لقد ورد ذكر جلاجل ( بضم الجيم الأولي وكسر الثانية وكذلك بفتح الأولى وضم الثانية ) كثيراً في أشعار العرب وفي المعاجم العربية .
فيقول ياقوت الحموي في ( معجم البلدان ) : ( جلاجل : بالضم وكسر الثانية ، ويروي بفتح الأول ، ورأيته بخط أبي زكريا التبريزي بجاءين مهملتين الأولى مضمومة ، وأصلة في قولهم غلام جلاجل ، بجيمين ، إذا كان خفيف الروح نشيطا في عملة ، وكذلك غلام جلجل ، قال ابن الأعرابي : جلاجل كثير الجلاجل ، وهداهد كثير الهداهد ، والقراقر كثير القراقر ، كأنه يقول إن فعالك من أبنية التكثير والمبالغة ، وقال الأزهري : جلاجل جبل من جبال الدهناء ، وأنشد لذي الرمة :
أيــا ظبيـــــة الـوعـسـاء بين جــلاجـل وبـين النـقـــــــا أأنـــــت أم أم ســالم
وقال البكري في معجمه ( معجم ما استعجم ) : جلاجل : بضم أوله ، وبجيم أخرى مكسورة على وزن فعالل : أرض باليمامة
وذكر البكري جلاجل حين تكلم عن جزرة ، فقال جزرة: بضم أوله وإسكان ثانيه ، وبالراء المهملة ، موضع باليمامة ، قال الأسود :
يقـلن تركــــن الشـاء بين جــــلاجـــل وجــزرة قد هاجت عليــــه السـمائــم
كما ذكر جلاجـل حين تكلم عن الجو ( ويعرف الآن بجوي وهو موقع يقع شمال جلاجل)فقال:
أمن دمنــــــــــة بالجـو جــو جـلاجــل زمـيـلـك منــهـل الدمـوع جــــــــــزوع
وذكر الأصفهاني في كتابه ( بلاد العرب ) : ( بنو عوف بين مالك بن جندب يسكنون الفقئ وينزلون الحريم وجلاجل من ناحية الفقئ).وذكر المعلق أن جلاجل بلد معروف الآن في إقليم سدير . وقال في موضع آخر ( والعكرشة لبنى عدى الرباب ولهم الجرفة والقمعة ثم بطن الحريم وهو واد لبلعنبر بالفقء ثم زلفة وهي لهم أيضا ولهم جلاجل ) .
وذكر حمد الجاسر جلاجل في كتابه المعجم الجغرافي (القسم الأول ا – ص ) فقال
جلاجل : بضم الجيم بعدها لام مفتوحة فألف مكسورة فلام : من بلاد قري سدير في إمارة الرياض ) .
العلاقة بين مدينة جلاجل الواقعة في منطقة سدير ودارة جلجل التي ذكرها امرؤ القيس :
ويتبادر إلى ذهن عدد كبير من الناس وخاصة أبناء جلاجل أن هناك علاقة بين مدينة جلاجل الحالية ودارة جلجل التي ورد ذكرها في شعر امرؤ القيس الذي عاش قبل الإسلام في الجزيرة العربية . ولجلاء الأمر أورد بعض الآراء القديمة والحديثة التي تحدثت عن دارة جلجل التي ذكرها امرؤ القيس في شعره.
قال ياقوت الحموي عن جلجل :
جلجل: بالضم دارة جلجل : قال الأصمعي وأبو عبيدة : هي من الحمى ، وقال غيرهما : هي من ديار الضباب بنجد فيها يواجه فزارة ، ذكرها امرؤ القيس والجلجل أصله الذي يعلق على الدواب من صفر فيصوت ، وفي المثل : جريء يعلق الجلجل ، قال أبو النجم : إلا امرؤ يعقد خيط الجلجل ، يريد الجريء الذي يخاطر بنفسه وغلام جلجل وجلاجل : خفيف الروح انتهي .
وتكلم ياقوت عن دارة جلجل فقال :
دارة جلجل : قال ابن السكيت في تفسير قول امرؤ القيس :
ألا رب يوم لك منهـن صالــــــــــــــــح ولا سيما يومـا بدارة جــــــــــــلاجـل
قال : دارة جلجل بالحمى ويقال بغمر ذى كنده : وقال عمرو بن الخثارم البجلي :
وكــــــنـا كــــــــأنـا يوم دارة جــلجـــل مـدل علـى أشبـالــــــــــــه يتـهمهـم
وقال ابن دريد في كتابه ( البنين والبنات ) دارة جلجل بين شعبى ، وبين حسلات ـ وبين وادي المياه وبين البردان ، وفي كتاب جزيرة العرب للأصمعي : دارة جلجل من منازل حجر الكندي بنجد .انتهي كلام ياقوت.
وقد علق الشيخ حمد الجاسر على ما أورده ياقوت عن دارة جلجل فقال : على أن الهجرى وهو ممن عرف نجدا معرفة مشاهدة وعلم ، قال عن دارة جلجل: وجلجل يمانية من دور بني الحارث بن كعب ، وأرى أن الصواب مع الهجري ، إذ لو كانت في الحمي لكثر ذكرها على ألسنة شعرائه ، على أننا نجد قولا للأصمعي ، وهو يحدد موضع مملكة الكندري بقوله : ما بين طمية إلى حمى ضرية إلى دارة جلجل من العقيق إلى بطن نخلة الشامية فهذه العبارة إن كانت صحيحة تدل على أن دارة جلجل ليست كما حددها ابن دريد ، ذلك التحديد الدقيق ، بين مواضع لاتزال كلها معروفة في غرب بلدة ضرية وقد أورد ياقوت أيضا لابن دريد قوله : ( البردان ماء للضباب قرب دارة جلجل ، والبردان هذا يقع بقرب وادي المياه ، الواقع غرب ضرية ، والذي هو جزء من وادي الجريب ( انتهي كلام الجاسر ) .
وذكر الأستاذ سعد الجنيدل في استعراضه لما كتبه عبدالله بـن عسيلان عن دارات العرب ( الجزء الأول ) وخاصة ما ذكر ابن عسيلان حول تعريف الدارات . فقال الجنيدل : قال البكري : قال أبو حاتم الأصمعي ، الدارة جوبة تحفها الجبال ، والجمع دارات ، وقال عنه في موضع آخر . الدارة رمل مستدير قدر ميلين تحفه الجبال ، وهنا نجد أن الأصمعي وصف الدارة بوصفين متقاربين ، وزاد في الثاني أن حدد مساحة الدارة بقدر ميلين ، والواقع أن الأصمعي ذكر هذين الوصفين لا لحصر صفات الدارة بهذين الوصفين ، وإنما عبر بهما على ما يبدو من الصفات التي شاهدها لبعض الدارات .
فالوصف الأول ينطبق على دارة ( دمخ) الواقعة في ناحيته الغربية الشمالية، فيما بين ناصفة ودمخ وماء الغضية، وينطبق أيضا على دارة ( شهلان ) الواقعة في ناحيته الجنوبية فيما بين مريصيص من الشمال وماء دلعة من الجنوب ، وينطبق أيضا على دارة جلجل الواقعة في وسط جبال الهضب الأسمر ، المعروفة حاليا ( روضة جلاجل ) في جبال جلاجل ، وهذه الدارات الثلاث ، من الدارات المعروفة قديما وحديثا ولم يحدث أي تغير في اسمائها…انتهي كلام الجنيدل .
واستعرض سعد الجنيدل ما كتبه حمد الجاسر عن دارة جلجل ـ فقال : دارة جلجل ، ذكرها الشيخ حمد وأرد في ذكرها كثيرا من الأقوال ورجح قول الهجري في تحديدها ، وذكر كلام الجاسر في ذلك .
ثم قال الجنيدل : قلت : والمعروف في هذا العهد أنه لا يوجد في عالية نجد أو ناحيته الجنوبية موضع بهذا الاسم أو قريب منه إلاموضع واحد ، وهو جبال ( جلاجل ) الواقعة في الهضب الأسمر هضب الدواسر ، ويحتمل أن كلمة جلاجل محرفة من كلمة جلجل ، ويؤيد ذلك قرب هذه الجبال من المواضع التي ذكرها امرؤا القيس في شعره : مثل : الدخول وحومل وصاحتين وعمايتين وغاضر والقمري ، وكلها في جنوب نجد . وفي جبال ( جلاجل ) دارة واسعة واقعة في وسط الجبال تحيط بجهاتها سلاسل سوداء ، وهي من أوسع الدارات وأطيبها تربة وأكثرها نباتا ، ولهذا نجد من البدو يسمونها ( روضة جلاجل ) بينما الآخرون يسمونها ( دارة جلاجل ) ومعالمها الجغرافية قد أعطتها صفات الدارة الكاملة . انتهي كلام الجنيدل .
وذكر محمد البليهد في كتاب ( صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار ) ص 20 قول امرؤ القيس :
الا رب يوم لـي مـــــن البيض صالـــح ولا سيما يـوم بـدارة جــــــــلجــــــــل
وقال: الدارات في كلام العرب كثيرة مضافة وغير مضافة ، وأما دارة جلجل التي عناها أمرؤا القيس فهي باقية إلى اليوم في بطن الهضب ، وتقع في جهته الجنوبية الشرقية . ويقال لها اليوم دارة جلاجل وهو الموضع الذي عناه عمرو بن الخثارم البجلي بقوله :
وكــــــنـا كــــأنـا يوم دارة جـــــلجــــل مــــــدل عـلــى أشبـالـــــه يتـهمهـم
وهي دارة عظيمة تحيط بها هضاب باقية . انتهي كلام البليهد .
وقال الفرج تعليقا على ما كتبه محمد البليهد في كتابه السابق الذكر : وقال ( البليهد ) في ص20 عن ( دارة جلجل ) ويقال لها اليوم دارة جلاجل مع أن جلاجل كانت معروفة في الزمن القديم ومنه قول ذي الرمة :
أيــا ظبيـــــة الـوعـسـاء بين جــلاجـل وبـين النـقـــــــا أأنـــــت أم أم ســالم
ومن الاستعراض السابق يتضح أن هناك شبه إجماع على أن دارة جلجل التي وردت في شعر امرؤ القيس تقع في منطقة الهضب في جنوب نجد . بحجة أن المواقع الأخرى التي وردت في شعر امرؤ القيس مثل الدخول ، سقط اللوى وحومل وصاحتين وعمايتين وغاضر والقمرى وسجى والنير ودفح تقع جنوب نجد . وهذا ما أرى أنه الأرجح .
( ابن واصل البدراني الدوسري )