هل الضمير معصوم؟
حدث ذات يوم شجار كبير بين طرفين في عملك أحدهما رئيسك والثاني زميل لك في العمل، فقدم رئيسك شكوى للإدارة العليا مطالبا فيها توقيع الجزاء على ذلك الزميل وكل هذا بهتان وزور، وقد شاهدت أنت الحادثة وتعرف الظالم والمظلوم، لكن لرئيسك نفوذه، وله صلاحيات قد تضرك، فقررت الصمت، فأنت تريد أن تعيش وتأكل كما يقولون
لكنك في فراشك تتقلب، تشعر بشيء في قلبك لا يرحمك، يقول لك كم أنت ظالم
كم أنت جبان
أتعرف ما هذا الشيء الذي يقلب مضجعك؟
إنه الضمير أو ما يسمى بالوجدان
إن الضمير جهاز انذار يحذرنا من فعل الشر ويستحثنا على فعل الخير فنحن نشعر بوخزه قبل الفعل وبعده ..إنه حقا شعور رائع وجهاز عظيم
ولكن هل حقا أن هذا الجهاز "الضمير" معصوم؟
فإذا كان غير معصوم كيف نثق في هذا الجهاز؟
اختلف القوم في عصمة الضمير إلى طائفتين أحدهما تعطيه العصمة والثانية تنفي عنه هذه العصمة
*******
الضمير غريزة فهو معصوم
يرى هذا الفريق بأن الوجدان غريزة لا تخطئ فالإنسان يملك طبيعة حيوانية كما أنه يملك طبيعة اخلاقية سامية تتمثل في الضمير، فهو حاسة سادسة إن صح التعبير ليست كالتذوق أو الابصار إنه من نوع مختلف، فإذا كانت أنوفنا تميز بين الرائحة الطبية والكريهة فإن الضمير يميز بين السلوك السوي والسلوك السيء، ومن ينقاد له لا يقع في الخطيئة
إننا قد نفعل الموبقات ولكننا في قرارة أنفسنا نقر بأننا على خطأ، وهذا الحكم موجود في كل زمان ومكان فهو مطلق، وفي جوهره لا يتبدل ولا يتغير وهم لهذا لا يتصورون بأن تكديس عقول الناشئة بفلسفات بالية من شأنه رفع مستواهم الخلقي لأن الضمير الشفاف سهل عليه ارشاد صاحبه دون علم أو تعلم
ورغم اعترافنا بأن الوجدان لا يكفي لسعادتنا فإنه لا يمكن لسعادتنا أن تتم دون طاعته
لكن سؤالا اثاره الطرف الاخر ويتمثل في هل تختلف الاحكام من شخص إلى آخر ؟
*******
الضمير ليس معصوم
إن الضمير تابع لمتطلبات الوضع الاجتماعي، فقد نجد أشخاصا يعبدون البقر وقد نجد آخرين يعبدون بوذا، فإين الضمير من هذا، وقد نجد اناسا يقتلون أبنائهم أو بناتهم أو قد ينادي دين إلى الزهد وآخر ينادي لعبادة الشهوات
فأين المرشد وأين الضمير؟
إن الغرور البشري ، هو الذي تصور بأنه قادر على الاعتماد على ضميره وذاته في اصدار الاحكام وهذا خطأ كبير فكيف نعرف بأن التغيير سوف يكون للأحسن ، إن هؤلاء قد يهدمون الاديان والقيم والاخلاق بدلا من دعمها كما يقولون .إنها دعوة للفردانية ، وبهذا يصبح كل شخص إلهه هواه ، وكلّ يغني على ليلاه
*******
الرأي الأخير :الضمير معصوم في ذاته، متغير في أحكامه متكيف مع الواقع
إن الضمير متغير في أحكامه مع تغير الازمنة فالأمس كان التشريح حراما واليوم حلال ومباح، بل إن الفرد يتغير وجدانه بتقدمه في السن فقد كان يرى الخير في الاندفاع والتهور فإذا كبر في السن رأى أن ذلك شرا وأي شر
ورغم هذا ورغم تغير أحكامنا فإن الوجدان والضمير يبقى هو هو لا يتغير ، لا يمكن محبة المجرم كما أنه لا يمكن كراهية الكريم الحليم
*******
إن الضمير غريزة فينا، ولا يدلل فعلنا للشر بأنه غير معصوم، بل قد تدلل على فساد بعض الناس ورغبتهم الانانية
وقد تختلف أحكام الناس على الأفعال والأشياء ولكن هذا لا يدلل على فساد الضمير بل قد يدلل على نقص في المعلومات أو الذكاء ولكن هذا الاختلاف لا يعني بالضرورة فساد أحد الطرفين في أخلاقه فالنية لازلت معصومة
إن الضمير قابل للنمو والتثقيف والتربية بحيث مع الأيام يصبح قادرا على اصدار الاحكام الصائبة والسير بصاحبه في طريق الفضيلة والخير
*******
أصنعوا لي رجلا ليس إمعة مستقلا في رأيه وحكمه وتصرفه ، أضمن لكم رجلا ذو ضمير متقد