هاتفني الشيخ إبراهيم الحقيل يوم الثلاثاء الماضي الموافق 27/1/1429هـ مغرباً وطلب مني زيارته بعد العشاء من اليوم نفسه .
لما وصلت إلى بيته وقبل أن أنزل من دابتي لأطرق الباب إذا بالشيخ المحدث د. سعد الحميّد يقف بجواري وينزل امرأته في بيت الشيخ إبراهيم وقد علمت فيما بعد أنها جاءت من أجل الترجمة . فنزلت وقبلت رأس الشيخ سعدا ثم مضى إلى سبيله.
وأنا في انتظار خروج الشيخ إبراهيم وقفت سيارة بجوار البيت ونزلت منها امرأة أمريكية ووقفت عند باب الشيخ ، فقلت لعلها أخطأت العنوان .
خرج الشيخ إبراهيم وطلب من المرأة الدخول إلى بيته .ثم أقبل عليّ وسلمت عليه
ونحن وقوف وقفت سيارة أخرى فإذا بها أم الشيخ إبراهيم فقبل رأسها وأمسك بيدها وأدخلها إلى بيته.
قلت للشيخ : لقد رأيت الليلة عجبا ؟ قال : تفضل إلى البيت وسأخبرك بالأمر قال : هذه المرأة الأمريكية هي نائبة رئيس تحرير مجلة نيورك تايمز في أمريكا وتعمل في كبرى الشركات هناك وقد جاءت بدعوة من خادم الحرمين وقابلته وقابلت وزير الشؤون الإسلامية والشيخ ابن حميد والشيخ سلمان العودة وطلبت مقابلتي لما سمعت عني من إحدى الأمريكيات التي قابلتها من قبل .
جلست معها قبل عام بعد تردد وموازنة المصالح وطمعا في إسلامها وهدايتها .
كان أحد المترجمين بيننا وامتد اللقاء في بيتي من بعد الفجر إلى الظهر وهي تسأل وأنا أجيب .فمما قلت لها : أنني سأعرض لكِ الإسلام كما هو لا مجاملة ولا محاباة فإن اقتنعتي فذاك فضل من الله وإلا فإنّ الله تعالى غنيٌ عن إسلامك ولا تضرين إلا نفسك .. وبدأتُ ببيان بطلان دينها ونسخ الإسلام له فقالت أنتم تظلمون المرأة ولا تساوونها بالرجل . فقلت لها
هل الله ظالم ؟ قالت : بالطبع لا . قلت : هل لأحد من الناس أن يقول إنّ الله ظالم لمّا بعث عيسى نبيا ولم يبعثنا نحن مثله ؟ قالت : بالطبع لا . قلت : أليس لله أن يصطفي من عباده ويفضله على خلقه كما اختار عيسى نبيا ؟ قالت : بلى . قلت : إذا أقررنا التفاضل ورضيناه في الجنس الواحد أفلا نرضاه في الجنسين الذكر والأنثى ؟ فبهتت .
ثم بدأت أناقشها في دينها وأبين لها أننا أعلم منهم بدينهم ونشأته وتقسيماته وأحضرت من مكتبتي بعض الكتب في ذلك ..
ثم دعوتها للإسلام وغضبت وقالت : إنني متدينة ، فقلت : دينك لا ينفعك عند الله وأرادت أن تقوم فرفضت حتى تسمع مني حديثي إلى نهايته . وقامت وهي متكبرة متغطرسة . فاسترحت منها .
بعد عام طلب المنسق موعدا لمقابلة مع تلك المرأة فوافقت وكان اللقاء يوم الجمعة الماضية 23/1/1429 واستمر من الثامنة إلى الثانية عشرة ليلاً . ومما ورد فيه أنني قلت لها : كيف أردتِ مقابلتي وقد قمتِ وأنت ِ مكرهة في اللقاء السابق ؟ قالت : لقد أثّر كلامك فيّ كثيرا بقوته وعدم المجاملة أو تمييع دينك أو التنازل عن شيء منه والقناعة التي تحملها وقوة المنطق الذي تنطلق منه فرجعت إلى بلدي وبحثت عن الأسئلة التي وجهتها إليّ وتحديتني أنْ أجد إجابة لها وفعلا كان كل من سألت أحدا لا أجد جوابا عنده . وقد أخذت دورة في الدين الإسلامي هناك لمدة فصل كامل .
كان من ضمن الأسئلة التي تحدى فيها الشيخ هذه المرأة أن تجد جوابا عليها : لماذا أمريكا وأوربا اهتمت بالشرق الإسلامي ومعلوم أنْ الشرق الإسلامي يحوي العرب والعجب والهند والصين. والهند والصين من حيث العدد والقوة أكثر وبكثير من العرب . ويحوي الشرق أيضا الفرس وهي تهدد الغرب ومصالحه ولكن لم يهتم به كثيرا بل ركزت أمريكا ومن معها على المسلمين في جزيرة العرب مع أنهم الأقل عددا وقوة. إلا لأنهم يملكون دينا ناصعا ومقنعا ويخشون من انتشاره .
ومن الأسئلة التي تحدى الشيخ هذه المرأة فيها : إذا أرادت أمريكا ومن معها شيئا ركزوا عليه وأثروا فيه حتى يتحقق لهم ما يريدون إلا قضية انتشار الإسلام ليس في أمريكا بل في العالم أجمع فكلما حاربوه توسع وانتشر ودخل فيه حتى من كبراء القوم حتى عندكم .فلماذا لم يحدوا من انتشاره . إلا لأنه الدين الذي من اقتنع به فلن يفرط في التخلي عنه ولو ذهبت روحه وحياته وماله ..
خرجت المرأة من بيت الشيخ قرابة الحادية عشرة والنصف ومما قال لي الشيخ فيما بعد عن أثر الزيارة عليها : أنها دهشت كثيرا لما رأت أبنائي يقبلون رأس والدتي ويدها وقالت هذا شيء عظيم نفقده في بلادنا . وقالت : هذا هو الدين الحق الصحيح الذي يشبع النفوس ويجمع القلوب والأسرة الواحدة والعفة والحشمة .ولما أرادت أن تغادر البيت عانقت هذه المرأة والدتي عناقاً شديداً وهي تبكي .وخرجت وهي ترتعش مما لاحظ ذلك المنسق الذي جاء بها وقالت له : هذه أعظم زيارة في حياتي ( وهي في الثمانين من عمرها ) .
كان من أسباب زيارتها لأهل الشيخ أنها سألت عن الأسرة في الإسلام فطلب الشيخ منها رؤية هذه الأسرة على الطبيعة ..
مما أثر فيها أثناء نقاش الشيخ معها أنه قال لها : أن والدتي تتحصل على راتب أكثر مني وهي جالسة في البيت لا تعمل قالت كيف : قلت نحن ستة أخوة ولأن والدتي قد تعبت كثيرا وضحت من أجلنا الجهد العظيم ففي كل نهاية شهر نعطيها شيئا من المال . فتعجبت كثيرا من ذلك .
منقول للفائدة .