|
|
|
|
تفسير أسماء الله تعالى التسعة والتسعين
تأليف: أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج
عن أبي هريرة قال قال رسول الله إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدة إنه وتر يحب الوتر من أحصاها دخل الجنة فأول ما نفسره من ذلك قوله من أحصاها.
إعلم أن العرب تعبر عن كثرة الشيء وسعته بالحصى يقال عنده حصى من الناس أي جماعة وقال الشاعر ولسنا إذا عد الحصى بأقلة وقال الكميت لكم مسجدا الله المزوران والحصى لكم قبصه من بين أثرى وأقترا ويقال حصيت الحصى إذا عددته وأحصيته إذا ميزته بعضه من بعض وقال الشاعر ويربي على عد الرمال عديدنا ونحصى الحصاة بل تزيد على العد وإحصاء العد من هذا والحصاة العقل أيضا قال الشاعر وإن لسان المرء ما لم تكن له حصاة على عوراته لدليل ويقال أحصيت الشيء إذا أطقته واتسعت له وقال الله عز اسمه علم أن لن تحصوه فتاب عليكم أراد والله أعلم لن تطيقوه وقال الشاعر فأقع إنك لا تحصي بني جشم ولا تطيق علاهم أية وقفوا يريد لا تطيق بني جشم فيحتمل أن يكون معنى قوله من أحصاها من أكثر عددها حتى صارت حصاته لكثرة عده إياها ويجوز أن يكون معناه من أطاقها أي من أطاق تمييزها وتفهمها فحذف المضاف من قوله تعالى علم أن لن تحصوه .
ويجوز أن يكون معناه من عقلها وتدبر معانيها من الحصاة التي هي العقل وقد تقدم ذكره وقال محمد بن يزيد معناه عندي من عدها من القرآن لأن هذه الأسامي كلها مفرقة في القرآن فكأنه أراد من تتبع جمعها وتأليفها من القرآن وعانى في جمعها منه الكلفة والمشقة دخل الجنة قال أبو إسحاق ويجوز أن يكون معنى قوله دخل الجنة الأمن من العذاب وتحصيل الثواب بمنزلة من قد دخل الجنة وفي الناس من لا يعد اسم الله من هذه الجملة ويقول إن هذه الأسماء كلها مضافة إلى الله فكيف يعد هو منها ومنهم من يفسد هذا الرأي ويهجنه ويزعم أن اسم الله الأعظم هو قولنا الله ويعدها من الجملة ولا يعد مالك الملك ذو الجلال والإكرام إلا اسما واحدا واحتج من يقول إن اسم الله الأعظم إما الله وإما الرحمن بقوله عز وجل قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى.
وأما الكلام في قولنا الله فعلى وجهين لفظا ومعنى أما اللفظ فعلى قولين: أحدهما أن أصله إلاه فعال ويقال بل أصله لاه فعل ولا تلتفت إلى ما ذكره في كتاب القرآن فإن الصحيح ما ذكرها هنا واختلفوا في هل هو مشتق أم غير مشتق فذهبت طائفة إلى أنه مشتق وذهب جماعة ممن يوثق بعلمه إلى أنه غير مشتق وعلى هذا القول المعول ولا تعرج على قول من ذهب إلى أنه مشتق من وله يوله وذلك لأنه لو كان منه لقيل في تفعل منه توله لأن الواو فيه واو في توله وفي إجماعهم على أنه تأله بالهمز ما يبين أنه ليس من وله وأنشد أبو زيد لرؤية لله در الغانيات المده سبحن واسترجعن من تألهي قال ويقال تأله فلان إذا فعل فعلا يقربه من الإله فإن قال قائل ما أنكرت أنه من باب وله وإنما قلب على حد أحد وأناة ما وجد عنه مندوحة لقلة ذلك وشذوذه عن القياس ومعنى قولنا إلاه إنما هو الذي يستحق العبادة وهو تعالى المستحق لها دون من سواه وأنا أذكر كل هذه الأسماء على ما جاءت به الرواية التي قدمنا ذكرها وأفسرها على ما يبلغه علمنا وتتسع له معرفتنا والله نسأل العصمة والتوفيق لما يقربنا منه قولا وفعلا إنه على ما يشاء قدير هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل السميع البصير الحكم العدل اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الجليل الكريم الرقيب المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الباعث الشهيد الحق الوكيل القوي المتين الولي الحميد المحصي المبدي المعيد المحيي المميت الحي القيوم الواجد الماجد الواحد الأحد الصمد القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول الآخر الظاهر الباطن الوالي المتعالي البر التواب المنتقم العفو الرؤوف مالك الملك ذو الجلال والإكرام المقسط الجامع الغني المغني المانع الضار النافع النور الهادي البديع الباقي الوارث الرشيد الصبور فقد عددنا الأسماء كلها على ما جاء به الخبر الذي قدمناه ومر الكلام منها في قولنا الله.
الرحمن والرحيم هما اسمان رقيقان وأحدهما أرق من الآخر.
2. الرحمن: يختص بالله سبحانه وتعالى ولا يجوز إطلاقه في غيره وقال بعض أهل التفسير الرحمن الذي رحم كافة خلقه بأن خلقهم وأوسع عليهم في رزقهم.
3. الرحيم: خاص في رحمته لعباده المؤمنين بأن هداهم إلى الإيمان وهو يثيبهم في الآخرة الثواب الدائم الذي لا ينقطع وقد قالوا رحمان اليمامة وإنما قيل له ذلك على جهة الاستهزاء به والتهكم فأما الفائدة في إعادة هاتين اللفطتين مع الاشتقاق واللفظ واحد فهي لما ذكرناه من تزايد معنى فعلان في رحمان وعمومه في الخلق كلهم ألا ترى أن بناء فعلان إنما هو لمبالغة الوصف يقال فلان غضبان وإناء ملآن وإنما هو للممتلى غضبا وماء فلهذا حسن الجمع بينهما وفيه وجه آخر وهو أنه إنما حسن ذلك لما في التأكيد من التكرير وقد جاء مثله في القرآن قال الله عز اسمه فغشيهم من اليم ما غشيهم ولو قال فغشيهم ما غشي لكان الكلام مستقيما وكذلك قولهم المال بيني وبين زيد وبين زيد وبين عمرو ولو قال بين زيد وعمرو لكان مفهوما وقال بين الأشج وبين قيس باذخ بخ بخ لوالده وللمولود وقالوا في الكلام هو جاد مجد ومثله كثير.
4. الملك: أصل الملك في الكلام الربط والشد يقال ملكت العجين أملكه ملكا إذا شددت عجنه ويقال أملكوا العجين فإنه أحد الريعين وإملاك المرأة من هذا إنما هو ربطها بالزوج وقال أصحاب المعاني الملك النافذ الأمر في ملكه إذ ليس كل مالك ينفذ أمره وتصرفه فيما يملكه فالملك أعم من المالك والله تعالى مالك المالكين كلهم والملاك إنما استفادوا التصرف في أملاكهم من جهته تعالى.
5. القدوس: يقال قدوس وقدوس والضم أكثر وفي التفسير إنه المبارك في قوله تعالى ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم وقد قيل أيضا إنه هنا المطهرة والتقديس التطهير وقيل للسطل قدس لأنه يتطهر فيه ومثله قولهم للسطيحة مطهرة لأنهم كانوا يتطهرون منها وقال لي بعضهم إن أصل الكلمة سرياني وإنه في الأصل قدشا وهم يقولون في دعواتهم قديش قديش فأعربته العرب قالت قدوس.
6. السلام: قال أهل اللغة يقال سلمت على فلان تسليما وسلاما وقال بعضهم في قول
الله عز وجل: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) أراد والله أعلم تسلما منه وبراءة وقال محمد بن يزيد معنى وصفنا الله تعالى بأنه السلام منه وإنما تأول قولهم سلم الله على فلان وسلام الله عليه. وقال النمر بن تولب: سلام الإله وريحانه ورحمته وسماء درر
ويقال السلام هو الذي سلم من عذابه من لا يستحقه
7. المؤمن: أصل الإيمان التصديق والثقة وقال الله عز قائلا ( وما أنت بمؤمن لنا) أي لفرط محبتك ليوسف لا تصدقنا، ويقال إنما سمى الله نفسه مؤمنا لأنه شهد بوحدانيته فقال تعالى (شهد الله أنه لا إله إلا هو) كما شهدنا نحن، وحكى أبو زيد الأنصاري ما آمنت أن أجد صحابة أومن إيمانا أي ما وثقت فمعنى المؤمن إذا وصفنا به المخلوقين هو الواثق بما يعتقده المستحكم الثقة، ويقال إنه في وصف الله تعالى يفيد أنه الذي أمن من عذابه من لا يستحقه.
8. المهيمن: فسر القرآن على أوجه كثيرة يقال إنه الشاهد تقول فلان مهيمنى على فلان إذا كان شاهدي عليه، وقال محمد بن يزيد تخاصم أعرابيان إلى عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير في بعض الأمر فقال لأحدهما ألك مهيمن فقال مهيمني حجارة اللابة، وقال الشاعر: ولا تدخر قولا فأنت المهيمن. ويقال إن المهيمن الرقيب الحافظ ويقال بل المهيمن أصله المؤيمن فأبدلت الهمزة هاء كما قالوا هرقت الماء وأرقته وهنرت الثوب وأنرته وهرحت الدابة وأرحتها وهياك وإياك وقال الراجز إياك أن تمنى بشعشعان، وقالوا هذا الذي فعل وأذا الذي فعل وقال القائل وأتوا صواحبها فقلن أذا الذي منح المودة غيرنا وجفانا وقال بعضهم المهيمن اسم من أسماء الله تعالى وهو غير مشتق. وقال النمر بن تولب: جزاك المهيمن دار الجنان ولقاك مني الجزاء المجيدا.
9. العزيز: أصل ع ز ز في الكلام الغلبة والشدة ويقال عزني فلان على الأمر إذا غلبني عليه، وقال الله تعالى ذكره ( فعززنا بثالث ) أراد والله أعلم قوينا أمره وشددناه وقال تعالى ( وعزني في الخطاب ) أراد غلبني. وقال جرير يعز على الطريق بمنكبيه كما ابترك الخليع على القداح. ويقال عزه يعزه والله تعالى هو الغالب كل شيء فهو العزيز الذي ذل لعزته كل عزيز. وقال أبو كبير الهذلي: ووصف عقابا واعتظلت في جبل حتى انتهيت إلى فراش عزيزة
سوداء روثة أنفها كالمخصف.
10. الجبار: أصل جبر في الكلام إنما وضع للنماء والعلو ويقال جبر الله العظم إذا نماه،
وقال العجاج: قد جبر الدين الإله فجبر ويقال نخلة جبارة إذا فاتت اليد وفواتها اليد علو وزيادة. وقال الشاعر: طريق وجبار رواء أصوله عليه أبابيل من الطير تنعب والله تعالى عال على خلقه بصفاته العالية وآياته القاهرة وهو المستحق للعلو والجبروت تعالى.
11. المتكبر: هو متفعل من الكبر وأصل تفعل في الكلام موضوع لمن تعاطى الشيء وليس هو من أهله يقال تحلم فلان وتعظم وقال:
تحلم عن الأدنين واستبق ودهم ولن تستطيع الحلم حتى تحلما
يقول لا تبلغ فيه مبلغا رضيا حتى تتعاطاه ولا مستحق لصفة الكبر والتكبر إلا الله سبحانه كما روي عن رسول الله حاكيا عن ربه أنه قال سبحانه الكبرياء ردائي فمن نازعني ردائي قصمته ).
12. الخالق: أصل الخلق في الكلام التقدير يقال خلقت الشيء خلقا إذا قدرته وقال زهير يمدح رجلا: ولأنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري. يقول أنت إذا قدرت أمرك قطعته أي تتم على عزمك فيه وتمضيه ولست ممن يشرع في الأمر ثم يبدو له فيتركه. وقال الحجاج: وإنما احتججنا بكلامه لأنه كان بقية الفصاحة إني لا أخلق إلا فريت تمدح بهذا المعنى الذي ذكرناه. وقال الله تعالى ذكره ( وتخلقون إفكا ) أي تقدرونه وتهيئونه ومنه قولهم حديث مختلق يراد أنه قدر تقدير الصدق وهو كذب. فالخلق في اسم الله تعالى هو ابتداء تقدير النشء فالله تعالى خالقها ومنشئها وهو متممها ومدبرها فتبارك الله أحسن الخالقين.
13. البارئ: يقال برأ الله الخلق فهو يبرؤهم برءا إذا فطرهم والبرء خلق على صفة فكل مبروء مخلوق وليس كل مخلوق مبروءا وذلك لأن البرء من تبرئة الشيء من الشيء من قولهم برأت من المرض وبرئت من الدين أبرأ منه فبعض الخلق إذا فصل من بعض سمي فاعلة بارئا وفي الأيمان لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة. وقال أبو علي هو المعنى الذي به انفصلت الصور بعضها من بعض فصورة زيد مفارقة لصورة عمرو وصورة حمار مفارقة لصورة فرس فتبارك الله خالقا وبارئا.
14. المصور: هو مفعل من الصورة وهو تعالى مصور كل صورة لا على مثال احتذاه ولا رسم ارتسمه تعالى عن ذلك علوا كبيرا .
15. الغفار: أصل الغفر في الكلام الستر والتغطية يقال اصبغ ثوبك فهو أغفر للوسخ أي أحمل له وأستر ومعنى الغفر في الله سبحانه هو الذي يستر ذنوب عباده ويغطيهم بستره كما جاء في الدعاء يا ستار استرنا بسترك الحسن الجميل وكما جاء في الخبر المأثور عن رسول الله أنه كان يقول في دعائه لاتهتك أستارنا ولا تبل أخبارنا ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
16. القهار: القهر في وضع العربية الرياضة والتذليل يقال قهر فلان الناقة إذا راضها وذللها وأنشد أبو عمرو الشيباني: عواص مراحا لم يدن لقاهر. والله تعالى قهر المعاندين بما أقام من الآيات والدلالات على وحدانيته وقهر جبابرة خلقه بعز سلطانه وقهر الخلق كلهم بالموت.
17. الوهاب: هو فعال من قولك وهبت أهب هبة والهبة تمليك الشيء بلا مثل والمثل في الشرع على وجهين قيمة وثمن والله تعالى وهاب الهبات كلها.
18. الرزاق: الرزق إباحة الانتفاع بالشيء على وجه يحسن ذلك قال الله تعالى ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا والله تعالى هو الرزاق وهو الرازق.
19. الفتاح: هو من قولك فتحت الباب أفتحه فتحا ثم كثر واتسع فيه حتى سمي الحاكم فاتحا وذلك لأنه يفتح المستغلق بين الخصمين وأنشدوا: ألا أبلغ بني عمرو رسولا فإني عن فتاحتكم غني والله تعالى ذكره فتح بين الحق والباطل فأوضح الحق وبينه وأدحض الباطل وأبطله فهو الفتاح.
20. العليم: العليم والعالم بمعنى واحد وفعيل وفاعل يشتركان في كثير من الصفات قالوا ضريب وضارب وعريف وعارف وأنشدوا: أو كلما وردت عكاظ قبيلة بعثوا إلي عريفهم يتوسم وحسن الإعادة لاختلاف معنييهما لأن العليم فيه صفة زائدة على ما في العالم وحكي عن قطرب أن قولنا عليم في اسم الله تعالى يفيد العلم بالغيوب ففي إعادة اللفظين الآن معنى حسن.
21/22. القابض الباسط: الأدب في هذين الاسمين أن يذكرا معا لأن تمام القدرة بذكرهما معا ألا ترى أنك إذا قلت إلى فلان قبض أمري وبسطه دلا بمجموعها أنك تريد أن جميع أمرك إليه وتقول ليس إليك من أمري بسط ولا قبض ولا حل ولا عقد أراد ليس إليك منه شيء وقال الشاعر متى لا متى أدركتم لا أبالكم بأيديكم اللذات بسطي أو قبضي.
23. الخافض: الخفض ضد الارتفاع وتقول فلان في خفض من العيش أي في دعة ولين وطمأنينة وقال أبو علي هو ضد قولهم هو في عيش رتب لأن من هو في ارتفاع ونشز من الأرض لا يطمئن من هو في وهدة ودعة وهو الله سبحانه وتعالى يخفض من استحق الخفض من أعدائه ويرفع من استحق الرفع من أوليائه وكل ذلك حكمة منه وصواب.
24. الرافع: هو الذي يرفع من استحق الرفع من أوليائه يرفع منزلتهم في الدنيا بإعزاز كلمتهم ويرفعهم في الآخرة بارتفاع درجتهم فله الحمد والشكر على نعيم الدارين.
25. المعز: وهو تعالى يعز من شاء من أوليائه والإعزاز على ضروب إعزاز من جهة الحكم والفعل وإعزاز من جهة الحكم وإعزاز من جهة الفعل فالأول هو ما يفعله الله تعالى بكثير من أوليائه في الدنيا ببسط حالهم وعلو شأنهم فهو إعزاز حكم وفعل. والوجه الثاني ما يفعله تعالى ذكره بأوليائه من قلة الحال في الدنيا وأنت ترى من ليس في دينه فوقه في الرتبة فذلك امتحان من الله تعالى لوليه وهو يثيبه إن شاء الله على الصبر عليه. والوجه الثالث ما يفعله الله تعالى بكثير من أعدائه من بسط الرزق وعلو الأمر والنهي وظهور الثروة في الحال في الدنيا فذلك إعزاز فعل لا إعزاز حكم وله في الآخرة عند الله العقاب الدائم وإنما ذلك إملاء من الله تعالى له واستدراج وقد قال الله تعالى ذكره إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين.
26. المذل: الله تعالى يذل طغاة خلقه وعتاتهم حكما وفعلا فمن كان منهم في ظاهر أمور الدنيا ذليلا فهو ذليل حكما وفعلا وقد أذلهم أيضا بأن أمرنا باستعبادهم وإلزام الصغار عليهم وأخذ الجزى عنهم كما قال تعالى ذكره ( حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون).
27. السميع: هو فعيل في معنى فاعل وقد تقدم في مثله القول والله تعالى سامع وسميع ويجيء على قياس قول قطرب أن يقول في سميع إنه الذي يسمع السر وسامع في كل شيء ويجيء في كلامهم سمع بمعنى أجاب من ذلك ما يقوله المصلي عند رجوعه من الركوع سمع الله لمن حمده فسر على أنه بمعنى استجاب وقد أنشد أبو زيد في النوادر: دعوت الله حتى خفت ألا يكون الله يسمع ما أقول أي لا يجيب.
28. البصير: هذا فعيل في معنى مفعل كما جاء أليم في معنى مؤلم وقال الشاعر: أمن ريحانة الداعي السميع. وإنما جاء ذلك لأن مفعلا اسم الفاعل من أفعل ومطرد فيه اطراد فاعل في فعل.
29. الحكم: والحكم والحاكم بمعنى واحد وأصل ح ك م في الكلام المنع وسمي الحاكم حاكما لأنه يمنع الخصمين من التظالم وحكمة الدابة سميت حكمة لأنها تمنعه من الجماح وفي كتب السلاطين القديمة واحكم فلانا عن ذلك الأمر بمعنى امنعه. قال أبو علي ومثل مجيء حاكم وحكم بمعنى واحد قول الناس فلان سالم وسلم وهما ذو السلم وهو الصلح. وقال الشاعر: أغاضر إنني سلم لأهلك فاقبلي سلمي وكذلك قولهم واسط ووسط وقال الله عز وجل (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) فالله تعالى هو الحاكم وهو الحكم بين الخلق لأنه الحكم في الآخرة ولا حكم غيره والحكام في الدنيا إنما يستفيدون الحكم من قبله تعالى علوا كبيرا .
30. العدل: أصل هذه اللفظة من قولهم عدلت عن الطريق أعدل عنها عدلا وعدولا وإنما سمي العدل والعادل لأنهما عدلا عن الجور إلى القصد والله تعالى عادل في أحكامه وقضاياه عن الجور فأفعاله حسنة وهو كما قال ( والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء).
31. اللطيف: أصل اللطف في الكلام خفاء المسلك ودقة المذهب واستعماله في الكلام على وجهين يقال فلان لطيف إذا وصف بصغر الجرم و فلان لطيف إذا وصف بأنه محتال متوصل إلى أغراضه في خفاء مسلك وفلان لطيف في علمه يراد به أنه دقيق الفطنة حسن الاستخراج له فهذا الذي يستعمل منه وهو في وصف الله يفيد أنه المحسن إلى عباده في خفاء وستر من حيث لا يعلمون ويسبب لهم أسباب معيشتهم من حيث لا يحتسبون وهذا مثل قول الله تعالى (ويرزقه من حيث لا يحتسب) فأما اللطف الذي هو قلة الأجزاء فهو مما لا يجوز عليه سبحانه.
32. الخبير: قال أبو علي أخذ هذه الكلمة أبو إسحاق من قولهم خبرت الأرض إذا شققتها وفلان خبير بالشيء إذا كان عالما به وكأنه هو الذي بحث عن ذلك الشيء حتى شق عنه الأرض قال أبو علي وهو عندنا من الخبر الذي يسمع لأن معنى الخبير العالم وقال:
إذا لاقيت قومي فأسأليهم كفى قوما بصاحبهم خبيرا. فالعلم أبدا مع الخبر فما حاجة أبي إسحاق إلى أن يأخذه من الخبر والشق.
33. الحليم: هو الذي لا يعاجل بالعقوبة فكل من لا يعاجل بالعقوبة سمي فيما بيننا حليما وليس قول من قال إن الحليم هو من لا يعاقب بصواب أما سمع قول الشاعر الفصيح وأظنه كثيرا حليما إذا ما نال عاقب مجملا أشد العقاب أو عفالم يثرب ووصف الله تعالى بالحلم المخلوقين فقال تعالى فبشرناه بغلام حليم.
34. العظيم: المعظم في صفة الله تعالى يفيد عظم الشأن والسلطان وليس المراد به وصفه بعظم الأجزاء لأن ذلك من صفات المخلوقين تعالى الله عن ذلك علوا.
35. الغفور: هو فعول من قولهم غفرت الشيء إذا سترته وقد مر ذكره قبل وفعول موضوع للمبالغة وكذلك فعال وإنما جاز تكرارهما وإن كانا بمعنى واحد وأنت لا تكاد تقول في الكلام فلان تروك للفواحش تراك لها وصدوف عن القبائح صداف عنها لمعنيين أحدهما أن اختلاف الموضعين يحسن من ذاك مالا يحسن مع المجاورة ألا تراهم أجمعوا على أن الإيطاء مع بعد الموضع ليس هو مثله مع قرب الموضع والوجه الآخر أن هذا يحسن في صفات الله تعالى ذكره وإن كان لا يحسن في أسامي المخلوقين وصفاتهم لأنهم لم يبلغوا قط في صفة من الصفات والله تعالى المتناهي في هذه الصفات التي تمدح بها فيحسن فيه سبحانه من ذلك ما لا يحسن في غيره ويجيء على قياس قول أبي علي قطرب أن يكون الغفور في ذنوب الآخرة والغفار الذي يسترهم في الدنيا ولا يفضحهم والوجه هو الذي ذكره أبو إسحاق.
36. الشكور: هو فعول من الشكر وأصل الشكر في الكلام الظهور ومنه يقال شكير النبت وشكر ال إذا امتلأ وامتلاؤه ظهوره ويقال دابة شكور وهو السريع السمن فسرعة سمنه ظهور أثر صاحبه عليه وقال الشاعر: ولا بد من غزوة في الربيع حجون تكل الوقاح الشكورا فكأن الشكر من الله تعالى هو إثابته الشاكر على شكره فجعل ثوابه للشكر وقبوله للطاعة شكرا على طريقة المقابلة كما قال عز اسمه فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم.
37. العلي: هو فعيل في معنى فاعل فالله تعالى عال على خلقه وهو علي عليهم بقدرته ولا يجب أن يذهب بالعلو ارتفاع مكان إذ قد بينا أن ذلك لا يجوز في صفاته تقدست ولا يجوز أن يكون على أن يتصور بذهن أو يتجلى لطرف تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
38. الكبير: والكبر ها هنا أيضا يراد به كبر القدرة ولا يجوز أن يذهب به مذهب زيادة الأجزاء على ما بينا أنه لا يجوز في هذه الأسماء.
39. الحفيظ: هو فعيل في معنى فاعل والله حافظ وحفيظ كما قال الله تعالى (فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين).
40. المقيت: قال أهل اللغة إن المقيت المقتدر على الشيء وقال الله عز ذكره (وكان الله على كل شيء مقيتا) يريد والله أعلم مقتدرا وقال الشاعر: ألي الفضل أم علي إذا حوسبت إني على الحساب مقيت.
41. الحسيب: يجوز أن يكون من حسبت الحساب ويجوز أن يكون أحسبني الشيء إذا كفاني وقال الشاعر: ونحسبه إن كان ليس بجائع. فالله تعالى محسب أي كاف فيكون فعيلا في معنى مفعل كأليم ونحوه ويجوز أن يكون من حسبت الحساب فالله تعالى محسوب عطاياه وفواضله وقال الشاعر: إن يدع زيد بني ذهل لمغضبة نغضب لزرعة إن الفضل محسوب.
42. الجليل: الجلالة تستعمل في الكلام على وجهين. أحدهما جلالة الشأن والمقدار وعظم الخطر وعلى هذا تقول فلان جليل في نفوس الناس وجليل في عيونهم إذا أريد به اعتقاد عظم الخطر وجلالة المحل وقال الشاعر: أجلك قوم حين صرت إلى الغنى وكل غني في النفوس جليل. والوجه الآخر أن يكون المراد به عظم الجثة وكثرة الأجزاء وهذا لا يجوز على الله سبحانه وأصل الجلة كبار الإبل ومنه أخذ الجليل.
43. الكريم: الكرم سرعة إجابة النفس وكريم الخلق وكريم الأصل وحكى الأحول جوزة كريمة أي هشة المكسر وكأن سرعة انكسارها وهشاشتها جعل إجابة منها فشبه بها الكريم من الرجال إذا كان سريعا إلى الخيرات هذا هو الأصل والله تعالى سبب كل خير ومسهله فهو أكرم الأكرمين.
44. الرقيب: هو الحافظ الذي لا يغيب عما يحفظه يقال رقبت الشيء أرقبه رقبة وقال الله تعالى ذكره (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) والمراقبة الاستحياء والحياء ضرب من التحفظ أيضا وهو تعالى الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء.
45. المجيب: هو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء وقال الله تعالى (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني) وفي أدعيته يا مجيب دعوة المضطرين.
46. الواسع: أصل السعة في الكلام كثرة أجزاء الشيء يقال إناء واسع وبيت واسع ثم قد يستعمل في الغنى يقال فلان يعطي من سعة يراه من غنى وجدة وفلان واسع الرحل وهو الغني وقال الشاعر: رعاك ضمان الله يا أم مالك ولله أن يسقيك أغنى وأوسع. وقال الله عز اسمه: (لينفق ذو سعة من سعته).
47. الحكيم: قد مر الكلام في أصل الحكم في اللغة عند ذكر الحكم فأغنى ذلك عن إعادته ها هنا والحكيم من الرجال يجوز أن يكون فعيلا في معنى فاعل ويجوز أن يكون في معنى مفعل والله حاكم وحكيم والأشبه أن تحمل كل واحد منهما على معنى غير غير معنى الآخر ليكون أكثر فائدة فحكيم بمعنى محكم والله تعالى محكم للأشياء متقن لها كما قال تعالى صنع الله الذي أتقن كل شيء.
48. الودود: هذا يجوز أن يكون فعولا بمعنى فاعل ويجوز أن يكون فعولا بمعنى مفعول والله تعالى وصف نفسه في مواضع بأنه يحب ولا يحب ألا وهو أيضا محبوب مودود عند أوليائه فهو بمعنى مودود.
49. المجيد: أصل المجد في الكلام الكثرة والسعة وهو مأخوذ من قولهم أمجدت الدابة إذا أكثرت علفها وفي المثل في كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار أي أكثر منها فالماجد في اللغة الكثير الشرف والله تعالى ذكره أمجد الأمجدين وأكرم الأكرمين.
50. الباعث: الله تعالى يبعث الخلق كلهم ليوم لا شك فيه فهو يبعثهم من الممات ويبعثهم أيضا للحساب وفي القرآن أئنا لمبعثون خلقا جديدا.
51. الشهيد: الشهيد الحاضر يقال شهدت الشيء وشهدت به وأصل قولهم شهدت به من الشهادة التي هي الحضور واليوم المشهود يوم القيامة لأنه معلوم كونه لا محالة فكان معنى الشهيد العالم.
52. الحق: يقال حققت الشيء أحقه حقا إذا تيقنت كونه ووجوده وفلان محق أي صاحب حق ومنه قولهم شهدت بأن الجنة حق والنار حق .
53. الوكيل: يحكى عن أبي زكريا الفراء أنه كان يذهب إلى أن قولنا الوكيل هو الكافي ونحن لا نعرف في الكلام وكلت ولا وكلت إليه إذا كفيت فلا ندري من أين له هذا القول ولكن الوكيل فعيل بمعنى مفعول من قولك وكلت أمري إلى فلان إذا سلمته إليه والله تعالى موكول إلى تطوله الأمور كما قال الله تعالى (وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد).
54. القوي: هو الكامل القدرة على الشيء تقول هو قادر على حمله فإذا زدته وصفا قلت هو قوي على حمله وقد وصف نفسه بالقوة فقال عز قائلا: إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين .
55. المتين: أصله فعيل من المتن الذي هو العضو ويقال ما تنته على ذلك الأمر إذا قاويته مقاواة وهو يفيد في الله سبحانه التناهي في القوة والقدرة.
56. الولي: هو فعيل من الموالاة والولي الناصر وقال الله تعالى (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) وهو تعالى وليهم بأن يتولى نصرهم وإرشادهم كما يتولى ذلك من الصبي وليه وهو يتولى يوم الحساب ثوابهم وجزاءهم.
57. الحميد: هو فعيل في معنى مفعول والله تعالى هو المحمود بكل لسان وعلى كل حال كما يقال في الدعاء الحمد لله الذي لا يحمد على الأحوال كلها سواه.
58. المحصي: يقال أحصيت الشيء إحصاء إذا عددته وقد مر ذكره وإشتقاقه والله تعالى محصي كل شيء فلا يفوته شيء من خلقه عدا وإحصاء كما قال تعالى وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا.
59. المبدي: هو الذي ابتدأ الأشياء كلها لا عن شيء فأوجدها ويقال بدأ وأبدأ وهو بادئ ومبدئ وقال جرير بدأنا بالزيارة ثم عدنا فلا بدئي جفوت ولا معادي.
60. المعيد: هو الذي أعاد الخلائق كلهم ليوم الحساب كما أبدأهم كما قال تعالى وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه.
61. المحيي: الله الذي أحيا الخلق بأن خلق فيهم الحياة وأحيا الموات بإنزال الحيا وإنبات العشب وعنهما تكون الحياة وقال الله عز وعلا (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا).
62. المميت: الله تعالى خلق الموت كما أنه خالق الحياة لا خالق سواه استأثر بالبقاء وكتب على خلقه الموت.
63. الحي: الحي يفيد دوام الوجود والله تعالى لم يزل موجودا ولا يزال موجودا.
63. القيوم: هو فيعول من قام يقوم الذي بمعنى دام لا القيام المعروف وقال الله تعالى ذكره (ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما) أي دائما والله أعلم القيوم وهو الدائم وكان من قراءة عمر بن الخطاب رحمه الله الحي القيام.
64. الواجد: هو الغني والوجد الغنى ويقال فلان غني واجد وقال الشاعر: لأحبني حب الصبي ورمني رم الهدي إلى الغني الواجد والله هو الغني فلا يفتقر إلى شيء كما قال تعالى ( ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء).
65. الماجد: قد مر اشتقاقه و وضعه في العربية عند ذكر المجيد وإنما كرر لما ذكرناه من حصول معنى المبالغة في أحد البناءين.
66. الواحد: وضع الكلمة في اللغة إنما هو للشيء الذي ليس باثنين ولا أكثر منهما وفائدة هذه اللفظة في الله عز اسمه إنما هي تفرده بصفاته التي لا يشركه فيها أحد والله تعالى هو الواحد في الحقيقة ومن سواه من الخلق آحاد تركبت وأما الكلام في هل هو سبحانه واحد من طريق العدد أم لا فليس مما له تعلق بما نحن فيه إذ الغرض ها هنا ذكر وضع الكلمة وفائدة مقتضاها في الإطلاق.
67. الأحد: قال أهل العربية أصله وحد ثم قلبت الواو همزة وهذا في الكلام عزيز جدا أن تقلب الواو المفتوحة همزة ولم نعرف له نظيرا إلا أحرفا يسيرة منها أناة وأحرف نظيرتها ويقال هذا واحد و وحد كما قدمناه من سالم وسلم وحاكم وحكم وقال النابغة على مستأنس وحد وقال بعض أصحاب المعاني الفرق بين الواحد والأحد أن الواحد يفيد وحدة الذات فقط والأحد يفيده بالذات والمعاني وعلى هذا جاء في التنزيل ( قل هو الله أحد) أراد المنفرد بوحدانيته في ذاته وصفاته تعالى الله علوا كبيرا.
68. الصمد: قد مر في كتاب التفسير جميع ما فيه مما جاء به الأثر وأصحه أنه السيد المصمود إليه في الحوائج تفسير أسماء الله الحسنى ج: 1 ص: 59
قال الشاعر: إلى ذروة البيت الكريم المصمد.
69. القادر: الله القادر على ما يشاء لا يعجزه شيء ولا يفوته مطلوب والقادر منا وإن استحق هذا الوصف فإن قدرته مستعارة وهي عنده وديعة من الله تعالى ويجوز عليه العجز في حال والقدرة في أخرى والله تعالى هو القادر فلا يتطرق عليه العجز ولا يفوته شيء.
70. المقتدر: المقتدر مبالغة في الوصف بالقدرة والأصل في العربية أن زيادة اللفظ زيادة المعنى فلما قلت اقتدر أفاد زيادة اللفظ زيادة المعنى.
71. المقدم: هو الذي يقدم ما يجب تقديمه من شيء حكما وفعلا على ما أحب وكيف أحب وما قدمه فهو مقدم وما أخره فهو مؤخر تعالى الله علوا كبيرا.
72. المؤخر: وهو الذي يؤخر ما يجب تأخيره والحكمة والصلاح فيما يفعله الله تعالى وإن خفي علينا وجه الحكمة والصلاح فيه.
73. الأول: هو موضوع التقدم والسبق ومعنى وصفنا تفسير أسماء الله الحسنى ج: 1 ص: 60
الله تعالى بأنه أول هو متقدم للحوادث بأوقات لا نهاية لها فالأشياء كلها وجدت بعده وقد سبقها كلها وكان رسول الله يقول في دعائه أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء.
74. الآخر: هو المتأخر عن الأشياء كلها ويبقى بعدها.
75. الظاهر: هو الذي ظهر للعقول بحججه وبراهين وجوده وأدلة وحدانيته هذا إن أخذته من الظهور وإن أخذته من قول العرب ظهر فلان فوق السطج إذا علا ومن قول الشاعر وتلك شكاة ظاهر عنك عارها فهو من العلو والله تعالى عال على كل شيء وليس المراد بالعلو ارتفاع المحل لأن الله تعالى يجل عن المحل والمكان وإنما العلو علو الشأن وارتفاع السلطان ويؤكد الوجه الآخر قوله في دعائه أنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء.
76. الباطن: هو العالم ببطانة الشيء يقال بطنت فلانا وخبرته إذا عرفت باطنه وظاهره والله تعالى عارف ببواطن الأمور وظواهرها فهو ذو الظاهر وذو الباطن.
77. الوالي: هذا اسم الفاعل من ولي يلي وتفسيره الذي يلي أمر الخلق ويتولى مصالحهم ويقال للأمير هذا والي بلد كذا لأنه يلي أمورهم ويصلح شؤونهم وولي ووال كعليم وعالم وقدير وقادر.
78. المتعالي: هو المتفاعل من العلو والله تعالى عال ومتعال وعلي.
79. البر: يقال بررت والدي أبرهما وهو رجل بر بوالديه وذلك إذا أطاعهما والله تعالى بر بخلقه في معنى أنه يحسن إليهم ويصلح أحوالهم.
80. التواب: يقال تاب إلى الشيء يتوب توبا إذا رجع قال الله تعالى (غافر الذنب وقابل التوب) أي يقبل رجوع عبده إليه ومن هذا قيل التوبة كأنه رجوع إلى الطاعة وترك للمعصية.
81. المنتقم: النقمة كراهة يضامها سخط فمن كره أمرا من الأمور مع سخط منه له فهو منتقم وقد كره الله تعالى أمورا وسخط أمورا فهو منتقم.
82. العفو: يقال عفوت عن الشيء أعفو عنه إذا تركته وعفا عن ذنبه إذا ترك العقوبة عليه والله تعالى عفو عن الذنوب وتارك العقوبة عليها.
83. الرؤوف: يقال إن الرأفة والرحمة واحد وقد فرقوا بينهما أيضا وذلك أن الرأفة هي المنزلة الثانية يقال فلان رحيم فإذا اشتدت رحمته فهو رؤوف.
84. مالك الملك: الله تعالى يملك الملك يعطيه من يشاء وهو مالك الملوك والملاك يصرفهم تحت أمره ونهيه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع.
85. ذو الجلال والإكرام: الجلالة والجلال واحد وهما مصدر الجليل من الرجال ومعنى ذو الجلال أنه المستحق لأن يجل ويكرم.
86. المقسط: يقال أقسط الرجل إذا عدل وقسط إذا جار وفي التنزيل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين أراد اعدلوا وقال الله تعالى (وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا) قال أبو علي وهذا مأخوذ من القسط الذي هو النصيب فإذا قيل أقسطه فكأنهم قالوا أعطاه النصف الذي له.
87. الجامع: الله تعالى يجمع الخلق للحساب كما قال الله تعالى في كتابه العزيز الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا.
88. الغني: وهو الغني والمستغني عن الخلق بقدرته وعز سلطانه والخلق فقراء إلى تطوله وإحسانه كما قال تعالى (والله الغني وأنتم الفقراء).
89. المغني: هو الذي أغنى الخلق بأن جعل لهم أموالا وبنين كما قال تعالى وأنه هو أغنى وأقنى.
90. المانع: هو الذي يمنع ما أحب منعه ويعطي ما أحب عطاءه فإذا أعطى فتفضل وإصلاح وإذا منع فحكمة وصلاح لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع.
91/92. الضار النافع: هذا كما كنا قدمنا من الاسمين اللذين ضممنا بينهما وذكرنا أن الجمع بينهما أدل على القدرة وتمام الحكمة وكذلك كل اسمين يؤديان بمجموعهما عن معنى واحد والله تعالى ذكره يضر وينفع ويعطي ويمنع ودلالة مجموعهما أن الخير والشر بيده وأنه مسبب كل خير ودافع كل شر وأن الخلق تحت لطفه يرجون كرمه تفسير أسماء الله الحسنى ج: 1 ص: 64
93. النور: اختلفوا في قول الله تعالى الله نورالسموات والأرض فقال بعضهم الله ذو نور السموات يريد أنه خالق هذا النور الذي في الكواكب كلها لا أنه ضياء لها وأنوار لأجسامها بل أنوار تنفصل من أنوار الله تعالى ويقال إن حول العرش أنوارا لو انفصلت منها شرارة على الأرض لاحترقت الأرض ومن عليها وقال بعضهم بل معنى قوله الله نور السموات و الأرض أي أنه بما بين وأوضح بحججه و براهين وحدانيته نور السموات و الأرض فتقدير الكلام على هذا معرفة الله نور السموات أو أدلته نورها أو براهينه لا يجوز غير هذا.
94. الهادي: هو الذي هدى خلقه إلى معرفته و ربوبيته و هو الذي هدى عباده إلى صراطه المستقيم كما قال تعالى و يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
95. البديع: يقال أبدعت الشيء إبداعا إذا جئت به فردا لم يشاركك فيه غيرك و هذا بديع من فعل فلان أي مما يتفرد به و قال تعالى (بديع السموات و الأرض) أرد به أنه المنفرد بخلق السموات والأرض و هو فعيل بمعنى مفعل.
96. الباقي: هو الله تعالى المستأثر بالبقاء وكتب على خلقه الفناء وهو خالق الفناء و البقاء.
97. الوارث: كل باق بعد ذاهب فهو وراث أو لم يكن على هذا يدل وضع الكلمة و في الحديث أن رسول الله كان يقول في دعائه متعنا بأسماعنا و أبصارنا و اجعله الوارث منا.
98. الرشيد: هو فعيل في معنى مفعل و الله تعالى أرشد الخلق كلهم إلى مصالحهم و أرشد أولياءه خاصة إلى الجنة و طرق الثواب فهو الرشيد.
99. الصبور: فعول في معنى فاعل و أصل الصبر في الكلام الحبس يقال صبرته على كذا صبرا إذا حبسته و معنى الصبر و الصبور في اسم الله تعالى قريب من معنى الحليم آخر كتاب تفسير الأسامي و الحمد لله و صلواته على نبيه محمد و آله و سلم تسليما.
*والله ولى التوفيق * |
|
|
|
|