مدخل حين يزول كل شيء قد تبقى الثقافة وتتوهج من جديد لتعيد للانسان حضارته واصالته.
هل ثقافتنا الآن تحتضر أو تمسخ أو تتحول؟
يبدو أن المشهد الثقافي العربي اليوم قد أزيح عنه القناع بل لنقل كما قال درويش سقط القناع
لكن ماذا بعد سقوط القناع ؟
ان ثقافتنا في جوهرها متجذرة في الحضارة تمتد أصولها الى الانسان الآدمي الذي هو أب
الانسان العصري وقد هذب الدين بفطرته وسماحته هذه الثقافة وشذب عنها التوحش الهمجية
والجريمة وأرجعها الى معدنها وكونيتها وسددها بالوحي القرآني الذي أعاد للانسان مركزية
الخلافة في هذا الوجود وجاءت النبؤة المحمدية بطبيعتها المتجلية في العبادة والتفكير والحديث الشريف والعمل لأجل الحياة والآخرة . تلك هي ثقافة السلام والعدل والحق والحب التي
تضمن للانسان حريته وحقه ومكانته .. لنتصور الانسانية في ثقافتها بدون الاسلام كيف ستكون
حتما ستكون في فوضى ودمار وضلال .
الاسلام جعل ثقافتنا تتوحد وتجدد تتوحد بلغتها وكتابها القرآني والنبوي وتاريخها ومصيرها
وحاضرها وتجدد في ابداعها وابتكارها بثوابتها وتنسجم مع كل عصر عقليا وقلبيا ..ان ما يتجلى في عصرنا هذا الافق المعتم بالدخان والسراب والسرعة ينبيء بتيارات تحاول تأويل
ما وصلت اليه ثقافتنا وتجهد فكرها في البحث عن منطق يعزز فلسفتها ونلمس هذا في ما يلي:
1 - رأي يؤمن بنظرية ثقافتنا تحتضر وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة في زمن يتجدد ويتطور بقلق اللحظة في اختراعاته واكتشفاته وتحدياته وحجة هذا الرأي أن انجازات الحضارة الآن من ابتكار
العقل الغربي الذي أبدع بحرية ونحن نسير على نهجه بنظرية المغلوب مولع بتقليد الغالب في كل شيء.
2- رأي يرى أن ثقافتنا تمسخ أمام زحف حضارة العقل والعلم وهذه الحضارة تجاوزت واحترفت المسخ والتشويه بشتى الوسائل ونحن مازلنا كما قال علي حرب في حديث النهايات
نشرع لمتعتنا وصرنا نسمع بقهر السلطة الرابعة أن الشهيد الذي يموت من أجل وطنه يسمى
ارهبيا او انتحاريا .
3- رأي يرى نظرية الاحتكاك الحضاري بالآخر وتبادل الخبرات حتى تتحرك ثقافتنا من سلبية الزمن العدمي الى اجابية الزمن الوجودي وظهرت انتلجنسيا يصطلح عليها بالاستغراب تحاول
ان تفكك العقل الغربي وتكشف أدواته وتحاول توظيفها وتنشيطها فكريا لأن التحرر يبدأ بالفكر ونلمس هذا في نقد العقل العربي للجابري ونقد العقل الغربي لمطاع الصفدي والاستشراق لأدوارد سعيد .
ان المساءلة التي يجب أن تطرح من يحرر العقل ومتى يتحرر اذا كانت ثقافتنا تتحرك الى الخلف ولاتغامر ولاتتأمل بحجة أن الثوابت تضيع اضافة الى ذلك فاننا نرى ثقافة العبودية
والفوبيا وحتى المثقف علاقته بالواقع أومؤسساته علاقة الثعلب بمالك الحزين في كليلة ودمنة
ان ثقافتنا اذا بقيت هكذا فهي تكرس ثقافة القابلية للاستعمار كما قال المفكر الجزائري ماك بن نبي.
$$$$ co $$$