::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: - عرض مشاركة واحدة - حدثني عن أغرب ما مر بك
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-07-2005, 05:41 PM   #1
 
إحصائية العضو







راشد النتيفات غير متصل

راشد النتيفات is on a distinguished road


حدثني عن أغرب ما مر بك

لما أفضت الخلافة إلى بني العباس اختفى جميع رجال بني أمية وكان منهم إبراهيم بن سليمان فشفع له عند السفاح بعض خواصه فأعطاه الأمان ثم أحله مجلسه وأكرم مثواه

وقال له السفاح ذات يوم : يا إبراهيم حدثني عن أغرب ما مر بك أيام اختفائك

فقال : كنت مختفياً في الحيره بمنزل مشرف على الصحراء فبينما كنت يوماً على ظهر ذلك البيت أبصرت أعلاماً سوداء قد خرجت من الكوفة تريد الحيره فأوجست منها خيفة إذ حسبتها تقصدني

فخرجت مسرعاً من الدار متنكراً حتى أتيت الكوفة وأنا لا أعرف من أختفي عنده فبقيت متحيراً فنظرت وإذا أنا بباب كبير فدخلته فرأيت في الرحبة رجلاً وسيماً لطيف الهيئة نظيف البزة فقال لي: من أنت؟ وما حاجتك؟ قلت: رجل خائف على دمه جاء يستجير بك .

فأدخلني منزله وواراني في حجرة تلي حجرة حرمه فأقمت عنده ولي كل ما أحب من طعام وشراب ولباس وهو لا يسألني عن شئ من حالي إلا أنه كان يركب في كل يوم من الفجر ولا يرجع الا قبيل الظهر

فقلت له يوماً : أراك تدمن الركوب ففيم ذلك ؟ قال لي : إن إبراهيم بن سليمان بن عبدالملك قتل أبي وقد بلغني أنه مختفي في الحيره فأنا أطلبه لعلي أجده وأدرك منه ثأري فلما سمعت ذلك يا أمير المؤمنين عظم خوفي وضاقت الدنيا في عيني وقلت: إني سقت نفسي إلى حتفي

ثم سألت الرجل عن إسمه واسم أبيه فأخبرني عن ذلك فعلمت أن كلامه حق فقلت له : يا هذا إنه قد وجب علي حقك وجزاء لمعروفك لي أريد أن أدلك على ضالتك

فقال : وأين هو؟ قلت : أنا بغيتك إبراهيم بن سليمان فخذ بثأرك . فتبسم وقال: هل أضجرك الإختفاء والبعد عن دارك وأهلك فأحببت الموت ؟ فقلت : لا والله ولكني أقول الحق وإني قتلت أباك في يوك كذا من أجل كذا وكذا .

فلما سمع الرجل كلامي هذا وعلم صدقي تغير لونه واحمرت عيناه ثم فكر طويلاً والتفت إلي وقال: أما أنت فسوف تلقى أبي عند حاكم عادل فيأخذ بثأره منك وأما أنا فلا أخفر ذمتي (1) ولكني أرغب أن تبعد عني فإني لست امن عليك من نفسي ثم إنه قدم لي ألف دينار فأبيت أخذها وانصرفت عنه

فهذه الحادثة أغرب ما مر بي وهذا الرجل هو أكرم ما رأيته وسمعت عنه بعدك يا أمير المؤمنين.


(1)لا أخفر ذمتي : لا أنقض عهدي معك ولا أغدر بك بعد أن أمنتك

المصدر : بحر الاداب المجلد الثالث ص 52

 

 

 

 

 

 

التوقيع


رحمك الله يا أبا محمد ,,,
فلن ننساك ما حيينا .

    

رد مع اقتباس