نماذج من رجال أشرقت بهم الحياة
مبارك محمد المطلقة
بالأمس أقيم حفل جائزة الأمير خالد الأحمد السديري في الغاط هذه الجائزة التي تخلد ذكرى هذا العلم البارز الذي خدم بلاده في أحلك الظروف، وساهم بفكره وبصيرته في خدمة المملكة العربية السعودية.

كان - رحمه الله - حكيماً منفرداً بخصاله الحميدة في عصره، عايشته في قمة مجده فكان متواضعاً رحيماً يختلط بالناس في الأسواق العامة، يتحسس شكاويهم ويهتم بشؤونهم، يحن على الفقراء فيساعدهم ويفتح لهم أبواب العمل، ويهيئ لهم سبل الحياة الكريمة. كان حازماً - رحمه الله - لا تأخذه في الحق لومة لائم يجوب الصحاري والقفار الموحشة، يتحسس في ربوع البادية عن أم ثكلى أو أطفال يتامى انقطعت بهم السبل، فكان يجلب لهم المؤن ويحفر لهم الآبار ويوصل لهم الخدمات الأساسية .. رجل سار على دروب الخير في سنين حياته فأقام العدل ونهض بمنطقة نجران فشق فيها الطرق وأوصل الكهرباء، فتحولت القرى في عهده إلى مدن تنبض بالحياة وساهم في الرقي بالتعليم، فعمت المدارس القرى والهجر والأرياف وذلل الصعاب، فأصبحت نجران في عهده درة الجنوب، كما أسس قاعدة اقتصادية متينة لأهلها في عهده، فنهضت الزراعة نهضة فاقت جميع التصورات،
وساهم - رحمه الله - مساهمة فعالة في تكوين هيئة اقتصادية تعنى بالصناعة والزراعة والسياحة، وجاهد جهاد الأبطال في صد المعتدين، كما وقف بحزم ضد تيارات سياسية عقائدية فبدد أهدافها ودحر تنظيماتها وفرّق شملها بحكمته المعهودة وفكره المستنير وتصميمه الفريد.
كان حاكماً فذا وراعياً مخلصاً لمجتمع بادله حباً بحب ووفاء بوفاء، غرس في كل بيت في منطقة نجران بذور العلم والمعرفة فتشكّل في نفوس أهلها ولاء منقطع النظير للأسرة الحاكمة، فكان التناغم بين الحاكم والمحكومة في أزهى صوره، وترجم هذا الإحساس في قيام مواطني نجران بالمساهمة في الذود عن الديار مع كل هزة تحدث على الحدود،
فكانوا يهبون زرافات ووحداناً وبسلاحهم الشخصي لينخرطوا في صفوف رجال الأمن يحملون أرواحهم على أكفهم في شجاعة نادرة وإقدام منقطع النظير، واستمال بحكمته ورويته وبُعد نظره القبائل اليمنية الواقعة على الشريط الحدودي،
وهي قبائل تشاركنا روح الإخاء والمحبة والقيم والتقاليد، ففتح لهم المجال للنشاط الاقتصادي داخل المنطقة، وسمح لهم بتصدير المنتجات الوطنية والمواد الاستهلاكية ومشتقات البترول إلى بلادهم دون قيود أو شروط، فكانت هذه القبائل خير عون للمملكة تحفظ للجوار حقه وترفض أن تستخدم أراضيها منطلقاً لمخرب أو مهرب للعبث بأمن المملكة.
هذه كانت سياسة خالد السديري، وبالطبع كان ذلك بتوجيه ومباركة من قادة المملكة الأفذاذ، الذين اختاروا الرجال المحنكين الأوفياء في الثغور وعلى أطراف الحدود ليحفظوها من كيد المعتدين وأطماع الطامعين.
رحمك الله يا خالد وخلدك في جنات النعيم.
المصدر جريدة الجزيرة الأربعاء 15 ربيع الآخر
العدد12634
الرابط الالكتروني
http://www.al-jazirah.com/1242638/rj2d.htm