قصة الزير سالم - الجزء الـسـابــع - ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي :::

العودة   ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: > :::. أقسام ( دغــش الــبـطــي) الأدبـيـة .::: > :: قسم قصــه و قـصيــده ::

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-01-2007, 07:20 AM   #1
 
إحصائية العضو







صالح الجعيدي غير متصل

صالح الجعيدي is on a distinguished road


افتراضي قصة الزير سالم - الجزء الـسـابــع

وفي اليوم الرابع أشرقت السفينه الى ميناء حيفا والقت مرساها ونزل المهلهل الى البلد وبقي الحصان في المركب وأمر القبطان ان يحافظ عليه لوقت الطلب ومن هناك تسربل بالسلاح تحت الثياب ...
وقصد دياره فالتقى بطراف ان ناصر وهو حافي عريان وقد كان من الاعيان ومن أصحاب الزير فأقبل اليه وسلم عليه فرد الزير السلام ...
ثم عرفه بنفسه وأخبره بما جرى عليه ... فقال لسالم الزير بعد الغيبة الطويلة أهلا وسهلا بقدومك علينا فوالله كنا قد قطعنا الامل من سلامتك فالحمد لله على اجتماعنا فقم بنا الى ربعن حتى ننظر أهلك لانهم دائما في ذكرك ...
فقال الزير اني لا أذهب الى هناك حتى اذهب الى حي بني مرة ...
وانظر إلى باقي قومنا الذين التجؤا الى جساس فسر معي الى هناك ...
فسار ناصر معه وهو فرحان وجدا في مسيرهما حتى وصلا الى أحياء بني مرة فالتقيا با لامير سالم المهيا قاصدا الصيد مع جماعته ولما اقترب سالم من المهلهل ....



الجزء السابع




ونظره حن قلبه اليه فحياه بالسلام .. وجعل يتأمل فيه.. ويقول والله من يوم غاب حامينا فقد عزنا وما أبصرنا قامته الا هذا اليوم .. ثم دمعت عيونه ..


فقال الزير كيف تبكي عليه وانت ملتجئ الى اعداءه فعند ذلك عرفه ونزل عن ظهر الجواد ووقع عليه واعتنقه المهلهل وطيب خاطر جماعته ... وقال لهم ابقوا على ماكنتم عليه وعندما تسمعون صرير السيوف في أعناق بني مرة فحينئذ تفعلون ما يجب عليكم فعله ...


فساروا في سرور وأفراح حتى يعلم بعضهم بعضا ...


واما الزير فانه سار وهو وطراف وهما متنكران حتى دخلا الى حي جساس وقت المساء فوجد الحي في دق طبول ونقر دفوف وأمور تدل على مسرات وأفراح ...


فقال المهلهل في سره ما عسى ان يكون هذا .. ولما اقترب من صيوان جساس وجده ممتليا من الناس وجساس جالس في الصدر وحوله الاكابر والاعيان والمولدات تدق بالدفوف والمزامر ...


وبعد قليل حضر العبيد بسفر الطعام فقام جساس الى المائده وتقدمت بعده الامراء وجعلت تتوارد الفرسان وتتزاحم على بعضها البعض ...


فعند ذلك تقدم الزير مع جملة الناس وجلس بقرب جساس وأخذ يتناول من أنواع الاطعمه ...


فلما رآه جساس أنكر أمره وقد استعظم كبر جثته وهو يأكل اكل الجمال ...


فقال له جساس أدعو لي ياشيخ .. فقال انني دائما أدعو لك ولست بناسيك على طول الزمان ....


فازداد جساس خوفا وارتجفت أعضاءه ... ولما انتهى من العشاء ... أمر جساس باحضار الرمل وضربه في الحال ورسم الاشكال ....


فظهر له ان كيس واحمرار وانه قادم عليه أوقات منحوسه وسيظهر رجل لقي الجلد عن قريب يذيقه الاهوال وقد تأكد عنده بأن ذلك هو نفس الزير لانه لايوجد له عدو غيره ....


فالتهب قلبه بناره وصاح من ملو رأسه يا ستار فجاءت اليه أخوته وقالوا ماأصابك ياأمير فاأنشد يقول :



قال جساس بـن مـرة فـي بيـوتاسمـعـوا ياأخـوانـي أهــل الـوفــا
ضاق صدري وامتـلا قلبـي همـومفالقلـق والـغـم ضــارب بالحـشـا
جمـعـت تـخـت الـرمـل حـورتــهبسرعه حتى أرى ماهـو هـذا البـلا
رأيـت لقـي الجـد آت عـن قريـبصاحـب البطـش مــا بـيـن الـمـلا
ورأيــت الـجـود لــه بـيــت ضـــدوالجمـاعـه شكلـهـم واقــع حــدا
ماعـاد لــي عـقـل لـهـذا الـرمـلقطرة حرت فيه اليوم يا أهل الندا
لو يصـح القـول قلـت الزيـر جـاءوهــا هــو جـالـس بـيــن الامـــرا


فلما فرغ جساس من شعره ونظامه وفهم الزير مطلوبه وعرف المقصود ووضع يده على قبضة سيفه حتى اذا قال جساس اقبضوا عليه ليفتك به ويعدمه الحياة ومن كثرة ما جرى على جساس من الغم والوسواس ترك من كان عنده من الناس ودخل على الحريم خوفا من امر يأتي ...


فلما رآه الزير فعل ذلك قال لابد من قتله ان لم يكن اليوم يكون غدا ثم خرج من الصيوان مع الامير طراف وسارا قاصدين الاوطان حتى وصلا الى وادي الشعاب ودخل الى الخيمه التي فيها بنات كليب فسمعت ابنة كليب الكبيرة صوته...


فقالت له من انت وماهو اسمك فلما سمع صوتها عرفها فتقدم اليها فوجدها وشقايقها بثياب الحداد فتقطع قلبه وهطلت عيناه بالدمع ...


وقال اتقبلوا الضيف يا بنات الاماجيد ... قالت مرحبا فنحن أول من ضاف ولكن قد جار علينا الزمان فأولنا بعد العز والجاه صرنا في حالة يرثى لها فاقصد يا شيخ محل الوليمه وهو المكان الذي تدق فيه الطبول فتحصل على بلوغ المأمول ...


فقال الزير بالله عليك يا صبيه أن تحكي واقعة حالكم فقد جرحت قلبي بهذا الكلام ...


فقالت اليمامه لقد ذكرتنا بمصابنا وعلى ما جرى فجلس الزير وهو وطراف وجلست هي بجانبه ثم عرفها هي وشقايقها بنفسه وانه عمها صاحت بصوت عالي من ملو راسها هذا في الحلم أم في اليقظه ...


ثم وقعت عليه شقايقها يقبلونه وقلن الحمد لله الذي ارانا وجهك بخير وعافيه فوالله قد زالت أتراحنا وتجددت أفراحنا وسمع ابو شهوان عبدالعزيز هذا الخبر فدخل عليه ووقع على قدميه لانهم كانوا يظنون بانه مات ...


فكانت تلك الليله عندهم من أعظم ليالي الافراح والمسرات وبعد ذلك جلسوا يتحدثون فقالت اليمامه بالله يا عماه أن تعلمنا بقصتك وما جرى في سفرتك فقص عليهم ذلك الخبر وماسمع وابصر وختم كلامه بهذا القصيد :



يقول الزير ابو ليلـى المهلهـلعيونـي دمعهـا جـاري بكـاهـا
بكـت دمـا علـى ماصـار فينـاليالـي السعـد ماعدنـا نـراهـا
عدمنـا فـارس الهيجـا كليـبعقاب الحرب ان دارت رحاها
دهتنـي آل مــرة جـنـح الـيـللتقتلنـي وتشفـي مــا دهـاهـا
فكنت بخيمتي ملقـى طريحـاثـــلاث آلاف درتـنــي قـنـاهـا
وسحبوني لعنـد ضبـاع أختـيوالقونـي طريحـا فـي حـداهـا
وقالوا يا ضباع خـذي أخوكـيأخـذنـا روحــه قــوى عـزاهـا
فالقتـنـي بصـنـدوق مـزفــتوأرمتنـي بوسـط البحـر تـاهـا
واقتـنـي مـيـاه البـحـر حـــالاالـى بلـد اليهـود علـى ربـاهـا
وجابونـي لحكمـون اليـهـوديأجــل مـلــوك الارض جـاهــا
فـداوانـي وعالجـنـي سريـعـافزالـت كربـتـي مـمـا دهـاهـا
بقيت انـا ثمـان سنيـن غائـبوزال الشـر عنـي مـع عناهـا
أسأل الله أن يحفظكم جميعاعلـى ماطالـت الدنيـا مـداهـا


( قال الراوي ) وكانت ليلة عند بنات كليب من أعظم الليالي وحضر تلك الليله جميع أصحاب الزير ففرحوا وانشرحوا بقدومه وهنوه بالسلامه ...


فقال لهم من الاوفق أن تكتموا أمري لحينما أتجهز لقتال الاعادي وأحضر جوادي ثم أعلمهم بخبر الحصان وانه أبقاه في المركب عند القبطان لبينما يكون شاهد أهله وأقاربه...


ولما أنتصف الليل ودعهم وسار قاصدا شاطىء البحر هذا ماكان منه ...


واما مرة أبو جساس فكان من عادته أن يذهب كل يوم الى ساحل البحر ويتجسس الاخبار ويعود في آخر النهار فاتفق ان عبدان من عبيده كانا قد نظرا المركب عند قدومه الى ميناء حيفا فأعلماه به ...


فاستأجر قاربا وقصد ذلك المركب وعند وصوله اليه وجد ذلك الجواد المذكور فاندهش من رؤياه فسأل القبطان عنه ...


فقال له القبطان هذا حصان الزير وقد حضر معنا من بيروت وسار نحو يومين لزيارة أهله ولم يكن القبطان يعلم ماهو جاري بين القوم من العداوة والحرب ...


لما سمع مرة بخبر المهلهل وانه عاد سالما غانما استعظم الامر وتعجب ولكنه كتم الخبر ...


وقال للقبطان اتبيعني هذا الحصان ... فقال كيف ابيعه وهو مودوعا على سبيل الامانه ...


فقال لابد من ذلك أما أن تقبض ثمنه خمسة آلاف دينار أو آخذه منك بالقوه والاقتدار لان ابني جساس ملك هذه الديار وبيدنا زمام الاحكام ومازال يلح عليه بالكلام الى ان امتثل وأجاب خوفا من أخذه بالقوة والاغتصاب... فقبض القبطان الدراهم ....


وسار مرة بالحصان الى عند ابنه جساس وهو كاسب غانم واعلمه بواقعة الحال وقدوم المهلهل الى الاوطان ففرح جساس بالحصان لانه كان من أجود خيول الاعراب ولكنه خاف من الغوائل وعلم انه لابد من تجديد الحروب بين القبائل فاجتمع بأهله وأعلمهم بالخبر وأن يكونوا على استعداد وحذر . ..هذا ماكان من جساس ...


واما الزير الفارس الدعاس فانه عند وصوله الى البحر سار المركب فلم يجد الحصان فسأل عنه القبطان فأخبره بما جرى وكان ...


فلما سمع منه هذا الكلام أراد أن يضرب عنقه بحد الحسام ولكنه توقف عن أذاه أكراما لخاطر مولاه ....


ثم أمر بالرجوع الى عند الملك حكمون ليقص عليه الخبر ويطلب منه الجواد الاخر فامتثل القبطان أوامره وأقلع من تلك الساعه حتى وصل الى بيروت .. فأنزل الزير في القارب ...
وسار به الى عند الملك حكمون ودخل عليه وهو في السرايه ...


فلما رآه حكمون فرح فرحا شديدا وقال أهلا وسهلا بالصديق الحبيب وترحب به غاية الترحيبب وأجلسه بجانبه وأقام بواجبه وأشار يقول :



قال حكمون بن عزرا فـي بيـوتتشرح الخاطر وترضي السامعين
أنــورت عليـنـا الـدنـيـا يـاهـمـاميامريـع الخيـل اذا طـال الكمـيـن
يـا مهلهـل انـت عـز المحصـنـاتانــت فـخـر لـلانـاس الماجـديـن
قصـدت أهلـك ثـم جيـت لعنـدنـاهل شفت أهلك يا مهلهل سالمين
اذا كـان يلـزم نجـده أحكـي لــيحتى أسير بالجيش كلـه أجمعيـن
طيـب قلبـك يـا مهلهـل لاتـخـافثم اطلـب يـا ضيـا عينـي اليميـن


فلما سمع الزير كلامه شكره وأثنى عليه .. وأخبره بما جرى وكان من فقد الحصان وان السبب في حضوره الان أولا لاجل سؤال خاطره الشريف وثانيا ليطلب منه المهر الثاني وختم كلامه بهذه الابيات:



قد أتيت اليوم في قلب حزيـنعلى فقد مهري الاخرج الثمين
فــان شـئـت أعطـنـي أخــوهيـا معـز الجـار وفخـر العلـيـن
لا أريــد مــال ولا كـثـرة نـــواغير ابو حجلان مطلوق اليميـن
يا ملك حكمون ان مالي كثيـركل مال البر فـي يـدي خزيـن


فلما سمع حكمون هذا المقال تبسم ... وقال مهما طلبت منا لانعزه عليك وجميع أموالنا بين يديك فوالله اننا لاننسى جميلك ومعروفك على الزمان وان ابو حجلان بعد رواحك من الاوطان أظهر الوحشه ونفر من جميع الناس حتى لم يقدر عليه أحد من السياس ...


ثم طلب منه أن يبقى عندهم عدة أيام ليستريح من متاعب الاسفار فاعتذر وقال لابد من الرجوع في هذا النهار فأعطاه حكمون الحصان وسار الى المركب وعند وصولهم اليها نزل بالجواد الى المدينه فركب وقصد أهله ...


فاتفق في تلك الساعه أن رجلا من قبيلة جساس ابصر الزير فعرفه وسار الى عند جساس وأخبره بقدومه وقال له انني خايف عليكم من سطوته شاهدته في هذا النهار وهو مثل الاسد الكرار ثم اشار يقول :



يقـول الشيـخ يــا أولاد مــرةتعالوا واسمعوا لي يا فوارس
ايـا جسـاس يـا همـام اسمـعايـا ملـك يـا أهـل المجـالـس
فقد كنت قـرب البحـر سائـررأيت خرج على اليوم فارس
على ادهم اقب الضلـع فـارحوفوقه درع مـن بـولاد لابـس
وفي كتفه قنا اسمـر مكعـببطل صنديد يوم الروع عابس
فهـذا فـارس البيـداء مهلهـلمريع الخيل للابطـال داعـس


( قال الراوي ) فلما فرغ من شعره ونظامه أجابه سلطان بن مرة بهذه الابيات :



يقول اليوم سلطان ابن مرةكلام الشيخ صادق يا فوارس
فان كـان ابـو ليلـى سيظهـريخلـي دمنـا مثـل البواطـس
ويسبـي مـن قبائلنـا عـذارىونتـرك أرضنـا قفـرا دوارس
ولايقـبـل رجــاه ولا عـطــاهويطرحنا على الغبرا نواكـس


( قال الراوي ) فلما انتهى سلطان من كلامه وقع الخوف في قلوب القوم وأخذوا يستعدون للقتال من ذلك اليوم ...


وأما الزير فانه كان قد جد في المسير حتى وصل الى دياره والتقى بأهله وأنصاره فلما رأوه فرحوا به واتت اليه اليمامه وشقايقها وكذلك أخوة الزير وكل من في الحي من نساء ورجال فوقعوا عليه وقبلوا يديه وانتشرت الاخبار بقدومه الى الديار بين الكبار والصغار حتى ملأت الاقطار فأقبلت الابطال والفرسان وتواردت اليه السادات والاعيان وسلموا عليه وتمثلوا بين يديه وهنوه بالسلامه ...


فشكرهم واثنى عليهم وترحب بهم فذبح الذبائح وأولم الولائم ووعدهم بالمكاسب والغنايم وبعد أن أكلوا الطعام وشربوا المدام أنشد عدي أخو الزير يقول :



يقول عـدي أبيـات فصيحـهأتانا الزيـر والمولـى عطانـا
وكنـا قبـل مــا يـأتـي اليـنـابحال الذل فـي قهـر حزانـا
وجساس الردي عايب علينايريد هـلاك تغلـب مـع أذانـا
فأمرنـا بــا نبـقـى جميعـنـاعلى طول الليالي مع نسانا
ولا نركـب خيـولا صافـنـاتولانقـل سيوفنـا فـي حمانـا
الينا جيت يا جميل المحاملويا كهـف العـذارى والامانـا
لربي الشكر ثم الحمد دايـمأذا ماجئتـنـا نـقـهـر عـدانــا
ايا سالم فانهض شد عزمكواركب فوق مطلوق العنانـا
ونركب ثم نحمل فرد حملهعلـى اولاد مـرة فـي لقـانـا
ونترك دورهـم بـورا وقفـراونقتلهـم ونأخـذ ثـارا أخـانـا


( قال الراوي ) فلما فرغ عدي من كلامه تقدمت اليمامه نحو عمها وشكرت الله تعالى على سلامته ودعت له بطول العمر فضمها الى صدره والتفت الى من حوله وانشد وقال :



يقول الزير أبـو ليلـى المهلهـلالا يابـنـات ان السـعـد جـاكـم
وأقبـل سعدكـم والشـر ولــىوراح الـشـر عنـكـم لاعـداكـم
ثماني سنين وسط البحر غائبوبالـي عنـدكـم مـمـا دهـاكـم
وفـــرج الله هـمــي وغــمــيوخلصني وجيـت الـى حماكـم
حيـث اتيـت زال الشـر عنكـمونلتـم يـا بنـات مـنـي منـاكـم
غـدا جسـاس أقتـلـه بسيـفـيوآخــذ يــا بـنـات بـثـار أبـاكـم
وانـتـم يــا عـــدي ودريـعــانوباقـي أخوتـي تسلـم لحـاكـم
فـأتـوا بالصـوافـن واركبـوهـموهبـوا جميعكـم ومـن معاكـم
ودقــوا طبلـكـم يــآل قـيــسوقيموا النار فس ساير حماكم
وخبونـي بعيـد عــن المـنـازلغــدا جـسـاس يـبـرز للقـاكـم
فلاقـوه عـلـى خـيـل ضـوامـرواني سوف اهجم مـن وراكـم


( قال الراوي ) فلما فرغ الزير من شعره و كلامه طابت قلوبهم وانشرحت صدورهم وزالت عنهم الاتراح وايقنوا بالنصر والنجاح ...


ومازال بنو قيس يجتمعون الى الزير ويتواردون حتى صاروا في جمع غفير وعدد كثير فاستعدوا للقتال والنزال فأطمعوا الجوعان واكسوا العريان وأوقدوا النيران ورجع الحي كما كان ... هذا ماكان من الزير وقومه ...


وأما بنو مرة فلما بلغهم الخبر وكيف ان بنو قيس قد التموا بعد التفريق والشتات من جميع الجهات وهم في أفراح ومسرات أجتمعوا بجساس وقصوا عليه الخبر ...


وقالوا له لو لم يكن الزير قد ظهر لما كانوا بنو قيس اجتمعت على بعض هذه الايام وخالفت أوامرك ومراسيمك العظام ...


فقال لهم كفوا عن هذا المقال ولا يخطر لكم الزير على بال فاستعدوا للحرب والقتال فعند ذلك استعدت الفرسان الفحول وركبوا ظهور الخيول وتقلدوا بالسيوف والنصول ولقد أملوا بالنجاح وبلوغ المأمول وركب جساس حصان الزير الاخرج وسار بذلك الجمع الغفير ...


ولما أقتربوا من حي بني قيس سمعت أبطال الزري دق طبولهم وصهيل خيولهم فهاجوا وماجوا فأمرهم الزير أن يتأهبوا للقتال ويلاقوهم الى ساحة المجال فتبادروا في المجال وتقدمت الفرسان والابطال ...


وركب الزير على مهره ابو حجلان وسبقهم الى الميدان وكمن في بعض الروابي والتلال مع جماعة من الرجال ...


ولما اقترب جساس من رجال بني قيس ... قال لهم لقد خالفتم أوامري وغركم الطمع وهجم عليهم بالرجال وأحاط بهم من اليمين والشمال فالتقوه بقلوب كالجبال واشتد القتال بينهم وعظمت الاهوال وجرى الدم وسال....


فلما راى المهلهل تلك الاحوال لكز الحصان وتقدم الى ساحة الميدان فشق الصفوف والكتائب ومرق المواكب وهو يهدر ويصيح من قلب فريح ابشروا يا بني بكر ياأنذال ميحل بكم من الوبال على ماعلمتونا به من سوء الفعال ... فقد اقسمت برب الانام الذي لايغفل ولاينام أني لا أترك منكم شيخ ولا غلام ....


ثم انه مال وجال وضرب بالسيف العال وتبعه الفرسان والابطال من اليمين والشمال فلما سمع جساس صوت المهلهل انقطع قلبه من الخوف والوجل ولكنه ثبت في ساحة الميدان خوفا من الهلاك والقلعان وأخذ ينخي الابطال والفرسان على القتال والثبات والهجوم على لقاء الاعادي قبل الممات فثبتوا ثبات الجبابرة وقاتلوا قتال الاسود الكاسرة ...


ولكنهم لم يقدروا ان يثبتوا اكثر من ثلاث ساعات حتى انصبت عليهم النكبات وبلوا ببلايا لا تطاق من سيف المهلهل فارس الافاق فولوا الادبار واركنوا الى الهزيمه والفرار بعد ان قتل منهم عشرة آلاف فارس كرار وتبعهم الامير جساس وهو في قلق ووسواس ...


وغنم بنو قيس منهم غنائم عظيمه ومكاسب جسيمه ورجعت الى الديار بالعز والانتصار والبطش والاقتدار وفي مقدمتهم الامير المهلهل الجبار وهو مثل شقيقه الارجوان مما سال عليه من أدميه الفرسان...


ولما وصل الى المضارب بقواد المواكب لاقته بنات أخيه وجماعته من أقاربه وأهاليه فشكروه على تلك الفعال ... وقالوا مثلك تكون الابطال والفرسان ثم انه جلس في الخيام وجلست حوله السادات العظام وجبابرة الصدام فتحادثوا في الكلام وشكروا رب الانام على بلوغ القصد والمرام ...


وبعد ان اكلوا الطعام وشربوا المدام التفت بعض القواد الى المهلهل فارس الطراد ...


وقالوا بالله عليك أن تنشدنا شيئا من اشعارك لان قلوبنا مشتاقه على الوقوف على أخبارك وماجرى لك في أسفارك فعند ذلك أنشد يقول :



يقول الزير ابو ليلى المهلهـلفـكــل مـقــدر لابـــد يـأتــي
نزلـت ياأخوتـي وابنـاء عمـيبجنـح الليـل لايـدروا صفاتـي
تكافحت اليمامه مـع حمامـهوقالـوا عمـنـا هيـهـات يـأتـي
فقـلـت لـهـا لـبـيـك جـئـتـكانا مرادي السباع الكاسراتـي
فجيت لعندها في قلب صامدوجــدت عيونـهـا مقـرحـاتـي
قلـت يـا يمامـه ليـش تبكـيجرحـت بالبكـا قلـبـي لأتــي
فهمـك يايمامـه ليـس تبـكـياذا ثــارت حــروب الـفـلاتـي
انا همـي كراديـس الفـوارساذا مـا وهجـت نــار العـداتـي
وجيت انا علي جساس رامحهرب مني وصاح أنوا العداتي
وقـال الزيـر جـانـا يــا بـلانـاوطـالـب تــارة بالمرهفـاتـي
فقـولـوا لابــن مـــرة يـاتــيعندي اتاه الزير دباح العداتي


( قال الراوي ) فلما فرغ الزير من كلامه شكرته أخوته وجميع قوامه فعند ذلك تقدم سالم المهيأ اليه وقبله بين عينيه وأشار يقول :



علـى مــا قــال سـالـم المهـيـأمهلهـل جيـت هـذا اليـوم يومـك
وزال النحـس والتوفـيـق أقـبـلوأضحى القطر يزهو في قدومك
ولمـا جيـت يـا زيــن الـفـوارسازلـت همومنـا وزالـت همومـك
فقـم أركـب عليهـم يـا مهلـهـلنـهـار ولـيـل مــا أحــد يـلـومـك
وخـذ الثـار مـن جـسـاس حــالاوافـرج همـنـا واخـلـي همـومـك


( قال الراوي ) فلما فرغ سالم المهيأ من شعره طابت قلوب الجميع ... وعادوا لما كانوا عليه من الفرح والمسرة ...


واما بنو مرة ابتلوا بالذل والويل من حرب الزير فارس الخيل ... ولما اصبح الصباح واشرق بنوره ولاح ....


ركب الامير مهلهل في مائة الف بطل وطلب حرب القوم فالقاه جساس في ذلك اليوم وكان بمعيته مائه الف مقاتل بين فارس وراجل فانتشب بين الفريقين القتال وعظمت بينهم الاهوال ....


وقاتل المهلهل حتى استقتل فنكس الابطال الفحول على ظهر الخيل وقتل جماعه من السادات الاعاظم الذين اشتهروا بالفضل والمكارم وشاع ذكراهم وشاع ذكراهم بين الاعارب والاعاجم فمنهم الامير شهاب المكنى بعقاب وغيره من السادات والانجاب واستمر القتال على هذا الحال طول ذلك النهار ....


فانكسرت بنو مره اشد انكسار ... ورجع المهلهل بالغزو والانتصار ....


ولما كان الصباح ركب المهلهل والفرسان فالتقاه جساس بالرجال وتقاتلوا اشد قتال ولما تقابلت الصفوف تبادرت المئات والالوف ...


وبرز اخو جساس بين الصفين ولعب برمحين بين الفرقين ... وطلب قتال المهلهل ...


فانطبق عليه وحمل كانه قطعه من جبل او قله من القلل فتطاعنا بالرماح وتضاربا بالصفائح ... وثبت شاوش امام الزير ثبات الابطال والغاوير لانه كان من الابطال المشهوره والفرسان الذكوره ...


واستعمر الائتان نحو ساعه من الزمان وهم ضرب وطعان وكان الامير شاوش قد حتم على نفسه امام الابطال اما ان يهلك في النهار او ان يظفر بخصمه ويعيش في عز واقبال ...


ثم صاح على المهلهل وطعنه بالرماح قاصد قبض روحه .... فالتقاها المهلهل بالدوقه فراحت خائبه بعدما كانت صائبه ...


ثم تقدم المهلهل وهجم عليه وضربه بالسيف على عاتقه خرج يلمع من علائقه فوقع على الارض قتيلا وفي دمه حديلا ...


ثم هجم على الرايات وطعن الفرسان والسادات وقتل الرجال ومدد الابطال في ساحه المجال وفتك فيهم قتك فيهم فتك الاسود الكاسره وفعل افعالا تعجز عنها صناديد الجبابره وفعلت ابطاله مثل افعاله فقاتلوا القتال المنكر واذاقوا الاعداء الموت الاحمر ...


فلما راى جساس ما حل بقومه من العذاب استعظم المصاب وخرج عن دائره الصواب وزاد اكتئاب وذلك على فقد اخيه ليث الغاب لانه كان يحبه محبه عظيمه وموده جسيمه ...


فبكى وانسحب وولى يطلب لنفسه الهرب وتبعه رجاله وابطال ....


ورجع الزير بباقي الفرسان الى المنازل والاوطان وهو شقيقه الارجوان مما سال عليه من ادميه ...


فالتقته اليمامه بالاعتزال والكرامه ... ثم نزل في الخيام مع السادات الكرام فاكلوا الطعام وشربوا المدام ... وكان في كل يوم يركب حسب عادته لحرب القوم حتى بلغ منهم غايه المنى وابلاهم بالذل والعنا ...


فلما طال المطال على بني مره الاهوال جمع جساس الرجال ومن يعتمد عليهم من المطال ... وقال لهم ما هو قولكم في هذا الامر العسير فقد حل بنا التدمير وهلك كل سعيد وامير وان طال القتال لم يبق احد من الرجال ...


فقال اخوة سلطان الراي عندي ان تأخذ اختنا الجليله وبعض نساء القبيله وتذهب اليه وتقع عليه وتطلب منه كف الاذى والضرر وتعطيه هديه اخوه مهما امر وتقيمه ملكا على بلاد الشام ... وتدفع له الجزيه في كل عام ...


فقال جساس من يذهب وقص هذا الكلام عليه... قال انا وانت يا أخي فبتسم جساس ... وقال سمعت بأحد من الناس يرى الموت بين يديه فيزحف اليه على رجليه ...


فقال سلطان انا اذهب اليه بنفسي لان بيني وبينه مودة قديمه ومحبه مستقيمه ثم انه نهض في الحال وتاهب للسير والترحال واخذ معه اخته الجليله وبعض من نساء القبيله وقصد المهلهل حتى وصل اليه وسلم عليه...


وقال بالله عليك ان تصفح عنا فقد اهلكت رجالنا ولم تبق احد منا وقد اتيتك الان مع امراة اخيك الجليله واكابر نساء القبيله تقع على ساحه اعتابك وتطلب من جنابك وتبلغك غابه الارب من الفضه والذهب ونقيمك ملكا على هذه الديار وتكون طوع لك مدى الاعصار لانك سيفنا الثقيل ورمحنا الطويل ثم انشد هذه الابيات بحضور الامراء والسادات :



قـال سلطـان بـن مـرة فـي بيـوتيـا مهلـهـل استـمـع مـنـي القصـيـد
ليـت عمـرك يامهلهـل الــف عــامياحمـاه البيـض فــي يــوم الشـديـد
فاعف عنا وانت يا سياج المحصناتليـت عمـرك كـل يـوم فــي مـزيـد
نـحـن مـنـك وانــت مـنــا يـاهـمـامكـلــنــا اولاد عـــمـــك يــارشــيــد
فاعـف عنـا ثـم دعنـا فــي حـمـاكحـت ظـلـك عيـشـك يبـقـى رغـيـد


فلما فرغ من شعره ونظامه ...


أجابه المهلهل :



افتهـم يـا ابـن عمـي مـا اريــدافتهم فحوى كلامي في قصيـد
ليس لـي ذنـب فـي أي الامـوروانـا فـي حقكـم لـسـت عنـيـد
غصب عني يا سياج المحصناتعلى عمرك يا ولـد عمـي يزيـد
كل ذا جـاري عليكـم يـا رجـالعلى يمامـه بنـت اختـك الاكيـد
اليمامه كل يوم تقول خذ بثاريايـــهـــا الــبــطــل الـعـنــيــد
فـان عفـت انــا عنـكـم اعــفكـل قـول صـادق والله شهـيـد
وان ابـــت لا اخـالــف قـولـهـااننـي عـن امرهـا لسـت احـيـد


( قال الراوي ) فلما انتهى الزير من شعره ونظامه ...


قال للسطان ومن حضر معه ... انني لا اكف الحرب والقتال ولا ارفع عنكم السيوف الصقال الى يوم القيامه او تمنعني اليمامه...


فاذهب اليها وخاطبها بما خاطبها به امام هؤلاء الاعيان فعساه ان تجيب طلبك يا سلطان ...


فعند ذلك قصد سلطان اليمامه اخته الجليله ومن حضر معه من نساء سادات القبيله فدخلوا جميعا اليها وسلموا عليها ...


وقبلت الجليله بناتها وقالت لهن ....اما كفي يا بنات الاكارم والوقار فقد قتلت رجالنا وهلكت فرساننا وابطالنا وساءت احوالنا وصارت عبره لمن اعتبر ومثلا بين البشر ....


فاجابتها اليمامه انا لااصلح حتى لايبقى منا احد يقدر ان يكافح ان كان عمي عجز من قتالكم فانا انوب عنه والتقي بابطالكم ثم انها ختمت كلامها بهذا الشعر والنظام :



قالت يمامه من ضمير صـادقيا جليلـه اقصـرى عـن عناكـم
انـت وخوالـي وكـل عشائـريلا تزيـدوا لفظـكـم ولا لغـاكـم
قتلتـم الماجـد كلـيـب والــديغـدرا ومـا لــه ذنــب معـاكـم
جساس طعنه من قفاه بحربهودعاه على الغبرا حقير حداكم
انــا واخـوتـي بقيـنـا بـــذ لـــهنمسي ونصبح ولاننسـى بلاكـم
انــا لا اصـالـح حـتـى يـعـيـشابويا ونراه راكـب يريـد لقاكـم


( قال الراوي ) فلما فرغت اليمامه من شعرها ونظامها ... وفهمت الجليله فحوى كلامها رجعت هي واختها مع باقي النساء الى الحي بدون ادنى افاده ... واخبروا الامير جساس بواقعه الحال وما سمعوه من المقال ....فاعتراه الخوف والانذهال وايقن بالهلاك والوبال....


فقال اخوه سلطان وكان ذا مكر واحتيال اني سأهلك الزير ايها الامير واقوده اليك عند الصباح كالبعير ..


فقال ماذا عولت ان تفعل وما هو العمل ...


قال سلطان اني اقصد الميدان في جماعه من الاعوان واحفر هناك ثلاث حفاير ونغطيهم بالقش حتى يخفوا عن عيون العساكر فما كان الصباح والتقى الجحفل بالجحفل ...


فتبرز انت الى المهلهل وتكون انت عارف بهم فتقوده اليهم وبهذه الوسيله تتم الحيله فيسقط ويهلك في هذا الشرك فنخلص من شرة وتبلغ ما انتمناه ...


فاستصوب جساس هذا اراي واستحسنه .... وخرج ذلك الليل مع اخيه سلطان في جماعه من العبيد والاعوان حتى وصلوا الى المكان فحفروا ثلاث حفائر عميقه وغطوها بالقش ووضعوا عليها التراب حتى يخفى عن العيون ...


ثم رجعوا الى اماكنهم وهم مسرورين وباتوا تلك الليله على مقالي النار وهم ينظرون طلوع النهار .... هذا ما كان هؤلاء ...


واما الزير البطل النحير فانه ركب في الصباح بفرسان الكفاح وقصد ساحة الميدان بقلب اقوى من الصيوان فالتقاه جساس بالعسكر ثم انفرد بنفسه نحو الحفاير واخذ يلاعب الجواد على عيون العساكر والقواد فرآه بعض الفرسان وهو يجول في ذلك المكان على ظهر الحصان ...


فأعلم المهلهل بذلك الشأن وقال له ان خصمك ظاهر للعيان وهو في تلك الناحيه من الميدان ...


فلما رآه المهلهل قصده على عجل ليقتله ويبلغ الامل فلما اقترب منه ابتعد جساس وانطبقت عليه باقي الناس بقصد ان يطعنوه ويهلكوه ويعدموه ....


فلله در الحصان ابو حجلان فانه كان من عجائب الزمان وغرائب الاوان أخف من الغزلان واسبق من البرق عند اللمعان ...


فانه عندما وقع ضرب بحافرة الاض ارتفع حتى صار بين الفرسان بالميدان فرجعت الخيل عنه مدبرة فاستعظم تلك الامور المنكرة وغاب عن الوجود حتى صار بصفة مفقود ...


فرأى جساس ينخى ابطاله ويصيح على رجاله فتقدم نحوه بالجواد ليشفي من غليل الفؤاد فاتفق المقدر بوقوعه في الحفرة الثانيه من تلك الحفر فوثب به الجواد وانتصب اسرع من النظر اذا وثب حتى صار على وجه الارض فانقلبت عليه العساكر على بعضها البعض ....


فزاد بالزير الكدر وطار من عينيه الشرر .. فقصد الامير جساس دون باقي الناس ليقتله ويعدمه الحواس فكبى به الجواد في الحفرة الثالثه وكانت عليه اقبح حادثه وكان جواده قد اعياه التعب وضعفت قواه وانحل منه العصب حتى لم يعد يمكنه ان يفعل كما كان يفعل...


وكذلك الامير مهلهل فقد انهد حيله وطاش واعتراه الخوف والارتعاش وايقن بالهلاك والممات وآيس على نفسه من الحياة فكانت علة عظيمة وداميه جسيمه ...


فلما بلغ جساس الامل ونجح بذلك العمل ايقن ببلوغ الارب وصاح من شدة الطرب على باقي رجاله ومن يعتمد عليهم من ابطاله يا ويلكم ادركوه واطمروه واقتلوه فان تخلص هذه المرة من هذه الحفرة لا تتأملوا بنجاح أو نصر ...


فلما سمع الرجال منه هذا المقال قصدوا ذلك المكان من اليمين والشمال وكانت ايضا بنو تغلب قبيلة الزير فارس العجم والعرب قد اقبلت ابطالها وفرسانها ورجالها وانشب بينهم وبين القوم قتالا لم يسمع بمثله قبل ذلك اليوم ....


وكان القتال في ذلك اليوم بجانب تلك الحفر ولما عظمت الاهوال وتكردست جثث القتلى على الارض مثل التلال من ضرب السيوف وطعن النصال ....


هجم جساس امام الناس وقال للفرسان والابطال والشجعان ادركوني في هذا النهار واسعفوني بالتراب والاحجار واردموا هذه الحفرة في ساعة الحال وانا ارد عنكم هجمات الرجال فتقدموا من عجل وبادروا باجراء هذا العمل ....


غير انهم لم يبلغوا الامل لان أخوة الزير والفرسان المشاهير هجموا عليهم من اليمين واليسار وضربوا فيهم السيف البتار فأبلوهم بالذل والدمار ...


وكان الامير مرة بالقرب من تلك الحفرة فرآه عدي اخوه الزير ..فتقدم اليه وقبض عليه والقاه في تلك الحفرة بالعجل ...


وقال خذ عمك يامهلهل ولما صار بالقاع ضربه بالسيف فقتله ثم اخرجوا الزير من تلك الحفرة بالقوة والاقتدار فعند ذلك انشرحت من بني تغلب القلوب وزالت عنهم الغموم والكروب وايقنوا بالفلاح والتوفيق والنجاح وقصدوا الحرب والكفاح والتقوا أعداءهم بأسنة الرماح ....


ومال ايضا الزير على القوم ونادى اليوم ولاكل يوم وفي الحال اشتعلت النيران القتال وقامت الحرب على قدم وساق وارتجت جوانب الافاق من ضرب السيوف الدقاق والرماح الرقاق وجمدت من القوم الاحداق....


وفعل الزير في ذلك اليوم فعالا لاتطاق ومازاولوا في أشد قتال الى وقت الزوال فعند ذلك دقت طبول الانفصال ....


فرجعت بنو مرة بالويل والحسرة ... والمهلهل بالنجاح والنصرة فنزل عن ظهر جواده وخلع آلة حربه وجلاده وجاءت السادات واكلت من زاده ...


ولما جلس في الصيوان ونادى على عبده ابي شهوان باحضار المدام الى الديوان فأحضره بالعجل فتناوله منه المهلهل ومن حضر في ذلك المحفل فعند ذلك تذكر الزير ماجرى له في ذلك اليوم المهول فأنشد يقول :



يقول الزير ابو ليلـى المهلهـلفدمـع العـيـن هـطـال عمـانـا
لقـد قتلـوا اخــي اولاد عـمـيوقـالــوا مـــا راوه الا جـبـانـا
ولا يـدرون بأسـي واقـتـداريفقطعتهم ولم أخشى الزمانـا
أتتنـا فــي كلـيـب اولاد مــرةاتـونـا داخلـيـن عـلـى نـسـانـا
وقالـوا كـف عنـا يــا مهلـهـلفقد حكمت سيفـك فـي اذانـا
فاطلـب مـا تـروم اليـوم منـاواتركـنـا فـقـد صـرنـا حـزانـا
فقلـت لهـم روحـوا لليمـامـهرضاها اليوم احسن من رضانا
قتلـنـا كلـيـب الـــوف قـــومفـمـا فـيـهـم ردي ولا جـبـانـا
قتلنـا مـن بنـي مــرة امــارةملابسـهـا ثـيــاب الطيلـسـانـا
فرحوا الكل قـد وقعـوا عليهـاوقالـوا عـمـك ارسلـنـا عيـانـا
فقـالـت اذهـبـوا اولاد عـمــيفهذا القول ضحـك فـي لحانـا
فـانـا لا نصـالـح فــي كـلـيـبالا ان نــراه عـلــى الحـصـانـا
وقـد حفـروا لقلعانـي حفـايـروغطـوهـا وقـالـوا قــد كفـانـا
فركبـوا خيولهـم واتـوا حداهـاوقـالـوا قــد اتـانـا قــد اتـانــا
وقف جساس ما بين الحفايـرهجمـت عليـه اطعنـه السنانـا
فولى هاربـا مـن هـول حربـيومــرة قـــد قتـلـنـاه عـيـانـا
فكوني يا يمامـه فـي انشـراحوحظ دايم فـي طـول الزمانـا
فسوف ابيد جسـاس بسيفـيوكـــل سـيــد يـبـغـي اذانــــا


( قال الراوي ) فلما فرغ الزير من شعره ونظامه شكره جميع اقوامه ...


ولما كان الصباح رجعوا على ماكانوا عليه من الحرب والكفاح ومازالوا في قتال وصدام مدة من الايام ولما طال المطال اتفقوا على توقيف الحرب والقتال واخذوا هدنة شهرين لراحة الفريقين ...


فاتفق في بعض الايام بينما كان الزير خارج الخيام معه جماعة من الخدام واذا برجل يقود مهر ادهم كامل الصفات فاستحسنه الزير غاية الاستحسان وقال لقائده ماهو اهل هذا الحصان يا حلو الشمائل .. ايه من الخيول الاصايل ... قد اتيت به من ابعد الحلل لاهديه للامير مهلهل ..


فتعجب الزير من الاتفاق الغريب وقال لقد نلت مرادك من قريب فانا هو مهلهل الذي انت قاصده فاخذ منه الجواد وامر له بالف دينار وبلغه مقاصده فدعا له بطول العمر والبقاء وعلو الشأن والارتقاء وسار من يومه الى قومه ...


فاعتنى الزير بذلك الحصان وفضله على جميع الخيول والجياد واتفق في ذلك النهار انه التقى برجل ختيار وهو راكب على دلة سوداء مثل الظلام ووراها كر ابن سبعة ايام وهو يبرطع خلفها وتارة من قدام ...


فلما رأه الزير اعجبه .. وقال لذلك الشيخ .. اتبيع هذا الكر .. فقال بكم .. فقال ليس على الكريم شرط فأعطاه الزير مائة دينار وأخذه منه وسلمه الى السايس فرباه مدة اربع سنوات ....


ثم دخل الزير ذات يوم الى الاصطبل فنظر الكر وهو متعافي فأمر السايس ان يضع عليه عدة ولجام فأخرجه واسرجه ولجمه فركب عليه الزير وساقه ورجع الى الوراء فرده الى اليمين فراح شمالا واجتهد ان يمشه ...


فما كان يمشي معه فغضب منه ولكزه برجله في الركاب فتضايق المشوم من فعاله وضربه بنعاله ضرط ضرطة من شدة الوجع كأنها صوت مدفع ...


فغضب الزير وتألم وضربه بالسيف فأورثه العدم ودخل الى صيوانه فاجتمع بنوابه واعيانه...


وقال ولقد جربت دني الاصل واكرمته فضاع فعلي معه وما قدمت هذا المثل ايها السادات الاخيار الا لتعلموا ان الحمار يقتني الحمار ثم انه ركب ذلك الحصان فوجده من عجائب الزمان فزاد انشراحه فيه فأمر السايس ويداويه ثم انشد يقول :



يقول الزير ابو ليلى المهلهـلبلوم الشعر مـا تغلـي مالـي
ابا غالي رضيت الخيل تركبتعالى واسمعي منـي مقالـي
جمع الخيـول للحمـر خـوادمشبيه الصيب تخدمها الموالي
واما الخضر مركـوب الامـارافتركبها الملـوك وكـل والـي
وامـا الدهـم زيدوهـم عليـقـاوسيبوهـم لدهمـات الليـالـي


( قال الراوي ) فلما فرغ الزير من كلامه شكره قومه على حسن اهتمامه ثم استعد الفريقان للقتال وجرت بينهم عدت وقائع واهوال انتصر بها المهلهل وكسب اموالا كثيره وقتل سادات كثيره حتى ضعفت بنو بكر وذلت وبعد كثرتها قلت واضحمك....


( قال الراوي ) فبينما هم في حاله الذل والانكسار واذا بغبار قد علا وثار قاصدا بلادهم وتلك الديار فشخصت اليه الابصار ساعه من النهار الى ان ارتفع وتمزق وبان من تحته الف فارس وكلهم بالسلاح والدوق ...


وفي اولهم فارس بالحديد غاطس كأنه قله من القلل او قطعه فصلت من ذيل جبل وعلى راسه البيارق والريات والسناجق ....


فلما راه جساس استبشروا وايقن بالفرج بعد الشقا والكدر ولما اقترب للعيان ونأملته الفرسان واذا اسد الاجام الامير سيبون ابن الامير همام وكان المذكور قد خرج في جماعه من فرسان الصدام للغزو على بلاد الروم وذلك من عهد وقوع الزير في البحر كما سبق الكلام ...


فلما عرفوا وتحققوا خرجوا اليه واستقبلوه وفرحوا بقدومه الي الديار ...


وكان ذلك اليوم عندهم اعظم نهار فذبحوا الذبائح وطعموا الغادي والرائح وكان افراح الخلق ابوة همام وامه ضباع حيث لم يكن غيره سوى الذي قتل الزير على بير السباع ...


فلما نزل بصيوانه بابطاله وفرسانه خاع عدته وغير بذلته ودقت له النوبات وقامت الافراح والمسرات وعمل جساس وليمه عظيمه لها قدر وقيمه استدعى اليها جميع الاكابر وامراء القبائل والعشائر وكان شيبون قد وجد السادات والاعيان في هموم واحزان فسال عن ذلك الشان ...


فقال جساس له لاتسال يا ابن اخي عما اصابنا ودهانا من خالك الزير غال مهان فانه يكتف بقتل اخيك شيبان حتى جعلنا مثلا بين العربان على طول الزمان فانه افنى رجالنا واهلك ابطالنا وقد حرمنا هجوع الليل وهدمنا القوى والحيل كل هذا هو لايقبل منا ديه ولامال ديه ولامال ولافديه وقد اعلمنا بالقضيه واو قفناك على باطن الطويله ...


فلما سمع شيبون هذا الكلام صار الضيا في عينيه كالضلام من عظم ما قاله اخمرت عينيه وشتم خاله ووعدهم بالمساعده والمعاضده وان يكون معهم على قتال خاله يد واحده ثم نظم هذه القصيده وارسلها لخاله على سبيل الملام والتهديد :



قـال شيـبـون ابــن هـمـام الامـيـرحـامـي الـزيـنـات طـعــان الـعــدا
ضر ب سيفي يقطع السيف المتينثـــم يـقــدح الـصـخــور الـجـمــدا
كــل مــن يبـغـي قتـالـي يـرتــديويرتـمـي فـــوق الصـعـيـد مـمــدا
لـم يبـق لـي مقـارن فـي المجـالحـيــن يـلـقـونـي يــولــدا شــــردا
وانــــت يــــا خــالـــي مـهـلـهــلياهمام شد عزمك للقتال الـى غـدا
ولاتـقـل يــا خـالـي مــا اعلمتـنـييــــا قـلـيــل الـعـقــل لاتـتـمــردا
ابـرز الــي فــي الصـبـاح ولاقـنـيثــم ابـشــر يـــا مهـلـهـل بـالــردا


( قال الراوي ) فلما فرغ شيبون من شعره ومقاله ختم الكتاب وارسله الى خاله مع رجل من ابطاله ...


فلما فتحه الزير وقرأه وعرف فحوى معناه أجارت وغاب من ديناه وقد شق عليه وتأسف وصفق كفا على كف وقال انه معذور في هذه الامور لانه جاهل مغرور فلقتضى ان ينتصح قبل ان يفتضح فاجابه على ابياته تقول :







تابعونا في الجزء الثامن ..............

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 08-01-2007, 08:31 AM   #2
 
إحصائية العضو








دغش البطي غير متصل

دغش البطي is on a distinguished road


افتراضي مشاركة: قصة الزير سالم - الجزء الـسـابــع

الكاتب والراوي : صالح الجعيدي

تسلم والله يمناك يالقرم على سرد هذه القصص الرائعه والجميلة

قصص مشوقة جداً تحس بالقارىء أنه متواجد بجميع لحظاتها

لاهنت وبيض الله وجهك وفي إنتظار الجزء الثامن

تحياتي القلبية لك ولقلمك الذهبي الرائع

محب الجميع

 

 

 

 

 

 

التوقيع

    

رد مع اقتباس
قديم 08-01-2007, 09:32 AM   #3
 
إحصائية العضو








ابن وتيد السباعي غير متصل

ابن وتيد السباعي is on a distinguished road


افتراضي مشاركة: قصة الزير سالم - الجزء الـسـابــع

الكاتب والراوي : صالح الجعيدي

تسلم والله يمناك يالقرم على سرد هذه القصص الرائعه والجميلة

قصص مشوقة جداً تحس بالقارىء أنه متواجد بجميع لحظاتها

لاهنت وبيض الله وجهك وفي إنتظار الجزء الثامن

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 09-01-2007, 06:47 AM   #4
 
إحصائية العضو








العماني غير متصل

العماني is on a distinguished road


افتراضي مشاركة: قصة الزير سالم - الجزء الـسـابــع

بيض الله وجهك اخوي صالح

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مناخ وراط بين مطير وقحطان (الدحملية ثار البداية) خالد المطيري :: القسم الـتاريخــي الــعام :: 12 31-03-2011 02:52 PM
التغطية المصوّرة لــ حفل قبيلة العمور برعاية الشيخ سعد بن مسفر آل طاقان العمور على شرف الشيخ علي بن صالح أبوليله وجماعته الغفران آل مره الإداره :: قسم اللقــاءات والفعاليات والتغطيات الخاصة:: 22 28-03-2011 08:07 AM
قصة حقيقية مرعبة عن بنت دفنت السحر في جثة والدتها في خاطرى شئ :: قسم القـــصص والروايـــات :: 6 01-03-2011 06:33 AM

 


الساعة الآن 06:15 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
---