الأخوة و الأخوات زوار هذا التجمع المبارك.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
لقد دُعيت لتجمعكم هذا من أحد أبناء أسرتي للوقوف على بعض ما ينشر حول تاريخ أسرتنا و الوقوف عليها بما نعلمه و تلعلمناه من الأكبر منّا سنناً و مكانة في الأسرة.
سائلين المولى عز وجل أن يلهمنا الصواب فيما نقول و نعمل و أن لا نبخل في تقويم ما قد يختلط على بعض الرواة و ينقل للمنتديات و المواقع فتحدث المغالطات الناتجة عن عدم الدقة في النقل و التصنيف.
حول ما يشاع أن هذه القصيدة و غيرها هي من قصائد عبدالله بن أحمد السديري :
أولاً : من هو عبدالله بن أحمد السديري ؟
1- يقول عبدالله بن محمد بن خميس في كتابه "تاريخ اليمامه (مغاني الديار و ما لها من أخبار و أثار )" في الجزء الخامس صفحة 456 ما يلي نصه :
"هو عبدالله بن أحمد السديري من السدارى الأسرة المعروفة فهو شاعر مجيد ومعروف بشعره و توجهاته الطيبة"
لم يذكر عبدالله بن محمد بن خميس مصدره في هذه المعلومة في كتابه المعروف "تاريخ اليمامه (مغاني الديار و ما لها من أخبار و أثار )".
و عليه فمن الأرجح أنها قد وصلت إليه بالتواتر من عدة مصادر قابلة للصواب و الخطأ.
2- يقول الأخ المهندس سعود بن محمد الهاجري في كتابه " شيوخ و شعراء" ما يلي نصه :
" لم أجد له ترجمة سوى ما كتبه عبدالله بن خميس حيث قال : هو عبدالله بن أحمد السديري من السدارى الأسرة المعروفة فهو شاعر مجيد ومعروف بشعره وتوجيهاته الطيبة ويستدل من أشعار عبدالله بن أحمد هذا أنه ممن عاش في القرن الثالث عشر الهجري وقد حاولت الوصول إلى معرفة ترجمة ولو يسيرة عنه ولكن لم أوفق في ذلك وعندما رجعت إلى أسماء أبنا الأمير أحمد بن محمد السديري الأول لم أجد ابناً له باسم عبدالله وقد يكون عبدالله هذا ممن يجتمع مع أسرة السدارى المشهورة في جدهم تركي بن عبد المحسن والله أعلم"
و عليه فإن عبدالله بن أحمد السديري ، لم يذكر سوى في مصدر واحد و هو كتاب عبدالله بن خميس و الذي بدوره لم يحدد مصدر معلوماته و مدى دقتها.
ثانياً : السدارى في القرن الثالث عشر الهجري .
في تلك الفتره كان الشاعر الأبرز في الأسره التي ربما لم يكن عدد رجالها يتجاوز العشرات هو الشاعر "عبدالله بن تركي بن محمد بن تركي بن سليمان السديري"
و هو قائل القصيدة السامرية المعروفة التي يتغنا بها الجميع إلى يومنا هذا :
حمامة لا جـــــزاك الله بالاحســــان=ما انتيب مني بنو الخيـــر مذكــــورة
ذكرتني يا حمــــــام الورق خلانـــي=وادعيت لي دمعــه بالخــــــد منثورة
حس عن النوم تالي الليــــل قزاني=فن على الطـــار شاله كل غنــدورة
قحصت من مرقدي دهش وغرقــان=قمت اتسمــع لمن ها الفـــن دوره
يوم ان ربي على ما راد مشــــاني=طاوعت شور العين وطف لي شوره
لقيت مثل المـــها يلعـــــب بميدان=نهد صغـير وخـــده تقـــــــل بنـــورة
باطراف وشم الخشوم افراد حمران=وبمفـرق الراس مثل النجوم مزرورة
وافقت تمايح ردوف تقل نقيـــــــان=والا طعـوس بنتها الريح مامــــــورة
لبسهـن البتت وثويب سبهــــــــان=وثياب جــــز على الامتــان منثــورة
والله دين القطـــع دين القطع ثاني=يا سكر الشام بين شفـــاك يا نورة
حـــــــور بــــدور عليـهن صك بيبان=عنهن يدك يا قليل المــال مقصورة
تكفون يا هـل النضـا ذربين الايمان=مامنكم اللي يسلم لي على نورة
يانـــور يا نـــور عينــــي لا تباطاني=الرجل عندك ولو قفيت ماســـــورة
تراك تسوى الحسا والهند و عمان=مع مصر والشام والبحرين وقصـوره
يا ونتي يوم (هاجد) بالخـــبر جاني=ونة معيد على المنحــاة مصخــورة
كريــــــــــم يا بارق من رايــــح زان=حسن الرعد فيه كنه رجف طابــوره
لعل يسقــــــي بلــدحيي وحياني=يسقي غروس النخل من وبل مامورة
لعل يسقي الطويـــرف غر الامزان=اشوف واديـه يطمى طمية بحوره
يسقى شعيب نحبــــه بين ظلعان=فيه النخل شـاع ما احلاه وسطوره
احبه الصبـــــــح واحبه مسيـــــان=والاحب الاخـــر الى شفته بكافوره
والحب الأعظم الى شفته بالاعيان=بين الجرايد سـواة الجــــوخ منثورة
و الغاط داري وابوي ودار جــداني=ورث لنا من قديم الوقت وعصـــوره
القصيدة للشاعر عبدالله بن تركي بن محمد السديري رواها محمد بن عبدالله الحمدان في كتابه "ديوان السامري والهجيني" ص 58 نقلاً عن حفيد الشاعرعبدالله بن تركي و أحد أعيان و شعراء الأسرة المعروفين محمد بن عبدالرحمن بن تركي بن عبدالله بن تركي بن محمد السديري رحمه الله.
عليه فقد كان هناك شاعر عظيم و متقن في أدبه و نظمه و هو الشاعر عبدالله بن تركي بن محمد السديري المتوفي في أواخر القرن الثالث عشر الهجري.
و بالنسبة لعبدالله بن أحمد السديري فقد أختلفت الرويات فيه ، فهناك من يقول أنه لا يوجد لأحمد إبن أسمه عبدالله كما ذكر الأخ سعود الهاجري في كتابه "شيوخ و شعراء" ، و هناك من يقول أنه توفي صغيراً و ليس له ذريه أو أبناء.
ثالثاً: الشواهد.
و لتفنيد ما سبق يحق لنا الرجوع و الإستشهاد بأبيات من القصيدة محور هذا الموضوع لنتبين حقيقة قائلها :
الشاهد الأول :
قول الشاعر ...
لخروجكم ياهل الـــــركايب معاليـــــق = وحطـــــوا الاشدة يالربع في الأظله
فــــــــي دكـــــــــــة ٍ سويتها للمطاليق = ان جو علــــــى هزلا سوات الأهلــــه
يدل ذلك الوصف أن الشاعر كان كبيراً في قومه مضيافاً كريماً و هذا شأن الجميع و لله الحمد و لا ينتقص قولي هذا في غيرهم من الرجال و الأسر الكريمة. لكن المتأمل في هذه الأبيات يستشف منها أن الرجل صاحب مال و جاه في قومه فهو يصف مكان استقبال ضيوفه بقوله هذا مما يدل أنه لديه مكان واسع لإستيعابهم حيث يصف المكان الذي يضع فيه الضيف راحلته و تعلق فيه خروج الإبل و توضع الأشدة في مكان مظلل فسيح يستوعب أي عدد من الضيوف. كما يمتدح "دكته" وهي مكان مرتفع بعض الشئ في الخارج ، و يعتز بأنه قد بناها خصّيصا لضيوفه إذا قدمو إليه و هم على دواب يشبهها بالأهلة من الجوع و الضمأ.
و عليه فإن هذه المنزله لا يحظى بها في قومه شاعر توفي و هو صغير في سنه ، فهي مما يقوم به كبار القوم و ليس صغارهم. و عليه يتبين لنا عدم دقة الرواية التي تقول أن عبدالله بن أحمد السديري قد توفي و هو صغير في السن و لم يترك أبناء أو ذريه. خاصة و أنه لم يعرف لأي من أبناء الأسرة في الحاظر و الماضي أن لعبدالله بن أحمد السديري منزلا كهذا و خاصة أنه ليس لديه أبناء ترثه بعد وفاته و لم يرث منه عصبته شيئاً.
الشاهد الثاني :
قول الشاعر ...
حرار ياللي وكروا في الشـــــــــواهيق = في روس مزموم المراقب مطلــــــه
لا تحسبون المـــــــــــرجله بالمشاريق = وقـــــــــوله حسين اللـــــون وزين دله
هنا يخاطب الشاعر مجموعة من الفرسان و يسدي إليهم بعض النصح و الإرشاد و يصفهم "بالحرار" لكونهم كالصقور التي تسكن أعالي الجبال في ما يُعرف بالمراقيب للذود و الدفاع عن أوطانهم. و هو واضح و جلي للجميع أن شاعر كبير في السن و ليس ممن توفو و هم صغار فهذا النصح و هذه التعليمات لا تأتي إلا من رجال لهم تجارب في المعارك و صولاتها و جولاتها و هو ما يتجلى في وصفه للمعركه و ما يحدث فيها حين قال :
فيا الله ياللــــــــي باعثٍ للمخاليـــــــــق = يا عالـــم الأحـــــــوال دقه وجلـــــــه
اسالك الجنـــــــة نهارا التحاريـــــــــق = واغفـــــــر ذنوبي كل ما دست زلــــه
وسلم لي الصفــــــــرا جوادي مشيريق = اللــــــــــي عليها مانوينا بذلــــــــه
وان كســــــو لقــــــــرونهن والتلاحيق = وشاط الـرصاص ورد للسيف سلـــــه
وغدا الشهر فوق الــــرمك كالمشاريق = العـــود راح وكل اخـــــــلا محلـــــــه
حتى قال ما استشهدت به سلفاً :
حرار ياللي وكروا في الشـــــــــواهيق = في روس مزموم المراقب مطلــــــه
لا تحسبون المـــــــــــرجله بالمشاريق = وقـــــــــوله حسين اللـــــون وزين دله
الشاهد الثالث :قول الشاعر ...
ترا الغبن يرث علـــــــــى الكبد تحريق = ما ينفعك مــــــن صاحبك قول خله
اقض اللوازم فالليالـــــــــــــــي بتفريق = وسر فــــي فلك دهرك وكن مروع له
يتبين لنا هنا حكمة الشاعر و التي غالبا ما تكون ناتجة عن تجربة ليست بالقصيرة في الحياة فالحكمة تكتسب من خلال التجارب و هي ما يندر أي يحظى بها شاعر قد توفي و هو صغير في سنه.
مما سبق يتضح لنا ما يلي :
1- أن جميع من ذكر حول أن هناك شاعراً من السدارى يدعى بـعبدالله بن أحمد السديري ، قد اعتمد على ما قاله عبدالله بن خميس و ما قاله عبدالله بن خميس مجهول المصدر و غير دقيق لما سبق تفصيله.
2-تتفق بعض الروايات على أن عبدالله بن أحمد السديري رحمه الله توفي صغيراً ، و هذا أمر يتعارض مع القصائد التي تدل على كبر مكانة و سن قائلها و أنه من أصحاب الحكمة و التجربة في الحياة.
3- و جود الشاعر المعروف عبدالله بن تركي بن محمد السديري في تلك الفتره يرجح أن جميع القصائد التي تنسب لعبدالله بن أحمد السديري هي لعبدالله بن تركي السديري و ليست لعبدالله بن أحمد وذلك قد يعود إلى عدم دقة الرواية أو ربما خطأ (لعله) غير مقصود في اسم الشاعر.
ملاحظة أخرى (غريبة إلى حد ما) :
في كتاب لا أعرفه حقيقة و ربما "كما علمت" سيحتاج الكثير من المراجعة حتى يتم البت في إصداره من عدمه ذكرت : مشاعل بنت مساعد بن عبدالله السعد السديري (مؤلفة الكتاب) أن هذه القصيده لشاعر آخر يدعى : عبدالله بن أحمد التركي السديري.
و هذا ما جاء في كتابها :

علماً أن هذا الأسم أي (عبدالله بن أحمد التركي السديري ) غير موجود في الأسرة و لا سند عليه و هي أي المؤلفة تستند إلى كتاب عبدالله بن خميس الذي ذكر أنه عبدالله بن أحمد و لم يذكر اسم جده ، كما أنه كما أسلفت لكم لم يذكر مصادره في ذلك.
و عليه فإن القصيده هي أقرب أن تكون للشاعر عبدالله بن تركي بن محمد السديري و ليس عبدالله بن أحمد السديري
هذا و نسأل الله أن يلهمنا الصواب في ما نقول و نفعل و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.