أخ كريم يعمل في عمل تكنولوجي, معقد جداً وموفق جداً, فقال لي مرة: معملٌ طلبني, لأن عنده مشكلة في الحاسوب الآلي, والحاسوب الصناعي, فطلبت مبلغاً من المال, فصاحب المعمل صعب، فاستكثر المبلغ
وبدأ يكثر من مشاحنته لتخفيض الأجرة، فقال لي: تكلمت كلمة خطأً لكن وقتها ما انتبهت لها، قال لصاحب المعمل: أنا لست بحاجة لك وأنت بحاجة لي, عجبك هذا المبلغ -كلمة فيها اعتداد، فيها قسوة، تحكم- فصاحب المعمل أذعن له، وقال له: تفضل أصلح هذا الخلل، قال: في كل حياتي إصلاح الخلل نصف ساعة أو ثلاثة أرباع الساعة, خبير خبرة عالية جداً, ودارس في أعلى البلاد
وقد تفوق في هذا الموضوع، ثم مضت ساعة, ساعتان, خمس ساعات, ثماني ساعات, الطريق مغلق، ثاني يوم ثماني ساعات, الطريق مغلق، ثالث يوم لا زال الطريق مغلقاً, أقسم بالله ثمانية أيام، فلم يعد الأجر موافقاً للمدة ولا مائة, ضعف المبلغ، كان ترتيبه نصف ساعة وتنتهي العملية،
لكن الالتزام بإصلاح الخلل لا بالوقت، بعد ثمانية أيام توقفت عن العمل، قلت: لأراجع نفسي, لعل هناك مشكلة -يبدو أن دينه جيد- فاعتذر من صاحب المعمل, وخلا بنفسه, وحاسب نفسه, أي ذنب ارتكبته حتى سد علي باب إصلاح هذا الخلل؟ إلى أن اهتدى إلى هذه الكلمة التي قالها باعتزاز واعتداد، إذ قال له: أنت بحاجة إلي, إن شئت فهذا هو المبلغ,
فاستغفر الله عز وجل, وتاب إليه, ودفع صدقة تكفيراً لذنبه، ثم قال: والله في اليوم التاسع أو العاشر أقسم بالله بأقل من ربع ساعة انتهى الموضوع وتم إصلاح الخلل.
حاسب نفسك:
((ما من عثرة, ولا اختلاج عرق, ولا خدش عود, إلا بما قدمت أيديكم, وما يعفو الله عنه أكثر))
---------------------
منقول من موقع الدكتور محمد راتب النابلسي