تغافل تكن من أكابر الناس - ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي :::

العودة   ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: > :::. الأقســــام الـعـــامـــــــة .::: > :: قسم المـواضيع الـعامــة ::

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-11-2008, 09:43 AM   #1
 
إحصائية العضو







علي العبدالهادي غير متصل

وسام الدواسر الفضي: للأعضاء المميزين والنشيطين - السبب: المميزين والنشيطين
: 1

علي العبدالهادي has a spectacular aura aboutعلي العبدالهادي has a spectacular aura aboutعلي العبدالهادي has a spectacular aura about


افتراضي تغافل تكن من أكابر الناس

تغافل تكن من أكابر الناس!!
بقلم: هيام الجاسم
h-aljassem@hotmail.com
كثيرة هي المزعجات في حياتنا، كثيرة هي المؤذيات في دنيانا، من السهل التفطن لحسن التصرف مع من يحبوننا ونحبهم, ولكن من الصعب نيل الذكاء الاجتماعي في التصرف مع من يستثقلوننا ولا يرتاحون إلينا، أنا لا أريد أن أكتب عمن يكرهوننا ونكرههم؛ لأن الأصل في المسلم أن يحب كل من هو في داخل دائرة الإسلام بقدر ما يبغض معاصيه، نحن ملزمون أن نفصل بين الفعل والفاعل، نحبهم ولكن نبغض أفعالهم، هذا ليس اختيارنا لأنفسنا, وإنما هو تنزيل العزيز الحكيم، والمشكلة الحقيقية تكمن في كيفية تضبيط كبح جماح مشاعرنا وسلوكياتنا مع من لا يرتاحون إلينا ولا يحبون وجودنا في حياتهم ويرفضون شخصياتنا ولا يقبلون التوادد معنا؛ بصعوبة المعشر حتى نستشعرها معهم أبيك، وأخيك، وزوجك لو كانوا من أرحامنا وأشد صعوبة لو كانوا من أهل بيتنا: أمك، وزوجتك، وولدك، وابنتك، وهكذا، كيف هي الحياة اليومية المتجددة بأحداثها المتسارعة مع أناس قد لا نقبلهم وقد لا يقبلوننا على الرغم من الحب المتبادل بيننا، إلا أنهم مصدر إزعاج لنا ونحن مصدر إزعاج لهم!

عزيزي القارئ، لن أتحدث عن البر والإحسان وحسن التبعل والصبر والتصبر؛ فتلك معان سامية راقية هي لك ولي وأنت أهل لها، أعتقد أنها لا تخفى عليك ولك حظوة من نوالها وأنا موقنة أنك تجتهد اجتهادا لتصقل حياتك بها احتسابا للأجر من العزيز الحكيم، وأنا لا أكتب عن هذا وإنما الذي أريد أن أدندن حوله، بل أستمتع في مجاهدة نفسي لأحظى به، هو ذلك الرقي في إلباس ذاتك خلق التغافل والتعامي عن أخطاء وزلاّت كل من تعايشهم، سواء استحقوا منك تغافلا أم لا!! ليس شأنك استحقاقهم، وإنما الذي يعنيك هو ملاحظة نفسك التي بين جنبيك كيف لها أن تتعمد الصدود وكأنها لا ترى الأذية، كأنها لم تنزعج، وتتعالى، وتتعالى بل وتتجاوز خطأ غيرك من أجل إبقاء الود فيما بينكما، ولا أريد أن يفهم قراؤنا الأعزاء أننا ننشد سحق أنفسنا من أجل إرضاء الآخرين، أبدا، ليس هذا هو مقصودنا، وإنما نريدك أن ترتفع فوق المفسدات التي تفسد الود بينك وبين من تحبهم، هم أخطؤوا في حقك خطأ كبيرا نعم، أساؤوا لك نعم، أهانوك نعم، ولكن ليس هذا ديدنا لهم ولا في مقصودهم، وإنما عرض لهم في حياتهم وحياتك معهم.

عزيزي القارئ، هذا فقه عجيب لذيذ المنال في ديننا، لو التزمته سيجعل منك راقيا بقدر رقي أخلاق ديننا، واعلم أن التغافل والتعامي لا يكون عن معاص ومنكرات ارتكبها من هم تحت مسؤوليتك فتسكت عن منكرهم، وإنما المقصد كله أن تصرف قلبك وحنقك وهجومك عن أشخاص قد صدر من طباعهم سلوك مزعج لك، انتبه! إن كان عرضا غير متكرر بل متباعد الوقوع وليس ديدنا له فحقه عليك أن تتغافل وتتعامى عنه، أما إن كان قاصدا أذاك ومكررا في مسلك إزعاجه لك غير متباعد، فحقه عليك وحقك لنفسك أن تناصحه وتوقفه على خطئه، وتأخذ بيده على نفسه حتى لو اضطرك الأمر إلى معاتبته، وإن احتجت إلى هجرانه تأديبا له على ما في ذلك من تفصيل بحسبه، لك حق في اتخاذ القرار وفق ضوابط شرع الله؛ لذا تلزمنا التؤدة والتأني في اتخاذ قرارات الغضب تجاه الآخرين.

عزيزي القارئ، أنا أقدر لك حجم معاناتك، لكننا مضطرون اضطرارا لأن نتغافل ونتعامى حينما نخطئ ونجهل على بعضنا، ماذا عسانا أن نفعل؟! الناس من حولنا لا نلزمهم بأخلاقنا وفهمنا لأصوليات التعامل في ديننا، إذا لم نتحمل بعضنا فمن يتحملنا؟! إذا لم تتسع صدورنا لمن هم من جلدة ديننا فلمن تتسع صدورنا؟! ضع في حسابك - عزيزي القارئ - أن أطرافا كثيرة نتعامل معها في يوميات حياتنا، أفهامهم تختلف، ومشاربهم تختلف، وتربيتهم وثقافاتهم أيضا تختلف، ودرجات صلاحهم متفاوتة، وأولويات حياتهم متغايرة، ودنيانا التي نحياها ملأى بالمتغايرات والمتغيرات، لو أننا رصدنا واصطدنا كل ساقطة ولاقطة من سلوكيات من حولنا لتعسنا فوق تعاستنا ولتأذينا فوق أذيتنا، ومشكلتنا مع أنفسنا أننا دوما نفترض في الآخرين أنهم يعرفون أصول التعامل معنا؛ لذا عندما يخطئون ويؤذون ويزعجون ننصدم بهم ونتخذ موقفا منهم، بل قد نتعادى فيما بيننا.

خذ عزيزي القارئ جملة من أقوال علمائنا في جمال ورونق ورقي خلق التغافل الذي يكسبك هيبة واحتراما في قلوب من حولك، يحدثنا إمام أهل السنة أحمد بن حنبل - يرحمه الله تعالى - عن زمانه إذ يقول: «نحن في عصر لا يصح فيه إلا التغافل»!! ويقول أيضا: «تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل»!! ويقول الشافعي - رحمه الله-: «الكيس العاقل هو الفطن المتغافل»، وهذا قول جعفر الصادق أهديه لك: «عظّموا أقداركم بالتغافل»، وقد قالوا كلاما عجبا: «أدب التغافل من سمات أكابر الناس وقائديهم الذين يصبرون على ما يكرهون من الناس ويسمعون منهم ما يؤذيهم ولكنهم يتمالكون أنفسهم ولا يتغيرون عليهم».

تذكر عزيزي القارئ أنك تتغافل عمن لا يقصد أذيتك، وليس من ديدنه تكرار الأذية، أما من كان غير ذلك فلك شأن آخر معه ولك فقه عجيب في مفردات كيفيات تعاملك معه؛ فلا تستعجل في اتخاذ قرارك فتندم.

 

 

 

 

 

 

التوقيع

للمتابعة على تويتر

https://twitter.com/#!/09765as
آخر تعديل علي العبدالهادي يوم 22-11-2008 في 09:45 AM.

    

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


الساعة الآن 01:37 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
---