الموالي ، العبيد ، الأتباع ، الحلفاء ، صلب القبيلة وأصلها ، الصبغة الوراثية
قال جرير في بيته الشهير :
صارَت حَنيفَةُ أَثلاثاً فَثُلثُهُمُ
مِنَ العَبيدِ وَثُلثٌ مِن مَواليها
فبني حنيفة ذلك الوقت ، العصر الأموي ، تتكون من ثلاثة أقسام القسم الحنفي ، متمثلاً بصلب القبيلة وأصلها ، وقسم متمثل بمواليها أي أتباعها وحلفاؤها ، وقسم يشمل عبيدها التابعين لها . وليس هذا خاص ببني حنيفة بل هو موجود في أغلب القبائل .
وحرص الإسلام على عدم اختلاط الأنساب ، ولهذا فإنه أباح الزواج ، وحرم الزنا والتبني ، لما يترتب على ذلك من أمور المواريث والحرمة من النساء .
ولذلك فإن الإسلام يفرق بين أصل القبيلة ومن يلتحق بها من حيث الموالاة أو العبودية أو العتق ، ولهذا فإن قدماء العلماء يفرقون بين ذلك بقولهم : فلان مولى فلان ، أو مولاهم ، أو بالموالاة ، وفلان حليف فلان أو حليفهم ، وغير ذلك من صيغ التوضيح .
وهذا أمر غير معمول به الآن ، مع أن إعتاق العبيد خاصة حادثة ليست بالقديمة في جزيرة العرب والخليج العربي ففي السعودية حدثت في عهد الملك فيصل بن عبد العزيز .
ويأتي علم الأجناس أو علم الفراسة ، حيث عن هذا العلم يتم التعرف على الجنس البشري عن طريق الملامح والصفات الجسدية ، أما اللون فيأتي في الدرجة الثانية من الأهمية ، إذ في العبيد عدة ألوان من الأسود والأسمر والأصفر وحتى الأبيض ، نتيجة اختلاط الدماء بأجناس أخرى من العبيد أو عن الزواج من خارج جزيرة العرب ، إلا أن الملامح الأفريقية لم تتغير أو أصابها تغير بسيط .
وتأتي أخيراً البصمة أو الصبغة الوراثية dna التي لا تقبل الجدل حول تصنيف أعراق البشر ، أما عدم قبوله من بعض الجهات الدينية فإن ذلك يتعلق بنواحي دينية لا نريد الخوض فيها . وقد أثارت زوبعة كبيرة ، وهي بحاجة إلى إعادة التجربة واختيار عينات من صلب القبيلة لا من أتباعها ومواليها وعبيدها ، ولهذا جاءت بعض القبائل بنتائج غير مرضية ، والسبب يعود إلى وجود عينات من غير أصل القبيلة .
والملاحظ أن القبائل الضخمة ذات التاريخ العريق يكثر الانتساب إليها طلباً للحماية أو الفخر ، وكذلك هي كثيرة العبيد والموالي والأتباع ، أما القبائل المستحقرة فلا يوجد من يلتصق بها حتى من العبيد . حتى قيل ( من ضيّع أصله قال أنا ... ) .
وإن بقاء الذاكرة الشعبية محتفظة بأصول هؤلاء ، يجعل عليهم الصعب التعايش ، بل يخلق نوعاً من التوتر والكراهية ، إذ ما زلنا نسمع قولهم هذا من قبيلة ( س أو ع أو ص ) وهذا من عبيدهم وهذا غير أصيل ملتصق بهم . إذ أن الشخص الذي هو من أصل القبيلة يشعر بأن حقه اغتصب منه ، ولهذا فإنه ما زال يدافع عن ذلك بقوله هذا من عبيدنا وهذا ملتصق بنا وهذا دخيل علينا ... إلخ .
ولترجع إلى الحل الذي حله علماء المسلمين ، وهي طريقة عربية قديمة ، إذ يفرقون بين أصل القبيلة ومن هو فيهم وليس منهم بقولهم : هو مولاهم أو حليفهم ... إلخ مثلما تقدم .
وأما عبيد القبيلة فإن أي شخص حين يرى الملامح الإفريقية في شخص آخر ينتسب إلى قبيلة ما يذهب الذهن مباشرة إلى معرفة أنه من عبيدهم أو كان أجداده من عبيدهم ، بل إني أرى أن العبيد ، ما زالوا عبيداً ، حيث ما زال الناس يطلقون عليهم عبيد ، كذلك ما زالت القبيلة تذكرهم بأنهم كانوا من عبيدها ، وما زال الناس يتعرفون عليهم بأنهم من عبيد القبيلة الفلانية . ولهذا فإنه أمر يشعر بالحزن .
الحل :
اعتقد أن الحل الوحيد لهذه المشكلة هي أن يحذفوا الاسم العائلي أو بمعنى أدق اللقب القبلي لأسيادهم ، وبعدها يكونون أحرارا بمعنى الكلمة ، إذ أنهم حقيقة ليسوا من صلب القبيلة وليسوا من صلب جدها ، قال تعالى : { ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ } مع عدم تجاهل الأخوة والموالاة في الدين لا النسب حسب هذه الآية الكريمة .