|
|
|
|
طوفان الانتقاص يلاحق أبناءنا
بقلم: هيام الجاسم
طوفان الانتقاص والانتقاد الذي يواجه به الناشئة المتدين من جهة الآخرين هو طوفان صعب للغاية, بل وأمواجه عالية عاتية على الشبيبة في مقتبل أعمارهم.. نشأهم الوالدان على الصلاح والهداية، وعندما ينطلقون في خضم الحياة اليومية مع الأهل والمعارف والمدرسين ورفاق المدرسة.. بلاشك يرجعون لبيوتهم يشتكون لأهلهم تلك النظرات التي تلاحقهم وتلك التعليقات الساخرة المباشرة أو المبطنة التي تنهال عليهم عندها يتضايق الآباء والأمهات يشعرون هم وأبناؤهم بالغربة الأصلية بين أقرب الناس من الأهل، وبين أكثر الناس ممن نتوقع منهم أن يكونوا قدوة لهؤلاء الشبيبة.
عزيزي الأب.. عزيزتي الأم..
من يريد أن يحقق في ذاته وعياله التدين الصحيح الصلب، والذي نطبق فيه كل أقوال الدين وأحكامه في جميع تعاملاتنا مع الآخرين في الحياة، فليستبشر بمشاعر غربة آتية وغازية قلبه لا محالة.. والإحساس بالغربة هو أن تكون مع من هم حولك مؤدياً حقوقهم عليك وتكون معهم بجسدك، ولكنك مفارق لهم في قلبك، فتجد ابنك يحرص على صلات أرحامه، ولكن لا يستطيع أن يندمج معهم في أحاديثهم ولا في اهتماماتهم ولا حتى في خروجهم جماعياً لبعض الأماكن في بعض الرحلات لم؟؟ لأنه حريص على ألا يرتكب منكراً أو يشارك في أقل معصية، ولو فعلوا منكراً رفض مشاركتهم فناله من طوفان الانتقاد والانتقاص، وإن هو تجرأ وناصحهم نزل عليه طوفان الاستهزاء والسخرية..
للأسف تحبيط يتبعه تحبيط يتبعه تحقير يتبعه تعيير، فإن كان الناشئ المتدين لديه اعتزاز وقوة انتماء وافتخار بأحكام دين الله فلن يتأثر ولن ينهزم نفسياً ومعنوياً ولكن المزعج جداً في الأمر لو كان الناشئ حديث عهد بصلابة التدين، وحديث عهد بإخضاع حياته بتفاصيلها لأحكام دين الله، فإنه مسكين لن يستطيع مواجهة تلك التعليقات، ولن يتحمل أصلاً أن يفارق من هم حوله ولن يقاوم رغبة هواه في أن يمارس منكرهم، فقد يستهويه ويستلطفه فيشاركهم المعصية.. ويبدأ هنا رحلة الصراع النفسي الداخلي بين وازعه الديني وبين هوى نفسه، وهذا يتكرر كثيراً في حياة الناشئة الذين لم تؤصل فيهم صلابة التدين، ولم يتعب الوالدان في غرس مبدأ الانتماء للدين، بل والافتخار بذلك الانتماء، والصراع الثاني الذي يبدأ بشغل ذهن الناشئ هو: هل يخفي عن والديه ما فعل من معصية أم يخبرهم؟ فيقول في نفسه: إن أخفيت سلمت ولكن لا أضمن أنهما لم يعرفا لاحقاً، وإن أبلغتهما سأفقد ثقتهما بي وسيسمعانني محاضرات دينية من جديد وسيشددان علي المراقبة.
عزيزي القارئ.. عزيزتي القارئة..
ذلك غيض من فيض هموم الأسر المتدينة مع أبنائها ومع المجتمع الخارجي، وأنا أخط حروف كلماتي على أوراقي أشعر بأنات الآباء والأمهات وآهاتهم؛ لأن غالب عيالهم من الصنف الثاني الذي يشعر بالانهزامية والذي لا يقوى على مواجهة الانتقادات فيجاري الركب والمجموع، ونعدكم أعزائي القراء أننا سنكتب لكم في الكيفية التي من خلالها نسأل الله أن يحقق لنا مرادنا في حفظ الناشئة من الانزلاق في التأثر سلباً بالآخرين، وللحديث بقية في سبل العلاج لتلك المشكلة وذلك الهم القلبي.
|
|
|
|
|