موقف الازهر من سيد قطب(عفا الله عنه) - ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي :::

العودة   ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: > :::. الأقســــام الـعـــامـــــــة .::: > :: القسم الإسلامـــي ::

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-04-2006, 02:54 AM   #1
 
إحصائية العضو







منقع الطيب غير متصل

منقع الطيب is on a distinguished road


افتراضي موقف الازهر من سيد قطب(عفا الله عنه)

الوثيقة الرسمية للأزهر حول كتاب: (( معالم في الطريق )) لسيد قطب

التي أعدّها فضيلة الشيخ : محمد عبد اللطيف السبكي، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر، بناءً على طلب الإمام الشيخ : حسن مأمون، شيخ جامع الأزهر :

( لأول نظرة في الكتاب يدرك القارئ أن موضوعه : دعوة إلى الإسلام، ولكن أسلوبه أسلوب استفزازي، يفاجأ القارئ بما يهيّج مشاعره الدينيّة، وخاصة إذا كان من الشباب، أو البسطاء، الذين يندفعون في غير رؤية إلى دعوة الداعي باسم الدين، ويتقبّلون ما يوحى إليهم من أحداث، ويحسبون أنها دعوة الحق الخالصة لوجه الله، وأن الأخذ بها سبيل إلى الجنة .

وأحب أن أذكر بعض النصوص من عبارات المؤلف، لتكون أمامنا في تصور موقفه :

في (ص/ 6) يقول :

(( ووجود الأمة المسلمة يعتبر قد انقطع منذ قرون كثيرة .

لا بد من إعادة وجود هذه الأمة، لكي يؤدّي الإسلام دوره المرتقب في قيادة البشرية مرّة أخرى .. لا بد من بعث تلك الأمة التي وارها ركام الأجيال، وركام التصوّرات، وركام الأوضاع، وركام الأنظمة التي لا صِلة لها بالإسلام ... إلخ )) .

إن المؤلِّف ينكر وجود أمة إسلامية منذ قرون كثيرة . ومعنى هذا : أن عهود الإسلام الزاهرة، وأئمة الإسلام، وأعلام العلم في الدين، في : التفسير، والحديث، والتفقه، وعموم الاجتهاد في آفاق العالم الإسلامي، معنى هذا : أنهم جميعـًا كانوا في جاهلية، وليسوا من الإسلام في شيء، حتى يجيء إلى الدنيا سيد قطب !! .

(ص/ 9 ـ 11) :

(( إن العالم يعيش اليوم كله في جاهلية .. هذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض، وعلى أخصّ خصائص الألوهية، وهي الحاكمية، إنها تسند الحاكمية إلى البشر .. وفي هذا ينفرد المنهج الإسلامي، فالناس في نظام غير النظام الإسلامي يعبد بعضهم بعضـًا )) (ص/ 10) .

(( وفي المنهج الإسلامي وحده يتحرّر الناس جميعـًا من عبادة بعضهم لبعض .. وهذا هو التصوّر الجديد الذي نملك إعطاءه للبشرية .. ولكن هذا الجديد لا بد أن يتمثّل في واقع عملي، لا بد أن تعيش به أمة، وهذا يقتضي عملية بعث في الرقعة الإسلامية .. فكيف تبدأ عملية البعث ؟ .

إنه لا بد من طليعة تعزم هذه العزمة، وتمشي في الطريق )) (ص/ 11) .

(( ولهذه الطليعة التي تعزم هذه العزمة من معالم في الطريق .

لهذه الطليعة المرجوة المرتقبة كتبت "معالم في الطريق" )) .

فهذه دعوة مكشوفة إلى قيام طليعة من الناس ببعث جديد في الرقعة الإسلامية .

والمؤلف هو الذي تكفّل بوضع المعالم لهذه الطليعة، ولهذا البعث المرتقب .

(ص/ 21) :

(( نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام، أو أظلم، كل ما حولنا جاهلية )) !! .

(ص/ 23) :

(( إن مهمتنا الأولى هي : تغيير واقع هذا المجتمع، مهمتنا هي : تغيير هذا الواقع الجاهلي من أساسه )) .

(ص/ 31) :

(( وليس الطريق أن تخلص الأرض من يد طاغوت روماني، أو طاغوت فارسي، إلى يد طاغوت عربي .. فالطاغوت كله طاغوت .

إن الأرض لله . وليس الطريق أن يتحرّر الناس من هذه الأرض من طاغوت إلى طاغوت .. إن الناس عبيد لله وحده .. لا حاكمية إلا لله، ولا شريعة إلا من الله، ولا سلطان لأحد على أحد .. وهذا هو الطريق )) .

إن كلمة (( الحاكمية لله .. ولا حاكمية إلا لله )) كلمة قالها الخوارج قديمـًا، وهي وسيلتهم إلى ما كان منهم في عهد الإمام علي، من تشقيق الجماعة الإسلامية، وتفريق الصفوف، وهي الكلمة التي قال عنها الإمام علي : "إنها كلمة حق أريد بها باطل" .

فالمؤلف يدعو مرّة إلى بعث جديد في الرقعة الإسلامية، ثم يتوسّع فيجعلها دعوة في الدنيا كلها، وهو دعوة على يد الطليعة التي ينشدها، والتي وضع كتابه هذا ليرشد بمعالمه هذه الطليعة .

وليس أغرب من هذه النزعة الخياليّة، وهي نزعة تخريـبيـة، يسميها : طريق الإسلام .

والإسلام كما هو اسمه ومسمّاه يأبى الفتنة ولو في أبسط صورة، فكيف إذا كانت غاشمة، جبّارة، كالتي يتخيّلها المؤلف ؟!! .

وما معنى الحاكمية لله وحده ؟؟ .

هل يسير الدين على قدمين بين الناس ليمتنع الناس جميعـًا عن ولاية الحاكمية، أو يكون الممثل لله في الحكم هو شخصية هذا المؤلف الداعي، والذي ينكر وجود الحكام، ويضع المعالم في الطريق للخروج على كل حاكم في الدنيا .

إن القرآن نفسه يعترف بالحكام المسلمين، ويفرض لهم حق الطاعة علينا، كما يفرض عليهم العدل فينا، ويوجّه الرعيّة دائمـًا إلى التعاون معهم .

والإسلام نفسه لا يعتبر الحكام رسلاً معصومين من الخطأ، بل فرض لهم أخطاء تبدو من بعضهم، وناشدهم أن يصححوا أخطاءهم بالرجوع إلى الله وسنة الرسول، وبالتشاور في الأمر مع أهل الرأي من المسلمين .

فغريب جدّا أن يقوم واحد، أو نفر من الناس، ويرسموا طريقـًا معوجّـًا، ويسمّوه : طريق الإسلام لا غير .

لا بد لاستقرار الحياة على أي وضع من أوضاعها من وجود حكام يتولّون أمور الناس بالدين، وبالقوانين العادلة .

ومن المقررات الإسلامية : (( إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن )) .

فكيف يستقيم في عقل إنسان أن تقوم طليعة مزعومة لتجريد الحكام جميعـًا من سلطانهم ؟!! .

وبين الحكام كثيرون يسيرون على الجادّة بقدر ما يتاح لهم من الوسائل .

هذا شطط في الخيال، يجمح بمؤلف الكتاب إلى الشذوذ من الأوضاع الصحيحة، والتصورات المعقولة .

(ص/ 43) : (( فلا بد أولاً أن يقوم المجتمع المسلم الذي يقر عقيدة : لا إله إلا الله، وأن الحاكمية ليست إلا لله . وحين يقوم هذا المجتمع فعلاً تكون له حياة واقعية، وعندئذٍ فقط يبدأ هذا الدين في تقرير النظم، وفي سنّ الشرائع )) .

فهذا هجوم من المؤلف على الواقع، إذ ينكر وجود (( مجتمع مسلم )) ، وينكر وجود (( نظام إسلامي )) ، ويدعو إلى الانتظار في التشريع الإسلام حتى يوجد المجتمع المحتاج إليه، يريد : المجتمع الذي ينشأ على يده، ويد الطليعة !! .

يخيّل إلينا : أن المؤلف شطح شطحة جديدة، فزعم لنفسه الهيمنة العليا الإلهية في تنظيم الحياة الدنيا، حيث يقترح أولاً : هدم النظم القائمة، دون استثناء، وطرح الحكام، وإيجاد مجتمع جديد، ثم التشريع الجديد لهذا المجتمع الجديد .

يشطح به مرّة ثالثة أو رابعة، فيقول (ص/ 46) :

(( إن دعاة الإسلام حين يدعون الناس لإنشاء هـــذا الدين ـ كذا ـ يجب أولاً : أن يدعوهم إلى اعتناق العقيدة، حتى لو كانوا يدعون أنفسهم مسلمين، وتشهد لهم شهادات الميلاد بأنهم مسلمون، ويعلموهم أن كلمة : لا إله إلا الله مدلولها الحقيقي هو ردّ الحاكمية لله، وطرد المعتدين على سلطان الله ... )) وهكذا .

وتلك نزعة المؤلف المتهوّس، يناقض بها الإسلام، ويزعم أنه أغير الخلق على تعاليم الإسلام .. أليست هذه الفتنة الجامحة .. من إنسان يفرض نفسه على الدين، وعلى المجتمع ) .

إلى آخر ما جاء في الوثيقة الرسمية للأزهر .

وكان مما جاء في نهايتها :

( وبعد : فقد انتهيت من كتاب (( معالم في الطريق )) إلى أمور :

1 ـ أنه إنسان مسرف في التشاؤم، ينظر إلى الدنيا بمنظار أسود، ويصورها كما يراها هو، أو أسوأ مما يراها.

2ـ أن سيد قطب استباح باسم الدين أن يستفز البسطاء إلى ما يأباه التديّن، من مطاردة الحكام، مهما يكن في ذلك من إراقة الدماء، والفتك بالأبرياء، وتخريب العمران، وترويع المجتمع، وتصدّع الأمن، وإلهاب الفتن؛ في صور من الإفساد لا يعلم مداها غير الله .

وذلك هو معنى (( الثورة الحاكمية )) التي ردّدها في كلامه ) ([1]).





--------------------------------------------------------------------------------

([1]) (( العنف الديني في مصر .. عبد الناصر والإخوان المسلمون )) : (ص/ 189 ـ 196) .

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 29-04-2006, 11:20 AM   #2
 
إحصائية العضو







أبو عبيد غير متصل

أبو عبيد will become famous soon enough


افتراضي رد: موقف الازهر من سيد قطب(عفا الله عنه)

وهذا رأي الشيخ يوسف القرضاوي :


وقفة مع الشهيد سيد قطب

لا يشك دارس منصف ولا راصد عدل في أن سيد قطب مسلم عظيم، وداعية كبير، وكاتب قدير، ومفكر متميز، وأنه رجل تجرد لدينه من كل شائبة، وأسلم وجهه لله وحده، وجعل صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين لا شريك له. ولا شك في إخلاص سيد قطب لفكرته التي آمن بها، ولا يشك في حماسه لها، وفنائه فيها، وأنه وضع رأسه على كفه، وقدم روحه رخيصة من أجلها.

ولا ريب أنه قضى سنوات عمره الأخيرة وهو في السجن يجلي الفكرة، ويشرحها بقلمه المبدع، وبيانه العذب، وأسلوبه الأخاذ. كما لا ريب أن كتبه تعطي قارئها شحنة روحية وعاطفية دافقة ودافئة ودافعة، توقظه من رقود، وتحركه من سكون؛ لما فيها من حرارة وإخلاص.

وهذه الفكرة هي التي انتهى إليها تطوره الفكري والعلمي، بعد مسيرة حافلة بالعطاء، في مجال الأدب والنقد، وفي مجال الدعوة والفكر.

ولا بد لمن يريد أن يفهم سيد قطب أن يحيط بمراحل حياته وتطوره فيها، حتى يعرف حقيقة موقفه الذي انتهى إليه.
مرحلة الأدب والنقد
أول ما ظهر سيد قطب ظهر أديبا شاعرا، ثم ناقدا أدبيا.

كان شاعرا رقيقا مرهف الحس، دافق العاطفة، يحسبه الناقدون على "الاتجاه الرومانسي" في الشعر، وعده د. محمد مندور في جماعة "أبولو" ذات الاتجاهات الرومانسية المعروفة.

ومن المعروف أنه كان في أدبه النثري محسوبا على "مدرسة العقاد" وكان العقاد يمثل "المدرسة الليبرالية" والفكر الحر، ولم يكن قد ظهر توجهه الإسلامي الذي اتضح في كتاباته الأخيرة.

وكان الذي يمثل "المدرسة الإسلامية" في الأدب هو مصطفى صادق الرافعي. وكان بين الاتجاهين أو المدرستين صراع دامٍ؛ سلاحه القلم، وميدانه المجلات الأدبية كالرسالة والثقافة وغيرهما، والكتب الأدبية، وقد هاجم الرافعي العقاد في مقالات نشرت بعد ذلك في كتاب سماه "على السفود".

لم يكن سيد قطب في هذه المرحلة قد عرف بتوجه إسلامي واضح، رغم أنه خريج "دار العلوم" وقد عاصر حسن البنا، وإن لم يتعرف عليه وعلى دعوته إلا بعد استشهاده.

وقد ذكر الأستاذ محمود عبد الحليم في كتابه "الإخوان المسلمون: أحداث صنعت التاريخ"[2] واقعة عن سيد قطب في هذه المرحلة، ما زلت في شك من أمرها، وهي: أنه كتب مقالة في الأهرام تدافع عن "العرْي" وأنه من الحرية الشخصية للإنسان، على غرار ما يكتبه دعاة الإباحية، وهذا نفس غريب على مسيرة سيد قطب، فلم يكن الرجل -على ما أعلم- في أي فترة من حياته من دعاة التحلل. وأرجو من إخواننا من شباب الباحثين أن يحققوا ويبحثوا في مدى صدق هذه الواقعة.

وقد توج هذه المرحلة من مراحل مسيرته عملان كبيران من الأعمال الأدبية الأصيلة التي لم يقلد سيد قطب فيها أحدا، بل كان فيها نسيج وحده.

أولهما: كتابه عن "أصول النقد الأدبي" وهو -باعتراف مؤرخي الأدب العربي- عمل متميز، وإن لم يأخذ حقه من الظهور، ربما كان سبب ذلك هو تحول صاحبه إلى الدعوة الإسلامية، وأمسى محسوبا على عالم الدعاة، لا على عالم الأدباء والنقاد.

وثانيهما: عمله الأصيل المتميز في خدمة القرآن، وإعجازه البياني، بمنهج لم يسبق له نظير، وهذا العمل يتمثل في كتابيه الرائعين:

أ- التصوير الفني في القرآن.

ب- مشاهد القيامة في القرآن.

والكتاب الأول يجسد النظرية، والثاني بمثابة التطبيق لها.

وهذان الكتابان يمثلان تمهيدا أو همزة وصل للمرحلة القادمة؛ مرحلة الدعوة إلى الإسلام.

مرحلة الدعوة الإسلامية

والمرحلة الثانية في حياة سيد قطب هي مرحلة الدعوة إلى الإسلام؛ بوصفه عقيدة ونظاما للحياة يقيم العدالة الاجتماعية في الأرض، ويرفع التظالم بين الناس، ويرعى حقوق الفقراء والمستضعفين بوسيلتين أساسيتين، هما: التشريع القانوني، والتوجيه الأخلاقي.

وكان هذا التطور له مقدمات وعلامات، منها: اهتمامه بقضية المظالم الاجتماعية في مصر، وسيطرة الإقطاع المتجبر في الأرياف، والرأسمالية الاحتكارية المستغلة في المدن على الاقتصاد المصري، وضياع الفلاحين والعمال -وهم جل المصريين- بين تجبر أولئك وتسلط هؤلاء.

وقد بدا هذا التوجه واضحا في مشاركته في مجلة "الفكر الجديد" التي كانت تعنى بهذا الجانب الاجتماعي، والتي لم تدم طويلا، وقد أشرنا إلى ذلك في الجزء الثاني من هذه المسيرة.

ولعل كتابيه السالفين في خدمة البيان القرآني قد مهدا له الطريق؛ ليطل على "المضامين" الإصلاحية العظيمة التي اشتمل عليها القرآن، وإن كانت دراسته أساسا تهتم بالشكل والأسلوب.

ظهر أول كتاب له في هذه المرحلة، وهو: كتاب "العدالة الاجتماعية في الإسلام" الذي عرض الموضوع بطريقة منهجية، بين فيه أسس العدالة الاجتماعية في الإسلام، وإن كان الشيخ الغزالي رحمه الله له فضل السبق بتناول هذه الموضوعات في مقالاته التي كان ينشرها في مجلة "الإخوان المسلمون"، ثم جمعها في كتبه: "الإسلام والأوضاع الاقتصادية"، "الإسلام والمناهج الاشتراكية"، "الإسلام المفترى عليه بين الشيوعيين والرأسماليين"، ولكن هذه الكتب لم تكتب بالطريقة المنهجية التي كتب بها سيد قطب؛ لأنها في الأصل مقالات، تجلي جوانب مهمة في هذا الجانب الاجتماعي والاقتصادي في الإسلام.

ولا شك أن الشهيد سيد قطب قد استفاد من كتب الغزالي، وإن لم ينقل منها بالحرف، وإنما اقتبس كثيرا من الأفكار. ولهذا جعل من مصادره في الطبعة الأولى للكتاب: "الإسلام والأوضاع الاقتصادية" و"الإسلام والمناهج الاشتراكية". ثم حُذفا بعد ذلك مع قائمة المصادر كلها.

استقبلت الأوساط الإسلامية كتاب "العدالة" بالحفاوة والترحيب؛ باعتباره أول مولود لسيد قطب في عهده الجديد، واستبشروا بأن التيار الإسلامي قد كسب كاتبا له وزنه الأدبي، وقلمه البليغ؛ فهو يعتبر إضافة لها قيمتها إلى هذا التيار، تعوض الخسارة التي لحقت به بانضمام الشيخ خالد محمد خالد إلى التيار العلماني؛ فكأن عدالة الأقدار عوضت عن خالد بسيد، وعن كتاب "من هنا نبدأ" بكتاب "العدالة الاجتماعية في الإسلام".


وغمرت الإخوان خاصة فرحة بهذا القلم الجديد الذي انضم إلى القافلة الإسلامية، وكأنه كان مكافأة لهم بعد خروجهم من معتقلات الطور و"هايكستب" وسقوط وزارة إبراهيم عبد الهادي قاتلة حسن البنا، وصاحب التاريخ الأسود، والعسكري الأسود!

ولم يكتفِ سيد قطب بهذا الكتاب بل أتبعه بكتب أخرى: "معركة الإسلام والرأسمالية" و"السلام العالمي والإسلام"، ومقالات عدة كتبها في مجلة "الدعوة" التي يصدرها الإخوان، ومجلة "الاشتراكية" التي يصدرها حزب العمل، ومجلة "اللواء" التي يصدرها الحزب الوطني، ولكن هذه المقالات كانت كلها "تحت راية الإسلام". وهي التي جمعت بعد ذلك تحت عنوان "دراسات إسلامية".

ومنها مقال عن "حسن البنا وعبقرية البناء"، نقلت خلاصته في كتابي "الإخوان المسلمون: سبعون عاما في الدعوة والتربية والجهاد".

وفي هذه الفترة بدأ يكتب تفسيره الشهير الذي لم يسمه تفسيرا، ولكنه رضي أن يسميه "في ظلال القرآن" وصدق في تسميته، فلم يكن في طبعته الأولى يحمل الطابع الرسمي للتفسير، ولكنها وقفات عقل متدبر، وقلب حي، ووجدان مرهف أمام القرآن، يلتمس عظاته، ويجلي إعجازه، ويبين حقائقه، وينبه على مقاصده، وإن تغير ذلك في الأجزاء الأخيرة، وفي الطبعة الثانية للأجزاء الأولى، فقد بدأ يهتم بالجانب التفسيري، حتى أحسب أنه أفرغ خلاصة تفسير ابن كثير في "ظلاله".

وفي هذه الفترة بدأ سيد قطب يقترب من الإخوان، ويرى بعينيه نشاطهم والتزامهم، وما بينهم من رباط وثيق، وإخاء عميق، وما يتميز به كثير منهم من وعي دقيق، وشعور رقيق، وكان المرشد العام الأستاذ حسن الهضيبي يصطحبه معه في رحلاته، ليرى بعينيه، ويسمع بأذنيه، ويحكم بعد ذلك بعقله، ويختار لنفسه.

وقد اختار بملء إرادته الانضمام إلى دعوة الإخوان، ولا سيما بعد أن خاب ظنه في رجال الثورة، الذين علق عليهم في أول الأمر آمالا وأحلاما، فتبخرت وضاعت، كما تبخرت أحلام الشاعر العاشق الذي قال:

كأني من ليلى الغداة كقابض على الماء خانته فروج الأصابع

وأحيل القارئ إلى ما ذكرته في الجزء السابق عن سيد قطب وانضمامه إلى الإخوان، وتسلمه رئاسة قسم نشر الدعوة في الجماعة، ورئاسة تحرير مجلتهم، إلى أن دخل معهم في محاكمات محكمة الشعب وحكم عليه بعشر سنوات.

مرحلة الثورة الإسلامية
وهذه مرحلة جديدة تطور إليها فكر سيد قطب، يمكن أن نسميها "مرحلة الثورة الإسلامية"، الثورة على كل "الحكومات الإسلامية"، أو التي تدعي أنها إسلامية، والثورة على كل "المجتمعات الإسلامية" أو التي تدعي أنها إسلامية، فالحقيقة في نظر سيد قطب أن كل المجتمعات القائمة في الأرض أصبحت مجتمعات جاهلية.

تكون هذا الفكر الثوري الرافض لكل من حوله وما حوله، والذي ينضح بتكفير المجتمع، وتكفير الناس عامة؛ لأنهم "أسقطوا حاكمية الله تعالى" ورضوا بغيره حكما، واحتكموا إلى أنظمة بشرية، وقوانين وضعية، وقيم أرضية، واستوردوا الفلسفات والمناهج التربوية والثقافية والإعلامية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإدارية وغيرها من غير المصادر الإسلامية، ومن خارج مجتمعات الإسلام.. فبماذا يوصف هؤلاء إلا بالردة عن دين الإسلام؟!

بل الواقع عنده أنهم لم يدخلوا الإسلام قط حتى يحكم عليهم بالردة، إن دخول الإسلام إنما هو النطق بالشهادتين: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وهم لم يفهموا معنى هذه الشهادة، لم يفهموا أن "لا إله إلا الله" منهج حياة للمسلم، تميزه عن غيره من أصحاب الجاهليات المختلفة، ممن يعتبرهم الناس أهل العلم والحضارة.

أقول: تكون هذا الفكر الثوري الرافض، داخل السجن، وخصوصا بعد أن أعلنت مصر وزعيمها عبدا لناصر، عن ضرورة التحول الاشتراكي، وحتمية الحل الاشتراكي، وصدر "الميثاق" الذي سماه بعضهم "قرآن الثورة"! وبعد الاقتراب المصري السوفيتي، ومصالحة الشيوعيين، ووثوبهم على أجهزة الإعلام والثقافة والأدب والفكر، ومحاولتهم تغيير وجه مصر الإسلامي التاريخي.

هنالك رأى سيد قطب أن الكفر قد كشف اللثام عن نفسه، وأنه لم يعد في حاجة إلى أن يخفيه بأغطية وشعارات لإسكات الجماهير، وتضليل العوام.

هنالك رأى أن يخوض المعركة وحده، راكبا أو راجلا، حاملا سيفه "ولا سيف له غير القلم" لقتال خصومه، وما أكثرهم. سيقاتل الملاحدة الجاحدين، ويقاتل المشركين الوثنيين، ويقاتل أهل الكتاب من اليهود والنصارى، ويقاتل المسلمين أيضا، الذين اغتالتهم الجاهلية، فعاشوا مسلمين بلا إسلام!

وأنا برغم إعجابي بذكاء سيد قطب ونبوغه وتفوقه، وبرغم حبي وتقديري الكبيرين له، وبرغم إيماني بإخلاصه وتجرده فيما وصل إليه من فكر، نتيجة اجتهاد وإعمال فكر -أخالفه في جملة توجهاته الفكرية الجديدة، التي خالف فيها سيد قطب الجديد سيد قطب القديم.. وعارض فيها سيد قطب الثائر الرافض سيد قطب الداعية المسالم، أو سيد قطب صاحب "العدالة" سيد قطب صاحب "المعالم".

ولقد ناقشت المفكر الشهيد في بعض كتبي في بعض أفكاره الأساسية، وإن لامني بعض الإخوة على ذلك، ولكني في الواقع، كتبت ما كتبت وناقشت ما ناقشت، من باب النصيحة في الدين، والإعذار إلى الله، وبيان ما أعتقد أنه الحق، وإلا كنت ممن كتم العلم، أو جامل في الحق، أو داهن في الدين، أو آثر رضا الأشخاص على رضا الله تبارك وتعالى.

ونحن نؤمن بأنه لا عصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل أحد غيره يؤخذ من كلامه ويرد عليه، وأن ليس في العلم كبير، وأن خطأ العالم لا ينقص من قدره، إذا توافرت النية الصالحة، والاجتهاد من أهله، وأن المجتهد المخطئ معذور، بل مأجور أجرا واحدا، كما في الحديث الشريف، سواء كان خطؤه في المسائل العلمية أو العملية، الأصولية أم الفروعية، كما حقق ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم وغيرهما.

وأخطر ما تحتويه التوجهات الجديدة في هذه المرحلة لسيد قطب، هو ركونه إلى فكرة "التكفير" والتوسع فيه، بحيث يفهم قارئه من ظاهر كلامه في مواضع كثيرة ومتفرقة من "الظلال" ومما أفرغه في كتابه "معالم في الطريق" أن المجتمعات كلها قد أصبحت "جاهلية". وهو لا يقصد بـ "الجاهلية" جاهلية العمل والسلوك فقط، بل "جاهلية العقيدة" إنها الشرك والكفر بالله، حيث لم ترضَ بحاكميته تعالى، وأشركت معه آلهة أخرى، استوردت من عندهم الأنظمة والقوانين، والقيم والموازين، والأفكار والمفاهيم، واستبدلوا بها شريعة الله، وأحكام كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وعلى هذا، ليس الناس في حاجة إلى أن نعرض عليهم نظام الإسلام الاجتماعي، أو الاقتصادي، أو السياسي، أو القانوني، ونحو ذلك؛ لأن هذه الأنظمة إنما ينتفع بها المؤمنون بها، وبأنها من عند الله. أما من لا يؤمن بها، فيجب أن نعرض عليه "العقيدة أولا" حتى يؤمن بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، وبالشريعة حاكمة.

وهذا ما أشار إليه في كتابه "المعالم" وفصله في كتاب "الإسلام ومشكلات الحضارة". وشبه مجتمعاتنا اليوم بمجتمع مكة في عهد الرسالة، وأن الرسول لم يعرض عليه النظام والتشريع، بل عرض عليه العقيدة والتوحيد.

كما رأى عليه رحمة الله أن لا معنى لما يحاوله المحاولون من علماء العصر لما سموه "تطوير" الفقه الإسلامي أو "تجديده" أو "إحياء الاجتهاد" فيه؛ إذ لا فائدة من ذلك كله ما دام المجتمع المسلم غائبا، يجب أن يقوم المجتمع المسلم أولا، ثم نجتهد له في حل مشكلاته في ضوء واقعنا الإسلامي.

وقد ناقشت أفكاره عن "الاجتهاد" وعدم حاجتنا إليه قبل أن يقوم المجتمع الإسلامي، في كتابي "الاجتهاد في الشريعة الإسلامية" وبينت بالأدلة خطأ فكرته هذه.

وكما ناقشت الشهيد سيد قطب في رأيه حول قضية "الاجتهاد" ناقشته في رأيه في "الجهاد" وقد تبنى أضيق الآراء وأشدها في الفقه الإسلامي، مخالفا اتجاه كبار الفقهاء والدعاة المعاصرين، داعيا إلى أن على المسلمين أن يعدوا أنفسهم لقتال العالم كله، حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون!

وحجته في ذلك آيات سورة التوبة، وما سماه بعضهم "آية السيف" ولم يبال بمخالفة آيات كثيرة تدعو إلى السلم، وقصر القتال على من يقاتلنا، وكف أيدينا عمن اعتزلنا ولم يقاتلنا، ومد يده لمسالمتنا، ودعوتنا إلى البر والقسط مع المخالفين لنا إذا سالمونا، فلم يقاتلونا في الدين، ولم يخرجونا من ديارنا، ولم يظاهروا على إخراجنا.

هذا ما تدل عليه الآيات الكثيرة من كتاب الله مثل قوله تعالى: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ" [البقرة: 191،190]. "فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً" [النساء: 90].

" فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا" [النساء: 91]. " وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ" [الأنفال: 61]. " لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [الممتحنة: 8].

والأستاذ سيد رحمه الله يتخلص من هذه الآيات وأمثالها بكلمة في غاية السهولة أن هذه كان معمولا بها في مرحلة، ثم توقف العمل بها، والعبرة بالموقف الأخير، وهو ما يعبر عنه الأقدمون بالنسخ، وقولهم في هذه الآيات: نسختها آية السيف.

ولا أدري كيف هان على سيد قطب -وهو رجل القرآن الذي عاش في ظلاله سنين عددا يتأمله ويتدبره ويفسره- أن يعطل هذه الآيات الكريمة كلها، وأكثر منها في القرآن، بآية زعموها آية السيف؟ وما معنى بقائها في القرآن إذا بقي لفظها وألغي معناها، وبطل مفعولها وحكمها؟!

ويقول الشهيد رحمه الله: إننا لا نفرض على الناس عقيدتنا، إذ لا إكراه في الدين، وإنما نفرض عليهم نظامنا وشريعتنا، ليعيشوا في ظله، وينعموا بعدله.

ولكن بماذا نجيب الناس إذا قالوا لنا: إننا أحرار في اختيار النظام الذي نرضاه لأنفسنا، فلماذا تفرضون علينا نظامكم بالقوة؟ إن كل شيء يجرعه الإنسان تجريعا رغم أنفه يكرهه وينفر منه، ولو كان هو السكر المذاب، أو العسل المصفى!.

وما الحكم إذا كنا نحن -اليهود أو النصارى أو الوثنيين- أصحاب القوة والمنعة، وأنتم الضعفاء في العدة أو الأقلون في العدد؟ هل تقبلون أن نفرض عليكم نظامنا ومنهج حياتنا؟ كما هو شأن أمريكا اليوم، وتطلعاتها للهيمنة على العالم؟.

ومما ننكره على الأستاذ سيد رحمه الله أنه يتهم معارضيه من علماء العصر بأمرين:

الأول: السذاجة والغفلة والبله، ونحو ذلك مما يتصل بالقصور في الجانب العقلي والمعرفي.

والثاني: الوهن والضعف النفسي، والهزيمة النفسية أمام ضغط الواقع الغربي المعاصر، وتأثير الاستشراق الماكر مما يتعلق بالجانب النفسي والخلقي.

والذين يتهمهم بذلك هم أعلام الأمة في العلم والفقه والدعوة والفكر، ابتداء من الشيخ محمد عبده، مرورا بالشيخ رشيد رضا، والشيخ جمال الدين القاسمي، والشيخ محمد مصطفى المراغي، والمشايخ: محمود شلتوت، ومحمد عبد الله دراز، وأحمد إبراهيم، وعبد الوهاب خلاف، وعلي الخفيف، ومحمد أبو زهرة، ومحمد يوسف موسى، ومحمد المدني، ومحمد مصطفى شلبي، ومحمد البهي، وحسن البنا، ومصطفى السباعي، ومصطفى الزرقا، ومحمد المبارك، وعلي الطنطاوي، ومعروف الدواليبي، والبهي الخولي، ومحمد الغزالي، وسيد سابق، وعلال الفاسي، وعبد الله بن زيد المحمود، ومحمد فتحي عثمان، وغيرهم من شيوخ العلم الديني.

هذا فضلا عن الكتاب والمفكرين "المدنيين" الذين لا يحسبون على العلوم الشرعية، من أمثال: د. محمد حسين هيكل، وعباس العقاد، ومحمد فريد وجدي، وأحمد أمين، ومحمود شيت خطاب، وعبد الرحمن عزام، وجمال الدين محفوظ، ومحمد فرج، وغيرهم وغيرهم في بلاد العرب والمسلمين.


على أية حال، كانت هذه هي الأفكار المحورية في هذه المرحلة من حياة سيد قطب، وفيها عدل من أفكاره واتجاهه تعديلا جذريا، وأصبح ما كتبه قديما في "العدالة الاجتماعية" وغيرها، يمثل مرحلة من حياته، ولا يمثل الخط الأخير الذي يتبناه ويدعو إليه، ويدافع عنه.

وقد حدثني الأخ د. محمد المهدي البدري أن أحد الإخوة المقربين من سيد قطب -وكان معه معتقلا في محنة 1965م- أخبره أن الأستاذ سيد قطب عليه رحمة الله، قال له: إن الذي يمثل فكري هو كتبي الأخيرة: المعالم، والأجزاء الأخيرة من الظلال، والطبعة الثانية من الأجزاء الأولى، وخصائص التصور الإسلامي ومقوماته، والإسلام ومشكلات الحضارة، ونحوها مما صدر له وهو في السجن، أما كتبه القديمة فهو لا يتبناها، فهي تمثل تاريخا لا أكثر.

فقال له هذا الأخ من تلاميذه: إذن أنت كالشافعي لك مذهبان: قديم وجديد، والذي تتمسك به هو الجديد لا القديم من مذهبك.

قال سيد رحمه الله: نعم، غيرت كما غير الشافعي رضي الله عنه. ولكن الشافعي غير في الفروع، وأنا غيرت في الأصول!.

فالرجل يعرف مدى التغيير الذي حدث في فكره. فهو تغيير أصولي أو "إستراتيجي" كما يقولون اليوم.


وهو على كل حال مخلص في توجهه، مأجور في اجتهاده، أصاب أم أخطأ، ما دام الإسلام مرجعه، والإسلام منطلقه، والإسلام هدفه. وأشهد أن الرجل في المرحلة الأخيرة من حياته، كان كله للإسلام، عاش للإسلام، ومات في سبيل الإسلام! فرضي الله عنه وأرضاه، وجعل الفردوس مثواه، وغفر له ما نحسب أنه أخطأ فيه، وأجره عليه أجر المجتهدين الصادقين. وغفر لنا معه أجمعين " رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ" [الحشر: 10].

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 29-04-2006, 11:35 AM   #3
 
إحصائية العضو







أبو عبيد غير متصل

أبو عبيد will become famous soon enough


افتراضي رد: موقف الازهر من سيد قطب(عفا الله عنه)

وهذا رأي آخر من موقع إسلام أون لاين:


هل يعتبر سيد قطب رحمه الله من دعاة التكفير؟؟

بسم الله الرحمن الرحيم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كم أحببت الأستاذ سيد قطب وكتاباته، وكم كانت فرحتي عظيمة إذ وجدت أحد مستشاريكم الأفاضل ذات يومٍ يدافع عن الأستاذ سيد قائلا: "من وجهة نظري الخاصَّة، وبعد اطِّلاعي على كتابات الأستاذ "سيِّد" سواءً الإسلاميَّة أو الأدبيَّة أو التي سبقت التزامه، وصلت إلى حقيقةٍ أقنعتني واقتنعت بها ولا أُلزِم بها أحدًا، وهي أنَّه رحمه الله تعالى أسيء فهمه، لأنَّ من قال ما قال لم يقرأ لـ"سيِّد"، ولم يعِ أسلوبه وأدواته في الكتابة، ولو أمعن الناقدون له في كتاباته وأسلوبه لفهموا -كما فهمت- أنَّ الأستاذ "سيِّدا" أبعد ما يكون عن القول بوحدة الوجود أو بتكفير المجتمع، وكلُّ كتاباته توحي باعتقادٍ سليمٍ في الله تعالى، وبحبٍّ للناس والمجتمع يفوق الوصف، ولا ينفع معه أن يكون قائل هذه الكلمات مكفِّراً له.
قد يذكر بعض الناس كلماتٍ للأستاذ "سيِّد" توحي بشيءٍ ممَّا يتَّهمونه به، غير أنِّي أطلب منهم أن يتعاملوا مع هذه الكلمات بمنهج الشريعة التي تطالبنا بتجميع النصوص، والتوفيق بينها، واعتبار أنَّ بعضها يفسِّر بعضها الآخر، فالمجمل مفصَّلٌ في مكانٍ آخر، والمبهم مبيَّنٌ في سياقٍ ثان، وهكذا".
ولكني كم صدمت بعدما قرأت ما كتبه الشيخ القرضاوي -وهو من هو في علمه وورعه- في حلقةٍ أخيرة من مذكراته، إذ قال : "وأخطر ما تحتويه التوجهات الجديدة في هذه المرحلة لسيد قطب، هو ركونه إلى فكرة "التكفير" والتوسع فيه، بحيث يفهم قارئه من ظاهر كلامه في مواضع كثيرة ومتفرقة من "الظلال" ومما أفرغه في كتابه "معالم في الطريق" أن المجتمعات كلها قد أصبحت "جاهلية". وهو لا يقصد بـ "الجاهلية" جاهلية العمل والسلوك فقط، بل "جاهلية العقيدة" إنها الشرك والكفر بالله، حيث لم ترضَ بحاكميته تعالى، وأشركت معه آلهةً أخرى، استوردت من عندهم الأنظمة والقوانين، والقيم والموازين، والأفكار والمفاهيم، واستبدلوا بها شريعة الله، وأحكام كتابه، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم" انتهى.
كم كنت أتمنى ألا يكون هذا صحيحًا، ولكن الأمور ليست بالتمني ، والحقُّ حقٌّ رغمًا عني وعن كل أحد.
أنا مرتبكٌ ومتحيرٌ، وأتساءل: "أينبغي عليَّ إذن أن أكون شديد الحذر وأنا أقرأ كتابًا مثل الظلال حتى لا أتأثر بالأفكار التكفيرية الواردة فيه أم ماذا؟ وأين الحقيقة؟"


الإجابة


يقول الدكتور كمال المصري:

أخي الكريم؛

أشكرك جدًّا على طرحك لهذا الموضوع الجيد الذي أرى أنه يحتاج إلى توضيحٍ وإجلاءٍ شديدين.
والواقع هو أنني أنا من كتبت تلكم الكلمات التي نقلتها يا أخي محمود عن الأستاذ "سيد"، وما زلت أراها تتضح أكثر وأكثر ويزداد اقتناعي بها كلما ازددت قراءةً في ما كتب الأستاذ "سيد"، ولذلك سأكتب بعض التعليقات على مقولة تكفير الأستاذ "سيد" للمجتمع هذه، والتي أثارها عديدٌ من الناس بعضهم بحسن نية وبعضٌ آخر بسوء نية، ولكنني قبل أن أضع هذه التعليقات يجب أن أقرر بوضوحٍ شديدٍ ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: أن الأستاذ "سيدًا" لا يعدو عن كونه بشرًا يصيب ويخطئ، ويُؤخَذ من كلامه ويُردُّ، وأنه لا معصوم إلا الحبيب صلى الله عليه وسلم، لذا ليس يعيبه أن يخطئ، بل يكفي المرء شرفًا أن تُعَد معايبه لقلتها وندرتها. لذا عندما أضع تعليقاتي على مقولة التكفير هذه أنا لا أدافع عن الأستاذ "سيدٍ" لمجرد أنه لا يخطئ، بل لأنني أرى أنه لم يقل بهذا الرأي ولم يكن يعنيه بحال حتى عند حديثه عن الجاهلية والردة وغير ذلك، وهذا لا يعني أنه لا يخطئ، بل أرى أنه رحمه الله تعالى جانبه الصواب في مسائل أخرى كمسألة التجديد، وفهمه لمعنى الجهاد، وغير ذلك، وهي مسائل فقهية مرتبطة بالواقع الذي يعيش فيه المرء، والخلاف حولها قديمٌ بين العلماء.
كما أن ما سأستدل به لا يعفي من فهم من كتاباته التكفير من المسئولية عليه هو شخصيًّا لا على من قال كلامًا قد يُفهَم منه ذلك.


المسألة الثانية: أن نعرف ونفهم وندرك بوضوحٍ وجلاءٍ أن الأستاذ "سيدًا" رحمه الله تعالى "أديبٌ" وليس "بفقيهٍ ولا أصوليٍّ"، وما هو مطلوبٌ من "الأديب" ليس هو ذاته المطلوب من "الفقيه أو الأصوليّ"، وحين يكتب "الأديب" لا يكون محدَّدًا ودقيقًا وجازمًا في كلامه، ولا مطلوبٌ منه ذلك، بينما حينما يكتب "الفقيه أو الأصوليُّ" فلا مجال للبس في ما يكتب أو يستدل، بل يجب أن يكون واضحًا دقيقًا ومحدَّدًا، حتى لا يلتبس الفهم على أحد. إننا إن فهمنا هذه الخلفية واستوعبناها جيِّدًا ندرك أن ما كتبه الأستاذ "سيد" كان كتابة أديبٍ يحمل في طيات كلماته المجاز والبلاغة وجمال العبارة وعدم المباشرة حتى وهو يكتب في "ظلال" القرآن الكريم وآياته، وحتى وهو يتطرق لمفاهيم ومصطلحات إسلامية.
وإن فهمنا هذه الخلفية واستوعبناها جيِّدًا كذلك نعرف أن نظرتنا لكتاباته على أنها آراء وأقوال صدرت من فقيهٍ أو أصوليٍّ، وتحميل هذه الأقوال بما تعارف عليه الفقهاء والأصوليون من محدداتٍ واصطلاحات كان خطأً كبيرًا أدى بنا إلى هذا الفهم الذي ما كان ليصلنا لو تعاملنا مع كتاباته تعاملاً سليمًا من البداية.


المسألة الثالثة: أن قضية اختلاف الرأي، ووجود الرأي والرأي الآخر، مسألةٌ أصيلةٌ علينا أن نقبلها ونتقبلها بصدرٍ رحبٍ، فليس معنى دفاعي عن وجهة نظري في كتابات الأستاذ "سيد"، ليس معنى هذا تجريحي أو طعني أو اتهامي لمن خالفني الرأي، وإنما هو وجهات نظرٍ، واختلافٌ في الرأي، من حقِّ كلِّ أحدٍ أن يرى ويكتب ما يقتنع به، مع حفظ الودِّ والاحترام بين جميع الأطراف، مع التأكيد على عدم رفض كلِّ ما يأتي من هذا الطرف أو ذاك لمجرد أنه من فلانٍ الذي خالفته في مسألةٍ ما، ويبقى لكلٍّ فضله ومكانته ومنزلته.
إن مساحة سعة الصدر عند الاختلاف يجب أن تتأكد وتتضح، ويبقى الودُّ هو الأصل والأساس.


وجب التنويه إلى هذه المسائل الثلاث كي تتوضح الرؤى، وحتى لا يساء فهم ما أكتب، أو يساء استخدامه.


أما تعليقاتي على مقولة تكفير الأستاذ "سيد" للمجتمع، فأرى أنها خاطئة نتجت عن سوء فهمٍ لما كتب، وعن عدم إدراك "أدبيته" لا "فقهيته"، وعن اجتزائها من سياق كتابات الأستاذ "سيد"، وعدم ربطها بأفعاله، فهو لم يكن يومًا مكفِّرًا للمجتمع بالصورة التي فهمها من فهمها هكذا، ودلائلي على ذلك متعددة ومتنوعة المشارب، وهي:
1- "الظلال" و"المعالم" بين "القارئين" و"المكفِّرين":
لقد قرأ "الظلال" و"المعالم" الملايين، ولكن كم منهم فهم منهج التكفير من هذه الكتب وتبنى هذا المنهج؟؟
"القطبيون" المكفِّرون الذين ظهروا متأثرين بهذا الفكر ظهروا نتيجةً لظروف التعذيب والإذلال التي رأوها في السجون، فوجدت أفهامهم في كلمات الأستاذ "سيد" ملاذًا لهم وحجةً لتعويض إحساسهم بالقهر الذين يرونه ليل نهار، وأفهامهم هذه كانت ستصل إلى نفس النقطة حتى ولم تكن كتابات الأستاذ "سيد" موجودة، لأنهم يريدون هذا، فليست المشكلة في كتابات الأستاذ "سيد"، وإنما المشكلة في الظروف التي أوصلتهم لما وصلوا إليه، ولو لم يجدوا كتابات الأستاذ "سيد" لبحثوا لهم عن كتابات وحججٍ أخرى.
أعود لتساؤلي السابق: لقد قرأ العالَمون "الظلال" و"المعالم"، فلِمَ لم يظهر منهج التكفير إلا من هذه الفئة القليلة؟؟؟
إن المشكلة في الظروف المحيطة وفي أفهام هؤلاء، وليست في ما كتب الأستاذ "سيد".


2- المكفِّرون وعدم اعتماده عندهم كمرجع:
بالمشاهدة والقراءة والمعرفة، تأكد لي أن الكيانات "التكفيرية" التي قامت في أوساط المسلمين لم يقم أيٌّ منها بالاستشهاد أو الاستدلال بكتابات الأستاذ "سيد"، بل إن عددًا من هذه الكيانات قد كفَّرته وأخرجته من ملة الإسلام، ولو كانت كلماته تعطيهم الحجة لما وصلت إليه أفهامهم من تكفير المسلمين، لما كانوا تراجعوا لحظةً عن الاستدلال والاستشهاد بها بدل تكفيره.
وحتى ادعاء عديدٌ من الكتَّاب أن شكري مصطفى قائد جماعة "التكفير والهجرة" -أو "جماعة المسلمين" كما كانت تسمي نفسها- كان منبع فهمه وفهم جماعته كتابات الأستاذ "سيد"، حتى هذا الادعاء هو ادعاءٌ باطلٌ، ولا أدلَّ على ذلك من نقلي لهذه الكلمات التي وردت في كتابٍ طرحته الجماعة الإسلامية في مصر ضمن إصداراتها لعام 1997م، تردُّ فيه على الشيخ الألباني وتؤكد فيه ما أقول، وهذا نصٌّ من هذا الكتاب:
"ثالثًا: وبعد بيان خطأ الكاتب فيما نسبه للجماعة الإسلامية، نحب أن نؤكد له ولغيره أن الجماعة الإسلامية تقدر الأستاذ سيد قطب رحمه الله أعظم التقدير، وله في قلوب أبنائها مكانة خاصة، بيد أن الجماعة لم تنسب منهجها إلى الظلال أو المعالم ولم تقل إنها أخذت فكرها منهما وإن كانت كثيراً ما تستشهد بأقواله رحمه الله باعتباره واحداً من دعاة الإسلام ورجاله المعدودين في هذا العصر .
إننا نؤكد أن الجماعة الإسلامية لم تكن يومًا من هؤلاء الذين نسبوا إلى الأستاذ سيد رحمه الله ما لم يقله وادعوا زورًا أنه في المعالم أو الظلال .
رابعًا: وإن الإنصاف ليقتضي هنا أن أبريء ساحة الجماعة التي تسمي نفسها جماعة المسلمين من جزء مما نسبه إليها الكاتب، فإنه وإن كان شكري قد قال بكثير مما نسبه الكاتب إليه إلا أن المعروف أن شكري لم ينسب ذلك إلى الأستاذ سيد رحمه الله، وقد قرأ كاتب هذه السطور بعضًا من مخطوطات شكري -غفر الله له- وقابل الكثيرين من أتباعه وناقشهم، ويمكنني من خلال ذلك كله أن أقول إن شكري لم يكن يعتد بأقوال أحد من العلماء المتقدمين ولا المتأخرين، وكان يرى الحجة في القرآن والسنة وحدهما، وكان يرى أن معجمًا لغويًّا يكفي لفهم القرآن والسنة مع الاستعانة بأدلة الفطرة أو الأدلة العقلية، وما سيد قطب عند شكري إلا كغيره من الناس لا يعتد به ولا ينسب فهمه إليه، وقد يكون تأثر به في بداية سجنه، ولكن الحديث هنا ليس عن روافد شكري الفكرية، وإنما هو عن الأسس التي أقام عليها جماعته" انتهى من كتاب "وقفات مع الشيخ الألباني حول شريط (من منهج الخوارج)"- الطبعة الأولى- 1418هـ1997م– من إصدارات الجماعة الإسلامية بمصر.


ومع تذكيري بما أشار إليه هذا الكتاب من عدم اعتماد الجماعة الإسلامية أو شكري مصطفى كتابات الأستاذ "سيد" كمستندٍ لاعتقاداتهم، إلا أنني أحب التأكيد على عبارةٍ مهمةٍ وردت في هذا الكتاب، وهي قولهم: "إننا نؤكد أن الجماعة الإسلامية لم تكن يومًا من هؤلاء الذين نسبوا إلى الأستاذ سيد رحمه الله ما لم يقله وادعوا زورًا أنه في المعالم أو الظلال" فهنا نجد أن الجماعة الإسلامية نفسها وصفت من ادعى أن الأستاذ "سيدًا" كان يقول بتكفير المسلمين، وصفت ذلك بأنه زورٌ لم يقله الأستاذ "سيد"، ولم تحمل كتبه هذا الفهم، وأظن أن هذا من أهم وأدق الأدلة على ما نقول.


3- مقتطفات من "الظلال":
سأنقل هنا بعض مقتطفاتٍ من "في ظلال القرآن"، وهي على صنفين:
الأول: نقولات استدل بها القائلون بتكفيره للناس، وسأضعها في سياقها لإدراك معنى هذه الكتابات في سياقها وليس عبر اجتزائها.
الثاني: نقولات توضح نظرته للناس وللمجتمع، لتوضيح نظرته للناس، وضرورة الجمع بين مقولاته لفهم أفكاره وآرائه.

نقولات النوع الأول:
- "إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولةٌ مسلمةٌ ولا مجتمعٌ مسلمٌ قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي" (ظلال مقدمة سورة الحجر).
فنفيه الإسلام عن الدولة والمجتمع لم يكن نفيًا مطلقًا أو عامًّا، وإنما كان يتحدث عن معنى مقيَّدٍ واضحٍ هو عدم وجود دولةٍ أو مجتمعٍ يعتمد الشريعة كاملةً كمنهج حياةٍ والفقه الإسلاميَّ كمبدأ تحاكمٍ وقضاء.


- "إن هذا الكون بجملته لا يستقيم أمره ولا يصلح حاله، إلا أن يكون هناك إلهٌ واحدٌ، يدبِّر أمره و(لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا).. وأظهر خصائص الألوهية بالقياس إلى البشرية تعبّد العبيد، والتشريع لهم في حياتهم، وإقامة الموازين لهم، فمن ادعى لنفسه شيئًا من هذا فقد ادعى لنفسه أظهر خصائص الألوهية، وأقام نفسه للناس إلهًا من دون الله.
وما يقع الفساد في الأرض كما يقع عندما تتعدد الآلهة في الأرض على هذا النحو، عندما يتعبد الناس الناس، عندما يدعي عبدٌ من العبيد أن له على الناس حق الطاعة لذاته، وأن له فيهم حق التشريع لذاته، وأن له كذلك حق إقامة القيم والموازين لذاته، فهذا هو ادعاء الألوهية ولو لم يقل كما قال فرعون: (أنا ربكم الأعلى)" (سورة آل عمران- ظلال الآيات 58- 64).
فحديثه هنا واضحٌ في مسألة اتخاذ الأرباب من دون الله تعالى، والتأله، والقيام بحق التشريع للبشرية، وهذه كلها لله تعالى وحده، وكلامه كله هنا عن هذا الذي قام بتعبيد الناس له، ولم يتحدث حرفًا واحدًا عن الناس الذين استعبدوا، ولم يتطرق لتكفيرهم.


نقولات النوع الثاني:
- "وقد بهتت صورة الزكاة في حسنا وحس الأجيال التعيسة من الأمة الإسلامية التي لم تشهد نظام الإسلام مطبقا في عالم الواقع؛ ولم تشهد هذا النظام يقوم على أساس التصور الإيماني والتربية الإيمانية والأخلاق الإيمانية فيصوغ النفس البشرية صياغة خاصة ثم يقيم لها النظام الذي تتنفس فيه تصوراتها الصحيحة وأخلاقها النظيفة وفضائلها العالية ويجعل الزكاة قاعدة هذا النظام في مقابل نظام الجاهلية الذي يقوم على القاعدة الربوية، ويجعل الحياة تنمو والاقتصاد يرتقي عن طريق الجهد الفردي أو التعاون البريء من الربا".
ثم يقول: "إن الله سبحانه يعد الذين يقيمون حياتهم على الإيمان والصلاح والعبادة والتعاون أن يحتفظ لهم بأجرهم عنده، ويعدهم بالأمن فلا يخافون، وبالسعادة فلا يحزنون، لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون، في الوقت الذي يوعد أكلة الربا والمجتمع الربوي بالمحق والسحق وبالتخبط والضلال وبالقلق والخوف.
وشهدت البشرية ذلك واقعًا في المجتمع المسلم؛ وتشهد اليوم هذا واقعًا كذلك في المجتمع الربوي، ولو كنا نملك أن نمسك بكل قلب غافلٍ فنهزه هزًّا عنيفا حتى يستيقظ لهذه الحقيقة الماثلة، ونمسك بكل عينٍ مغمضة فنفتح جفنيها على هذا الواقع، لو كنا نملك لفعلنا، ولكننا لا نملك إلا أن نشير إلى هذه الحقيقة، لعل الله أن يهدي البشرية المنكودة الطالع إليها والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن والهدى هدى الله" (سورة البقرة- ظلال الآية 177).


فالأستاذ "سيد" وصف الأمة اليوم بالأمة الإسلامية رغم أنه يراها أمةً تعيسة، غير أنه لم ينفِ عنها إسلامها، ثم ذكر بعد ذلك حرصه وحرقة قلبه وروحه على إيقاظها من غفلتها، ولو كان برى فيها كفرًا أكان يحترق قلبه عليها؟؟

- "وكانوا يدركون -أي العرب قبل الإسلام- أن الإسلام والإسلام وحده هو الذي جعل لهم رسالة يقدمونها للعالم، ونظرية للحياة البشرية، ومذهبًا مميزًا للحياة الإنسانية، والأمة لا توجد في الحقل الإنساني الكبير إلا برسالة ونظرية ومذهب تقدمه للبشرية لتدفع بالبشرية إلى الإمام، وقد كان الإسلام وتصوره للوجود ورأيه في الحياة وشريعته للمجتمع وتنظيمه للحياة البشرية ومنهجه المثالي الواقعي الإيجابي لإقامة نظام يسعد في ظله الإنسان، كان الإسلام بخصائصه هذه هو بطاقة الشخصية التي تقدم بها العرب للعالم فعرفهم واحترمهم وسلمهم القيادة، وهم اليوم وغدا لا يحملون إلا هذه البطاقة ليست لهم رسالة غيرها يتعرفون بها إلى العالم وهم إما أن يحملوها فتعرفهم البشرية وتكرمهم ; وإما أن ينبذوها فيعودوا هملا كما كانوا لا يعرفهم أحد ولا يعترف بهم أحد"
ثم قال: "إن الأرض تعج بالفلسفات والمذاهب والمناهج الأرضية وتشقى بها جميعا غاية الشقاء، ماذا إذن يقدمون للبشرية لتعرفهم به وتعترف لهم بالسبق والتفوق والامتياز؟ لا شيء إلا هذه الرسالة الكبيرة، لا شيء إلا هذا المنهج الفريد، لا شيء إلا هذه المنة التي اختارهم الله لها وأكرمهم بها وأنقذ بها البشرية كلها على أيديهم ذات يوم، والبشرية اليوم أحوج ما تكون إليها وهي تتردى في هاوية الشقاء والحيرة والقلق والإفلاس، إنها وحدها بطاقة الشخصية التي تقدموا بها قديما للبشرية فأحنت لها هامتها، والتي يمكن أن يقدموها لها اليوم فيكون فيها الخلاص والإنقاذ.
إن لكل أمة من الأمم الكبيرة رسالة، وأكبر أمة هي التي تحمل أكبر رسالة، وهي التي تقدم أكبر منهج، وهي التي تتفرد في الأرض بأرفع مذهب للحياة، والعرب يملكون هذه الرسالة وهم فيها أصلاء، وغيرهم من الشعوب هم شركاء فأي شيطان يا ترى يصرفهم عن هذا الرصيد الضخم؟ أي شيطان؟ لقد كانت المنة الإلهية على هذه الأمة بهذا الرسول وبهذه الرسالة عظيمة عظيمة، وما يمكن أن يصرفها عن هذه المنة إلا شيطان وهي مكلفة من ربها بمطاردة الشيطان" (سورة آل عمران- ظلال الآيات 159- 164).

فلو كان الأستاذ "سيد" يرى تكفير الأمة، أكان يجعلها مكلفةً من ربها بمطاردة الشيطان؟؟ أيكلف الله تعالى الكفار بمطاردة الشيطان؟؟؟!!!

هذا ما عنيته بالجمع بين كتاباته، فما وجدته يحمل معنى في مكان ستجد تفسير هذا المعنى في مكان آخر، فتحمل هذا على ذاك، وتفهم النصوص في سياقاتها الطبيعية.


4- مقتطفات من "أفراح الروح":
هذا الكتاب عبارة عن رسالة أرسلها الأستاذ "سيد" لأخته، ونشرت هذه الرسالة في كتابٍ عُنوِن بـ"أفراح الروح"، وهو رغم صغره وعدم شهرته إلا أنه يحمل في طياته فكرًا محبًّا للعالم والناس، يجعل من الصعوبة بمكانٍ أن يكون كاتب هذه الكلمات مكفِّرًا للناس والمجتمعات.
وهذه نبذة مما احتوته هذه الرسالة:
- "إننا نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة‘ حينما نعيش للآخرين، وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين، نضاعف إحساسنا بحياتنا، ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية!".
- "عندما نلمس الجانب الطيب في نفوس الناس، نجد أن هناك خيرا كثيرا قد لا تراه العيون أول وهلة!…
لقد جربت ذلك. جربته مع الكثيرين… حتى الذين يبدو في أول الأمر أنهم شريرون أو فقراء الشعور".
- "كم نمنح أنفسنا من الطمأنينة والراحة والسعادة، حين نمنح الآخرين عطفنا وحبنا وثقتنا، يوم تنمو في نفوسنا بذرة الحب والعطف والخير!".
- "حين نعتزل الناس لأننا نحس أننا أطهر منهم روحا، أو أطيب منهم قلبا، أو أرحب منهم نفسا، أو أذكى منهم عقلا، لا نكون قد صنعنا شيئا كبيرا… لقد اخترنا لأنفسنا أيسر السبيل وأقلها مؤونة!.
إن العظمة الحقيقية: أن نخالط هؤلاء الناس مشبعين بروح السماحة والعطف على ضعفهم ونقصهم وخطئهم وروح الرغبة الحقيقية في تطهيرهم وتثقيفهم ورفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع!".
- "بالتجربة عرفت أنه لا شيء في هذه الحياة يعدل ذلك الفرح الروحي الشفيف الذي نجده عندما نستطيع أن ندخل العزاء أو الرضا، الثقة أو الأمل أو الفرح إلى نفوس الآخرين!.
إنها لذة سماوية عجيبة ليست في شيء من هذه الأرض، إنها تجاوب العنصر السماوي الخالص في طبيعتنا، إنها لا تطلب لها جزاءً خارجيا، لأن جزاءها كاملا فيها!".


5- لماذا أعدموني؟
هذا الكتاب هو عبارة عن تجميعٍ لإفادات الأستاذ "سيد" عند التحقيق معه قبل الحكم لإعدامه، وهو من الأهمية بمكانٍ لأنه يُعتبَر آخر ما وصل إليه الأستاذ "سيد" من مفاهيم وآراء، وفي هذا الكتاب كلامٌ كثيرٌ عن منهجية التغيير عند سيد، وكيف رد مجموعة من الانقلابيين عن فكرهم الانقلابي.
وهذان نصَّان أنقلهما من هذا الكتاب:
- "ولابد إذن أن تبدأ الحركات الإسلامية من القاعدة: وهي إحياء مدلول العقيدة الإسلامية في القلوب والعقول، وتربية من يقبل هذه الدعوة وهذه المفهومات الصحيحة، تربية إسلامية صحيحة، وعدم إضاعة الوقت في الأحداث السياسية الجارية، وعدم محاولات فرض النظام الإسلامي عن طريق الاستيلاء على الحكم قبل أن تكون القاعدة المسلمة في المجتمعات هي التي تطلب النظام الإسلامي لأنها عرفته على حقيقته وتريد أن تحكم به". فلو كان يرى كفر المجتمع لما كانت لديه مشكلة في أن تتم عملية التغيير بأي شكلٍّ وبأي خسائرٍّ من هؤلاء "الكفار" من أفراد المجتمع.


- "ويجب أن أقرر أن الإسلام شيءٌ أكبر من هذا كله.. إنه نظام حياة كاملة، وإنه لا يقوم إلا بتربية وتكوين للأفراد، وإلا بتحكيم شريعة الله في حياة الناس بعد تربيتهم تربية إسلامية، وإنه ليس مجرد أفكارٍ تُنشَر أو تذاع بدون الأخذ في تطبيقها عمليًّا في التربية أولاً، وفي نظام الحياة والحكم أخيراً". فالمقصود هنا هو أن الإسلام نظام شامل وليس مجرد صلاة وصيام وحج، وما من مسلم بله أن يكون عالمًا إلا ويقول بذلك، وكل حديث الأستاذ "سيد" كان عن ضرورة أخذ الإسلام كله، وهذه هي عبارة النص عنده "كما يقول الأصوليون في طرق دلالة النصوص"، ولم يكن معنيًّا هنا الحديث عن تكفير الناس، وإنما فَهِمه الناس ضمنًا عبر مفهوم المخالفة، وهو فهمٌ لا يستقيم حين نبحث عن دلالة نصه وعن مقصده من ورائه.
أما من فهم ما فهم فهذا يرجع له ويُحمَل عليه، وليس على قائل الكلام، وقد أشرت سابقًا أن من فهم هذا الفهم إنما فهمه لظروف الحالة التي كان عليها، والتعذيب الذي كان يعيشه ليل نهار، فاتجه فكره لتكفير هؤلاء الظلمة المعذِّبين وللمجتمع الساكت عليهم، ويبقى فهمهم هذا لهم أو عليهم، ولا يحمَّل على قائله بحال.


6- نقولات من أقوال العلماء والشيوخ:
- الدكتور يوسف القرضاوي:
"الأستاذ سيد رحمه الله قال بجاهلية المجتمعات، ويعني بالمجتمعات الأنظمة الحاكمة التي لا تلتزم بشريعة الإسلام، وعدم الالتزام بشريعة الإسلام يمكن أن يفسر بترك الاحتكام أو بترك الالتزام، ترك الالتزام يعني الرفض، وهذا لا يُشكُّ في كفر من فعل هذا، ولذلك العلمانية الصريحة التي تقبل الإسلام عقيدةً وترفضه شريعةً هذا لا يُشكُّ في كفر من فعل ذلك وهذا الذي ينطبق عليه: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) فينطبق على من رفض الشريعة أساسًا" حلقة من برنامج "الشريعة والحياة" بتاريخ 21/1/2001.
فالشيخ القرضاوي هنا نفى تهمة تكفير المجتمع عن الأستاذ "سيد"، وذكر أن تكفيره كان للأنظمة الحاكمة، ثم أيَّد هذا التكفير بشكلٍ من الأشكال، ولا يعنينا هنا الحديث عن تكفير الحكام سواءً رفضنا هذا الرأي أو قبلناه، وإنما يعنينا محل الخلاف في المسألة وهو "تكفير المجتمع والناس".
وتأكيدًا لهذا المعنى، ولخوف الشيخ القرضاوي من أن يخطئ الناس الفهم، -لاحظوا أن يخطئ الناسُ الفهم لا أن يقول الأستاذ "سيد" بالتكفير- لخوف الشيخ القرضاوي حذر في نفس الحلقة من قراءة كتب الأستاذ "سيد" إلا للشباب المتمكنين الراسخين، فقال: "أنا لا أنصح إلا الشاب المتمكن الراسخ الذي يستطيع أن يقرأ لأي كاتب ولكنه لا يكون أسيرًا له، أنا أنصح الشباب إذا قرؤوا كتابًا لمؤلفٍ ما مهما كان قدره، سيد قطب على أعيننا ورؤوسنا، ونقول عنه الشهيد سيد قطب لأنه مهما كان قُتل مظلومًا، ولكن أقول إذا قرأ الإنسان لسيد قطب، وقرأ لغيره، لابد أن يقرأ وعنده أصولٌ راسخةٌ يرجع إليها، ويُأَوِّل بعض كلامه الذي يمكن أن يُأَوَّل، وإذا لم يستطع أن يُأَوِّل يرفضه، لأنه سيد قطب ليس معصومًا، سيد قطب بشر". وهذا عين ما نعنيه هنا، غير أنني أرى إمكانية التأويل، وأظن أن نقولاتي واستدلالاتي السابقة تؤيد ذلك وتؤكده.


- الشيخ سلمان العودة:
"وبنى بعض هؤلاء على هذه القراءة الحرفية الضيقة تكفير الناس كافة، أو التوقف بشأنهم أو الهجرة من ديارهم... إلى أين؟ لا أدري!
وبنى آخرون عليها فكرة الانفصال عن المجتمعات وترك العمل فيها واعتزالها، وفهمت كلمة سيد -رحمه الله- عن (العزلة الشعورية) بتكثيفٍ قويٍّ، وترميزٍ شديدٍ، جعلها بؤرة العمل والانطلاق.
والحق أن القراءة الحرفية الظاهرية لتراث كاتبٍ ما، ليست أمرًا خاصًّا وقع مع سيد قطب رحمه الله وحده، لكنها مشكلة تراثية يعاد إنتاجها الآن مع عدد كبير من رموز العلم والفقه والدعوة والاجتهاد، من المتقدمين والمعاصرين". واستشهد فضيلته بأمثلةٍ ثم قال: "وكلما كان العالِم أوسع انتشارًا، وأكثر أتباعًا، وأوغل في الرمزية -لأي سببٍ- كان الأمر بالنسبة له أشد، وكانت المشكلة أظهر، لكنها تخف تدريجيًّا بتقدم الزمن، ولو من بعض الوجوه.
هذه ليست مشكلة العالِم أو المفكر، بقدر ما هي مشكلة القارئ أو المتلقي؛ وأيًّا ما كانت فهي مما يحتاج إلى بحثٍ ودراسة، وقديمًا كان علي رضي الله عنه يقول قولته المشهورة: "يهلك فيَّ رجلان: غالٍ وجافٍ".
والخلاصة: أن سيد قطب وغيره من أهل العلم يؤخذ من قولهم ويترك، ويصيبون ويخطئون، ويُردُّون ويُردُّ عليهم، وهم إن شاء الله بين أجرٍ وأجرين، ولئن حُرِموا أجر المصيب في عشر مسائل، أو مائة مسألة فلعلهم -بإذن الله- ألا يحرموا أجر المجتهد" انتهى من مقالةٍ بعنوان "رأيي في سيد قطب" للشيخ سلمان العودة.


ما أود التنبيه إليه هنا هو مسألة القراءة الحرفية الظاهرية للكلام التي أشار إليها الشيخ سلمان العودة، والتي أظن أنها السبب الرئيسي لما التبس من فهم لكتابات الأستاذ "سيد" في أذهان الناس.


وختامًا.. يهمني أن أذكر أنه قد حدثني من أثق أنه سمع ممن عايش الأستاذ "سيدًا" أنه سئل هل يرى تكفير المجتمع، فكانت إجابته بالنفي القاطع لذلك واستغرابه ممن قال بذلك أو فهم هذا من كتاباته.. ولعلها شهادةٌ تنهي الخلاف في هذه القضية.


أخيرًا..
هذا ما أراه.. وهذا ما أدين به نحو هذا الرجل "الأستاذ سيد".. ليس تقديسًا له ولا عصمًا من الخطأ، ولكن لأنني عشت في ظلال كلماته طويلاً، فوجدت أن من واجبي أن أقول فيه كلمةً رأيت من وجهة نظري أنها الصواب، مع اعتقادي الكامل بحرية اختلاف الآراء، وتعدد وجهات النظر، ولكلِّ إنسانٍ ما يراه.

اللهم ارزقنا الإخلاص والفهم.. واغفر لنا ولعلمائنا ولمعلِّمينا.. واحفظ أمتنا من الزلل والخطأ.. آمين.

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 29-04-2006, 12:52 PM   #4
 
إحصائية العضو







أبو عبيد غير متصل

أبو عبيد will become famous soon enough


افتراضي رد: موقف الازهر من سيد قطب(عفا الله عنه)

المقصود من النقل السابق هو أن تكون لدينا منهجية في التعامل مع كتابات أهل العلم والدعاة إلى الله ...

هذه المنهجية تتمثل في العدل والإنصاف ...

كما قال الشيخ القرضاوي ( ونحن نؤمن بأنه لا عصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل أحد غيره يؤخذ من كلامه ويرد عليه، وأن ليس في العلم كبير، وأن خطأ العالم لا ينقص من قدره، إذا توافرت النية الصالحة، والاجتهاد من أهله، وأن المجتهد المخطئ معذور، بل مأجور أجرا واحدا، كما في الحديث الشريف، سواء كان خطؤه في المسائل العلمية أو العملية، الأصولية أم الفروعية، كما حقق ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم وغيرهما. )

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 29-04-2006, 01:24 PM   #5
 
إحصائية العضو







أبو عبيد غير متصل

أبو عبيد will become famous soon enough


افتراضي رد: موقف الازهر من سيد قطب(عفا الله عنه)

توجيه سماحة الشيخ ابن قعود رحمه الله لمن تحامل على سيد قطب وكتابه

منقول من أحد المواقع ...


بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الكريم ومحبي الفاضل الشيخ .......................... حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فانطلاقاً من نصحي لك ومحبتي لك التي لم تهتز –والله وبالله– حتى مع بواعث هذه الكتابة، وأرجو أن تظل تزداد قوة إلى أن نلقى الله محققاً فينا قول رسوله عليه الصلاة والسلام: "... تحابا في الله.. الخ" (1) أذكرك بأمور:

أولاً: إنك –كما تعرف– لا تزال في مستقبل العمر الذي أرجو الله أن يحفظه لك ويطيله في طاعة وعافية، وفي مستقبل التعلم ومستقبل التجارب والنضج، فرويداً –أخي– وطبخاً لما يصدر عنك تجاه من هم في ذمة الله خاصة الدعاة إلى الله (2) أحياءً أو أمواتاً عسى ألا تحتاج في موقف حياة أو ممات للاعتذار عنه.

ثانياً: وعظتك شفوياً قبل أشهر بألا تكتب أو تقول شيئاً لـه مساس بأحد الدعاة وأنت غضبان أو [زعلان] عليه، وذكّرتك بما تعرفه من قول رسول الله ? : "لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان" (3)، ونغمة الصوت في الشريط الذي سأذكره تنبئ –مع الأسف– عن ذلك فضلاً عن المضمون فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ثالثاً: نقل لي غير واحد قولك في اجتماع أخيار نحسبهم كذلك قولك في كتاب: "معالم في الطريق": هذا كتاب ملعون.

سبحان الله!! كتاب أخذ صاحبه ثمنه قتلاً نحسبه في سبيل الله بدافع من الروس الشيوعيين لجمال كما يعرف ذلك المعاصرون للقضية، وقامت بتوزيع هذا الكتاب جهات عديدة في المملكة، وخلال سنوات عديدة، وأهل هذه الجهات أهل علم ودعوة إلى الله، وكثير منهم مشايخ لمشايخك، وما سمعنا حوله منهم ما يستوجب ما قلت، لكنك – والله أعلم- لم تمعن النظر فيه قبل أن تغضب، وخاصة الموضوعات: جيل قرآني فريد، الجهاد، لا إله إلا الله منهج حياة، جنسية المسلم عقيدته، استعلاء الإيمان، هذا هو الطريق.. وغيرها مما تلتقي معانيه في الجملة مع ما تدين الله به، فكيف بك إذا وقفت بين يدي الله وحاجك هذا الشخص الذي وصفته الإذاعة السعودية خلال سنوات متوالية بشهيد الإسلام، أو قال لك أحد تلامذتك أو زملائك هذه الجملة (ملعون إما إخبارية أو دُعائية، فكيف تجيب من حملها على الإخبارية عن علم الغيب؟!

رابعاً: استمعت للشريط: حتى لا … وفي فهمي المحدود أن أغلب من ذكرت فيه ووصف العاملين به أو القائلين به أو المفتين به بالفسق والابتداع وخيانة الأمة أمور اجتهادية دائرة بين راجح في نظر من وصفتهم بذلك وبين مرجوح في نظرك أو – تنزيلاً – خطأ، وأنت تعرف قول السلف في الخطأ.. قال الله: قد فعلت (4) . ثم الكثير ممن أومأت إليهم في كلامك عن المراكز الصيفية والرحلات الدعوية أو العلمية من عدود (5) الأناشيد وأسلوب الدعوة و.. و..على جانب من الخير والفضل والقيام بالدعوة إلى الله –وكنت حفظ الله لك عملك ذلك– من بينهم، وفي مقدمة المذكورين سماحة والدنا الشيخ عبد العزيز بن باز الذي يفتي بأن أسلوب الدعوة ليس توقيفياً.

وقلت في ردِّك على من يقول بذلك: وهناك.. تقطع لسان القائل أن أسلوب الدعوة ليس توقيفياً، ولم تورد ما يتلاءم مع قولك من نص قرآني أو نبوي وغير ذلك مما أحسبه يختلف مع منهج السلف في الدعوة إلى الله الذي نرجو الله أن يبصرنا به ويحيينا جميعاً ويميتنا عليه إنه سميع مجيب.
ومعذرة فأظني لو رأيتك قبل تسجيل هذا الكلام لسبقتني عبرة الإشفاق عليك التي كادت في أثناء صلاةٍ أن تأخذ بي لمّا عَرَضْتَ لي فيها.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوك
عبد الله بن حسن القعود
----------------------------
(1) البخاري (2/119، 124)، ومسلم (ح1031)
(2) روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك ? قال: قال رسول الله: من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي لـه ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته". كتاب الصلاة (فتح 1/496 ح391).
(3) متفق عليه، البخاري كتاب الأحكام (ح7158)، ومسلم في الأقضية (ح1717).
(4) رواه مسلم كتاب الإيمان، باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق (1/115 ح125، 126).
(5) كلمة لم تتبين لي

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 29-04-2006, 02:08 PM   #6
 
إحصائية العضو







ابوعبدالرحمن الودعاني غير متصل

ابوعبدالرحمن الودعاني is on a distinguished road


افتراضي رد: موقف الازهر من سيد قطب(عفا الله عنه)

&#91align=center&#93 &#91size=5&#93&#91frame=&quot1 80&quot&#93 &#91align=center&#93&#91color=#CC3300&#93&#91size=5&#93&#91ft=Arial&#93 أحسنت أخي الفاضل أبو عبيد على هذا الطرح الطيب إذن نحن في النهاية متفقين ولسنا مختلفين تدرون لماذا لأننا كلنا نمثل نفس المنهج الذي هو منهج أهل السنة والجماعة &#91/color&#93&#91/align&#93 &#91/frame&#93&#91/size&#93 &#91/align&#93
[/size][/font]

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 29-04-2006, 09:44 PM   #7
 
إحصائية العضو







عبدالله الفرجاني غير متصل

عبدالله الفرجاني is on a distinguished road


افتراضي رد: موقف الازهر من سيد قطب(عفا الله عنه)

أشكر للإخوة حسن طرحهم ولي وقفة:

نحن كما ذكر ابن عمي وأخي أبو عبد الرحمن الودعاني متفقون على منهج أهل السنة

لكن ماهذا الخلاف الموجود حول قضايا دعوية مهمة؟؟

أظن عدم الإرتباط بما كان عليه السلف في دعوتهم كان له أعظم الأثر

وكذا عدم معرفة الطريقة الصحيحة للتعامل مع المخالف والتي سار عليها السلف

سواء من أهل السنة أو من المبتدعة

كل هذا كان له أثره فيما نرى

ولعلي أوصي إخوتي بكتابين عظيمين في هذا الباب للشيخ بكر أبو زيد وقد طبعا حديثا بعد نفاذهما من الأسواق من مدة طويلة وهما

الرد على المخالف أصل من أصول الإسلام

وحكم الإنتماء للفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية

وهما موجودان عند دار العاصمة

نفعني الله وإياكم بهما

وأحيلكم كذلك لهذا الرابط

http://www.anti-erhab.com/Salafiyah/naqd/manhajanqd.htm

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 30-04-2006, 09:07 AM   #8
 
إحصائية العضو







أبو عبيد غير متصل

أبو عبيد will become famous soon enough


افتراضي رد: موقف الازهر من سيد قطب(عفا الله عنه)

بالإضافة إلى الكتابين اللذين ذكرهما الأخ الفاضل الفرجاني للشيخ بكر أبو زيد ...

اقترح كتابا ثالثا ...

وهو ( تصنيف الناس بين الظن واليقين ) أيضا للشيخ بكر أبو زيد

تجده على الرابط التالي :

http://www.khayma.com/wahbi/Research/dawnlod/Main.htm

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 30-04-2006, 05:32 PM   #9
 
إحصائية العضو







عبدالله الفرجاني غير متصل

عبدالله الفرجاني is on a distinguished road


افتراضي رد: موقف الازهر من سيد قطب(عفا الله عنه)

بارك الله فيك أبا عبيد ونفع بك والكتاب جيد ولنلاحظ أن بعض الإخوة يفهم مقصود الشيخ

خطأ وهو واضح من عنوانه

الشيخ حفظه الله لاينكر التصنيف مطلقا وإنما ينكر ماكان مبنيا على الظن والحدس

أما التصنيف المبني على العلم فالشيخ يقره وهو دين ندين الله به وقد ورد به الكتاب

والسنة وكتب السلف مليئة بذلك

لكن بعلم ومن أهله وليس كل من هب ودب يزكي ويجرح ويعدل ولكل ميدان رجاله

بارك الله في الجميع

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 01-05-2006, 09:09 AM   #10
 
إحصائية العضو







ابوعبدالرحمن الودعاني غير متصل

ابوعبدالرحمن الودعاني is on a distinguished road


افتراضي رد: موقف الازهر من سيد قطب(عفا الله عنه)

&#91align=center&#93 &#91size=5&#93&#91frame=&quot1 80&quot&#93 &#91align=center&#93&#91color=#CC3300&#93&#91size=5&#93&#91ft=Arial&#93 أخي وإبن عمي عبدالله الفرجاني طرحك رائع وراقي جداً وأنا أوافقك كثيراً وأرى أن الكتب الثلاثه من أروع ما كتب الشيخ بكر بوزيد بشرط أن نقرأ هذه الكتب الثلاث ونفهمها ولقد تشرفة بلقاء الشيخ بكر بوزيد قبل مرضه في مدينة الطائف في مقر هيئة كبار العلماء ولقد كانت جلسةً صريحه جداً تفتح ذهني لكثير من الأمور التي كنت أفهمها خطأً وآخذها من غير الشيخ على غير فهم الشيخ حتى واجهته حفظه الله وأخذت من فمه حقيقة ما يريد أشكركم أخواني جميعاً على ما بذلتموه في هذا الموضوع &#91/color&#93&#91/align&#93 &#91/frame&#93&#91/size&#93 &#91/align&#93
[/size][/font]

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 01-05-2006, 09:52 AM   #11
 
إحصائية العضو







أبو عبيد غير متصل

أبو عبيد will become famous soon enough


افتراضي رد: موقف الازهر من سيد قطب(عفا الله عنه)

الأخ الفاضل الفرجاني:

شكر الله لك عل حسن تفهمك ...

وأحب أن أؤكد على نقطة مهمة جدا ذكرتها في تعليقك وهي قولك ( وليس كل من هب ودب يزكي ويجرح ويعدل ولكل ميدان رجاله )

ووالله أنها لقاعدة مهمة ...

لأن ما نراه في الساحة من تطاول على أهل العلم هو بسبب هذا الأمر ...

خذ على سبيل المثال ما نراه من تطاول البعض في هذه الأيام على الشيخ الألباني رحمه الله والطعن في عقيدته ...

وقد يكون من الأسباب لهذا التطاول حب التعالم والبحث عن الشهرة...

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 05-05-2006, 08:58 AM   #12
 
إحصائية العضو







عبدالله الفرجاني غير متصل

عبدالله الفرجاني is on a distinguished road


افتراضي رد: موقف الازهر من سيد قطب(عفا الله عنه)

الإخوة الأحبة
علينا أيضا التنبه للطرف الآخر الذي يتبنى التجميع التمييعي فهو لايفرق بين السني

والمبتدع بل يسعى لجمع الشيعي والصوفي والأشعري وغيرهم من الفرق الضالة في

المعتقد أو الدعوة المخالفة للدعوة السلفية المبنية على الإتباع لسبيل المؤمنين

ومفارقة المخالفين

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 06-05-2006, 09:01 PM   #14
 
إحصائية العضو







أبو يوسف الفهيد غير متصل

أبو يوسف الفهيد is on a distinguished road


افتراضي رد: موقف الازهر من سيد قطب(عفا الله عنه)

جزاكم الله خير على الموضوع, واود ان اضيف ان كل يؤخذ بكلامه و يرد الا رسول الله صلى الله عليه و سلم...ويعرف الرجال بالحق و لايعرف الحق بالرجال.......

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 07-05-2006, 02:10 PM   #15
 
إحصائية العضو








رعاد غير متصل

رعاد is on a distinguished road


افتراضي رد: موقف الازهر من سيد قطب(عفا الله عنه)

مشكور اخوي والله يعطيك العافية

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ديوان الشاعر دخيل الله ابن محمد ابن دخيل الله الشكره رحمه الله سلطان بن دخيل الله :: قسم قصايد مدح وفخـر في الــدواسـر :: 60 17-08-2022 03:24 AM
50 معلومة عن الرسول صلى الله عليه وسلم الركن :: القسم الإسلامـــي :: 23 08-07-2011 11:58 PM
علامات و أسباب حسن الخاتمة و سوء الخاتمة ابورهف :: القسم الإسلامـــي :: 6 23-01-2011 11:17 PM
من هم الرافضة ,,, موضوع ثقيل على الرافضة ,,, الدردور :: القسم الإسلامـــي :: 13 16-01-2011 11:27 PM
كيف تصبح من أفضل عباد الله يوم القيامه ؟؟ محمد مطلق آل بريك :: القسم الإسلامـــي :: 23 15-10-2010 03:09 PM

 


الساعة الآن 04:43 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
---