الرقيب العتيبي الجندي المجهول الذي ينبغي أن يكون معلوما
القدر ساقه و أخاه و 18 عسكريا آخرين لإنقاذ الكثير من الأطفال و العائلات
الرقيب العتيبي أثناء تدوينه فصول المأساة بالورقة والقلم
جدة: براء العتيق
سطر وكيل الرقيب في قوات الأمن الخاصة محمد عوض الله العتيبي مأساته مع سيل حي قويزة والخط السريع في ورقة بالحبر والدموع
ليحاسب بها حسب قوله المسؤولين وذلك بعد أن يرفع عدة برقيات للجهات المعنية عن المأساة، والتي نتج عنها فقدانه لأخيه
"عويض" أمام عينيه والذي يعمل معه في نفس القطاع، وهما يحاولان مع 18 عسكريا آخرين من الحرس الوطني والجيش تواجدوا عن طريق الصدفة
بالمنطقة المنكوبة وقضوا وهم يحاولون إنقاذ المحتجزين أثناء مرور السيل.
وقال محمد العتيبي لـ"الوطن" بدأت المأساة عندما كنت متجها مع أخي بسيارتنا إلى منزلنا بالكيلو 14، حيث نعمل بقطاع واحد،
وفي تمام الحادية عشرة صباحا أغلق الخط السريع المتجه للجنوب وتكدست السيارات في 8 مسارات،
وعندما تساءلنا عن السبب كان الجواب من أصحاب السيارات المتوقفة، بوجود حادث تحت كوبري الجامعة وان الطريق سيفتح بعد قليل.
وتابع العتيبي أنه بعد 3 ساعات تقريبا وصل فيها تكدس السيارات إلى كوبري ولي العهد ولم يصلنا تحذير واحد بوجود السيل من أي قطاع أو جهة كانت،
حيث كنا مطمئنين بالجو الذي لم يكن مغيما بطريقة مخيفة، بالإضافة إلى أن الطريق لم يكن يدل على وجود سيل لان الإسفلت كان ناشفا.
وأضاف أنه في تمام الساعة الواحدة والنصف كان موعدنا مع منظر مخيف، حيث شاهدنا أكواما من السيارات الكبيرة تتحرك باتجاهنا بسرعة كبيرة،
فتجمعنا عدد من العسكر 20 شخصا واتفقنا أن نقوم بعمليات انقاد لمن نستطيع وسط أصوات صراخ النساء والأطفال وتوسلات الآباء بالمساعدة بإنقاذ عائلاتهم.
وقال" كونا جسرا بشريا وبدأنا نوصل الناس إلى جدار الحرم الجامعي، وما هي إلا لحظات وبدا السيل يشتد وكان هناك البعض يرفضون أن نساعدهم ويقولون سنحتمي بسياراتنا، نسأل الله أن يحسبهم مع الشهداء".
وأضاف: سحب السيل زملاءنا الـ17 الذين كانوا يقومون بالإنقاذ معنا، وبقينا أنا وأخي وأحد أفراد الحرس الوطني،
وشاهدنا عائلة باكستانية مكونة من السائق وزوجته وأمه وطفلتين 12سنة وثلاث سنوات وطفل عمره سنة، فقررنا إكمال مهمتنا بإنقاذهم،
فسحبنا السيل عندما حاولت إنقاذ المسنة ،وأخي رحمه الله وهو يمسك بالطفلة ذات الثلاث سنوات.
ويقول: قوة السيل لم تمكني من التحكم بنفسي فشاهدت أخي يستشهد أمامي ووكلت أمري إلى الله،
وجرفني السيل حتى شارع عبدالله السليمان حيث سحبني شخص سوداني لينقذني ولكن السيل جرفنا سويا حتى سحبنا مواطن كانت سيارته من نوع وانيت عالقة بعمود إنارة قام بسحبنا إلى مؤخرة سيارته.
ويعود العتيبي للتساؤل بعدما دفن أخاه الذي وجده احد المواطنين وسلمه لثلاجة مستشفى الملك عبدالعزيز،
بمقبرة الحي الشمالي بالكيلو 14 بعدما صلوا عليه في مسجد الدعوة والإرشاد في نفس الحي، عن دور الدفاع المدني الذي كانت خطوطه مشغولة طوال فترة مرور السيل أو ترن دون مجيب رد،
يتساءل عن المسؤول الرئيس خصوصا أنهم حجزوا قرابة الثلاث ساعات وهي فترة كافية لإخلاء من ساقتهم أقدارهم على الطريق السريع وقت وقوع الكارثة قبل أن يجرفهم التيار ،
ويذهبوا ضحايا بلا ذنب أو جريرة ، تاركين وراءهم الكثير من علامات الاستفهام التي تحتاج إلى سنين للإجابة عليهم لعلها تنقذ غيرهم قد يواجهون نفس المصير.
ويمضي العتيبي بقوله: بعد أن أفقت من الصدمة الأليمة ، وتيقنت أنني مازلت على قيد الحياة وأن ما مضى ليس كابوسا ، أو فيلم رعب تمر صوره البشعة أمامي وتطاردني باستمرار،
فكرت في أن أسجل تلك اللحظات التي عشتها وعمرها بميزان الوقت قصير لكنها في مخيلتي ،وقياسا على مرارتها وبشاعتها في الواقع كعمر طويل، لقد كانت صورة من تسونامي الذي كنا نسمع عنها من الصحف والتليفزيونات، وبالفعل تمالكت واستجمعت قواي وكتبت ما حدث بالورقة والقلم لمن يريد