بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
أخي وأختي الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : عليكم بالدعاء للأولاد صغار وكبار ذكور وإناث ومتابعتهم فالتقوا الله في أنفسكم وفي أولادكم فأنكم مسئولون عنهم يوم القيامة هناك سبل معينة على تربية الأولاد وأمور يجدر بنا مراعاتها وينبغي لنا سلوكها مع فلذات الأكباد فمن ذلك ما يلي
1- العناية باختيار الزوجة الصالحة , فلا يليق بالإنسان أن يقدم على الزواج إلا بعد استخارة الله عز وجل- واستشارة أهل الخبرة والمعرفة؛ فالزوجة هي أم الأولاد، وسينشئون على أخلاقها وطباعها، ثم إن لها في الغالب- تأثيرا على الزوج نفسه لذلك قيل المرء على دين زوجته لما يستنزله الميل إليها من المتابعة ويجتذبه الحب لها من الموافقة فلا يجد إلى المخالفة سبيلا ولا إلى المباينة والمشاقة طريق.
قال أكثم بن صيفي لولده : يا بني لا يحملنكم جمال النساء عن صراحة النسب فإن المناكح الكريمة مدرجة للشرف
وقال أبو الأسود الدؤلي لبنيه : قد أحسنت إليكم صغارا وكبارا وقبل أن تولدوا قالوا : وكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد قال : اخترت لكم من الأمهات من لا تسبون بها وأنشد الرياشي :
فأول إحساني إليكم تخيري *** لماجدة الأعراق باب عفافها
2- سؤال الله الذرية الصالحة فهذا العمل دأب الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين كما قال تعالى في زكريا عليه السلام {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران : 38].
وكما حكي عن الصالحين أن من صفاتهم أنهم يقولون : {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان : 74].
3- الفرح بمقدم الأولاد والحذر من تسخطهم فالأولاد هبة من الله عر وجل واللائق بالمسلم أن يفرح بما وهبه الله سواء كان ذلك ذكرا أم أنثى ولا ينبغي للمسلم أن يتسخط بمقدمهم أو أن يضيق بهم ذرعاً أو أن يخاف أن يثقلوا كاهله بالنفقات فالله عز وجل سبحانه وتعالى هو الذي تكفل برزقهم كما قال سبحانه وتعالى {نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} [الإسراء : 31].
كما يحرم على المسلم أن يتسخط بالبنات ويحزن لمقدمهن فما أجدره بالبعد عن ذلك حتى يسلم من التشبه بأخلاق الجاهلية وينجو من الاعتراض على قدر الله ومن رد هبته – عز وجل –.
ففضل البنات لا يخفى، فهن البنات، وهن الأخواتوهن الزوجات وهن الأمهات وهن كما قيل نصف المجتمع ويلدن النصف الآخر، فهن المجتمع بأكمله.
ومما يدل على فضلهن أن الله عز وجل سمى إتيانهن هبة وقدمهن على الذكور فقال عز وجل : { لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [ الشورى : 49].
وقال عليه الصلاة والسلام : من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن ستراً له من النار".
وقال صلى الله عليه وسلم : لا يكون لأحد ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان، فيتقي الله فيهن ويحسن إليهن إلا دخل الجن
ولله در القائل :
حبذا من نعمة الله البنات الصالحات
هن للنسل وللأنس وهن الشجرات
وبإحسان إليهن تكون البركات
4- الاستعانة بالله على تربيتهم : فإذا أعان الله العبد على أولاده وسدده ووفقه أفلح وأنجح وإن خذل ووكل إلى نفسه فإنه سيخسر ويكون عمله وبالا عليه كما قيل :
إذا صح عون الخالق المرء لم يجد *** عسيرا من الآمال إلا ميسرا
وكما قيل :
إذا لم يكن عون من الله للفتى *** فأول ما يجني على اجتهاده
5- الدعاء للأولاد وتجنب الدعاء عليهم فإن كانوا صالحين دعي لهم بالثبات والمزيد وإن كانوا طالحين دعي لهم بالهداية والتسديد.
والحذر كل الحذر من الدعاء عليهم فإنهم إذا فسدوا وانحرفوا فإن الوالدين أول من يكتوي بذلك.
6- تسميتهم بأسماء حسنة فالذي يجدر بالوالدين أن يسموا أولادهم أسماء إسلامية عربية حسنة وأن يحذروا من تسميتهم بالأسماء الممنوعة أو الأسماء المكروهة أو المشعرة بالقبح فالأسماء تستمر مع الأبناء طيلة العمر وتؤثر بهم وبأخلاقهم.
قال ابن القيم- رحمه الله- : فقل أن ترى اسماً قبيحاً إلا وهو على مسمى قبيح كما قيل :
وقل أن أبصرت عيناك ذا لقب *** إلا ومعناه لو فكرت في لقبه
والله- سبحانه- بحكمته في قضائه وقدره يلهم النفوس أن تضع الأسماء على حسب مسمياتها لتناسب حكمته- تعالى بين اللفظ ومعناه كما تناسبت بين الأسباب ومسبباتها.
قال أبو الفتح ابن جني : ولقد مر بي دهر وأنا أسمع الاسم لا أدري معناه فآخذ معناه من لفظه ثم أكتشفه فإذا هو ذلك بعينه أو قريب منه.
فذكرت ذلك لشيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- فقال : وأنا يقع لي كثيرا
وقال ابن القيم رحمه الله: وبالجملة فالأخلاق والأعمال والأفعال القبيحة تستدعي أسماء تناسبها وأضدادها تستدعي أسماء تناسبها وكما أن ذلك ثابت في أسماء الأوصاف فهو كذلك في أسماء الأعلام وما سمي رسول الله صلى الله عليه وسلم محمداً وأحمد إلا لكثرة خصال الحمد فيه ولهذا كان لواء الحمد بيده وأمته الحمادون وهو أعظم الخلق حمدا لربه تعالى لهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحسين الأسماء فقال : حسنوا أسماءكم فإن صاحب الاسم الحسن قد يستحي من اسمه وقد يحمله اسمه على فعل ما يناسبه وترك ما يضاده ولهذا ترى أكثر السفل أسماؤهم تناسبهم وأكثر العلية أسماؤهم تناسبهم وبالله التوفيق".