الثقافة لغة هى الكثافة أو الشيئ الكثيف .. وفى اصطلاح المثقفين تأتى أبلغ تعريفاتها ما قال به المفكر الأسطورة عباس محمود العقاد وهى أن الثقافة أن تعرف شيئ عن كل شيئ .. والتخصص أو العلم أن تعرف كل شيئ عن شيئ
والثقافة بهذا المعنى ليست ترفا وليست كمالية من كماليات الحياة بل هى ضرورة قاطعة يجب أن تتوافر فى كل إنسان يريد أن يكون له من طبيعة خلقه فضل ومسمى ..
أما بالنسبة لما تعارفت عليه الشعوب من إطلاق لقب المثقفين على شريحة معينة من المجتمع فهو أمر منطقي ولا يتعارض مع التعريف السابق ولا مع ضرورة توافر الثقافة لدى كل إنسان
لأن الثقافة ليست على حال واحد وليست على درجة واحدة فهناك حد أدنى من المعلومات التى يجب أن يكتسبها المرء بالقراءة والمطالعة من حين لآخر .. وهناك المستويات المتوسطة والعليا للثقافة والتى لا تكون واجبة إلا على شريحة المثقفين والعلماء .. فإن كان الشخص العادى من عوام الناس يعتبر من معجزاته أن يكون مثقفا عملاقا وذلك عندما تفوق على ما هو ضرورى من حد أدنى إلى حدود أعلى
فإن الحدود العليا من الثقافة للعلماء ولأصحاب القلم ولأرباب السياسة والمفكرين ضرورة إن غابت يغيب معها وصف العالم والكاتب والمفكر ..
لأن العالم فى أى مجال وأستاذ الجامعة فى أى منهج والمفكر فى أى مجال فكرى لا يمكن قبول مبدأ التخصص منه كحجة أمام تقصيره فى الشأن الثقافي كما يحدث فعلا هذه الأيام فتجد أستاذا جامعيا فى الفيزياء مثلا لا يعرف بعض المعارف الكافية عن التاريخ الإسلامىوكان من نتيجة أن خرجت بعض أجيال الشباب اليوم فى حالة موت إكلينيكي وليس إغماء فقط عن سائر ما يربطهم به انتماء
فالثقافة وغيابها الرهيب بهذا النحو هى السبب والعصب الرئيسي فى سائر مشاكلنا كمسلمين عرب بالتحديد لأننا فقدنا أدنى روابط الصلة بيننا وبين تاريخنا من جهة وبيننا وبين معنى الحياة من جهة أخرى
ولو تحدثنا بلغة الأرقام سنكتشف هولا .. فدور النشر التى تطبع وتنشر أمهات الكتب ومختلف المطبوعات الثقافية تشير أرقام توزيعها إلى درجات بالغة الإضمحلال بالنسبة لعدد سكان الوطن العربي
وليت الأمر خاصا بأمهات الكتب التى يمكن أن نقبل حجة التخصص والثقل فيها
بل الأمر يتعلق حتى بالروايات والتى تعتبر فنا للتسلية ليس أكثر .. وتدريبا على القراءة ليس أعمق