|
|
|
|
نبض المداد
أخطاء الشباب
أحمد بن محمد الجردان
كلنا خطّاء بل منا من يرتكب الخطأ وهو يظن أنّه يعالج الخطأ!!، فما كل مجتهد مصيب، لذا من الأخطاء ما يتمكّن من نفس المخطئ بسبب سوء معالجتها، حيث يتشبّث بها ربما معاندة لمن نصحه نظراً لأسلوبه الخاطئ أو لعدم وضوح سبب مقنع له لمنطلق هذه المعالجة، وأذكر لكم قصة شاب ضربه أخوه لأنّه شكّ بأنّه مدخِّن وهو في الحقيقة لا يدخِّن وربما لم يدر في ذهنه أبداً أن تعاطى ذلك الداء، فما كان منه إلاّ أن أقسم بالله - مع الأسف - ليشربنّ الدخان إلى أن يموت!!،
سأركِّز على ما بدأت به حديثي وهو سوء معالجة الخطأ، فهذا الأخ الضارب لأخيه لو أخذه جانباً وتبيّن منه وتثبّت، فإن ثبت له أنّه مدخِّن لم يعنفه ولم يحقره ولم يغلظ عليه بل حاوره حواراً أبوياً كلّه دعاء وشفقة ورحمة وحرص على نصحه لا على فضحه ومن ثم علاجه، وهذا هو الأسلوب الصحيح، فالأسلوب الذي سلكه قدوتنا صلى الله عليه وسلم في علاج الخطأ وخصوصاً أخطاء الشباب مغاير لذلك الأسلوب الفج الذي سلكه أخو ذلك الشاب، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنّه قد جاءه شاب يطلب أن يأذن عليه الصلاة والسلام له بالزنا!!، فكان موقفه ما رواه أبو أمامة رضي الله عنه أنّه قال: إنّ فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إئذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه! فقال أدنه، فدنا منه قريباً، قال: فجلس، قال: (أتحبه لأُمِّك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأُمّهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمّتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لعمّاتهم، قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم، قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه وطهِّر قلبه وحصِّن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء). لست أعلم ما هو رد فعل أحدنا لو أتاه شاب وقال له (إئذن لي لا في الزنا أو شرب الخمر، بل إئذن لي في سماع الغناء أو في الغزل أو في ما هو محرم فعله على المسلم)!!، يا ترى ما هي ردّة فعله؟؟!!، أشك أنّه سيحاوره أو يمسح على صدره أو يدنيه، لا أقول إنّ ذلك النموذج المقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم لا وجود له، بل لا شك عندي أنّه موجود بيننا لكني أرى أنّه نادر كندرة الكبريت الأحمر - كما يُقال -!!.
كم نحن بحاجة ماسة وخصوصاً من يمارسون منا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويمارسون التربية والدعوة إلى الله، أن نعي أهمية الحوار وفنونه وطرقه وخفاياه لأنّ الحوار هو أساس النجاح في كلِّ تعامل بشري وخصوصاً في علاج أي خطأ يقع وبالذات من الشباب، فهذا الشاب لا يجهل أنّ الله حرّم الزنا، ولو كان يجهل لما جاء يستأذن، فلا ريب أنّه يعلم حكمه وعقوبته، لذا جاء معلِّمنا وقدوتنا وهو المربي الأول صلى الله عليه وسلم بهذا الأسلوب الراقي، وهذا الأسلوب الشافي الكافي، وهذا الأدب الجم وهذا الحنان المتدفِّق المشفق بكلِّ معاني الشفقة، حيث أدنى الشاب منه ولم يخاطبه من بعده فحاوره ملامساً لمشاعره وشعوره، مخاطباً عقليته ونفسيته، ومستثيراً لغيرته على محارمه مقارعة الحجج الشيطانية والدوافع الشهوانية التي دعت ذلك الشاب إلى الزنا بحجج لا غبار عليها ولا غبش، واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار (أتحبه لأُمِّك، أتحبه لابنتك، أتحبه لأختك، أتحبه لعمّتك، أتحبه لخالتك)، وختم حواره عليه الصلاة والسلام بأن وضع يده الشريفة على ذلك الشاب داعياً الله له بما يقتضيه الموقف: (اللهم اغفر ذنبه وطهِّر قلبه وحصِّن فرجه).
Ajardan@Maktoob.com
الرابط
http://www.al-jazirah.com.sa/2006jaz/apr/21/is13.htm |
|
|
|
|