كيف تكون الاستقامة في زمن الانحراف...؟؟
--------------------------------------------------------------------------------
بـــــسـم الله الـــــرحـــمــــن الــــرحـــــــيــــم
على هامش المؤتمر السنوي للجماعة الإسلامية الذي عقد بشيكاغو قبل ثلاث سنوات، جمعتنا مائدة افطار مع عدد من الشبان المشاركين .. طرح احدهم السؤال التالي:
كيف يمكن لنا أن نستقيم في زمن الانحراف هذا؟
السؤال بحد ذاته دليل الوعي للمشكلة والاحساس بها أو بوطأتها..
فيما نلخّصه من الجواب:
القرآن ضرب مثلين احدهما للشاب أو للرجل، والثاني للفتاة أو للمرأة.
يوسف (ع) عاش في بيئة أو جو منحرف (بيت العزيز المترف).. لكنه استقام واستعصم.. وآسية بنت مزاحم زوجة فرعون.. عاشت ايضاً في بيئة منحرفة (قصر فرعون).. لكنها استقامت.
اتذكر انني شبهت الاجواء في المغتربات بقصر العزيز وقصر فرعون، تحديات ضاغطة وكبيرة.. لكن المؤمن هناك والمؤمنة هنا لم يستسلموا..
اللجوء إلى الله هو الحل.
يوسف توجه إلى الله للخلاص من المأزق بقلبه كله..
وآسية اتجهت إلى الله للخلاص من محنتها بكيانها كله..
1. الاستقامة زرع يغرس في تربة النفس كأية شتلة تنمو بعد حين .. قد لا تزهر لكنها تفوح بالعطر انها بنفسجة الروح..
هي وازع أو ضابط أو رقيب داخلي.. يصطلح عليه الآخرون
ب (الضمير) ونصطلح عليه إسلامياً بـ(التقوى).. وفي الحالين المراد بناء سياج واق من الانحراف.
2. الاستقامة ليست مجرد تربية اخلاقية.. هي سلوك ناتج عن بناء ايماني صحيح.. حينما تقول في صلاتك (إهدنا الصراط المستقيم) فانك تطلب الاستقامة من الله لانها حاجة إساسية بالنسبة لك.. لكن المطلوب منك ان تستحضر الاستقامة كلما داهمك الانحراف.. ان تستنفر القوة الايمانية المزروعة في داخلك كما تفعل الكريات البيضاء اذا داهم الجسم ميكروب..
3. العمل وفق أحكام الشريعة - القانون الالهي - (أي الحلال والحرام).. استقامة.
4. (الوقاية) وهي بالطبع خير من العلاج.. استقامة.. لأنه "لكل ملك حمى وحمى الله محارمه فمن رتع حول الحمى أوشك ان يقع فيه" كالاغنام التي ترعى على اطراف ارض غير ارضها فهي ستدخل فيها حتما.
لذلك نهى الإسلام عن مجالسة الخمّارين حتى ولو لم يشرب الجالس معهم خمرا أو مسكرا.. ليجنبنا الوقوع في الانحراف.
وكذلك نهانا عن مشاهدة الافلام الاباحية لانها تغري بالانحراف.
وعن مصاحبة المنحرفين ومجاراتهم لانهم سيجرّون الى الانحراف، وقديما قال الشاعر:
لا تربط الجرباء حول صحيحة
خوفا على تلك الصحيحة تجرب!
5. الاستقامة حوار داخلي دائم بين (منطق الخير) وبين (منطق الشر) في داخلنا.. إحسمه لصالح الخير.. تكن مستقيما!
6. النقد الذاتي.. طريق للاستقامة.. أطرحُ على نفسي أسئلة حادة، وأحاول أن أجيب إجابات صريحة..
لماذا افعل هذا؟ ما هي نتائج عملي؟ هل هذا يُرضي الله الذي يراقبني؟ ماذا لو تركت هذا الأمر؟ لماذا اقلد غيري في ذلك؟ لاجرب ضبطي النفسي ازاء هذا الاغراء بالانحراف؟ هل انا قوي أو ضعيف؟ لماذا لا اكون كذاك المستقيم؟ هو استطاع اذاً أنا بامكاني أن أكون مثله باستطاعتي... الخ
الاسئلة الداخلية مهمة في تطويق حالة الانحراف.
7. التغذية المستمرة مهمّة كذلك.. هذه هي فائدة حفظك لشيء من القرآن، وبعضاً من الأحاديث الشريفة، أو الأبيات الحكميّة، أو الأمثال الشعبية.. أو المواعظ والنصائح الثمينة (أحي قلبك بالموعظة) ربَّ قول يخطر على بالك وانت تقترب من بؤرة الانحراف، يردعك ويثنيك فتحجم، بل وقد يغير مجرى حياتك بالكامل.
8. الصحبة الصالحة.. شرط أساس من شروط الاستقامة.. . .
المؤمن + المؤمن = جو إيماني
المستقيم + المستقيم = استقامة دائمة
الصالح + الصالح = صلاح قوي وسلامة وطيدة
9. الاستقامة (ارادة) و(تعبير عن الإرادة)..
أريد أن أكون مستقيما.. هذا يستدعي ترك الرذائل اولا.
يقول (جورج برناردشو):
((ليست الفضيلة في ان تتجنب الرذيلة فحسب، بل في الا تشتهيها ايضا))
لا تفكر بالثانية الان.. ابدأ بالأولى .. وركّز عليها .. الثانية تأتي تباعا.
وآخر دعوانا أن الحمدُ لله ربّ العالمين.
منقوووووووول