من اسباب محبة الناس
بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ (خالد الجندي) شخصية إعلامية معروفة، وهو من علماء الأزهر الشريف وتجرى معه المقابلات على الفضائيات في مسائل الفتوى ودعوة الناس بالحسنى، أنعم الله عليه بسلاسة الطرح وجمال الأسلوب وسهولته وأحبه المشاهدون كثيراً.
في جلسة خاصة في بيروت سأله أحد الجلساء: ما سر حب الناس لك ؟فقال: أحب أن أخبركم عن شئ في حياتي مع أمي، وأعتقد أن هذا الحدث هو من أسباب قبولي عند الناس وحبهم لي...
عندما كنت طالباً في الأزهر وكانت أمي مريضة ومقعدة على الفراش كنت أرافقها طوال الوقت وأقضي حاجتها وألبي طلباتها في الليل والنهار حتى أنها كانت في فراشها وكنت أجلس على كرسي بقربها، فإذا استيقظت في الليل ساعدتها في الذهاب إلى الخلاء، وفي يوم من الأيام نمت على الكرسي ولم أشعر باستيقاظ والدتي وإذا بها واقفة تضع يديها على الجدار وتحاول المشي قليلا إلى الحمام، ففزعت وقمت أساعدها وبعدها جلست أفكر: ماذا أفعل كي! ف أستيقظ وقت استيقاظ أمي ؟ ثم خطرت على بالي فكرة وهي أن أستلقي بقرب سريرها على الأرض في مكان موضع قدميها عند قيامها ، فإذا قامت من النوم وأرادت أن تذهب إلى الحمام فإنها تضع قدميها على الأرض فتضعها على بطني فأستيقظ، وبالفعل نفذ هذه الخطة فلما استيقظت والدته وهي حريصة على عدم إيقاظه وضعت قدميها على الأرض وإذا بها على بطنه، فاستيقظ وساعدها في قضاء حاجتها، ولكنها عندما وقفت وعرفت ماصنع رفعت يديها إلى السماء وقالت: (أسأل الله تعالى أن يحبب خلقه فيك يا ولدي
(فيعلق قائلاً: فأعتقد أن حب الناس لي بسبب بري لوالدتي - رحمها الله ولدعوتها لي)
موقف عجيب هزّني كثيراً في برالوالدين فيه تفنن وابتكار لمرضاة الله تعالى، لأن الجنة يدخلها الابن عن طريق بره لوالديه ولو كانا كافرين، فكيف بمسلمين مؤمنين ؟
ولهذا كان سلفنا - رضي الله عنهم - يتفننون في ذلك، فقد كان الحسن البصري - رحمه الله - يأكل مع أمه فينتظر حتى تمد أمه يدها تأخذ أولاً ثم يمد يده ويقول: أخاف أن أمدّ يدي إلى اللقمة التي وضعت أمي عينها عليها، فأكون قد عققتها و أعرف صديق عزيز في الكويت عندما بلغ أحد أبويه الكبر ترك أعماله وأش! غاله وتفرغ لوالده يواسيه ويتحدث معه ويلبي حاجته، وأعرف آخر ترك العقود التي يوقعها في تجارته وأوقف دخله المالي واكتفى بما عنده حتى يجلس مع والدته، فدعوة الوالدين مستجابة والجلوس بقربهما بركة وخدمتهما فيها أجر عظيم، والابن لا يتضايق كثيراً من والديه إلا إذا كبر، لأنهما عند الكبر تكون نفسيتهما حساسة جدا وطلباتهما كثيرة وحاجاتهما الصحية دقيقة، والابن قد يكبر كذلك وعليه التزامات كثي رة منها الزوجة والأولاد ،وكذلك العمل والوظيفة، وثالثها الأصدقاء والأحباب، ورابعها حاجاته النفسية والصحية والترفيهية، فكل هذه الضغوط عليه فلا يكثر (الأف) في مثل هذه الحالات، ولكن الله تعالى أمرنا أن لا نعترض حتى ولو بقول (أف) وهي كلمة من حرفين{إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما...} نلاحظ هنا مسألة (الكبر) لأنها كما ذكرنا تكثر الحاجات فيها، ونلاحظ كلمة (عندك) أي هم تحت مسؤوليتك، ثم جاء التوجيه.{فلا تقل لهما أُف ولا تنهرهما، وقل لهما قولاً كريم..}
ونقول لكل من يحرص على حب الخلق والخالق له : (بر والديك)
اللهم لك الحمد والشكر كما يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك