مبارك عليكم الشهر الفضيل
--------------------------------------------------------------------------------
مبارك عليكم الشهر الفضيل
شهر رمضان الكريم، ورد ذكره في القرآن، وخصه الله سبحانه وتعالي بعبادة عظيمة القدر، عظيمة الأجر، فيها ليلة عظيمة شريفة، نزل فيها أشرف الملائكة علي أشرف الخلق بأشرف كتاب: قال الله سبحانه وتعالي: (إنّا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلام هي حتي مطلع الفجر). شهر رمضان، شهر القرآن، شهر الصيام: قال الله تعالي (شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدي للناس وبينّات من الهدي والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه).
إن مقدار الأجر الذي قد يفوت الإنسان من ترك صيام هذا الشهر كبير، ففي الحديث القدسي قال سبحانه وتعالي (كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة واذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّهُ أحدٌ أو قاتله فليقل إني امرؤ صائمٌ، والذي نفس محمد بيده لخلوفُ فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، واذا لقي ربه فرح بصومه). متفق عليه.
في هذا الشهر يمن الله علي عباده بأسر ألدّ أعدائه له الشيطان) فيصبح العبد مقبلاً علي طاعة ربه من غير صادٍّ يمنعه عن الخير غير النفس الأمارة بالسوء، فإن زكي هذه النفس فقد أفلح وأنجح، ومن اتبعها شهواته فقد خاب وخسر. فعن أبي هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (إذا دخل رمضان فُتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين) رواه البخاري ومسلم. ومع تسهيل الرب عز وجل لنا سبل الطاعات، نري ان الرسول صلي الله عليه وسلم يرغبنا في الإكثار من الباقيات الصالحات بقوله وفعله، فكما ورد في صحيح البخاري فيما يرويه عنه حبر هذه الأمة وابن عمه: ابن عباس رضي الله عنه فيقول: (كان رسول الله صلي الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلي الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة). أخي المسلم، يبعث الله في أول ليلة من هذا الشهر المبارك منادياً ينادي ويرشد الي ما يحبه الله ويرضاه كما جاء في الترمذي عن أبي هيريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها بابٌ، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها بابٌ، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر. ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة)
ولا يسعنا إلا أن نذكر الإخوة الكرام أن أحد أبواب الجنة الثمانية قد خصه الله بالصائمين فقط لا يدخله غيرهم. فعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (في الجنة ثمانية أبواب، فيها باب يسمي الريان، ولا يدخله إلا الصائمون) رواه البخاري.
وأنهي هذه الكلمة بذكر ثلاث غنائم قد خصها الله تعالي لطائفة من الناس في هذا الشهر الكريم، هذه الطائفة قد بينها لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم في أحاديث ثلاثة متفق علي صحتها فقد رواها البخاري ومسلم في صحيحيهما:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه)
وعنه أيضاً ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (من قام رمضان إيماناً واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه).
وأخيراً عنه أيضاً قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (من يقم ليلة القدر إيماناً واحتسابا، غُفر له ما تقدم من ذنبه).
فهذه الطائفة هي من صام أو قام رمضان أو قام ليلة القدر إيماناً بالله مخلصاً له العمل والنية، واحتساباً للأجر عند الله بهذا العمل. هذه الطائفة هي التي تغنم بغفران ما سبق لها من المعاصي والذنوب في الماضي فيخرج المؤمن المحتسب من رمضان كحال المولود الجديد في هذه الدنيا. وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم، وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب اليك.
وكل عام وأنتم بخير