وقال آخر:
لعل الصواب في هذا النهي عن هذه القعدة أنه خاص بالصلاة ، فقد :
أخرج أبوداود (992) ، وأحمد (10/416) رقم (6347) ، وتمام في " فوائده " (2/ 297) رقم (1793) ، والحاكم (1/ 230) ، والبيهقي في " السنن الكبرى " (2/ 135) ، وابن حزم في " المحلى " (4/19) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (36/ 162) ، كلهم عن عبدالرزاق وهو في " مصنفه " (2/197) رقم (3054) عن معمر ، عن إسماعيل بن أمية ، عن نافع ، عن ابن عمر قال :
نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يديه .
قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . قُلْتُ : وهو كما قال .
وأخرجه الحاكم (1/ 272) ، ومن طريقه البيهقي في " السنن الكبرى " (2/136) من طريق هشام بن يوسف ، عن معمر ، عن إسماعيل بن أمية ، عن ابن عمر
أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ نهى رجلاً وهو جالس معتمد على يده اليسرى في الصلاة ، فقال : إنها صلاة اليهود .
قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . قُلْتُ : هشام بن يوسف ـ وهو الصنعاني ـ لم يُخرّج له مسلم .
وأخرج أبو داود (993) ، فقال : حدثنا بشر بن هلال ، حدثنا عبدالوارث ، عن إسماعيل بن أمية ، سألت نافعاً عن الرجل يصلي وهو مشبك يديه ، قال : قال ابن عمر : تلك صلاة المغضوب عليهم .
قُلْتُ : وهذا إسناد صحيح ، رجاله جميعاً ثقات على شرط مسلم ، وهو موقوف .
وقد سبقت رواية معمر ، عن إسماعيل بن أمية . . . به مرفوعاً بلفظ ومعنى آخر .
فالذي يبدو أنهما حديثان ؛ أحدهما موقوف والآخر مرفوع . ويشهد للمرفوع ما :
أخرجه أبو داود (994) واللفظ له ، والبيهقي (2/ 136) من طريق هشام بن سعد ، عن نافع ، عن ابن عمر، أنه رأى رجلاً يتكىء على يده اليسرى وهو قاعد في الصلاة ، ساقطاً على شقه الأيسر ، فقال له : لا تجلس هكذا ، فإن هكذا يجلس الذين يُعذَّبون .
رواه عن هشام : زيد بن أبي الزرقاء ، وابن وهب ، وجعفر بن عون .
وهذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات ، وفي هشام بن سعد كلام من قبل حفظه لا ينزل به حديثه عن هذه المرتبة التي ذكرنا .
وأخرجه الإمام أحمد مرفوعاً ، فقال (10/180) رقم (5972) : حدثنا محمد بن عبدالله بن الزبير ، حدثنا هشام ـ يعني ابن سعد ـ ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأى رجلاً ساقِطاً يَدَه في الصَّلاةِ ، فقال : " لا تَجْلِسْ هكذا ، إنما هذه جِلْسَةُ الذينَ يُعَذَّبُونَ " .
وهذا إسناد حسن ، لكن قد يقال : أن الموقوف أصح من رواية المرفوع ؛ لأن رواية الثلاثة أقوى من رواية الواحد ، ويمكن أن يقال : الموقوف والمرفوع كلاهما صحيح .
وأخرجه عبدالرزاق موقوفاً ، (2/ 197) رقم (3055) : عن ابن جريج ، قال : أخبرني نافع أن ابن عمر رأى رجلاً جالساً معتمداً على يديه ، فقال : ما يجلسك في صلاتك جلوس المغضوب عليهم ؟ .
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين .
وأخرجه أيضاً عبدالرزاق موقوفاً ، (2/197) رقم (3056) : عن ابن عيينة ، عن محمد بن عجلان ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه رأى رجلاً جالساً معتمداً بيده على الأرض ، فقال : إنك جلست جلسة قوم عُذِّبوا .
وهذا إسناد جيد ، رجاله كلهم ثقات .