في عصر العلم والمعرفة والتكنولوجيا ولغة الارقام نستطيع ان نوظف هذه الامور للبرهان والتاكيد على هذه الحقيقة الايمانية الغيبية والمفصلية والتي أقسم الله بحدوثها, ولو اننا كمؤمنين وكمسلمين نؤمن بها ونسلم لها .
لان ذلك من اركان الايمان الغيبية قال تعالى: (الذين يؤمنون بالغيب ) [ البقرة : 3]
ولكننا في نفس الوقت يجب علينا معاشر الاطباء والعلماء من كافة التخصصات (الشرعية منها والتجريبية) ان نوظف معطيات وحقائق العلم ماتوصل اليه وماسيتوصل اليه مستقبلا لبيان واثبات هذه الحقيقة , حيث اصبحت العلوم الكونية والتجريبية في خدمة العلوم الشرعية وصولا لتعزيز اركان الايمان في نفوس المسلمين واقامة الحجة على غيرهم , قال تعالى :
( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)
[ النحل : 102 ]
و قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا)
[النساء : 174] .
ومن اهم الاشارات العلمية في بيان واثبات هذه الحقيقة هو ماورد عن المصطفى "صلى الله عليه وسلم" في احاديث نبوية عن عجب الذنب منها الاحاديث الاتية
:
1-
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " ثم ينزل من السماء ماء فينبتون كما تنبت البقل وليس في الإنسان شيء إلا بلى إلا عظم واحد وهو عجب الذنب فيه يركب الانسان يوم القيامة " أخرجه البخاري ومسلم ومالك في الموطأ وأبو داود والنسائي .
2-
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال " كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب " أخرجه البخاري والنسائي وأبو داود وابن ماجه وأحمد في المسند ومالك في الموطأ
3-
عن أبي هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم " وإن في الإنسان عظماً لا تأكله الأرض أبداً فيه يركب يوم القيامة قالوا أي عظم يا رسول الله ؟ قال عجب الذنب . رواه البخاري والنسائي وأبو داود وابن ماجة واحمد في المسند وأخرجه مالك .
الاستنتاجات من الاحاديث النبوية الصحيحة اعلاه الحقائق التالية:
1-ان عجب الذنب عنصر اساس يتخلق ويتكون منه الجنين
.
2-
ان عجب الذنب او قسما منه لا نعرف مقداره ( لايبلى) .
3-
ومن هذا القسم او البذرة يركب الخلق يوم القيامة .
وقد جاءت الابحاث الطبية والعلمية الحديثة واثبتت صحة ذلك ، من خلال علم الاجنة والتجارب التي اجريت على الخيط او الشريط الاولي Primary Streak في الجنين الذي يتكون في الايام الاولى من عمره حيث يتشكل عظم العصعص (عجب الذنب) من نهايته (العقدة الاولية) Primary Node ويتم برمجة خلايا الجسم وتميزها من خلاله ولذلك يسمى ايضا المنظم الاولي The Primary Organizer .
وكذلك ان عجب الذنب او قسما منه لا يبلى ويكون مقاوما للمؤثرات الخارجية كالسحق والحرارة والغليان )كما سنُفصل ذلك لاحقا) .
فان ثبوت الاستنتاجان الاول والثاني علميا يكون دليلا كافيا للقبول والتصديق بالاستنتاج الثالث (فيه يركب الخلق يوم القيامة ) والذي هو من الامور الغيبية التي نؤمن بها والتي هي احد اركان الايمان . فلما تحقق وثبت ما أخبرت عنه الآيات والاحاديث الاخرى في امور علمية كونية عديدة كانت من الغيب في زمن الرسالة و أصبحت حقائق العلم تكتشف صحتها الواحدة تلو الاخرى للتقدم الحاصل فيه وفي وسائله ، فقد لزم عقلا ومنطقا صحة وثبوت ما اخبرت به من امور لازالت في عالم الغيب كالبعث والنشور والحساب والعقاب والجنة والنار، وبذلك يكون قد تحقق الطرف الاول (الجانب المادي) من المعادلة وثبتت صحته فلابد أن يكون الطرف الثاني (الجانب الغيبي ) صحيحا ايضا
وبذلك يتحقق لنا صحة امر المعاد وينتفي الشك والنكران من البعث والنشور وننتقل من مرحلة علم اليقين الى مرحلة عين اليقين وكأننا نشاهده! .
حيث قرب القران الكريم مفهوم يوم المعاد والبعث والنشور الى الاذهان بضرب كثير من الامثلة التوضيحية من واقع المشاهدة وباساليب تصويرية مختلفة وكانها مشاهد متحركة تتمثل واقعا.
وقد وفقنا الله عز وجل لاكتشاف منظومة رقمية رائعة تعتمد على العددين (3) و (7) ومضاعفاتها واللَذين هما من الاعداد الفردية الاولية لهما علاقة بتكرار عبارات البعث والنشور واحياء الموتى والايات المتعلقة بهذا الموضوع في القران الكريم بصيغها المختلفة مكررة في معظمها (ان لم يكن في جميعها!) ثلاث او سبع مرات! وذلك في تناسق وتطابق لذكر الله عز وجل عن خلق الانسان في بطن امه في ظلمات ثلاث في قوله تعالى :
(يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ) [ الزمر : 6] .
وكذلك مراحل خلق الانسان في سبع مراحل (سلالة من طين , النطفة , العلقة , المضغة , العظام , الاكساء باللحم, والنشأة) واتبعها بمرحلة الموت ثم بمرحلة البعث والنشور كما ورد في قوله تعالى: ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ، ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ[المؤمنون:12-16]. وكذلك وردت فيه عبارة ( يا بني آدم)وهو الإنسان الآدمي المعني بالبعث والنشور والايمان به والذي جاء ذكره في الحديث النبوي الشريف عن عجب الذنب في قوله صلى الله عليه وسلم: (كل ابن آدم ياكله التراب الا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب) وردت هذه العبارة مكررة سبع مرات في القرآن الكريم ! (كما جاء في اساسيات البحث اعلاه الفقرة رقم 3) ، مما يضيف إعجازا آخرا له علاقة بالإعجاز العددي والرقمي حيث تمثل هذه المنظومة من الآيات الكريمات المتعلقة بهذا الموضوع وتفاصيله لوحة فنية رائعة ومتناسقة ذات العلاقة بالعددين (3) و (7) وبصورة دقيقة ومحكمة وكأن الباري عز وجل أراد من خلال ذكر هذه الايات الكريمات في كتابه المعجز ان يضيف لنا ( معاشر المسلمين في عصر العلم والتكنولوجيا والأرقام) دليلا وبرهاناُ آخر في مجال الاعجاز العددي له علاقة بخلق الانسان والبعث والنشور . ويحقق لنا التطابق والتناسق بين القرآن والكون بما فيه الإنسان فالذي انزل القران هو الذي خلق الكون والانسان ، فالقرآن يقود الى الكون والكون يقود الى القرآن ويفسر احدهما الاخر!!
فضلا عن الادلة المذكورة من علم الأجنة وغيره من المؤشرات العلمية والطبية بخصوص اثبات هذا الركن الايماني الغيبي
(البعث والنشور) والتي سنوردها لا حقا والله اعلم بمراده .
اللهم علمنا ماينفعنا , وانفعنا بما علمتنا , وزدنا علما
اللهم ارحمنا فوق الارض , وارحمنا تحت الارض , وارحمنا يوم العرض
المصادر
عثمان جيلان – عجب الذنب اصل الانسان الذي لايبلى –http://www.55a.net/firas/arabic/?pag...&select_page=2
مصطفى عبد المنعم – عجب الذنب اكتشافات جديدة – مجلة الاعجاز العلمي – (ص 4-8) ، العدد (8) رمضان 1428 هـ
د.محمد جميل الحبال – العلوم المعاصرة في خدمة الداعية الاسلامي – عجب الذنب مركز التخليق واعادة التركيب
ص 84 – 87 .