الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مبارك فيه كما يحب ربنا ويرضى؛ اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم اما بعد؛ فقد كنت في كثير من الأوقات أتسال أنا وأصدقائي في المسجد او في أي مكان أخر كيف يستطيع احدنا ان يكون داعياً إلى الله إذا كان لا يملك أسلوب للدعوة كما ان كثيراً من الناس لديهم حياء شديد ولا يستطيع ان يتكلم مع الناس واني اعرف أشخاص لديهم الكثير من العلم لكنهم لا يستطيعون مواجهة الناس ودعوتهم لأنهم عندما يفعلون هذا يتلعثمون ولا يكملون الحديث وهذا يرجع إما لحيائهم او لقلة صبرهم لان الدعوة إلى الله تحتاج إلى الصبر والجهد العظيم لذلك كان أنبياء الله أشد الناس صبراً؛ وكنت وقتها أتكلم مع هؤلاء الناس وأقول لهم ان أبواب الخير كثيرة مثل الصدقة وكفالة اليتيم وهناك المساهمة في أعمال الدعوة الإسلامية مثال طباعة الكتب الدعوية بكافة اللغات وكذلك طباعة المصحف الشريف وكفالة الدعاة إلى الله وغيرها الكثير من أبواب الخير؛ لكن هذه الإجابة لم تكن كافيه للذين يحبون ان يدعو إلى الله بأنفسهم لكنهم لا يملكون الوسيلة؛ واستمر هذا السؤال قائم إلى ان رأيت اجتماعاً تم عقده قبل أكثر من عشر سنوات وكان سبب انعقاد هذا الاجتماع هو إسلام فتاة أمريكية ؛ هذه الفتاة أسلمت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ببضعة أشهر وكانت حينها لم تتجاوز الخامسة والعشرين ثم توجهت إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج والعمرة كما زارت عدد من الدول العربية بنية دراسة الإسلام وهناك تم عقد هذا الاجتماع ؛ وهناك قامت الفتاة بسرد قصة إسلامها وكانت قصة عجيبة فقد قالت الفتاة أنها كانت تعمل لسنوات في مطعم للوجبات السريعة في الولايات المتحدة وكان هذا المطعم يقع بالقرب من إحدى الجامعات الأمريكية فكان الطلاب يأتون يومياً إلى المطعم لتناول الطعام وكانت تحدث الكثير من المشاكل بشكل يومي بسبب المعاكسات والاستهتار بين الطلاب والفتيات وأحيانا بين الطلاب والعاملين بالمطعم ؛ وقالت الفتاة كان من ضمن طلاب هذه الجامعة شاب عربي مسلم كان يأتي إلى المطعم يومياً وكنا لا نسمع منه غير صوت طلبه للوجبة فقط فقد كان يأتي ويذهب في منتهى الصمت والأدب ولم يكن يختلط بباقي الطلاب المزعجين ولم يصدر منه تصرف سيئ تجاه العاملين بالمطعم أو تجاه اى أحد؛ وجلس هذا الشاب عام كامل على هذا الحال؛ إلى ان دفعني الفضول الى ان أتوجه إليه واسأله لماذا لا تشترك مع زملائك في تصرفاتهم فأجابني بأربعة كلمات فقط وهي (ديني يمنعني من هذا) وعندها سألته وما هو دينك فقال الإسلام ؛ وعندما سمعت هذه الكلمة استأذنته في الانصراف والسبب هو إننا في أمريكا بعد ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر قامت الكثير من وسائل الإعلام بتشويه صورة الإسلام والعرب بشكل كبير وتم وضع العرب في صورة الإرهابيين ولا عجب في هذا فجميعنا يعلم مدى سيطرة اللوبي الصهيوني على وسائل الإعلام؛ وتكمل الفتاة كلامها وتقول عندما أنهيت عملي هذا اليوم توجهت إلى بيتي وجلست أفكر في كلام هذا الشاب وقلت هل من الممكن ان يكون الإسلام دين إرهاب وتطرف كما يدعون وهو الدين الذي يأمر أتباعه بعدم إيذاء الناس وبحسن الخلق ولم استطع النوم في هذه الليلة من كثرة التفكير حول هذا الكلام وفي صباح اليوم التالي انتظرت حضور هذا الشاب وعندما حضر سألته كيف استطيع ان أتعرف على الإسلام فقال لي سوف احضر لكي كتاباً مترجماً أحضرته معي من بلادي يتكلم عن مبادئ الإسلام ونشأته وبالفعل أوفى هذا الشاب بوعده وقام بإحضار هذا الكتاب وقد قراءة هذا الكتاب من البداية إلى النهاية وقبل إن انهيه لم استطع ان أتملك نفسي الا بعد ان قلت (أشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله ) ثم توجهت بعدها إلى المركز الإسلامي بالولاية التي أعيش بها وأشهرت إسلامي وبعدها بفترة توجهت إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج والعمرة وبدأت في تعلم الإسلام وأصوله ؛ انتهى كلام الفتاة ؛ وعندما سمعت بقصة هذه الفتاة وجدت الجواب الشافي الذي كنت ابحث عنه لسنوات طويلة وهو كيف يستطيع كل مسلم او مسلمة ان يدعو الى الله وهو لا يملك الوسيلة للدعوة واني أقول لكم يا اخواني انظروا الى قصة هذا الداعية فقد كان صمته المتمثل في أخلاقه النبيلة سبباً في هداية فتاة ودخولها إلى دين الإسلام ؛ فلم يقل لها طوال عام قال الله او قال الرسول وإنما كانت دعوته في خلقه وقد كان هذا الأسلوب هو أسلوب الكثير من التجار المسلمين الذين نشروا الإسلام في اندونيسيا وكثير من الدول الأسيوية التي لم يدخلها الجهاد؛ فقد كان أسلوب التجار المسلمين وعدم كذبهم وعدم أخذهم للربا سبباً في اقتداء الناس بهم وسبباً لشرح الله لصدروهم للإسلام لان أسلوب الشخص وأدبه أسلوب عظيم للدعوة في سبيل الله فما فائدة العلم بغير أدب وتواضع وللأسف الشديد قد تخلي الكثير من المسلمين عن هذا الأسلوب ؛ وكان هذا سبب في تشويه سمعت العرب والمسلمين كثيراً في الخارج فهناك صورة نمطيه عند الغرب عن المسلمين وقد ساهم الكثير من المسلمين في توطيد هذه الصورة لديهم وعلى سبيل المثال السياح العرب الذين يسافرون للخارج لان الكثير منهم عندما يسافر الى الغرب أول ما يقوم بالسؤال عنه هو أين توجد أماكن اللهو العبث كما أنهم يظهرون بصور مخزية في هذه الأماكن بعد ان تذهب عقولهم بسبب شربهم لام الكبائر وبذلك فهم لا يقومون بتشويه صورة أنفسهم فحسب بل يشوهون صورة المسلمين عامة ؛ وهذا هو الفرق بين سلوك هؤلاء وسلوك الشاب الذي كان سبباً في هداية الفتاة فقد كان هذا الشاب سفيراً عن الإسلام بسبب حسن أخلاقه بين الناس ويكفي ان هذا الشاب سيلقى الله وهو قد تسبب في إسلام امرأة فقد قال النبي (لئن يهدي الله بك رجلاً واحد خير لك من حمر النعم) و لاشك ان هذه الفتاة عندما تتزوج سوف تنجب ان شاء الله ذرية مسلمة موحدة بالله فأي جزاء يستحقه هذا الشاب غير دخول الجنة ان شاء الله وقد اخبرنا الله في كتابه (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) وهذه الرسالة موجهة الى المسلمين عامة من يستطيع منهم ان يدعو الى الله ولديه الأسلوب والعلم ومن لا يستطيع اما لحيائه او لقلة علمه فيكفي ان يكون ملتزماً بأخلاق الإسلام في تعامله مع المسلمين وغير المسلمين واني يا إخواني أنشادكم الله فنحن سكان الخليج ولدينا الكثير من العمالة غير المسلمة اما في بيوتنا او في الشركات فان تعاملنا مع هؤلاء بأدب الإسلام وسماحته وأطعمناهم مما نأكل وألبسناهم مما نلبس ولن نؤخر عليهم مستحقاتهم وقمنا بمعاملتهم كما نتعامل مع بعضنا البعض فلا شك عندي ان الكثير منهم لن يعود الى بلاده الا وهو مسلم موحد بالله وقد لا يكتفي بهذا فقط بل يعود لدعوة أهله أيضا فمن ذاق حلاوة الإيمان سوف يقوم بدعوة كل من يحبهم من أهله وأصدقائه ؛ ولهذا أقول لكم إخواني وأخواتي لنكن جميعاً دعاة الى الله فهذا هو الطريق الى عزة الإسلام ورفعته ؛ أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب ؛ وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبيناً محمد وعلى اله صحبه وسلم .
21-02-2014, 11:34 PM
الداعية الصامت
العرض العادي
المواضيع المتشابهه
