستر الفتى=ولاكل من يحوي الرديه صاب ( قال الراوي ) فلما سمعت مي شعره ونظامه وعرفت قصده ومرامه أخذتها الغيرة والمروءة لتستر عرض أهلها من القيل والقال وأشارت تقول :
تقول فتاة الحي مي التي شكت=الا فاسمع للقول يا نجاب يا مرحبا بالضيف لما زارنا=لك الخير والاكرام والترحاب انزل مكانك حتى احضر لك=لغدا=وتأكل من زادنا وتشرب انا بنت مالك راح للصيد والدي=مع ابن عمي الاوس والاحباب انزل حتى يرجعوا رجالنا=ويأتوا لنحو الحي بعد غياب فكم جاء الينا يا أمير مثالكم=خلائق كثيرة ما لهن حساب نحن نحب الضيف اذا جاء محلنا=انزل واجلس جانب الاطناب ( قال الراوي ) فلما فرغت من شعرها ونظامها وقع الصنديد في حبها وغرامها ورفع ستار الخيمه بسنان رمحه فوجد صبيه بديعه الجمال فزاد به الوجد والبلبال... فصاحت عليه من خلف الستار .. وقالت علامك تنظر بنات الملوك يا غدار .. ثم ردت منديلها على وجهها وقالت له ... لاشك انك قليل الحياء كامخ فان كنت ضيفا كما تقول فانزل كي آتيك بالغداء والا فما هذه الوقاحه ... ثم قالت لجاريتها اطلعي افرشي له حتى يجلس ويتغذى لبينما يأتي ابي من البريه فخرجت الجاريه اليه وسالته كي ينزل في الصيوان ... فقال لها انه عيب علي ان انزل عند الحريم وانا سيد عظيم لئلا ادعي بكامح هذا من اعظم القبائح وما اتيت الى هذه الديار الا لامر ضروري وهو ان اتزوج الاميرة ... ولما تأكدت الاميرة من مرامه قالت يانجيب ان كنت الضيوف فاقعد في الصيوان حتى يأتي ابي من البريه ... هذا فلم يسمع لها كلام وقال لابد من أخذك الى الاطلال وهناك اتزوج بك بالحلال لاني اتيت من بلاد بعيده لاجل هذه الغايه الوحيده وقد نلت مرادي وحصلت على مسرة فؤادي ... ثم انه قام تلك الليله في ذلك المكان وهو مسرور فرحان ولما كان الصباح ركب ظهر الحصان واردفها خلفه وصار يقطع القفار ويوصل سير الليل بسير النهار حتى وصل الديار ... ولما سمعت اكابر قومه بقدومه ظافرا غانما اجتمعوا اليه وهنئوه بالسلامه وسألوه عن سفرته وماجرى له في غربته ... فقال اني عند وصولي الى تلك الاطلال هجمت علي الفرسان والابطال ومددت اكثرهم على بساط الرمال وفعلت فعل تذكر على طول الاجيال وقتلت الامير مالك وابن اخيه واتيت بالعروس الى هنا وقد بلغت المنى ... فلما سمعت مي منه هذا الكلام كان عليها اشد من ضرب الحسام فنهضت على الاقدام فقالت له .. امام الاعيان لقد نطقت بالزور والبهتان فوحق الاله الديان لو كان ابي وابن عمي حاضران لما كنت رجعت سالما الى اوطانك ولا اجتمعت بأهلك وخلانك ولكنك خطفتني بالاحتيال وهربت في الحال قبل ان تدركك الر جل ويحل بك الوبال ثم انها بعد هدا الكلام بكت بدمع سجام ... ولما سمع الحاضرون فحوى كلا مها خافوا من القواقب وعلموا بأن كلام الصديد ليس له صحة فهو في حديثه كاذب ... واما الصنديد فانه اغتاظ من هذا الكلام فنهض والطمها على موجهها ... وقال هكذا تتكلمين يابنت اللثام امام السادات الكرام ثم سل سيفه وغمده واراد أن يعد مها الحياة فعتد ذلك وثب الوزير وباقي الا مراء بالعجل وردوه عن ذلك العمل ... وقالوا له انت امير اتجمل عقلك كعقل النسوان .. فما تقول عنك ملوك الممالك اذا سمعت بذلك ومازلوا يتوسلون بالكلام حتى لان وكان له سجان أقسى من الصوان ... فاستدعاه اليه فحضر وكان اسمه عمران بن الازور فقال خذ هذه الملعونه الى بيتك وسلمها الى زوجتك لتقيدها بالحديد وتعذبها العذاب الشديد وتلبسها ثياب الشعر وتضربها خمس مرات في النهار وتطعمها خمس ارغفة من الشعير... فقال يامولاي ان هذه الصبيه لاتستحق الضرب والانتقام ولاتستاهل غير الاعزاز والاكرام وهي كأنها البدر التمام ... فقال لها كيف العمل ومانحن الا عبيد الملك الصنديد فعند ذلك نزعت عنها ثيابها الحريريه والبسها ثوبا من شعر الخنزير وأرادت ان تضربها بالسياط على قدميها فوقعت على رجليها وجعلت تبكي وتثني عليها ثم انشدت من فؤاد متقطع:
با الله ان ترثي الى احوالي=فالدهر فرق صحبتي وعيالي يا وحدتي يا ذلتي يا غربتي=قد صرت بعد العز بالاغلالي قد كنا في جاه ورفعه منصب=والله ربي عالم الاحوال فترفقي هذا النهار بحالتي=فلعل ربي يستجيب لحالي اني كريمه من اكابر معشر=فاقوا الورى بالجاه والافضالي ويعيدني بعد العناء الى الوطن=وأرى جميع الاهل والاخوالي ولهم وقائع في البلاد جميعها=بين الملوك وزمرة الابطالي ( قال الراوي ) فلما فرغت من شعرها ونظامها ورق قلبها ... وقالت لها قري نفسا وطيبي قلبا سأصنع معروفا لوجه الله تعالي ثم انها جاءت بجلد جاموس يابس فصلته ثوبا والبستها اياه من تحت الثياب ... وقالت اني متى ضربتك فانك لاتشعرين بألم الضرب وماقصدت بذلك الا ليسمع الملك صوت الضرب وانت تصيحين وتستغيثين وانا أقدم لك ماتحتاجين اليه من المأكل والمشرب ومتى دخل الليل تخلعين ثوب الجلد ترقدين براحه بال الى ان يأتي الله بالفرج ... فشكرتها مي على معروفها ودعت لها بطول العمر وأوعدتها بالجميل والخير .. هذا ما كان من مي وماجرى لها ... أما ماكان من أبيها فأنه عند رجوعه من الصيد سمع صياح والبكاء فسأل عن ذلك فأخبرته زوجته بواقعة الحال فغاب عن الصواب من شدة الغيظ واما الاوس ابن عم الصبيه فأنه غشي عليه لانه كان يحبها محبة عظيمة .. ولما أفاق من غشوته انشد يقول :
يقول الاوس ابن تغلب قصيد=الا يامي من هذا دهاك اتاك اللص في غيبة ابيك=ولم يعلم بمن يسعى وراك الا يا بنت عمي لو تدري بي= على فقدك انا محزون باكي ترى في أي أرض قد حللت=فما قلبي غدا يطلب سواك فلا بد لي أغزو دياره بالعجل=واقتله وافرح في لقاك وابذل كل مجهودي لاجلك=وروحي بعد ذلك هي فداك لما قال الفتى الاوس بن تغلب=فقلبي قد تعلق في هواك ( قال الراوي ) فلما فرغ الاوس من هذا الشعر والنظام وقع مغشيا عليه وبقي طول ذلك الليل في هم وغم وقلق شديد ما عليه من مزيد ... فجعل عمه يلاطفه بالكلام ويقول له طيب قلبك يا ولدي فما يصلح الحزن الا الى النساء فاصبر لبينما نرسل من يكشف لنا خبر ذلك الرجل وبعد ذلك نسير الى دياره فنخربها ونسبي حريمه وعياله ... فقال الاوس من يذهب غيري فوالله لاسرت الا وحدي ولا اريد رفيق ولامعين سوى رب العالمين ثم نهض فاعتد جلاده وركب ظهر جواده وودعهم ويار وجد في قطع القفار ودموعه تجري على خديه كالانهار ... وهو لايدري الى اين يذهب والى اي حلة يقصد من قبائل العرب الى ان وصل الى وادي عميق ضيق الطريق كثير الاشجار والوحوش والاحجار .... فبينما هو يتأمل ذلك المكان واذا قد ظهر عليه احد الفرسان وهو بالسلاح الكامل والفروسيه عليه علائم ودلائل ... فلما رأى الاوس منفردا وحده مال اليه وقصده وقال له انزل ياجبان عن ظهر الحصان واخلع ماعليك من الثياب وفز بنفسك في هذه الهضاب قبل ان اسقيك كأس العطب فأنا جمرة بن غمرة فارس العرب ... فلما سمع الاوس هذا الكلام صار الضيا في عينيه كالظلام وهجم عليه في الحال وصدمه صدمة تزعزع الجبال فالتقاه جمرة في الحال والتحما في ساحة المجال واشتد بينهما القتال وتجاولا ساعة من الزمان وهم في ضراب وطعان تقشعر منه الابدان فاختلفا بينهما طعنتين قاتلتين ... وكان السابق الاوس بن تغلب فجادت في صدره خرجت تلمع من ظهره فوقع قتيلا وفي دمه جديلا فأخذ عدته وجواده وجد في المسير وهو يقطع القفار والاكام مدة خمسة ايام ... واتفق في اليوم الخامس انه التقى بفارس وهو يجد في قطع القفار كالسهم الطيار فتقدم اليه وسلم عليه ... وقال له الى اين سائر والى من تنسب من القبائل والعشائر .... فقال انني من بني عبس وعدنان أصحاب الفضل والاحسان واني ساير الى ديار بني عامر لاستدعي حامينا عنتر فارس الخيل لانه سار من عشرة ايام ليحضر وليمه دعاه اليها عامر بن الطفيل وفي غيبته غزانا عمرو بن معد يكرب في خمسة الاف فارس فحاربنا محاربة شديدة وجرى بيننا وبينه وقائع عديدة فأرسلني مولاي قيس بن زهير لاستدعيه للحضور قبل ان يظفر عامر المذكور ... فقال الاوس وقد تعجب ومن هو عنتر بن شداد فارس الصدام الذي اشتهر ذكره في هذه الايام بطعن الرمح وبضرب الحسام وقهر كبار الجبابرة وحارب الملوك والاكاسرة والقياصرة وافتخر على الابطال في ساحة الميدان ... فلما سمع الاوس هذا الخبر وانبهر ثم ودعه وجد في قطع البر الاقفر ومازال يقطع البراري والاكام مدة سبعة ايام حتى اشرف على جماعه من العبيد ترعى الاغنام فحياهم بالسلام واخذ يسألهم بهذا الشعر والنظام :
يقول الفتى المضنى الفائض ما به=فدمعي جرى فوق الخدود سائح الا ياعبيد الخير بالله اشفعوا=لصب بعيد الدار ولهان نازح جيع وجيع مستهام ملوع تركه=البين مضنى كثير الجرايح لقد ضاع لي حرة عفيفة=من الحنا فهل من يبشر بها يا فوالح ويخبرني لأي البلاد توجهت=من أجلها ناري تزيد اللقايح لقد احرقت قلبي والبي مهجتي=وكل عظامي اوثقتهم جرايح ( قال الراوي ) فلما فرغ من كلامه وشعره .. تقدم اليه كبير الرعيان وكان اسمه مرجان ... وقال له اعلم يا غلام انه من برهة عشرة ايام سبى اميرنا الصنديد ابنة اسمها مي لايوجد اجمل منها في نساء هذا الحي فأراد ان يتزوجها فامتنعت عنه فلم تميل اليه فقيدها بقيود من حديد وهو كل يوم يعذبها عذاب شديد فعسى تكون الحرة التي ذكرتها في نظمك افرج الله همك وغمك ... فلما سمع الاوس هذا الكلام استبشر ببلوغ المرام ونزل عن ظهر الحصان وقبل العبد مرجان وأوعده بالجميل والاحسان ... فبينما هو بالحديث والكلام واذا برجل اسمه سعد انت أخت الصنديد قد جاء ليكشف أخبارها ويرجع بها الى ديارها ... فلما سمع هذا الكلام رجع عند خاله وأعلمه بما سمع ورأى وأشار اليه يقول :
قال سعد قد اتيتك عارا=ياخال مى فاسمع الاخبارا البنت التي غربتها من أهلها=من خلفها فارس اتاك جهارا ياخال فارس في اللقا مجرب=وعيونه ياخال تقدح نارا ن كان راقت لك ليالي الصفا=فبصفوها تأتي لك الاكدارا قد جاء الى عند العبيد يسأل=انبوه فجاء كالاسد هدارا لما سمعت اتيت نحوك عاجل= هذا الذي ياخال تم وصارا ( قال الراوي ) فلما فرغ سعد من شعره ونظامه وفهم الصنديد فحوى كلامه ... قال له فارس واحد قال نعم ايها السيد الماجد .. فشتمه خاله .. وقال ارجع وخذ من بين جنبيه فأنه لايليق بي ان اركب لقتال صعلوك من صعاليك العرب ... فخرج سعد من عند خاله وقصد الاوس ... فلما اجتمع به وصاح فيه وحمل عليه فالتقاه كالاسد وضربه بالحسام المهند فألقاه على الارض قتيلا فأخذ عدته وسلبه ثيابه ... ولما بلغ خاله الخبر طار من عينيه الشرر فركب ظهر جواده واعتد بعدة جلادة وقصد الاوس حتى التقى به وانطبق عليه كليث الاجام وأخذ معه في القتال والكفاح ولم تكن الا ساعة حتى اثخنه بالجرح فولا وطلب لنفسه الهرب فتبعه مثل السرحان حتى وصل الصيوان واحتما عند النسوان ... فلما دخل على الحريم .. قالت له زوجته سعد علامك دخلت وانت مرعوب كل هذا لاجل الابنه التي خطفتها وما نالت المرغوب .. فقالت انك تستحق اكثر من ذلك وبخته بالكلام ... وقالت له انت تدعي الفروسيه على كل واحد وتهرب من امام امرد هذا والاوس يصيح عليه ويقول اخرج يالئيم من بين الحريم حتى اجازيك على تلك الفعله ياغدار يا محتال ... فخاف الصنديد.. وقال لزوجته سعده اعطيه ابنة عمه وكافينا همنا وهمه وخرجت زوجته اليه وقبلته وطلبت منه العفو والسماح فأعطاهما الامان فجاءوا له بإبنة عمه "مي" بعد ان لبسوه الثياب الفاخره وذبحوا له الذبائح وقدموا له الاطعمه المتكاثره ... ولما اجتمع بها زال عن قلبه الكدر من كثرة فرحته اخذ يسكب العبر وهكذا فعلت مي وكان ذلك النهار عنده كيوم العيد حيث التقت بحبيبها الوحيد... ( قال الراوي ) فباتا تلك الليله في الحله وعند الصباح اركب "مي" في هودج وسار معه جماعة من العبيد وتوجهوا قاصدين دياره ... ولما اقترب من بلاده ارسل يبشر عمه الامير مالك بقدومه وشاع الخير في الحي وخرجت النساء والبنات واكابر السادات ... ولما اجتمعوا ببعضهم البعض نزل الامير مالك فسلم على الاوس وابنته وشكر ابن اخيه على افعاله وعند وصوله الى الخيام حدثهم بحديث عنتر وما سمع عنه من الخير ... فقال عمه والله سمعنا بذ كره وأنه من أ فرس فرسان عصره وبعد ذلك ذبحواالذبائح وجهزوا الولائم ثم زفو ا الاوس على ابنة عمه فكانت اليلة من أعظم حضرها جمهور من السادات والموالى فزادت أفراح الاوس بتلك العروس وحظى بذلك الحسن والجمال وعاش معهما بأ رغد عيش وأحسن حال ... وبعد ذلك وضعت له غلاما سماه مالك وله حد يث طو يل فا تفق بعد عشرة ايام أن ابن الاوس ضعف ضعفا شديدا فمات فحزن الاوس عليه ودفنه .... و بكت عليه الكبار والصغار وكان موصوفا باللطف والايناس ومحبوبا من جميع الناس وأرسل الاوس وأعلم جده بذلك الخبر فحزن وتكدر ... فقالت أختك اليمامه أرسل ياأخي وأحضر أبن عمك الاوس مع أهله ليجمع شملنا بشمله أجابها الى ذلك وفي الحال أرسل رجلا من بني عمه ليحكم مكانه فجاء الاوس مع أهله وسكن عند الجرو جده وراق لهما الزمان .... واما ما كان للبطل المغوار صاحب الذكر الشهير المدعو بسالم الزير فأنه كان قد أخناه الدهر وضعفت قواه وهو مع ذلك مواظب على أكل الطعام وشرب المدام وكان لا ينام الا وهو لابس عدة الحرب والصدام ... وما زالوا على تلك الحال حتى بلغ سن الكبر و العجز و برز له أسنان جدد وصار عقله مثل عقل الولد وكانت بنات أخيه تخدمه وتداويه ... فاجتمع يوما بالجرو .. وقال له ياابن أخي قد ضاقت أخلاقي من الوحده والانفراد فأريد منك أن ترسلني مع بعض الاتباع لتنزه في البلاد .. فأجابه الى ماطلب وأركبه في هودج وأعطاه عبدان برسم الخدمه وجميع ما يحتاج اليه من لوازم السفر .... فودعه المهلهل وما زال يجول حتى أقترب من بلاد الصعيد وكان العبدان قد تعبا من مشقة الطريق وهما يلاقيان من التعب أشد الضيق فصمما على قتله وأعدامه بالكليه.. وانما يقولان لاهله قد ادركته المنيه .... فعرف الزير منهما فقال قد دنى همامي وليس الا القبر امامي فإذا ادركتني منيتي اريد منكما ان تبلغا اهلي وصيتي ... قالا العبدان وماهي وصيتك .. فعاهدهما على حفظها وتأييدها فحلفا له بأعظم الاقسام بأنهما يبلغونها بالكمال والتمام ... فقال اذا وصلتم الحي فاقريا أهلي من السلام وانشدوهم هذا البيت وقولا لهم اني في القبر قد أختبيت ...
من مبلغ الاقوام ان مهلهلا=لله دركما ودر ابيكما
وكرره عليهم حتى حفظاه .... ولما دخل الليل ذبحوه ودفناه تحت التراب ورجعا الى ديارهما ... ودخلا على سيدهما الجرو وأعلماه بموت عمه الزير فبكا بكاء شديدا ومن حضر ... ثم ان العبدان اقتربا من الجرو وانشداه البيت المذكور الموصى لهم من قبل سالم الزير.... فلما سمع الجرو هذا استغربه حيث لامعنى له .. فاستدعى بأخته اليمامه.. وكانت من اذكى نساء العرب .. وعلمها بموت عمها وانشدها ذلك البيت .. فلطمت على وجهها وبكت .... وقالت ان عمي لايقول ابيات ناقصه بل اراد ان يقول :
من مبلغ الاقوام ان مهلهلا=أضحى قتيلا الفلاة مجندلا لله دركما ودر ابيكما=لايبرح العبدان حتى يقتلا ثم انهما قبضا على العبدان والقوهما تحت العذاب والضرب الشديد الى ان أقر بأنهما قتلاه ودفناه ...فقتلهما الجرو في الحال .... وهكذا انتهت حياة الزير وقد أخذ ثاره في حياته و بعد مماته... ( تمت قصة الزير سالم ابو ليلى المهلهل ) والتمام والكمال لا يليق إلإ لوجه الله سبحانه وتعالى عسى أن أكون قد وفقت في اختياري للقصة ،، وإمتعاكم فيها. و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،، مـصـدر الـقـصـة:
( الزير_سالم/http://ar.wikisource.org/wiki )
|
||
|
09-01-2007, 08:29 AM | #2 | ||||
|
مشاركة: قصة الزير سالم - الجزء التاسع والأخير
بيض الله وجهك يا صــــالح الجعـــيدي
|
||||
|
09-01-2007, 09:21 AM | #3 | ||
|
مشاركة: قصة الزير سالم - الجزء التاسع والأخير
بيض الله وجهك يا صــــالح الجعـــيدي
|
||
|
15-01-2007, 09:06 PM | #4 | ||
|
رد: قصة الزير سالم - الجزء التاسع والأخير
بيض الله وجهك يا صــــالح الجعـــيدي
|
||
|
20-01-2007, 04:01 AM | #5 | ||
|
رد: قصة الزير سالم - الجزء التاسع والأخير
الكاتب المبــدع \ صــالح الجعــيدي
|
||
|
22-01-2007, 05:12 AM | #6 | ||||
|
رد: قصة الزير سالم - الجزء التاسع والأخير
اخي الكبير
|
||||
|
30-01-2007, 03:25 AM | #7 | ||||
|
رد: قصة الزير سالم - الجزء التاسع والأخير
صالح الجعيدي
|
||||
|
01-02-2007, 10:29 AM | #8 |
|
رد: قصة الزير سالم - الجزء التاسع والأخير
بيض الله وجهك يا صــــالح الجعـــيدي
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مناخ وراط بين مطير وقحطان (الدحملية ثار البداية) | خالد المطيري | :: القسم الـتاريخــي الــعام :: | 12 | 31-03-2011 02:52 PM |
التغطية المصوّرة لــ حفل قبيلة العمور برعاية الشيخ سعد بن مسفر آل طاقان العمور على شرف الشيخ علي بن صالح أبوليله وجماعته الغفران آل مره | الإداره | :: قسم اللقــاءات والفعاليات والتغطيات الخاصة:: | 22 | 28-03-2011 08:07 AM |
إعلانات نصية |
منتديات صحيفة وادي الدواسر الالكترونية | |||