هي قناة سعودية كما تصف نفسها وتحدد, والمجتمع السعودي المسلم المتدين هو غايتها ومحط أنظارها ومطلبها الأول والأخير في رحلة إعداد وعمل وإنتاج لا هوادة فيه ولا تراخي ..
فالإعلام رسائل إلى الشعوب وصناع القرار , فيه الترفيه والتسلية والترويح وفيه الفكر والثقافة والعلوم والمعارف المنوعة , والأحداث المتسارعة والتغطيات المتلاحقة والتجاذبات التي هي إنعكاس للحياة العامة من حولنا كل يوم .
فالمشاهد لا يرحم ولا ينتظر , وهو متأهب لك يضغط أزرار الريموت للبحث عن ضالته في قناة أخرى عندما لا نشبع حاجته ونسد رمقه ونفهم ماذا يريد وماذا ينتظر وأين نستطيع أرضائه
وكسب ولائه وحبه وقربه وتقديره .
إنطلق الشيخ سلمان العودة في رحلته الإعلامية مع هذه القناة عبر بوابة حجر الزاوية والحياة كلمة قبل زهاء ستة سنوات , حلق فيهن وإبداع في رسم لوحة إبداعية مميزة قومها العلم النافع والفكر المستنير والثقافة الواسعة والنظرة المتفحصة للأمور والأحداث واستشراف حاجات الناس وهموهم وتوجساتهم وعلاجها والتعليق عليها بما يخدمها ويعزز الجانب الإيجابي فيها , بقالب معاصر و متطور و تجديدي شكل نقلة نوعية جوهرية.
حرص الشيخ من خلال هذه البرامج على مواصلة خطه الدعوي والفكري الذي تميز به وعرف من خلاله , ومشروعه النهضوي والإصلاحي والذي بدئه قبل أكثر من 20 عام وذاع صيته فيه عبر دورس الجامع الكبير الشهيرة في مسقط رأسه مدينة بريدة وما بعدها من مراحل قبل الإيقاف الأول وفصله من عمله وتجربته مع السجن السياسي .
حيث ركز في هذه البرامج على محاور عدة ومن أهمها بناء الإنسان وتنمية مهاراته وتطوير تصرفاته وردود أفعاله وترشيد سلوكه وتعميق تفكيره و بث روح التفاءل والطموح لديه وزرع الفاعلية والإقدام في المتلقي واستنهاض الطاقات والقدرات وإطلاق القيادات وتبيان جمال الحياة وغرس شتلة النهضة في عقل كل مشاهد وداخل أروقة ضميره ووجدانه , ناهيك عن حرصه الكامل عن التعاطي مع قضايا الساعة والتي لا تقبل الانتظار على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي بما يتواكب مع الأمانة العلمية والواجب الشرعي الذي يكون على أكتاف العلماء حيث يكون الكشف والبيان وتبصير العامة مقابلاً بذلك أيضا طموح المشاهد وتطلعاته بكل جرأته ومصداقية وصراحة التي تعود عليها ويحاول أن ينشرها كثقافة حيث تكون المكاشفة والمصارحة والنقد البناء والهادف ثقافة شعب بأكمله وليست ممارسات شخصية عابرة , كان الخطاب متوازناً والعناوين مواكبه والمحاور عميقة والحوار شيقاً ومفتوحاً والفئة المستهدفة واسعة فيها الجاهل والعالم والأمير والوزير والكبير والصغير والمرأة والرجل والشاب والفتاة وحتى الأطفال كان لهم نصيب من مشاهدة هذا البرامج حسب ما تؤكده الوقائع .
وعليه فإن وصول هذه البرامج إلى رأس هرم اهتمامات المشاهد العربي حيث توج البرنامج لسنوات عدة كصاحب أعلى نسبة مشاهدة في العالم العربي مما ضاعف المسئولية وجعل الحرص الكبير على التطوير والمواكبة هي الإستراتيجية الأبرز للبرنامج.
وبعد هذا النجاح الكبير والشعبية الجارفة والمتابعة العميقة والأثر الطيب في نفوس الناس فوجئ المشاهد العربي الذي يعتقد أنه صاحب قيمة وقدر بإيقاف البرنامج وتعطيله في زمن أصبحت فيه القيود على حرية التعبير من تراكمات الماضي ومن أرشيف الزمن حيث أصبح العالم قرية صغيرة حيث ثورة الاتصال والتواصل الرهيب وعالم المعلوماتية والسماء المفتوحة والإعلام الجديد , لا سيما وأننا على مرحلة جديدة تطل علينا برأسها حيث يمثل الشباب قرابة 70 % من الشعوب العربية وهم أصحاب تطلعات مختلفة ورؤى متنوعة وآمال وأحلام جديدة وطريقة تفكير مختلفة وعليه يجب أن نعد العدة بأن نتعاطى مع الشباب بفكر الشباب وحيويتهم بعيداً عن أي سلوك مصادرة أو إجبار أو تعسف اوارهصات صراع بين الأجيال يلقي بضلاله السلبية هنا وهناك .
وما أحوجنا للصوت الحر المخلص المتبصر في هذه المرحلة الدقيقة والعميقة والتي تمر بها المنطقة فالحكمة ضالة المؤمن والرشد هدف الجميع , وما أحوجنا لأن نحفظ لأهل الفضل فضلهم وأن ننزلهم منازلهم ونعطيهم قدرهم ونتعمل معهم كثروة وطنية وقومية يجب أن نستفيد منها ونستثمرها ونكرمها ولا نعطلها أو نقصيها في زمن لا يمكننا فيه أن نجبر الناس على ألا يرفعوا رؤوسهم وتكون لهم رؤيتهم الحالمة و نظرتهم الخاصة والمستقلة لحياتهم العامة ومستقبل أوطانهم ومجتمعاتهم والتي ينشدون فيها الاستقرار والرخاء والتنمية والرقي والعدل والكرامة حيث يكون الوطن بيت للجميع وحضن المواطن الدافئ .
وهنا أشير إلى تناقض خطير لهذا الوعاء الإعلامي الشهير والذي يجب أن يقوم على قيم رصينة وأخلاق متينة من إحترام لعقول المشاهدين وهويته الإسلامية وأصالتهم العربية ولا يخدش حيائهم أو يدمر براءتهم أو ينتقم من أطفالهم ونشئهم ويحترم خصوصيتهم وتوجهاتهم , حيث استضاف في ذات الفترة برنامج " أبشر " والذي أخذ أيضاً من البيئة السعودية عنوانه المغنية اللبنانية اليسا وتحدث بكل وقاحة عن عدم ممانعتها من إنجاب أطفال من خارج مؤسسة الزواج وأنها تطالب بسن قوانين يحق فيها للأب أو للأم أن ينسبوا الطفل الغير شرعي إلى أي واحد فيهم , ضاربةً بالمشاهد ومشاعره وأحاسيسه عرض الحائط , والذي هاج وماج من هذا القول الفاحش والذي تحرمه جميع الأديان السماوية والوضعية وتمقته !!
إننا أمام إعلام متناقض متخبط , يمنع الخير وينشر الشر , يعيق التنمية ويعزز الفوضى , يهدم ويدعي البناء , ينسب نفسه إلينا وهو غريب عنا
يلمع أهل الظلال ويحجب الأنظار عن رموز الأنوار, يسّطح فكر المشاهد ويحاول خداعه ,
ما استطاع, يدندن على الغرائز والشهوات والشبهات حتى يصرف الأنظار ويشوش الأفكار, إننا باختصار أمام نوعاً خطير من الإعلام يجب أن نتقيه ونحاذر منه لأنه باختصار يخاطب الجزء السفلي منا وليس الجزء العلوي.