ما الحكمة من جواز أكل لحم الضبعة - ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي :::

العودة   ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: > :::. الأقســــام الـعـــامـــــــة .::: > :: القسم الإسلامـــي ::

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-11-2008, 07:15 PM   #1
 
إحصائية العضو







راعي المدا غير متصل

راعي المدا is on a distinguished road


افتراضي ما الحكمة من جواز أكل لحم الضبعة

ما الحكمة من جواز أكل لحم الضبعة، ولماذا حُلِّل أكل لحم الحمر الوحشية، وحرمت
الحمر الأهلية؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فاعلم أنه يجب على المؤمن الامتثال لأوامر الله ورسوله، واجتناب المناهي، وإن لم يعرف الحكمة من الأمر والنهي؛ لأن الأصل في التشريع التعبد لا التعليل، وحكم التشريع وعللها منها ما هو معلوم بنص أو إجماع، ومنها ما هو اجتهادي استنبطها الفقهاء بعد معرفتهم لأصول الشريعة ومقاصدها، ولا بأس من البحث عن الحكمة بلا تنطع من خلال النصوص، أو من كلام أهل العلم والاختصاص، مع الإيمان المطلق والمسبق بالتشريع، فإن ظهرت الحكمة فالحمد لله، وإن لم تظهر فاليقين أن الشريعة إنما جاءت لمصلحة العباد، كما قرر ذلك الشاطبي في الموافقات.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: (والمقصود أن كلما أمر الله به أمر به لحكمة، و ما نهى عنه نهى لحكمة، وهذا مذهب أئمة الفقهاء قاطبة، وسلف الأمة وأئمتها و عامتها...)، وقال تلميذه ابن القيم في كلام جميل له في شفاء العليل: (فإن الحكمة لا يجب أن تكون بأسرها معلومة للبشر ولا أكثرها، بل لا نسبة لما علموه إلى ما جهلوه فيها لو قيست علوم الخلائق كلهم بوجوه حكمة الله تعالى في خلقه وأمره إلى ما خفي عنهم منها كانت كنقرة عصفور في البحر...)الخ.
ثم اختلف العلماء في حكم أكل لحم الضبع، فذهب الحنابلة والشافعية إلى جوازه، ومنع منه الحنفية والمالكية؛ لأنها من السباع، وقد (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع) رواه البخاري ومسلم، وهي من السباع، فتدخل في عموم النهي، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الضبع فقال: أويأكل الضبع أحد؟) رواه الترمذي، وابن ماجة، والصواب القول بالجواز، قال ابن قدامة في المغني: (رويت الرخصة فيها عن سعد وابن عمر وأبي هريرة وعروة بن الزبير وعكرمة وإسحاق، وقال عروة: ما زالت العرب تأكل الضبع، ولا ترى بأكلها بأسا...).
ويدل للقول بالجواز ما رواه الترمذي وغيره عن ابن جريج عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن ابن أبي عمار قال : قلت لجابر: الضبع أصيد هي؟ قال نعم، قال قلت: آكلها؟ قال نعم، قال قلت أقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم) قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح... وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا، ولم يروا بأكل الضبع بأسا، وهو قول أحمد وإسحق، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في كراهية أكل الضبع وليس إسناده بالقوي)أ.هـ، وفي لفظ عند أبي داود: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع فقال "هو صيد، ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم"، وهذا الحديث احتج به أحمد، وصححه الإمام البخاري، وابن خزيمة، وابن حبان، والإمام الترمذي، والبيهقي.
وأما الخبر الذي فيه [ومن يأكل الضبع؟] فقد قال أبو عيسى بعده: هذا حديث ليس إسناده بالقوي، لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن مسلم عن عبد الكريم أبي أمية، وقد تكلم بعض أهل الحديث في إسماعيل، وعبد الكريم أبي أمية، وهو عبد الكريم بن قيس بن أبي المخارق)، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (1/161) :" هذا حديث قد جاء، إلا أنه لا يحتج بمثله لضعف إسناده، و لا يعرج عليه؛ لأنه يدور على عبد الكريم بن أبي المخارق، و ليس يرويه غيره، و هو ضعيف متروك الحديث." أ.هـ.
ولا يقال بأنه داخل في عموم النهي ؛ لأن الدال على حله خاص، والنهي عام، ولا شك أن الخاص مقدم على العام كما هو مقرر عند العلماء.
قال ابن قدامة في المغني: (ولأن الضبع قد قيل إنها ليس لها ناب، وسمعت من يذكر أن جميع أسنانها عظم واحد كصفحة نعل الفرس، فعلى هذا لا تدخل في عموم النهي)، ولعل هذه حكمة الجواز التي يسأل عنها السائل.
وقد أسهب ابن القيم في إعلام الموقعين في الحديث عن هذه المسألة، وفي بيان الفرق بين الضبع وغيره من كل ذي ناب، وموافقته للقياس، ومن جملة قوله: (والذين صححوا الحديث جعلوه مخصصا لعموم تحريم ذي الناب من غير فرق بينهما، حتى قالوا: ويحرم أكل كل ذي ناب من السباع إلا الضبع، وهذا لا يقع مثله في الشريعة أن يخصص مِثلا على مثل من كل وجه من غير فرقان بينهما، وبحمد الله إلى ساعتي هذه ما رأيت في الشريعة مسألة واحدة كذلك، أعني شريعة التنزيل لا شريعة التأويل، ومن تأمل ألفاظه صلى الله عليه وسلم الكريمة تبين له اندفاع هذا السؤال، فإنه إنما حرم ما اشتمل على الوصفين أن يكون له ناب، وأن يكون من السباع العادية بطبعها كالأسد والذئب والنمر والفهد، وأما الضبع فإنما فيها أحد الوصفين، وهو كونها ذات ناب، وليست من السباع العادية، ولا ريب أن السباع أخص من ذوات الأنياب، والسبع إنما حرم لما فيه من القوة السبعية التي تورث المغتذي بها شبهاً، فإن الغاذي شبيه بالمغتذي، ولا ريب أن القوة السبعية التي في الذئب والأسد والنمر والفهد ليست في الضبع حتى تجب التسوية بينهما في التحريم، ولا تعد الضبع من السباع لغة ولا عرفا والله أعلم)أ.هـ.
وقال في مفتاح دار السعادة: (ولم يحرم عليهم الضبع، وإن كان ذا ناب فإنه ليس من السباع عند أحد من الأمم، والتحريم إنما كان لما تضمن الوصفين أن يكون ذا ناب، وأن يكون من السباع، ولا يقال هذا ينتقض بالسبع إذا لم يكن له ناب؛ لأن هذا لم يوجد أبدا، فصلوات الله وسلامه على من أوتي جوامع الكلم...).
وأما الحمر الأهلية فجماهير العلماء على تحريمها؛ لحديث ابن عمر وغيره في الصحيحين: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية)، وأما حمر الوحش فهي جائزة بلا خلاف، كما يقول ابن قدامة في المغني، والصواب في الحكمة من تحريم الحمر الأهلية دون الوحشية هي كونها نجسة، وقد جاء ذلك مصرحاً في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه جاء فقال: أكلت الحمر، ثم جاءه جاء فقال: أكلت الحمر، ثم جاءه جاء فقال: أفنيت الحمر، فأمر مناديا فنادى في الناس (إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس). فأكفئت القدور وإنها لتفور باللحم) وفي رواية لمسلم: (فإنها رجس من عمل الشيطان) وفي أخرى: (فإنها رجس أو نجس)، قال النووي في شرحه على مسلم: هذا يدل على نجاسة لحوم الحمر الأهلية، وهو مذهبنا ومذهب الجمهور... ومختصر الأمر بإراقته أن السبب الصحيح فيه أنه أمر بإراقتها؛ لأنها نجسة محرمة، والثاني: أنه نهى للحاجة إليها، والثالث: لأنهم أخذوها قبل القسمة، وهذان التأويلان هما لأصحاب مالك القائلين بإباحة لحومها، والصواب ما قدمناه).
وقال ابن القيم في حاشيته على سنن أبي دواد: (وقد اختلف في سبب النهي عن الحمر على أربعة أقوال، وهي في الصحيح: أحدها: لأنها كانت جوال القرية كما في حديث غالب هذا، وهذا قد جاء في بعض طرق حديث عبد الله بن أبي أوفى: أصابتنا مجاعة ليالي خيبر، فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها، فلما غلت بها القدور نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أكفئوا القدور، ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئا، فقال أناس: إنما نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها لم تخمس، وقال آخرون نهى عنها البتة، وقال البخاري في بعض طرقه: نهى عنها البتة لأنها كانت تأكل العذرة فهاتان علتان، العلة الثالثة: حاجتهم إليها، فنهاهم عنها إبقاء لها، كما في حديث ابن عمر المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن أكل لحوم الحمر الأهلية، زاد في طريق أخرى، وكان الناس قد احتاجوا إليها، العلة الرابعة: أنه إنما حرمها لأنها رجس في نفسها، وهذا أصح العلل، فإنها هي التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظه كما في الصحيحين عن أنس قال: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أصبنا حمرا خارجة من القرية وطبخناها، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إن الله ورسوله ينهيانكم عنها فإنها رجس من عمل الشيطان) فهذا نص في سبب التحريم، وما عدا هذه من العلل فإنما هي حدس وظن ممن قاله)ا.هـ. والله تعالى أعلم.
فضيلة الشيخ/عبد المجيد بن صالح المنصور

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


الساعة الآن 11:40 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
---